يقول ابن أبي زيد القيرواني (310-386 هـ) رحمه الله في رسالته عن تعليم الصغار: “فكذلك ينبغي أن يُعلَّموا ما فرضَ الله على العباد من قولٍ وعملٍ قبل بلوغهم ليأتي عليهم البلوغ وقد تمكّن ذلك من قلوبُهم، وسكنتْ إليه أنفسُهم، وأَنِسَتْ بما يعملون به من ذلك جوارحُهم”.
وكان هذا استنباطًا مما جاء في السنّة “أن يؤمروا بالصلاة لسبع سنين، ويُضربوا عليها لعشر، ويفرَّق بينهم في المضاجع” كما ذكر.
فتأمّل هذا البعد الغائب عن كثير من الآباء والأمهات ممّن يقولون “بَعدُه صغير”! حين يريدون تسويغ تقاعُس الطفل أو والديه عن الالتزام بالحشمة والأخلاق وأصناف العبادات، فإذا بهذا الصغير يعتاد شيئا ويشبّ عليه، فإذا صار شابّا يافعًا صحا في ضمير الآباء أن يُصلحوا سيرته وسلوكه، فحاولوا ثني الجذع القاسي بقوة تارةً، وتعلّلوا بالقضاء المبرم وقصّة نوحٍ تارةً أخرى.
وقد فوّتوا بذلك السنوات الذهبية لطفولة البشر الطويلة.. فوّتوا براعم ليّنة تشرب سقايات الوحي شيئا فشيئا فتنمو بها وتصلب عليها!
المصدر
صفحة الأستاذ شريف محمد جابر، على منصة ميتا.