مع وضوح هذه السنة وجلائها من القرآن، وبمقتضى العقل والحس، إلا أننا نجد من هو في غفلة عنها وعن مقتضى أسمائه سبحانه وصفاته العلا؛ حيث أدت هذه الغفلة عند بعضنا إلى شيء من اليأس والإحباط، أو إلى شيء من العجلة والتسرع أمام ضغط الواقع، وتسلط الأعداء، وعند انتشار الظلم والفساد.

بعض الوسائل الجالبة لفهم هذه السنة والتخلق بها

تحدثنا في مقال سابق عن بعض الوسائل المعينة على فهم هذه السنة من السنن الربانية [لا تحسبوه شرا لكم سنة ربانية كيف نفهمها (1)] وفي هذا المقال نكمل هذه الوسائل بعون الله وتوفيقه.

٢- الإكثار من قراءة القرآن وتدبر آياته

قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [ص: 29].

إن في تدبر آيات القرآن الكريم أكبر عون على معرفة الله عز وجل بأسمائه وصفاته ، وما تثمره في القلب من التوحيد الخالص لله عز وجل المتضمن لمحبته سبحانه والتوكل عليه، والتسليم لحكمه، والرضا بقضائه . كما أن في كتاب الله عز وجل من القصص والحوادث الشيء الكثير الذي قصه الله تعالى علينا لنعتبر وندكر ؛ قال سبحانه: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ) [يوسف: 111].

وذلك كقصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وغزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وما فيها من العبر والدروس العظيمة التي تبين سنن الله عز وجل في عباده المؤمنين ، وسنته سبحانه في الظالمين ، والتي يظهر للمتأمل والمتدبر فيها تلك الموازين والقيم الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل ، والتي توزن بها المواقف والأحداث .

كما يظهر أيضا من هذه القصص رحمة الله عز وجل وإرادته الخير بعباده، ولو ظهر ما ظهر من الشر والمكروه لهم في بدايات الأمور ، فإن الخير من وراء ذلك.

وقد سبق تفصيل ذلك في [لا تحسبوه شرا لكم..مسلمة قررها القرآن] ، و [“لا تحسبوه شراً لكم” .. قصص ومواقف]؛ حيث مر بنا ما ورد في دروس غزوة بدر، وأحد، والحديبية .

كما أن المتدبر لكتاب الله عز وجل والمهتدي بهداه ينتفع كثيرا بتتبعه لآيات الأحكام وما فيها من التيسير ورفع الحرج والمشقة ، والتي تقوي الإيمان برحمة الله عز وجل ولطفه وإحسانه ، وتزيد من يقينه بقوله تعالى: (لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ).

كما أن ذكر الآخرة وما أعد الله فيها لعباده المؤمنين من الخير العميم والنعيم المقيم يثمر في قلب المؤمن زهادته في متاع الدنيا الزائل ، كما يثمر صبره على المصائب والشدائد، فما هو إلا صبر ساعة ويأتي الخلف من الله عز وجل في النعيم الأبدي ؛ النعيم الخالص الذي ينسي كل شدة ومصيبة مهما طال أمدها ، وبالتالي فإن مكروها مؤقتا يزول، ويعقبه محبوب أبدي ونعیم سرمدي لا يعتبر مكروها لزواله وانقراضه .

٣- الإكثار من الأعمال الصالحة والحذر من الذنوب وآثارها

قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل : ۹۷]. في هذه الآية الكريمة يرشدنا الله عز وجل إلى أثر الأعمال الصالحة في الحياة الطيبة السعيدة في الدنيا ، والعاقبة الحميدة في الآخرة .

ولا يقصد بهذه الحياة الطيبة ما يفهمه كثير من أبناء الدنيا الغافلين عن الله عز وجل والدار الآخرة من أنها التنعم بالأموال والأولاد والمأكولات والمشروبات واللذائذ الدنيوية . كلا ؛ فهذه يشترك فيها معهم الحيوانات والكفار وغيرهم ، ولكن الحياة الطيبة التي تشير إليها الآية الكريمة شيء آخر، وشأن عظيم، لا يناله إلا المؤمن العامل للصالحات ، وذلك فيما ينعم به العبد المؤمن من النعيم القلبي والسرور النفسي ولو كان في ما يظهر للناس فقيرا بائسا مريضا … إلخ .

ولما كانت الأعمال الصالحة سببا في طمأنينة القلب وسكينته وإنابته إلى ربه عز وجل ، فإنها تكون بذلك من أقوى الأسباب في تفهم سنة الله عز وجل في عباده فيما يقضيه من الخير أو الشر ، ويصبح العبد مطمئنا إلى ربه راضيا ما يختاره له سبحانه ، مفوضا أمره إلى مولاه عز وجل ، وإلى ذلك يشير الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الصحيح، والذي فيه: «وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي عليها، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه …» الحديث1(1) رواه البخاري ك . الرقاق / باب (38) التواضع (348/11(6501) فتح)..

وفي هذا أعظم هداية ، ونور يستضيء به العبد في حياته ، وينعم به في قلبه .

كما تجدر الإشارة هنا إلى أثر الأعمال الصالحة في صفاء القلب وسلامته من أدران الشبهات والشهوات، واللذان هما البابان المفتوحان للشيطان ، لا يدخل على القلب إلا عن طريقهما ؛ فإذا أقفل هذا البابان بما في القلب من أنوار التوحيد ، وتلاوة كتاب الله عز وجل والأعمال الصالحة ؛ فإن القلب بذلك يسلم مما يورده الشيطان من الشبهات والشكوك في قضاء الله وقدره ، وعندها يحصل الاستسلام والانقياد وتفويض الأمور إلى الله عز وجل العليم الحكيم البر الرحيم .

وبقي في هذه المسألة أن نشير إلى خطر الذنوب والمعاصي ، وأثرها في ظلمة القلب ومرضه ، وتعرضه لفتن الشبهات والشهوات حتى يصبح قاسيا صلدا لا تؤثر فيه المواعظ ، ولا تنفعه الزواجر ؛ ولذا فإن من الأسباب المعينة على تفهم سنن الله عز وجل ، والتخلق بها: الحذر من الذنوب والمعاصي ، والتوبة السريعة عند الوقوع فيها حتى يبقى للقلب صفاؤه وسلامته .

وقد قص الله عز وجل في كتابه الكريم قصة قارون وافتراق الناس إزاءه إلى فريقين: فريق يريد الحياة الدنيا، وحظه من العلم والعمل الصالح قليل، وفريق آتاه الله العلم، ونظر بنور الله عز وجل في قارون وماله فوفق إلى الميزان الحق ، بينما أخطأ الفريق الآخر هذا الميزان ، ووزن الأمر بميزان الدنيا الزائلة المضطربة، قال تعالى: (فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ۖ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ) [القصص: ۷۹، ۸۰].

فهذه الآية ترينا أثر العلم والعمل الصالح والرغبة في الآخرة في النظرة الصحيحة والميزان الحق للأمور ، كما ترينا خطر الركون إلى الدنيا وقلة العلم والعمل الصالح ، وأثر ذلك في اضطراب الموازين و اختلال المفاهيم .

4- مصاحبة أهل العلم والصلاح والعقل والحكمة

إن التربية بالقدوة والمصاحبة والمعايشة من أهم وسائل التربية التي ثبت جدواها بالدليل والتجربة ؛ لأن الإنسان مدني بطبعه ؛ يتأثر بمن حوله ، ويتحلى بأخلاقهم وأنماط سلوكهم إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ؛ قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولً) [الفرقان: ۲۷ – ۲۹] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» 2(2) رواه أبو داود (4833 في الأدب) ، والترمذي (2379 في الزهد) وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن..

والنصوص في ذلك كثيرة ، فمتى ما وفق العبد إلى مجالسة أهل الصلاح ، ومن يتصفون بصحة العلم ، وحسن الديانة ؛ فإن هذا بداية الخير والهداية ؛ وذلك لما يتلقى منهم من العلم والفقه الذي نفى به الشبهات ، ويتعرف الإنسان به على ربه الكريم الرحيم ، فيعبده على بصيرة .

وكذلك لما يجده عندهم من القدوة في أخلاقهم وصبرهم ومواقفهم الواضحة من الغير والأحداث ؛ حيث يرى الحلم والصبر ، وإحسان الظن بالله، والتسليم لقضائه وقدره ؛ مما يكون له أكبر الأثر على نفسية المعايش لهم ، ومعلوم أنه قد يؤثر في النفس موقف عملي بقفه بعض أهل العلم والصلاح لا تستطيع عشرات الخطب والمحاضرات والكتب أن تزرعه في النفس كما زرعه موقف واحد يشاهده التلميذ المتربي، ويعایشه بسمعه وبصره وقلبه وقالبه .

كما أن المصاحب لأهل العلم والصلاح فوق ما ينهل من علمهم وأخلاقهم، فهو يلتجئ إليهم – بعد الله سبحانه – عند الفتن والنوازل التي يجد فيها الشيطان فرصة لإثارة الشبهات ، وزعزعة الإيمان ، وإساءة الظن بالله .

ولكن هذا – بإذن الله – لا يكون عند من يلتصق بأهل العلم والصلاح فهو يسألهم عما يشتبه عليه في أمر دينه ، ويستشيرهم ويستنير برأيهم عند اشتباك الفتن ، وتعدد المواقف ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، مما يكون له أكبر الأثر في ثبات القلب ، وصحة التوكل ، واطمئنان النفس ، والتسليم لله عز وجل ، وتفويض الأمور إليه بعد استفراغ الجهد في فعل الأسباب التي أذن فيها الشرع ، وحث على الأخذ بها.

كما أن في مصاحبة أهل الخير والعلم تربية وتدريبا على التأني ، والتعقل ، وأخذ الأمور بحكمة، وهذه الصفات ضرورية أيضا لسد باب العجلة التي هي طريق إلى الندامة والتسخط غالبا .

ومما يتعلق بصحبة أهل العلم والصلاح: مصاحبة من مات منهم قديما وحديثا ، والعيش معهم من خلال كتبهم وسيرتهم الصالحة ، والمواقف المأثورة عنهم ، والتي تشهد بقوة يقينهم ، وصحة توكلهم ، واستسلامهم لربهم ، واحتساب الخير والرحمة فيما يقضيه الله عليهم مما تكرهه النفوس وتأباه ؛ نعم إن في قراءة سيرة العلماء الصالحين الصادقين وسيلة من أقوى الوسائل في التأسي بهم ، ومحاولة اللحوق بهم ، والمرء مع من أحب .

وبما أن الضد بالضد يعرف ، فلا شك أن في الحذر من مصاحبة الأشرار من أهل العلم الفاسد ، أو العمل الفاسق سلامة من تلوث القلب بشبهاتهم أو شهواتهم التي تكدر القلب ، وتعكر عليه صفاءه وسلامته ، وكذلك الحال في الحذر من كتب وسير أهل البدع والكلام فإنها تورث الشبهات ، وتقسي القلب وتجلب الأهواء والأدواء.

5- مشاهدة بر الله عز وجل وإحسانه وتقصير النفس وعصيانها

إن مشاهدة آلاء الله عز وجل ، ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، ونزولها المدرار المتواتر من الرب عز وجل إلى عبده لهي من أكبر الأسباب الجالبة لصحة المحبة لله سبحانه ، والثقة في رحمته ، والاستسلام لحكمته ، فإذا أضيف إلى ذلك الخير والعطاء تقصير النفس ، وعيوبها ، وذنوبها ، فإن العبد- والحالة هذه- يستحي أشد الحياء من ربه ، ويعلم أنه يتقلب في فضل الله ورحمته ، وإن أصابه شيء فإنه يوقن بعدل الله وحكمته ، وأنه أهل لذلك، وما عفا الله عنه أكثر ؛ حينئذ لا يرى العبد لنفسه فضلا على أحد ؛ وهذا يدفعه ويوجهه إلى الاعتناء بنفسه ، وإصلاح عيوبها، ويلتمس ما يرضي ربه فيتوجه إليه بالعمل ، ومن كان هذا شأنه فإنه يعيش مطمئن القلب، بعيدا عما يتنافس فيه الناس ، ويتحاسدون ، ويتباغضون ، يرى أن النعم ليست دلالة على الإكرام ، كما أن الضيق في الرزق ليس علامة على الإهانة ؛ بل إنه يزن نفسه ويزن الناس بميزان التقوى الذي هو أساس التفاضل، فإذا انضم إلى ما سبق معرفة العبد لعقله الضعيف المحدود وتفكيره القاصر ، فإنه يطامن من غلوائه ، ويعلم أن الله عز وجل حكيم في كل أحكامه، عليم بما يصلح عباده وأنه لا طاقة للعقل في إدراك الحكمة في كل شيء ؛ عندئذ يحصل الرضا والتسليم لما يختاره الله عز وجل ؛ لأنه سبحانه أعلم وأحكم وأرحم وأبر.

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى عن هذه المشاهدة: (ومنها أنه إذا شهد نفسه مع ربه مسيئا خاطئا مفرطا مع فرط إحسان الله إليه في كل طرفة عين ، وبره به ، ودفعه عنه ، وشدة حاجته إلى ربه ، وعدم استغنائه عنه نفسا واحدا، وهذه حاله معه ! فكيف يطمع أن يكون الناس معه كما يحب ، وأن يعاملوه بمحض الإحسان ! وهو لم يعامل ربه بتلك المعاملة؟!. وكيف يطمع أن يطيعه مملوكه وولده وزوجته في كل ما يريد ، ولا يعصونه ، ولا يخلون بحقوقه وهو مع ربه ليس كذلك؟!. وهذا يوجب له أن يستغفر لمسيئهم ، ويعفو عنه ويسامحه ، ويغضي عن الاستقصاء في طلب حقه . فهذه الثمار ونحوها متی اجتناها العبد من الذنب فهي علامة كونه رحمة في حقه)3(3) مفتاح دار السعادة : ۳۲۱..

6- النظر في أحداث التاريخ والمواقف التي تبرز فيها حكمة الله عز وجل وحسن اختياره

يقول الله تعالى: (قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ) [آل عمران: ۱۳۷ ، ۱۳۸].

لقد نزلت هذه الآيات في التعقيب على غزوة أحد، ويرشد الله عز وجل المؤمنين فيها إلى السير في الأرض والنظر في سنن الله عز وجل ، وحكمته البالغة ، والتي تنص على أن العاقبة للمتقين ، وأن عاقبة المكذبين الهلاك والخسران ، ولو تسلطوا فترة من الزمن ، فإن في هذا التسلط حكمة بالغة ؛ لأنه سبحانه يريد الخير بعباده المؤمنين ؛ إما لتمحيصهم وتمييز الخبيث من الطيب من بينهم ، أو لتقصيرهم وعصيانهم ، فيريد الله عز وجل من الابتلاء والتسليط أن يتوبوا ويغيروا ما بأنفسهم ، أو غير ذلك من الحكم والغايات النبيلة الشريفة .

والحاصل أن في النظر في أحداث التاريخ ، وتتبع المواقف التي مرت بالمسلمين مع أعدائهم وسيلة من أقوى الوسائل التي تساعد في فقه قوله تعالى: (لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ) ، وذلك لما في هذه الأحداث والمواقف من الأدلة الجلية على حسن اختيار الله عز وجل لعباده ، ورحمته بهم . وقد سبق في المبحث الرابع ذكر بعض الأحداث كغزوة بدر وأحد والحديبية ، وكذلك بعض المواقف الفردية والتي تدل على أن المؤمنين قد كرهوا شيئا في بداية الأمر ، ولكن الله سبحانه – المحيط بكل شيء – قدره عليهم ، فكان في ذلك الخير والرحمة بعد أن كانوا يظنون أنه شر ومكروه ، ولو تابع كل ما نفسه وتأمل ما مر به من مواقف لوجد مصداق هذه السنة واضحة جلية ، وأن ما اختاره الله سبحانه خير مما اختاره العبد لنفسه .

۷- دعاء الله عز وجل واللجوء إليه وسؤاله الخيرة في الأمور كلها

وهذه مسك الختام. فاللجوء إلى الله عز وجل ، وسؤاله الدلالة على ما فيه الخير من أنجع الوسائل في فقه هذه السنة ، وتذوق طعمها، والتعرف عليها ؛ لأن العبد الضعيف القاصر المحدود العلم والإدراك ، إذا فوض الأمر إلى ربه ومولاه الغني الحميد ، علام الغيوب ، القادر على كل شيء ، والعالم بكل شيء فإنه بذلك يستريح باله ، وينتظر اختيار الله له ، ويطمئن بعد ذلك إلى ما دله الله عليه ، وكم انتفع بدعاء الاستخارة4(4) انظر إلى نص الدعاء وتخريجه . أناس لجأوا إلى الله عز وجل بصدق ؛ فهداهم سبحانه إلى الخير والرحمة ، ولمسوا ذلك الخير بعقولهم وأيديهم مما كان له أكبر الأثر في زيادة اليقين والاطمئنان إلى قضاء الله وقدره ، ومن الأدعية النافعة في هذا الباب: الدعاء الذي رواه عمار بن یاسر رضي الله عنه وفيه: «وأسالك الرضا بعد القضاء»5(5) انظر إلى نص الدعاء وتخريجه ..

الهوامش

(1) رواه البخاري ك . الرقاق / باب (۳۸) التواضع (۳4۸/۱۱(65۰۱) فتح).

(2) رواه أبو داود (4833 في الأدب) ، والترمذي (2379 في الزهد) وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

(3) مفتاح دار السعادة : ۳۲۱.

(4) انظر إلى نص الدعاء وتخريجه .

(5) انظر إلى نص الدعاء وتخريجه .

اقرأ أيضا

لا تحسبوه شرا لكم سنة ربانية كيف نفهمها (1)

لا تحسبوه شرا لكم.. أحاديث وآثار

“لا تحسبوه شراً لكم” .. حِلم وأناة وموازين رباينة

 

التعليقات غير متاحة