من ثمار صناعة البطل تقزيم الأبطال الحقيقيين، وتبرير قمعهم وإبعادهم، فأعداء هذا البطل ما هم إلا شرذمة قليلون مغتاظون من إنجازاته وانتصاراته، فهم يستحقون ما يجري لهم من الإعدام والسجن والتعذيب وتسليط الإعلام عليهم.

كيفية صناعة الأبطال

إن من أساليب المكر اليهودي الاستراتيجية أنهم حينما يضعون مخططا ضخما يهدف إلى تحولات استراتيجية في الأمة فإنهم وفي سبيل تنفيذ هذا المخطط يقومون وعبر مراحل متعددة وأحداث مفتعلة بصناعة بطل يقود التغيير ويجعلونه واجهة لتنفيذ هذا المخطط، وهذا البطل تتم صناعته تارة بالوسائل المباشرة، وتارة بالوسائل غير المباشرة.

  • فالمباشرة: مثل المدح والثناء المفرط الذي يرفع بطلهم الى درجة (المخلص) فهو صاحب الذكاء والشجاعة والحكمة وبعد النظر وهو الأب الحاني للشعب.
  • وبالوسائل غير المباشرة: بتجيير الإنجازات التي صنعها الآخرون ليتم إخراجها باسم البطل.

وكذلك افتعال المعارك المتنوعة التي تنتهي بانتصار البطل.

ومن ثمار صناعة البطل تقزيم الأبطال الحقيقيين، وتبرير قمعهم وإبعادهم، فأعداء هذا البطل ما هم إلا شرذمة قليلون مغتاظون من إنجازاته وانتصاراته، فهم يستحقون ما يجري لهم من الإعدام والسجن والتعذيب وتسليط الإعلام عليهم.

ويستمر المسلسل والمسرحية حتى يتم التغيير وتمر العاصفة، ثم يبدأ البطل بالذبول حتى يتلاشى وينتهي حتى موعد المخطط الجديد والبطل الوهمي القادم.

قال محمد قطب رحمه الله تعالى: “إن الذي يقوم بعمل من أعمال التخريب والتحطيم ضد الإسلام ينبغي أن يكون بطلًا لتتدارى في ظل البطولة أعمال التخريب والتحطيم.

كمال أتاتورك، جمال عبد الناصر، أحمد بن بيلا، وعشرات غيرهم من الأبطال الذين حاربوا الإسلام بوسيلة من الوسائل: كلهم ينبغي أن يكونوا أبطالًا وقت قيامهم بمحاربة الإسلام، وإلا انكشفت اللعبة من ورائهم وانكشفت عمالتهم لأعداء الإسلام من الصليبين واليهود”1(1) انظر واقعنا المعاصر..

وقال: “ليس من باب المصادفة أن الذين اختيروا للأدوار الكبرى في حرب الإسلام كانوا متصفين بجنون العظمة وقسوة القلب من أمثال محمد علي وكمال أتاتورك وجمال عبد الناصر، ذلك أنهما صفتان لازمتان لمثل هذا الدور “العظيم”! “2(2) واقعنا المعاصر (191)..

ولنأخذ على ذلك ثلاثة أمثلة ماضية، ومثالًا رابعًا معاصرًا:

المثال الأول: مخطط تغيير مفاهيم الأمة وقيمها على يد محمد علي باشا

وأهدافه الرئيسية:

  • تشويه صورة المفاهيم الإسلامية.
  • تحسين صورة المفاهيم الغربية واعتمادها بديلا عن الإسلامية.
  • استخدام مصر قاعدة لتصدير المفاهيم المشوهة الجديدة للعالم الإسلامي.
  • صناعة مرجعية غير شرعية لقيادة الأمة.

واختير لتنفيذ هذا المخطط “البطل الصعلوك” (محمد علي باشا)!.

خطوات صناعة البطل:

  • أنشأت له فرنسا جيشا مدربًا على أحدث الأساليب وجهزته بأحدث الأسلحة المتاحة يومئذ بإشراف سليمان باشا الفرنساوي! في حين كان جيش الوالي العثماني في مصر يعاني من ضعف التدريب وتقطع الرواتب.
  • وأنشأت له أسطولا بحريا على أحدث طراز يومذاك، وترسانة بحرية في دمياط، وقناطر خيرية لتنظيم الري في مصر.. ليس حبا في محمد علي ولا حبا في مصر، وإنما لتنفيذ المخطط الصليبي الذي عجزت الحملة الفرنسية عن تنفيذه بسبب اضطرارها إلى الرحيل. وهذا الأسطول أريد منه أن يصنع من محمد علي بطلًا قادرًا على تنفيذ مخططاتهم.
  • عانى قائد المماليك عثمان بك البرديسي من عدم توفر رواتب الجند، فاستشار محمد علي باشا في الحل، فأشار عليه بالضرائب الباهظة من الشعب، فلما نفذها البرديسي تظاهر محمد علي بالوقوف إلى جانب الشعب المصري وسخطه على تلك الإجراءات، فأصبح محبوبا عند عامة أهل القاهرة وأشرافها، ووعد بنصرة المظلومين، فالتفَّ حوله الجند وحاصروا قصر البرديسي الذي اضطر إلى الهرب، وبعد أن خلا الجو لمحمد علي وبدأت تظهر علامات بطولته المزيفة وأنه المنقذ الوحيد للشعب المصري أصبح صاحب الكلمة النافذة في القاهرة.
  • أعطيت لمحمد علي صلاحية ابتعاث شباب مصر الصغار وبأعداد متزايدة إلى أوربا؛ لتعلم المفاهيم الجديدة البديلة عن المفاهيم الإسلامية تمهيدًا لنشرها في المجتمع.

المثال الثاني: مخطط التعامل مع الخلافة العثمانية على يد أتاتورك

وله أربعة أهداف رئيسية:

  • إسقاط الخلافة.
  • تغيير نظام الحكم من خلافة إلى دولة.
  • تقسيم الأمة إلى دويلات.
  • استبدال العلمانية بالإسلام.

وصنع لهذا المخطط البطل المشبوه (كمال اتاتورك)!

خطوات صناعة البطل:

  • معركة غاليبولي: عندما شنت حملة الدردنيل عام 1915م قام قادة أتراك مخلصون برسم خطة المعركة وتنفيذها على الميدان، ولكن بحركة إعلامية مفبركة تم تغييرها لتكون إنجازات البطل الجديد الكولونيل مصطفى كمال ولتصنع منه بطلا وطنيا يترقى بعدها إلى رتبة جنرال عام 1916 وعمره 35 سنة وبنفس الطريقة قام بتحرير مقاطعتين رئيستين في شرق انطاليا في نفس السنة ليتأهل بعدها قائدًا للجيوش التركية.
  • قاد أتاتورك حراكًا ثوريا في الأناضول عرف لاحقا بحرب الاستقلال، احتجاجا على اتفاق سلام فرضه الحلفاء في الحرب العالمية الأولى على البلاد. وانتهت بالانتصار على اليونان، وإعادة النظر في الاتفاقية التي عُرفت لاحقا بـ”اتفاقية لوزان”. التي أدت إلى الاعتراف الدولي بسيادة جمهورية تركيا.
  • بموجب ما سبق من الانتصارات يصبح البطل الجديد مؤهلا لقيادة المجلس الوطني الأكبر الجديد.

المثال الثالث: مخطط تثبيت استقرار الدولة اليهودية في فلسطين على يد عبدالناصر

وله ثلاث خطوات:

  • تسليم القدس لليهود.
  • تثبيت الانهزامية والدونية في نفوس الأمة.
  • استبدال الانتماء للإسلام بالقومية العربية.

واختير لهذا المخطط (البطل الثرثار) جمال عبد الناصر!

خطوات صناعة البطل:

  • كان تأميم مصر لقناة السويس المملوكة لبريطانيا نصرا عظيما لناصر الذي تم الاحتفاء به كبطل مصري وعربي قادر على هزيمة أعداء الأمة العربية وتمثيل الكرامة العربية. وأطلق رئيس مجلس الدولة الصيني تشوان لاي على ناصر عملاق الشرق الأوسط.
  • أبرز جمال عبد الناصر كأحد مهندسي حركة عدم الانحياز، التي تأسست عام 1961 ككتلة من «الدول المستقلة» منفصلة عن حلف الناتو وحلف وارسو. وقد جاء أغلب المناضلين الإفريقيين المناهضين للاستعمار إليه للحصول على التوجيه والدعم المعنوي والأموال.
  • التسليط الإعلامي المهول على الخطب الثورية “للبطل” جمال عبد الناصر والتي تتوعد إسرائيل بإلقائها في البحر!.
  • تقديمه بطلًا لمسرحية الوحدة مع سوريا تمهيدًا للوحدة العربية الشاملة.
  • إظهاره بطلًا لمحاربة “الرجعية الإسلامية!” وتقديمه الاشتراكية بديلا عنها.

المثال الرابع (المعاصر): مخطط القضاء على أبرز منابع دعم الصحوة الإسلامية، وتمكين اليهود من جزيرة العرب وعلمنة البلاد على يد ابن سلمان

وله أهداف رئيسية:

  • القضاء على أهم مصادر الدعم العلمية والفكرية والمالية للصحوة الإسلامية. وعلمنة البلاد وتبديل دينها بدين ابن سلمان الجديد.
  • تهيئة جزيرة العرب لاستقرار اليهود فيها كطبقة مسيطرة شبيهة بالنموذج البريطاني.
  • تقديم نموذج سلفي مشوه يقبل بالتفوق اليهودي ويوظف في خدمته.

واختير لهذا المخطط “البطل المختل” محمد ولد سلمان.

خطوات صناعة البطل:

  • بطل حادثة فندق الريتز والتي أُظهِر فيها محاربًا ومنتصرًا على هوامير الفساد.
  • إبرازه منقذًا للشعب اليمني من براثن الحوثي في عملية عاصفة الحزم “الفاشلة”.
  • النفخ الفاشل في رؤية 2030 التي اقترحها للوصول بالبلد للفردوس المزعوم!.
  • مسرحية زيارة بايدن ومؤتمر جدة، ورفضه استقبال رئيس أكبر دولة في العالم.
  • المماطلة في الموافقة على زيادة إنتاج البترول.
  • رفض بدء الحرب مع إيران.

لتبدأ ثمار صناعة البطل بعد المؤتمر مباشرة، وبشكل فاضح، فيتم تداول:

أ- زيارة الحاخام اليهودي لأحمد قاسم الغامدي في بيته.

ب- التغطية الإعلامية من الصحفي اليهودي لجبل عرفة والحرم المكي ثم يتم عمل مسرحية لإفهام الشعب من هي الجهة المسئولة عن مثل هذه الأعمال، وأنها النيابة العامة وليست هيئة كبار العلماء مثلا، أو الجهات الدينية عمومًا، وتتم معالجة الموقف بمجرد غرامة مالية يتحملها أحد الافراد.

ج- إعلان البطل بعد المؤتمر بأيام أنه يستهدف مدينة الرياض بزيادة سكانها إلى 25 مليون نسمة، أي بزيادة عدد 19 مليون جديدة ستتم قبل عام 2030. مع العلم أن الرياض يجري إجلاء سكانها وتفريغها من غير السعوديين “بنظام الإقامة ونظام التابع”، وإجلاء سكانها السعوديين بنزع ملكيات بعض الأحياء وإيقاف تصاريح البناء في أحياء أخرى.

فقل لي بربك من هؤلاء الـ20 مليون الجدد، وأين سيسكنون ونحن لا نرى شريحة أو ديانة أو فئة يجري الترحيب بها وتسريب وصولها  المدروس غير الشريحة والفئة والديانة اليهودية.

د- الإعلان عن المدينة الجديدة “ذا لاين” ضمن مشروع نيوم في منطقة “أرض الخروج” المقدسة عند اليهود، وهي الساحل الشرقي الشمالي للبحر الأحمر بعدد سكان معلن يبلغ 9 مليون نسمة، ولم يعلن عن هؤلاء السكان ولا ما طبيعتهم.

نسأل الله عز وجل أن يبطل كيدهم ومكرهم كما وعد سبحانه في قوله: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً).

الهوامش

(1) انظر واقعنا المعاصر.

(2) واقعنا المعاصر (191).

اقرأ أيضا

حلف العار والخيانة ومسؤلية العلماء

آل سعود، من “مطاوعة” الى التطبيع مع اليهود .. مختارات من “المسلمون والحضارة الغربية” (5)

زيارة بايدن للمنطقة العربية

 

التعليقات غير متاحة