قد لا تكون صورة بعض الاجتهادات واضحة للبعض وقد تشكل صحتها من خطئها على الناظر؛ فإذا نظرنا الى السياق وشناعة المآلات أدرك الناس فحش الخطأ واستدركوه. وهذه رسالة أهل “قلقيلية” للأمة.
الخبر
صرخة أحرار فلسطين: “لا بقينا إن بقيت مساجدنا مغلقة..!”
قام المسلمون في “قلقيلية” بفلسطين بمسيرة لفتح مسجد قلقيلية في الضفة الغربية وأداء صلاة العيد فيه رافضين قرار الإغلاق واستمراره مقارنة بازدحامات أخرى لا تمنعها السلطات ولا يمتنع الناس منها. (1موقع “يوتيوب”،24/5/2020، على الرابط:
لحظة فتح مسجد السوق في قلقيلية واداء صلاة العيد فيه)
التعليق
هذا الخبر، خبر فتح المساجد ورفض الإغلاق المتعسف لها؛ يأتي في سياق نوع من الإفاقة والإدراك من جماهير الأمة المسلمة. والخير أنها تأتي من فلسطين الشام، أرض الرباط والإيمان، والمحشر والمنشر.
إننا نؤيد هذا الاتجاه بشدة، فهو اتجاه يوضح إدراك الأمة لعبثية قرار إغلاق المساجد؛ عبثيته السياسية والصحية في ظل تكدس الأسواق ومواطن الفجور والتمثيل وأماكن المواصلات. وإدراك لخطأ من أفتى من المنتسبين للعلم بإغلاق المساجد. إن المسلمين يدركون بفطرتهم ودينهم خطأ مثل هذه الفتاوى التي صدرت عن علماء سلطة خدم للطواغيت، أو عن هيئات أصبح عليها علامات استفهام كبيرة. (2كالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي تبنى هذه الفتوى بشدة ودافع عنها ورد على كل من يوضح خطأها! في إصرار عجيب منفصل عن سياق الواقع الذي يدعي مواجهته وإصلاحه)
يدرك المسلم بفطرته خطأ هذه الاجتهادات ـ أو الزلات ـ من بشاعة المآلات. ونقول أنها “زلة” عالم، إذا صدرت ممن لم يشتهر عنهم خدمة الملوك. لكن مع سياق الواقع ومآلاته وسياق الحرب المنتظمة على الإسلام تأتي علامات الاستفهام..!
لكن من جانب آخر يبدو من سياق مسجد “قلقيلية” وفتح الناس له بعدما قارنوا الأوضاع والازدحامات وعلموا عبثية الموقف وخبث التفريق بين المساجد وغيرها لصالح دور اللهو والأسواق؛ عندها تحرك قدْرٌ من الجماهير التي علمت أنها هي المنوط بها فتح مساجدها بيدها، والارتفاع على عبثية الصورة والموقف. فالأمة هي من يجب أن يقرر توقف هذا العبث والتعطيل لبيوت الله ومنع إظهار شعائر الإسلام، وتوقف الانخداع بالمكر الرأسمالي العالمي والأهداف الخبيثة للصليبيين من جانب والعلمانيين وطواغيتهم من جانب آخر.
وكان من تقدير الله تعالى أن خضعت السلطة لموقف الجماهير المسلمة في فلسطين؛ فقررت إعادة فتح المساجد مع مراعاة إجراءات الوقاية الصحية المطلوبة، وهو ما كان مفترض أن يحدث منذ البداية. لكن على كل حال قد فرضوا كلمتهم وأحدثوا فارقا، بحمد ربهم.
لقد قدّر الله تعالى أن يكون هذا مثالا لتدرك الأمة بقية الطريق؛ ففتح المساجد يجب ألا تنتظر القرار به من سلطة منوطة ومرهونة بإرادة الصليبي والعلماني. وتغيير حال الأمة يجب أن يكون على نفس النسق أي بقرارمن الأمة.. فتوقف موجات التعدي على دين الله، وتوقف موجات الإباحية والانحلال، وتوقف تبدل القيم والأخلاق، وتوقف إهدار الثروات، وتوقف الارتماء تحت نعليْ الغربي والصهيوني، وتوقف تمادي الاستبداد وقتل الأبرياء ومطاردة الشرفاء وسجن المسلمين والعلماء.. كل هذا هو قرار الأمة.
إقامة الدين وتحكيم شريعة الله وإقامة الولاء الإسلامي، يجب أن يكون بقرار من الأمة. إنها قضاياها، وليست قضايا “جماعات” أو “تنظيمات”. (3وتنبغي الإشارة الى أن مثل هذه المواقف منطلقة من القواعد الشرعية لفقه الموازنات وذلك بتقدير المصالح والمفاسد وأيها نقدم عند التعارض)
خاتمة
إننا نشد على أيدي المسلمين في “قلقيلية” وفي أطراف الأمة في باكستان وأفغانستان وإندونيسيا والسودان وموريتانيا.. تلك الأطراف التي جمعت بين إقامة الشعائر واتخاذ الإجراءات الصحية المناسبة بما يقيم الشعائر ويحفظ حياة الناس؛ فلا تكون شعائر الله هي أهون التجمعات ولا تضعف في النفوس ولا تتعود المجتمعات على عدم إقامتها حتى تستسيغ ذلك وتستمريء الجريمة التي نبرأ الى الله منها، وسيلحق عارها بكل من أقرها.
……………………………..
هوامش:
- موقع “يوتيوب”،24/5/2020، على الرابط:
لحظة فتح مسجد السوق في قلقيلية واداء صلاة العيد فيه - كالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي تبنى هذه الفتوى بشدة ودافع عنها ورد على كل من يوضح خطأها! في إصرار عجيب منفصل عن سياق الواقع الذي يدعي مواجهته وإصلاحه.
- ينبغي الإشارة الى أن التحركات الجماهيرية للحصول على المكاسب الشرعية والحياتية للمسلمين يجب أن تكون في جميع مارحلها منطلقة من القواعد الشرعية لفقه الموازنات وذلك بتقدير المصالح والمفاسد وأيها نقدم عند التعارض.