لا يأمن المسلمون في بلادهم؛ فضلا عما نشدوه من أمنٍ في بلاد الغرب. إن نسي المسلمون هويتهم وتاريخهم فلم ينس الأوربي. وفي دماء المصلين في “نيوزيلندا” شاهد على ذلك.
بحقد تاريخي
بمدفع مكتوب عليه تواريخ وأسماء معارك المسلمين التاريخية مع الأوروبيين؛ تقدم سفاح مجرم “أسترالي” لقتل المصلين وقت الجمعة بأحد المساجد في “كرايست تشيرتش” في نيوزيلندا. يتسلى بقتلهم، ثم يعود فيؤكد قتلهم، ويعيد ضرب الأموات بالرصاص؛ فيقتل (50)، ويصيب (35) مصلياً من الركع السجود، حتى كتابة هذه السطور.
لا يفرق بين رجل وامرأة ولا صغير وكبير ـ ولا يُنتظر هذا من مثله. ومثله كثير.
نشد بعض المسلمين شيئا من الأمن، وقدرا من الكرامة، في بلاد الغرب بعدما حُرموا منها في بلادهم التي تحكمهم باسم “السيد الغربي”.. لكن “السيد الغربي” يحب أن يُجري إجراءات التحضر الزائفة بأن يلبس قفازا حريريا وهو يقهر المسلمين؛ فيبدو أنه ينعى على من يحكم المسلمين الاستبداد؛ ويشجب فيه اقتراف جرائم بحق حقوق الانسان..! لكنه من جهة أخرى يمده ويساعده ويعطيه أجهزة التعذيب، ويتلقى منه تقارير بسير التعامل مع المسلمين والتأكد من سحقهم وحربهم المتواصلة.
إنه النفاق الأصيل في “الشخصية الأوروبية”.
لجأ البعض الى بلاد الغرب نفسِها ليمارس قدرا من الحرية أو للحصول على شيء من الكرامة.
لكنهم هناك يواجهون المنبع ذاته، فتضطرب الحكومات بحثا عن نقاء الهوية وخوفا من تغيير الهوية المسيحية لأوروبا.
ويواجهون مجرميهم الذي لا يتوروعون عن شيء، لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.
الخبر
1) قتل بدم بارد
جاء على موقع “الجزيرة” تحت عنوان: “في بثٍّ حيٍّ وبدم بارد.. قاتل يمطر المصلين بالرصاص بمسجد النور في نيوزيلندا”:
“نشر المنفذ الرئيسي للهجوم على المصلين في مدينة “كرايست تشيرتش” بجزيرة ساوث “آيلاند” بنيوزيلندا بثا مباشرا للمجزرة التي قام بها بحق مسلمين خلال أدائهم لصلاة الجمعة مما أدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح.
وأظهر مقطع للفيديو بلغت مدته نحو (17) دقيقة كيف بدأ الجاني ـ ويدعى “بريندون تارنت” ويرتدي ملابس مموهة تشبه ملابس الجيش ـ تنفيذ المجزرة.
واستقل منفذ الهجوم ـ وهو مواطن أسترالي ـ سيارته المدججة بعدد من البنادق الآلية، وتوجه نحو المسجد وفور دخوله بدأ في إطلاق النار بشكل متواصل نحو المصلين، وأرْدى العشرات منهم قتلى غارقين في دمائهم.
وتُظهر لقطات الفيديو المصور كيف انتشرت الجثث في أنحاء المسجد المختلفة بين المدخل والممر وغرفة الصلاة التي كان عدد الضحايا فيها أكبر، دون أن يسمع أيّ صوت إلا صوت البندقية.
ولم يتردد الجاني في تصويب رصاصاته القاتلة لمرات عديدة في أجساد حتى من لفظوا أنفاسهم، وفي هدوء تام توجه نحو مخرج المسجد، وصوب نيرانه بشكل متواصل في الشارع دون أن يعترض سبيله أي شخص.
ولاحقا عاد للمسجد ليفرغ رصاصات أخرى في أجساد المصلين، ثم خرج للشارع ثانية وبدأ في قتل من هم أمامه، وعقب ذلك استقل سيارته وعلى أنغام الموسيقى بدأ في إطلاق النار من داخلها عبر زجاج سيارته الذي تهشم”. (1موقع “الجزيرة” بتاريخ 15/3/2019، على الرابط:
في بث حي وبدم بارد.. قاتل يمطر المصلين بالرصاص بمسجد النور في نيوزيلندا)
2) منفذ المذبحة مثال على نوعية، وليس عملا فرديا
وجاء أيضا على موقع “الجزيرة نت” بنفس التاريخ بعنوان “من هو منفذ مذبحة مسجد النور بنيوزيلندا؟”
“بدم بارد وعلى أنغام الموسيقى ارتكب الأسترالي ب”رينتون تارانت” مذبحة ضد المصلين خلال صلاة الجمعة في مسجدين بمدينة “كرايست تشيرش” بنيوزيلندا اليوم الجمعة، “متذرعا” بالانتقام لضحايا هجمات ارتكبها مسلمون ومهاجرون في أوروبا.
بدأ “تارانت” تصوير جريمته بمنتهى الهدوء من داخل سيارته، مرتديا دروعا واقية وزيا عسكريا وخوذة، قائلا “دعونا نبدأ هذه الحفلة” ثم سحب واحدة من البنادق الآلية وعددا من خزائن الذخيرة، متوجها مباشرة صوب مسجد النور في المدينة، حيث كانت شعائر صلاة الجمعة قد بدأت للتو.
إطلاق النار لم يتوقف تقريبا طوال الفيديو الذي امتد لنحو 15 دقيقة، والذي بثه القاتل عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أطلق النار على كل من قابله، وطارد الفارين من المسجد، ودخل مصلى السيدات، ليسقط ما لا يقل عن أربعين قتيلا، والعديد من الجرحى، بحسب أحدث الإحصائيات.
“تارانت” الذي يدعم أيديولوجية اليمين المتطرف ويتبنى سياسة معاداة المهاجرين، يبلغ من العمر (28) عاما، وينتمي للطبقة العاملة ولأسرة فقيرة، بحسب ما كتبه عن نفسه في بيان مطول من (73) صفحة “أنا رجل أبيض من الطبقة العاملة لكنني قررت أن اتخذ موقفا لضمان مستقبل لشعبي”. (2موقع “الجزيرة نت” بنفس التاريخ 15/3/2019، على الرابط:
“من هو منفذ مذبحة مسجد النور بنيوزيلندا؟)
التعليق
1) استهداف المساجد فعله صهيوني في فلسطين، ومرتد في رابعة، ونصراني في أمريكا، وقاتل في انجلترا، وهذا القاتل اليوم في “نيوزيلندا”. إنها مساجد الله رمز استهدافهم حيث ينبع النور وتُتلى آيات الله ويفِد إليها الركع السجود.
2) أن ينشد المسلم الأمان في بلاد غير المسلمين، ولو استتروا بشعارات زائفة حول “التمدن”، لم يعد ممكنا.
أما سياسيوهم وقانونيوهم فيشرعون منع المآذن، ومنع الحجاب الإسلامي.
وأما إعلاميوهم فيتورعون عن مهاجمة الأديان عموما؛ وثنيِّها ويهوديّها؛ لكنهم يدافعون عن “حق..!” الإساءة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشيطنة الإسلام وأهله.
وأما عوامّهم فلا تضبط ما يمكن أن يفعلوا.. إنك ترى قوله تعالى: ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾ (التوبة: 10) ساريا في الجميع ومتوقَعا من كل أحد.
3) وأما حكوماتهم فإنها وصلت الى أنها لا تُعد عدد قتلى المسلمين الذين ذبحتهم في العراق وأفغانستان، والإشراف على استمرار الطواغيت في بلاد المسلمين؛ ليكون كل هذا القتل إما بقتل مباشر أو بإشراف على أُجرائهم من الطواغيت.
4) ولهذا يجب البحث عن سبب هيبة وعزة المسلمين وسبب قوّتهم في الداخل قبل الخارج، وهو إقامتهم لأوضاعهم المحلية على وفق دينهم؛ وإقامة الدين، وإقمة حكومات تمثل دينهم وهويتهم، وامتلاك القوة وفرض احترامهم، وفرض تكلفة غالية ثمنا لإيذاء المسلم الذي يجب أن يكون عزيزا ومحترما في بلاده وأن يكون ثمنه غاليا في بلاده، ومن ثم في العالمين.
5) إن الشخصية الأووبية الهمجية في الحروب الصليبية ـ والتي كانوا يحتفلون بها الأيام القليلة الماضية !! ـ في ظل الحضارة المعاصرة والتي بها جميعات لحقوق “الإنسان” ورعاية “الطفولة والأمومة”..! إنه الأوروبي نفسه الذي يحتفل منذ أيام بذكرى الحروب الصليبية الهمجية، ويقيم جميعات للشذوذ، ويسوّغ الحروب، ويُخفي ما شاء من القضايا والحقوق، ويزيف الحقائق، ويسبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينشر الإلحاد والإباحية، ثم يعتز بإرثه الديني المضطرب بين الوثنية الإغريقية والمسيحية المحرفة والعلمانية الملحدة..!
إنه تلك الشخصية المريضة المنتشرة في ربوع بلادهم، وفي أروقة حكوماتهم، ويزخر بها إعلامهم.
6) لقد أعرب “بابا الفاتيكان” عن حزنه وتعاطفه مع المسلمين، بينما كان أحد قساوسته منذ أيام يخوّف أوروبا ويُرعبها أن أولادهم سيصيرون مسلمين “طوعا”. (3انظر الرابط: أحد القساسوة يحذر أوروبا من الاسلام، المنشور بتاريخ 9/2/2019، سواء كان لبابا الفاتيكان نفسه ـ كما هو منشور على الرابط ـ أو لأحد قساوسته؛ فالدلالة قائمة)
ولقد اندفع هذا المجرم القاتل ليمتثل لتحذير قساوسته من الإسلام، من ذلك النور الذي يحجبهم عنه التشويه وعقائدُ فلسفية وثنية، وتاريخٌ مشوه وأحقادٌ تاريخية.
7) وقد أعرب الرئيس الأمريكي “ترامب” عن تعازيه وتضامنه، ولكنه كان هو القدوة للقاتل، كما صرح القاتل نفسه على صفحته.
وفي ظل رعاية تعصّب وحقد “ترامب” وعدائه للإسلام صراحة، قتل هذا القاتل اليوم أبرياء المسلمين، وأحرق الأمريكيون المساجد في أمريكا في ظل رئاسته، وفي كندا كذلك، واعتدى الصهاينة على المسجد الأقصى بل وأهداه هو لهم..! في توقيع علني تاريخي شهده العالَم؛ ألا شُلّت يداه.
8) إن الإسلام يشق طريقه بهدوء وبخطى واثقة، ولو ضّيقوا عليه سياسيا امتد اجتماعيا ودعويا، ولو ضيقوا عليه في بلاده خرج الى العالَم، إنهم لا يستطيعون حصار كلمة الله تعالى ولا إطفاء نوره؛ وسيكمل الإسلام مسيرته يشق طريقه ويوصل النور الى العالمين، تزكيه دمعة حرقة على الدين، ودفقة دم زكية من أجل الله، وجهد مخلِص مبذول، ومال يراد به وجه الله يقتطعه مسلم من قوته، وكلمة صدق تُجلي عن الخلق الغواشي، وبلاغٌ للحق يحيي الله به قلبا ميتا .. ويفتح به أعينا عميا وآذانا صُما وقلوبا غُلفا.
……………………………..
هوامش:
- موقع “الجزيرة” بتاريخ 15/3/2019، على الرابط:
في بث حي وبدم بارد.. قاتل يمطر المصلين بالرصاص بمسجد النور في نيوزيلندا - موقع “الجزيرة نت” بنفس التاريخ 15/3/2019، على الرابط:
“من هو منفذ مذبحة مسجد النور بنيوزيلندا؟ - انظر الرابط: أحد القساوسة يحذر أوروبا من الاسلام، على موقع “اليوتيوب” المنشور بتاريخ 9/2/2019.
وسواء كان لبابا الفاتيكان نفسه ـ كما هو منشور على الرابط ـ أو لأحد قساوسته؛ فالدلالة قائمة.