أخذت الروافض على عاتقها تلقين صغار السن والمراهقين عقيدتهم الفاسدة بينما كان أهل السنة أولى بذلك.
تلقين صغار السن والمراهقين ثقافة الروافض في أنحاء اليمن
حملت لنا الأخبار اعتزام ميلشيات الحوثي تأسيس ستة آلاف مركزًا صيفيًّا؛ تهدف إلى تلقين ما يزيد على 650 ألف طالب من طلبة المدارس ثقافة الروافض الحاقدين على السنة وأهلها -عامتهم من صغار السن والمراهقين-، ويستعد نحو 24 ألف معلم ومُوجِّه لتدريسهم -أخضعتهم الجماعة لدورات مكثفة- في العاصمة صنعاء وريفها، وفي كل من إب وصعدة وعمران والمحويت وريمة وحجة ومناطق أخرى تحت سيطرتها في محافظات الحديدة والجوف وتعز والبيضاء والضالع ولحج ومأرب..
وأفادت الأخبار أيضًا أنَّ الجماعة الحوثية خصصت أكثر من 600 مليون ريال يمني -بما يعادل ما يزيد على المليون دولار- فقط كتكاليف لطباعة أكثر من 40 ألف ملزمة وكُتيِّب، تحوي خطبًا ومحاضرات لرؤوس الضلالة من كبارهم..
ومن المعلوم أنَّ هذه الميليشيات الإجرامية تقوم بعمليات حشد وتجنيد واسعة لمقاتلين جدد تحت لافتة المراكز الصيفية في المناطق الخاضعة لسيطرتها..
ونقول وبالله التوفيق :
هذا بعض ما يعده هؤلاء المجرمون من تجار الحروب لبث معتقداتهم ولتجييش الجيوش التي تحمل عقيدتهم ،وهذه المراكز الصيفية -وغيرها- تتكرر على رؤوس الأشهاد كل عام منذ نحو أربعين عامًا من أيام عهد الحاكم الفاسد المفسد الذي مَكَّن لهم: علي عبد الله صالح…
الدورات المؤقتة سنة نبوية حاربها حكام زماننا
وفي المعسكر المقابل يهملون -بل وأحيانًا يحاربون- كل نشاط إسلامي -صيفي أو غير صيفي-، ويتجاهلون طبيعة الحرب العقدية التي أحاطت باليمن وعموم المنطقة..
إنَّ المراكز التعليمية أو ما يُسمَّى بالدورات المؤقتة سُنَّة نبوية هجرها أو حاربها حكام زماننا المتشبثين بالعلمانية وأذيال اليهود والنصارى؛ عن مالك بن الحويرث رضي الله عنـه قال: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَقِيقًا؛ فَظَنَّ أَنَّا قَدْ اشْتَقْنَا أَهْلَنَا، فَسَأَلَنَا عَنْ مَنْ تَرَكْنَا مِنْ أَهْلِنَا؛ فَأَخْبَرْنَاهُ. فَقَالَ: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ». 1[متفق عليه].
ولنتأمل كيف يقيم النبي صـلى الله عليه وسلم لهؤلاء الشباب تلك الدورة التعليمية التربوية لمدة عشرين يومًا, ثم هو بعد ذلك يسألهم عن أحوالهم وعن أهليهم، وفي هذا مزيد تعرف وتحبب لهم، وفيه من الفوائد:
إزالة الحواجز بين المُعلم المُربي وبين الشباب مقصد تربوي هام
إزالة الحواجز بين الـمُعلم الـمُربي وبين الشباب، وتأسيس علاقة وطيدة بين القيادة والجنود وعموم الرعية؛ فالتواضع وإزالة الحواجز النفسية مقصد تربوي هام في التربية الإسلامية..
ولم يكن النبي صـلى الله عليه وسلم ليدع توجيه الناس طرفة عين وخاصة الشباب وصغار السن، ومن ذلك:
نصيحته التوجيهية لابن عباس رضـي الله عنهما وهو في مراحله الأولى؛ عن عبد الله بن عباس أنَّه ركب خلف رسول الله صـلى الله عليه وسلم يومًا فقال له رسول الله صـلى الله عليه وسلم: «يَا غُلاَمُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ؛ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ. رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُف». 2[رواه أحمد والترمذي وغيرهما، وصححه الألباني].
فوائد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس تمثل منهاجاً للمسلم
وفي هذا الحديث من الفوائد ما يمثل منهاجًا للمسلم يسير عليه طول حياته، وقد كان نصيحة لابن عباس وهو في مقتبل العمر، وأهم هذه الفوائد:
الاستعانة لا تكون إلا بالله تعالى؛ ثقة به، وفي هذا درس هام لمن تُسوِّل له نفسه الاستعانة -بطرق غير مشروعة- بأعداء الإسلام الذين يتربصون بالمسلمين الدوائر.
ومن هذه الفوائد -أيضًا-:
الإيمان بالقدر. وما أحوج من يُنتدب لمقارعة الظالمين الجبابرة لهذه العقيدة الراسخة؛ فكل ما ينزل بالعبد من محن هو بعلم الله تعالى وتقديره، وهو الذي يتولى ثواب العبد على تضحياته ومصائبه التي قد تصيبه أثناء سيره إلى الله عزَّ وجلَّ.
التربية النقية لشباب الصحابة هي التي أثمرت رجالاً حملوا هذا الدين
وهذه العناية والتربية النقية الصافية هي التي أثمرت رجالًا حملوا هذا الدين وقهروا به طواغيت الأرض شرقًا وغربًا؛ فهذا زيد بن ثابت رضي الله عنـه يحقق في نصف شهر ما يعجز عنه الأذكياء في أشهر بل في أعوام، وما ذلك إلا ببركة الاستجابة لأمر رسول الله صـلى الله عليه وسلم؛ عن زيد بن ثابت رضي الله عنـه قال أمرني رسول الله صـلى الله عليه وسلم فتعلمت له كتاب يهود، وقال: « إنِّي واللَّهِ ما آمنُ يَهودَ على كتابي ». فتعلمته فلم يمر بي إلا نصف شهر حتى حذقته؛ فكنت أكتب له إذا كتب، وأقرأ له إذا كُتبَ إليه. 3[رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال الألباني: حسن صحيح].
وزيد رضي الله عنـه هو الذي قال له أبو بكر الصديق رضي الله عنـه: ” إنَّكَ رَجُلٌ شابٌّ عاقِلٌ لا نَتَّهِمُكَ، وقدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فاجْمَعْهُ…”. 4[رواه البخاري].
وفيه من الفوائد:
ما يمكن أن يستخرج من همة وقوة عزم الشباب؛ فزيد رضي الله عنـه يتعلم لغة اليهود في نصف شهر حتى أتقنها؛ فأين هذا ممن يتعلمون اللغة الإنجليزية التي تقرر على الطلاب لسنوات طويلة يتجرعون فيها كل مرارة، وتنفق فيها الميزانيات الضخمة بلا فائدة تُذكر، فيتخرجون لا يعلمون منها إلا القليل، وفي هذا فائدة أخرى عظيمة: أن الأعمال إذا كانت مصحوبة بنيَّة خدمة الإسلام فإنها تصير خفيفة ميسرة تسارع إليها النفوس وتستلذها..
وفيه -أيضًا-: استعانة الشيوخ بالشباب وإعطاؤهم الثقة الكبيرة والمساحة الكافية لإنجاز مهماتهم، ومثل ذلك كثير في تاريخ الإسلام، حتى سلَّم النبي صـلى الله عليه وسلم قيادة الجيش الإسلامي برمَّته لشاب دون العشرين، وهو أسامة بن زيد رضي الله عنـه.
وهكذا يرى كل ناظر في سنة النبي صـلى الله عليه وسلم رعاية للشباب في شتى جوانب النفس الإنسانية، وكل هذا ينصب في تغيير وضبط المشاعر والحركات والسكنات لتوافق الشرع المنزل من الله عزَّ وجلَّ على عباده، وتحريضًا لهم على مواجهة ودحر الباطل وأهله، وصيانة لهم من الوقوع في براثن المعاصي واللامبالاة والسلبية التي هي أصل كل فساد..
مقترحات لتنمية الإيمان في نفوس الشباب
وهاهنا بعض المقترحات لتنمية الإيمان في نفوس الشباب ونبذ دروب المعصية، وكذا تنمية الإيجابية والتضحية في سبيل الله عزَّ جلَّ؛ فمن ذلك:
- لزوم تثقيف الآباء والمعلمين والموجهين التربويين وعامة شرائح المجتمع، بكيفية التعامل الأمثل مع الشباب وأخطائهم، وكيفية استخراج أمثل ما لديهم من طاقات.
- تكثيف الدورات والمخيمات الشبابية -وخاصة الصيفية، ووقت الإجازات- التي تعلم وتحمي وتربي وتستثمر طاقات الشباب بشكل متواصل..
- إعادة النظر في صياغة المناهج الموجودة في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا؛ بل ومساجدنا، والاهتمام بإعداد الكوادر الشبابية عقديًّا وأخلاقيًّا ونفسيًّا وسلوكيًّا، ومواكبة التطورات والأحداث العصرية ومعرفة الفتن وتجنبها..
- الحذر والتحذير الدائم من انجراف الشباب وراء التيارات المنحرفة المفسدة من هيئات تنصيرية، ورافضية، وعلمانية، وأحزاب ذات مرجعيات غير إسلامية، ومنظمات مشبوهة تستهدف تضليل الناشئة بالدرجة الأولى وإبعادهم عن دينهم وإغراقهم في أوحال الرذيلة؛ مستخدمة في ذلك شتَّى الوسائل خاصة وسائل الإعلام التي لا تخفى سيطرة اليهود والصهيونية العالمية عليها، كما لا يخفى أنَّ هذه الهيئات والمؤسسات تستخدم التجمعات الشبابية والنسائية وتمولها لنشر الفواحش ومحاربة الفضائل؛ لذا كان من واجب الدولة والدعاة والمصلحين العمل على توفير بيئة صالحة وقدوة مستقيمة لحماية الشباب من مزالق الانحراف ومهاوي الضلال، وتربيتهم على أسس إسلامية سليمة تزرع مبادئ العقيدة في النفوس، وتؤصل الأخلاق النبوية الحميدة في الجوارح، وتشحذ الهمم بضرورة العمل للإسلام، والحياة لإقامة هذا الدين..
- التحرك السريع والمستمر لملئ الفراغ العلمي والدعوي والتربوي لدى الشباب الذي يتضح من توجه الكثيرين منهم نحو أجهزة الإعلام والإنترنت لتحصيل ما يضرهم -أو على الأقل ما لا يستطيعون تمييز الحق فيه من الباطل-.
- ربط الشباب بالمساجد وعلماء ودعاة أهل السنة والجماعة ؛ لتكون حِمىً لهم ومحاضن لأفكارهم وآمالهم، وليكونوا ممن تعلقت قلوبهم بها، وتربيتهم على حب الله ورسوله صـلى الله عليه وسلم وطاعته وخدمة دينه؛ ليكونوا بذلك ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله..
- المشاركة في التجمعات الشبابية للتعاون على البر والتقوى ولحماية الشباب الضائع من سيطرة الشباب المنحرف الذي يفرض نفسه بحكم تواجده، وتنمية قدرات الشباب الجسدية بتشجيعهم على الرياضة بمختلف أنواعها المباحة من السباحة والرماية والجري وغيرها، واستبعاد الممارسات الممنوعة شرعًا وغير اللائقة عرفًا أثناء إجراء المباريات ونحوها..
- العمل على رفع المستوى العلمي والثقافي والفكري لدى الشباب عامة والطلبة خاصة، وتنمية قدراتهم ومفاهيمهم الإسلامية الصحيحة..
- عقد دورات مهنية للشباب كالحاسوب، وتنمية مختلف المهارات مما يزيد من انتفاع المجتمع بالشباب..
- تنظيم القيام بأعمال تطوعية في المدينة أو الحي وبشكل جماعي، وزيارة المرضى والجرحى في البيوت والمستشفيات، وتقديم الهدايا الرمزية لهم..
- وأيضًا تنظيم لقاءات دورية -شهرية مثلًا- لعرض واستخراج الإبداعات والمواهب الشبابية، مثل الخطط والأفكار والمخترعات العلمية المفيدة للمرحلة الراهنة ..
الصبر والمثابرة في الدعوة مهما كانت العقبات
كما يجب أن نتذكر دومًا أننا يجب أن يكون عملنا ودعوتنا كلها لله عزَّ وجلَّ، ولذا لابد من الصبر والاستمرار مهما كانت المؤامرات والعقبات، وهاهم سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام لما صغرت الدنيا في أعينهم عظم قدرهم في أعين الناس وملأوا الدنيا توحيدًا وجهادًا وعلمًا نافعًا..
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرًا رشدًا، يُعز فيه أهل طاعتك، ويُذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء.
الهوامش:
- متفق عليه.
- رواه أحمد والترمذي وغيرهما، وصححه الألباني.
- رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال الألباني: حسن صحيح.
- رواه البخاري.