لا زالت أطماع القردة والخنازير، وموالوهم من فجرة العرب والمسلمين؛ تتوالى على الأمة والمنطقة؛ طمعا في الدين وفي الثروات وفي تغييرات اجتماعية عميقة.
الخبر
“قبل أيام من حلول شهر رمضان المبارك، يشهد الشارع الكويتي جدلا واسعا بسبب مسلسل “أم هارون”، والذي يتناول تاريخ اليهود في الخليج من خلال قصة امرأة يهودية من أصول تركية تنقلت بين إيران والعراق قبل أن يستقر بها المطاف في البحرين لتعمل لسنوات طويلة في التمريض وتوليد النساء.
وهو لصالح (MBC)، وهو لمخرج لمصري، ويشارك فيه فنان سعودي، وجرى تصوير مشاهده بالكامل في الإمارات كما حصل على إجازة النص من الإمارات كذلك.
ويرى كثيرون عدم وجود مبرر له في ظل الأوضاع العربية وما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة من ممارسات إجرامية، كما يبدون مخاوفهم من اعتباره بداية لاختراق الموقف الشعبي الكويتي الرافض على طول الخط للتطبيع، في ظل تسارع خطى بعض دول الجوار للتطبيع أخيرا.
ويقول أحد أساتذة التفسير في كلية الشريعة الإسلامية بجامعة الكويت، إن المخاوف تتعلق بأمرين:
أولهما فتح المجال للادعاء بوجود حق تاريخي لليهود في الكويت أو في غيرها من دول الخليج.
والثاني هو أن يكون مقدمة للتطبيع من خلال التمهيد لاختراق الموقف الكويتي بالأسلوب الكوميدي العاطفي الذي يؤدي في النهاية إلى تقبل اليهود في التركيبة الاجتماعية.والعمل ـ كما يقول منتجوه ـ يتناول الصراع بين حب الوطن الذي ينتمي إليه اليهودي العربي وبين الوطن الأم وهو الكيان الصهيوني..!”. (1موقع “الجزيرة”، 13/4/2020، على الرابط:
تاريخ اليهود في الخليج.. عاصفة من الجدل قبل عرض مسلسل “أم هارون)
التعليق
الفن ـ على تعلّاته ومخالفاته الشرعية وعدم ضبطه بأحكام الشريعة من حيث الأدوات والأهداف ـ صار أداة من أدوات تبديل القيم والعقائد، تبعا لتبديل النفوس وقناعاتها.
وأصبحت الأعمال “الفنية” أداة معتَمدة، ولها الأولوية، لدى المتحكمين في بلاد المسلمين بل وفي العالم كله؛ لإخراج أنماط بشرية وأنماط خلقية وسلوكية، ثم أنماطا تحمل مواقف وعقائد على وفق ما أراد أصحاب هذه الأدوات إخراجه.
هذه مسألة مهمة ومحورية؛ إذ إن هذه الأدوات مملوكة على مستوى العالَم لليهود..! وعلى مستوى الإقليم والمنطقة العربية والإسلامية، تملكها الأنظمة التي تخدم اليهود..!
من جهة ثانية؛ فكم عانت أسر المسلمين وقدّمت وكافحت؛ وهي تحمل قيما عزيزة وتحمل الإيمان في حنايا صدورها، وتُخرج أجيالا تعبد الله سبحانه وتوحده وتصدق رسالات الله، وهي أمة مرحومة لا ملعونة ولا مغضوبا عليها، وترجو مستقبل أفضل تقيم فيه دينها وتبلغ رسالة ربها وتستأنف الحياة الإسلامية التي أمرهم الله بها وتصل ما انقطع من تلك الحياة التي مورست خلال أكثر من اثني عشر قرنا كنظام وهوية وشريعة ومجتمع، وحضارة وأخلاق، ووظيفة بين الأمم.
وعليه؛ فلماذا اختيار اليهود خصوصا، وهم ملعونون على ألسنة الأنبياء، ومغضوب عليهم..؟!
الإجابة مخجلة ومزرية؛ فالمطلوب هو التهيئة النفسية للمنطقة العربية والإسلامية لتقبل الوجود الصهيوني لا على أنه دخيل واحتلال؛ ولا على أنهم كفار أقاموا دولةً تقيم أحكام الكفر بين ظهراني المسلمين على أرض إسلامية يجب استردادها، وأن وجوب استردادها باقٍ الى قيام الساعة. وأنه إن عُذر المسلمون في جيل أو أكثر لضعف قدرتهم فهذا لا ينفي وجوب الاسترداد، ولا يعني قبول العدو. بل المقصود بهذا العمل الخبيث هو تعميق قبول دولة الصهاينة بالمنطقة، فبعد القبول السياسي لها من قِبل الأنظمة العميلة والفاجرة؛ يريدون أن تتقبل الشعوب وجوده؛ احتجاجا أن له تاريخا في المنطقة بوجود “أفراد” يهود في مناطق الخليج وبالتالي فوجود “دولته” طبيعي..!!
والحقيقة هنا أنه ليس للمسلمين مشكلة مع وجود “أفراد” من اليهود يعيشون في بلاد المسلمين تحت حكم الإسلام وفي ظل نظامه لا يُفسدون ولا يتآمرون؛ فقد عاشوا قرونا طويلة كان الإسلام يحميهم من الظلم ويمارسون فيه اعتقادهم وعبادتهم، وكذا النصارى في المنطقة التي ظللها الإسلام بسلطانه؛ والي اليوم يوجد يهود في اليمن والمغرب؛ ولم تكن هناك مشكلة في هذا الوجود. لكن المشكلة في إقامة دولة كافرة تقيم أحكام الكفر على أرض إسلامية عموما، وعلى حساب مقدسات المسلمين خصوصا، بل وتكون هذه الدولة صريحة أنها مندوب الهيمنة الصليبية الغربية على المنطقة، بعدما تحالف الصهاينة والنصارى في تحالف تاريخي مناقض حتى لعقائدهم؛ معاداة للإسلام وأهله؛ كل منهم يستخدم الآخر؛ فـ “الصهاينة” يستفيدون من القوة الغربية و”اليسوعيون” الغربيون يستفيدون من رغبة الصهاينة المتوحشة لدماء المسلمين وأرضهم.
إن الخلط بين الإثنين تلبيس وجريمة. والأنظمة المجرمة تقوم بهذا التلبيس وتلك الجرائم بلا ارعواء ولا خجل ولا توقف؛ إذ لا يردعها تقوى الله فهم مبدلون للشرائع متنكرون لدينهم، ولا تردعهم شعوبهم التي هي بين مغيَّبة، ومقهورة، ومتواطئة راضية، ومتخابثة لأغراض طائفية..!
خاتمة
لا يفوتنا هنا التنويه أن الكويت تتضارب فيها الاتجاهات؛ ما بين فريق مؤمن بالله واليوم الآخر ومؤمن بدينه ومنتمٍ لأمته يقوم بتوعية الأمة كلها، وبين علمانيين صرحاء شديدي العداوة للإسلام. وقد بقيت للكويت ملامح سياسية فيها نوع من الثبات والتفرد ترفض بها التطبيع بكافة أشكاله.
كما يبدو في الخبر أن المطبّعين المصريين المنتمين للمجال الفني الهابط يقبعون خلف تلك الجرائم والإيحاءات والمشاريع؛ فبعدما سقط حكام أرض الكنانة في العمالة الصريحة إذ بأوباش الخلق من النخبة المغتربة والمثقفين المزورين والفنانين الفجرة يصبحون رموزا للهبوط يألون على أنفسهم جر من تبقى..!
وهنا تنتقل المسؤولية الى الشعوب. وهذا دورها. لا كأفراد يكرهون هذا الانحراف ويبرؤون الى الله منها فقط؛ بل كتكتلات وتجمعات ومؤسسات يجب أن تضطلع بدورها.
وإلا يفعلوه فليتربص المسلمون القابضون على دينهم؛ حتى يأتي الله تعالى بأمر من عنده فيصبح المجرمون والمنافقون على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين.
……………………………..
هوامش:
- موقع “الجزيرة”، 13/4/2020، على الرابط:
تاريخ اليهود في الخليج.. عاصفة من الجدل قبل عرض مسلسل “أم هارون