افتتاح المراقص والملاهي، وإلصاق كلمة “الحلال” سخريةً أو استخفافا؛ هي اختبارٌ وجس نبض، ومرحلة تُقطع بعد أخرى؛ تمهيدا لزحزحة الشريعة اجتماعيا؛ للحصول على “المُلك” سياسيا.

الخبر

جاء على موقع “عربي21″ تحت عنوان  (ديسكو في جدة” و”بار حلال” يتصدران أحاديث النشطاء)

 “أثار الإعلان عن افتتاح أول ملهى ليلي في المملكة العربية السعودية جدلا واسعا بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين عبروا عن استيائهم من مخالفة ذلك الملهى للقيم السعودية ومن وجوده بجوار مكة المكرمة.

ومنذ إعلان ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عن رؤيته لعام 2030، والمملكة تشهد تغييرات واسعة، خاصة بعد إنشاء الهيئة العامة للترفيه، التي من المفترض أنها توفر فرص الترفيه لكافة شرائح المجتمع في كل مناطق المملكة”.

“وقال المتحدث أن الملهى تابع لسلسلة النوادي الليلية “وايت”، الموجودة في دبي وبيروت، وأن الملهى سيكون فرعها الجديد في الواجهة البحرية بمدينة جدة”.

“كما أكد آخر أن البار سيكون “بار حلال”، مع وجود منطقة لـ” الدانس فلور”، ومنطقة للطاولات العادية، ومنطقة أخرى للشخصيات الهامة، مع وجود الشيشة”.

“لم يُعلق رئيس هيئة الترفيه، “تركي آل الشيخ”، على الأنباء المذكورة أو المقاطع المتداولة، كما لم يتم إصدار أي تعليق رسمي حول ذلك”.

“المقاطع المتداولة أثارت جدلا واسعا بين المغردين الذين دشنوا وسمين تصدرا أكثر الوسوم تداولا في المملكة ومصر، كما انتقد النشطاء “بناء المراقص والملاهي بإدارة مراقص دبي”، متسائلين: “التبعية لأبو ظبي إلى متى ستستمر؟”.

دارت أغلبية تعليقات النشطاء حول انتقاد هيئة الترفيه ورئيسها، التي طالب بعضهم بإغلاقها لأنها “لا تمثل قيم المجتمع”، مؤكدين أن ما تقوم به الهيئة يعد “بعيدا كل البعد عن السعودية، التي كانت وستبقى محافظة على عاداتها وتقاليدها، وافتتاح هذا النوع من الأماكن يتنافى مع الدين والأعراف وقانون الذوق العام”، طبقا للنشطاء.

كما طالب عدد من النشطاء بعودة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قائلين إنها كانت “تفرض الأخلاق الإسلامية، وتوقف وتعتقل أي شخص يقوم بانتهاك القيم والمبادئ الإسلامية، وتتأكد من إغلاق المحلات وقت الصلاة، وحظر شرب الكحول، حتى أنها تقبض على أي شخصين من جنسين مختلفين لا تربطهما علاقة قرابة مباشرة أو زواج، كما تعمل ضد السحر وتكافح الابتزاز”. (1موقع “عربي 21″ بتاريخ 14/6/2019 ، على الرابط:
ديسكو في جدة” و”بار حلال” يتصدران أحاديث النشطاء
)

التعليق

تزامنت أمور في بلاد الحرمين، كلها أحداث سوء ونذير خطر، وتَوالٍ للسلبيات..

فزحْف القوانين الوضعية الى مجال القوانين المعمول بها، وتقليص مساحة الشريعة في مجال الاقتصاد والبنوك والعلاقات التجارية والجمارك.. هذا أمر متقدمٌ بعض الشيء.

لكن أعقب ذلك تقليص الشريعة في نطاق القضاء الشرعي، وتقليص تأثيرها في الإعلام، ثم تجفيف منابع هذا الدين في نطاق التعليم، وصار ما يدرسه الطلبة اليوم لا يعرفون به من أمر دينهم ما كان يعرفه من قبلهم ولا ما يقيمون به دينهم.

ثم جاء تقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقليص عمل الحسبة.

ثم تزامن القبض على العلماء وتغييبهم، والتهديد بقتلهم، لمنع تأثيرهم على الأمة ولتعريض الأمة فقط لتاثير السفهاء، وتسليط الملاحدة والإباحيين وسفلة الناس على الأمة توجيها ومصدرا للقيم؛ فيصبح الممثلون والراقصون والساقطات مصدرا للقيم والتعليم والأخلاق والموازين وترتيب الاهتمام.

هذا مع توسيع دائرة “الترفيه” التي تعتمد طريقة القفزات والصدمات المفاجئة للأمة، إسراعا في اتجاه الإباحية ومفاجأة المجتمع المسلم بصدمة تلو أخرى، فلا يفيق من صدمة إلا أعقبتها أخرى، ولا يُنتهك محظور يتألم المجتمع المسلم منه ويأسى على حرمات الله إلا وأتبعوه بانتهاك حرمات أخرى قياما بما تأمر به الشياطين إذ ﴿تَؤُزُّهم أزّا﴾.

وفي هذا السياق يأتي الخبر أعلاه؛ ليعبر عن المرحلة وعن حالة من “البرزخ”؛ إن لم يكن “الانكشاف” على اجتراء المحرمات واستقرارها وإشاعتها اجتماعيا، بحيث تصبح المنكرات عرفا اجتماعيا وممارسة للأسر، ترسيخا لها مع “زفة” و”رقية” للملاحدة والليبراليين والمنافقين عموما يتهجمون فيها على الإسلام وأخلاقه، وعقائده وثوابته، ويلحّون على المجتمع أن تسير قطاعاته في اتجاه الانهيار الأخلاقي والتحلل من القيم، ويحثّون المتلكئين الذين تمنعهم بقايا من الدين، وينفثون سمومهم في فئات مختلفة.

وأما التحفظ في تقديم الخمور بها فهو تحفظ ظاهري ونظري ومؤقت، ولن يكون دونه موانع؛ إذ لا يتم عمل هذه النوادي إلا بها.

والترتيب الذى سرى في بلدان أخرى ـ مثل مصر وغيرها ـ هو أن المجتمع يتحفظ الى فترة، بينما يراقب اجتراء قطاعات منفلتة أو مترفة أو فاسقة بممارسات سابقة، فتُقْدم على “الخطوة الأولى” ثم يبدأ المجتمع في استجابة قطاعاته في هذا الاتجاه.

وفي النهاية يأتي كل هذا التمهيد ليتقرر تبديل الأحكام وتقنين الإباحية. ومن يستبعد هذا فلينظر الى واقعه اليوم هل كان يتصوره قبل معدود من السنوات..؟!

افتتاح المراقص والملاهي، وإلصاق كلمة “الحلال” سخريةً أو استخفافا؛ هي اختبار وجس نبض، ومرحلة تُقطع بعد أخرى؛ تمهيدا لزحزحة الشريعة اجتماعيا؛ للحصول على “المُلك”.

يجب التنبه أيضا أن هذه الممارسات لم تعد في خانة المعاصي؛ ولم يعد المطلوب ممن يأتيها أن يأتيها على وجه المعصية؛ بل هي نوع من الشرعنة والاستحلال والتي تدخل في قوله تعالى ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾ (العنكبوت: 29) أي تعلنونه وتقرونه.

كما أن افتتاح هذه المراقص والملاهي يوضح حقيقة جريمة علماء السوء وهم يدافعون عن هؤلاء الطواغيت؛ فمن اشتبه عليه أمرهم ومواقفهم وظن فيهم خيرا فهذا بيان لمآل هؤلاء الطواغيت ولمن أعطاهم شرعية ودافع عنهم؛ فهذا المآل بيان لحقيقة الموقف وبداياته.

في الجانب الآخر فهو يوضح شرف موقع علماء الخير والقناديل المضيئة الذين رفضوا الباطل ولم يصفقوا له ولقوا ما لاقوا في سبيل ربهم وأمّتهم ما بين سجين وقتيل ومطارَد ومحاصَر؛ فشكر الله لهم موقفهم وأنجاهم من كل سوء برحمته.

لكن إن طبيعة الباطل أنه ينتفش، وطبيعته هي طبيعة الفقاعات التي تملأ الفراغ حينا؛ لكن لا جذور له. وفي لحظة قد يقلب الله تعالى عليهم الأمر فيُنكس على رأسه من أراد بهذه الأمة وبدينها سوءا.

إنه يجب على علماء الأمة ودعاتها وقادة الفكر والرأي فيها وصالحيها ألا يستسلموا لهذا الباطل ولا يقفوا مكتوفي الأيدي أمام انهيار سيلحق قطاعات واسعة وأجيالا قادمة.

إننا نسأل الله تعالى ألا يبقي لهم وقتا تمتد لهم روافد في المجتمع ولا يُهلكوا فئاما من المسلمين بهذه الهلكة، وأن يدرك سبحانه المسلمين برحمةٍ منه وتدبير من عنده.

…………………………………

هوامش:

  1. موقع “عربي21” بتاريخ 14/6/2019 ، على الرابط:
    ديسكو في جدة” و”بار حلال” يتصدران أحاديث النشطاء

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة