ثمة قصد لحكام المنطقة العربية والإسلامية الى إهانة العلماء، وإكرام الفساق؛ توصلا الى تغيير مراكز التأثير من أجل تبديل القيم وتغيير الأخلاق وتنحية الشريعة.

الخبر

“قال عبد الله العودة نجل الداعية السعودي الشيخ سلمان العودة إن والده يتعرض في سجون السلطات السعودية إلى معاملة تصنف دوليا على أنها تعذيب.

فالعودة محروم من أبسط حقوقه الإنسانية، كحقه في العلاج وحتى حقه في النوم، حيث كان يحقق معه لأيام طويلة متواصلة دون أن يغمض له جفن، كما أنه كان يتم تقييد يديه وقدميه ويُلقى داخل زنزانة العزل الانفرادي مغمض العينين، ثم يُرمى له الطعام في أكياس صغيرة وهو ما زال مقيدا، فيضطر لفتحها بفمه حتى تجرحت أسنانه في فترة من الفترات.

وأضاف عبد الله العودة أنه حينما يتم نقل والده من مكان لآخر، كان الحراس يأخذونه ويقذفونه في السيارة دون أي احترام لسنه وتاريخه”. (1موقع “الجزيرة” 31/12/2019، على الرابط:
نجل سلمان العودة: هكذا عُذَّب أبي في السجن
وانظر ايضا التغريدة على حساب موقع (BBC) وحساب معتقلي الرأي على موقع التواصل “تويتر”
)

التعليق

هكذا يقوم الطغاة بمعاملة أهل العلم، عن قصد، وعن غل عميق، وعن تناقض صارخ..

أولا: أما قصدهم فثمة خطٌ وخطة متتابعة المراحل تخفض من قيمة العلماء في المجتمع السعودي ـ وفيمن يؤثر به من العالم الإسلامي ـ ورفع قيم الراقصين والمطربين وسفهاء الخلق من لاعب كرة ورواد الترفيه.

والقصد من إهانة العلماء هو إهانة ما يحملون من إرث النبوة والعلم بدين الله وأصوله وشريعته، ومن دلالتهم على الطريق؛ إذ قد قرر حكام المملكة أن يأخذوا الناس بعيدا عن هذا الدين ما استطاعوا، كما قرروا تغيير قيم المجتمع، وتغيير احترامه للإسلام والتقليل من دوره ومحوريته وتقليص مساحة تظليله للمجتمع ومؤسساته وتشريعاته ومناهجه الإعلامية والتعليمية؛ في مشهد يبأس له المسلمون عبر مشارق الأرض ومغاربها، ومع الأسى عجبٌ وتساؤلات..!

ثانيا: وأما الغِل العميق فهو أمر يثير تعجّب المسلمين واستغرابهم في تتبع العلماء وكلماتهم، ثم القبض المتتالي عليهم وعلى كل من ينتقد سفاهة وجرائم الترفيه واتجاهاته المنحرفة، ثم تطوروا الى القبض على الساكتين عن التطبيل والنفاق للحكام..! وإطلاق حملات ضد كل من ينتقد أو يعارض.. (2انظر: السعودية تطلق حملة أمنية للإبلاغ عن “المعارضين للدولة”)

ثم استخدموا القضاء بالإعدام لمن هاجم راقصين على مسارح لهْو.. (3انظر: القضاء السعودي يحكم بإعدام منفذ طعن أعضاء فرقة ترفيه بالرياض)

ثم تطور الأمر حتى قبضوا مؤخرا على النساء..! فاعتقلوا امرأة مؤمنة ـ حفظها الله وأنجاها منهم ـ تنشر فيديو تنادي فيه “إن الله يراك.. إن الله يغار”. (4لمشاهدة الفيديو على الرابط التالي: امرأة سعودية تنتقد حفلات الترفية “إن الله يراك”) وهي تصرخ منتقدة استجلاب الفجار والفسقة من مشارق الأرض ومغاربها للهو والرقص في بلا الحرمين الشريفين.

ولا يتم لهؤلاء ما يريدون مع احترام المجتمع لأهل العلم واحترام دورهم. ولهذا تعمدوا إهانة العلماء لترتفع صرخات الفساق وصيحات الفاسقات في الفضاء نفسه الذي انحسر عنه صوت داعية يتلو كتاب الله ويشرح معانيه ويذْكر حديث رسول الله ويذكّر الناس بحق الله ولقاء الآخرة وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم.

ثالثا: وأما التناقض الصارخ فهو مرتع الفجرة والمترفين، وراحة الفساق وتنقلهم في أمن واحترام، وشهرة وازدحام، وتتبّع العيون والأقلام والأخبار؛ بينما يقبع علماء ودعاة لهم وزنهم وثقلهم في دين الله وفي قلوب الأمة؛ يقبعون في زنازين مظلمة يهانون بالركل والقذف ويُقصد هوانهم على الناس.

لا يتقدم فاسق إلا بدعوة وحرارة من الشياطين وهم ضائقوا الصدر من العلماء والدعاة إذ إنهم من يقطعون الطريق على الفساق ويبصّرون الناس بحقيقتهم القبيحة والبشعة القابعة تحت زخارف الصراخ والرقص، ويكشفون عاقبة الطريق الذي يسلكون به الناس.

خاتمة

لم يزدد “سلمان العودة” وإخوانه وشيوخه وسائر العلماء والدعاة في المملكة أو مصر أو مشارق الأرض ومغاربها، ولن يزدادوا مع ما يلاقونه، إلا عزة وكرامة. وإهانةُ الفساق لهم تقابلها كرامة في قلوب المؤمنين وفي الملأ الأعلى ـ بإذن الله تعالى.

إن كل وجيعة تصيب علماء المسلمين ودعاتهم تصل الى جميع المسلمين وتؤلم قلوبهم، وإن الأمة لتعُدّ للطغاة عَدّا، ويوما قريبا ـ إن شاء الله ـ ستذيقهم كأس الهوان، وتكرم أهل الكرامة.

كما يعلم المسلمون أن كل ما يوجَه للعلماء والدعاة إنما يقصد به دينهم وإرثهم من النبوة.

لقد نزلت آيات الله تعالى بكفر من استهزأ بعلماء الصحابة عندما كان قصد المستهزئين الاستخفاف بما يرمزون اليه وما يدعون اليه وما يحملونه من العلم والقرآن، فما عادوهم إلا لأجل دينهم. ولهذا حُكمه في الشريعة ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ (التوبة: 65-66) وفي التفسير أنها نزلت في قوما من المنافقين قالوا، على وجه اللعب والمزاح: «ما رأينا مثل قرائنا ـ يقصدون علماء الصحابة ـ أرغب بطونا وأكذب ألسُنا وأجبن عند اللقاء». فأنزل رب العالمين حكمهم.
وقبل ذلك نقم قوم على المؤمنين إيمانهم؛ لم ينقموا منهم عِرقا مختلفا أو قومية بل فقط مجرد الإيمان: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ (البروج: 8)

وهذا عائد لمعاداة رب العالمين وكراهة ما أنزل.. ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ (محمد:9)

ثمة قصد لحكام المنطقة العربية والإسلامية الى إهانة العلماء، وإكرام الفساق؛ توصلا الى تغيير مراكز التأثير من أجل تبديل القيم وتغيير الأخلاق وتنحية الشريعة؛ فما يقوم الطغاة كل يوم لا يزدادون به إلا تعرّيا وإظهارا لقبحهم ولحقيقة منهجهم الإباحي والملحد والمُعادي لدين الله.. وإن ربك لبالمرصاد.

……………………………….

هوامش:

  1. موقع “الجزيرة” 31/12/2019، على الرابط:
    نجل سلمان العودة: هكذا عُذَّب أبي في السجن
    وانظر ايضا التغريدة على حساب موقع (BBC) وحساب معتقلي الرأي على موقع التواصل “تويتر”.
  2. السعودية تطلق حملة أمنية للإبلاغ عن “المعارضين للدولة”.
  3. القضاء السعودي يحكم بإعدام منفذ طعن أعضاء فرقة ترفيه بالرياض.
  4. امرأة سعودية تنتقد حفلات الترفية “إن الله يراك”.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة