يضغط الكفار وعملاؤهم في جانب تصفية قضايا الأمة، ظنا أنه لا حراك، وأنه لا فرصة مثل هذه؛ ولكنهم يغفلون عن أبعاد أخرى وما يتسببون فيه من عودة الى الذات؛ يعقبها نصر الله تعالى.
الخبر
“أدى آلاف الفلسطينيين في مساجد قطاع غزة، الجمعة، صلاة الفجر جماعة، ضمن حملة “الفجر العظيم” للتضامن مع المسجدين الأقصى والإبراهيمي في مدينتي القدس والخليل المحتلتين.
و”الفجر العظيم”، هي حملة أطلقها المصلون في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، في يناير/كانون ثاني (2020)، للرباط والصلاة في المسجد، تأكيداً على هويته الإسلامية، في وجه حملات التهويد والاستيطان.
وشهدت الحملة تفاعلاً واسعاً في كلّ من القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، حيث انطلقت دعوات لأداء صلاة الفجر في المسجد الأقصى، وفي المساجد المركزية.
وفي مسجد “الخلفاء الراشدين” بمخيم جباليا شمالي القطاع، أقيمت الصلاة، بمشاركة المئات من الفلسطينيين.
وعقب انتهاء الصلاة، تجمع المصلون في ساحة المسجد، ورفعوا لافتاتٍ مناهضة لصفقة القرن الأمريكية”. (1موقع “الأناضول”،7/2/2020 ، على الرابط:
الآلاف في غزة يشاركون بحملة “الفجر العظيم”)
التعليق
ثمة أمل يلوح في مثل هذا الخبر، وثمة نور ينبلج مع الفجر، ومع صلاة الفجر في مثل هذه الحشود.
إن هذا الطريق هو الطريق صحيح، فهذا هو الطريق؛ العودة الى رب العالمين والالتجاء برُكنه، واللجوء الى المساجد، وحشد الحشود لا لترقص أو تغني، ولا لتهتف هتافا فارغا لا شيء بعده؛ وإنما لتقيم الشعيرة وتَشي بأنها تنحو نحو من قال الله فيهم: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور﴾ (الحج: 41).
إن احترام شعائر الله وتعظيمها باب للتماثل للفرَج، والتهيؤ للتمكين.. وباب لاستجاشة ما في القلوب من خير، والسعي نحو السماء والتطلع الى رضا رب العالمين.
إنها محاولة صحيحة للعودة الى الذات، والالتفاف حول الهوية، وإعلان جنسية الأمة .. الإسلام.
نعلم ما في الواقع من اضطراب وتناقض، ومن نقص وتخبط؛ ولكن مع المقارنة فقد كانت جموع من أهل فلسطين “المسلمة” تنفرد عن الأمة فترفع شعارات الشيوعية واليسار، والقومية، والانخراط مع النصارى، والتأسي بـ “جيفارا” الرمز الشيوعي الاشتراكي..! كما أن بعضها يطرح الأمر على منحى الطرح القومي العربي العلماني..
ولكن اليوم تحشد الحشود الى المساجد الجامعة.
نعم هناك توجهات إسلامية للمقاومة؛ ولكنها نفسها أصابها من الانكسار والضعف، والتخبط والإلتواء، والعلاقات المقلقة للأمة.. وفي الجانب الآخر كان للجموع قناعات مختلفة، ومنهم من يبعدهم إبعادا عن دينهم.
إننا لا نريد تيارات أو تنظيمات فقط تكون ذات طرح إسلامي فيسهل على العدو ضربها وإجهاضها أو الضغط عليها لتنحرف بوصلتها؛ ولكن ما نراه أملا حقيقيا، ونشجعه بقوة، هو عودة الحشود والجموع من “الأمة” الى الإسلام وطرحه وملاذِه؛ فهم الحضن والفئة التي تفيء اليها التنظيمات المجاهدة ويفيء اليها المجاهدون، ولو انكسر منهم أحد أخرجت الأمة غيره.
إن الأمة المسلمة في فلسطين في تماسٍّ مباشر مع وكر الأفاعي الصهاينة، وتُسلَّط عليهم تأثيرات هائلة من العدو القريب، والعدو الجار، والعدو الملاصق، والعدو المتحكم، والعدو البعيد العالمي؛ فلله درهم وبالله عونهم.
قد يكون في الأزمات الأخيرة من الخير ما لا ندريه؛ تعرٍ فاضح للخونة والطواغيت، وللنخبة المتلوثة، وللعماء القذرين الساقطين.. وفي تجلٍ آخَر ظهور للصادقين من المجاهدين، ومن الدعاة الحافظين لما أنزل الله دالّين أمتهم ومجاهديهم على الطريق.
إن تزاحم القلوب وتسابق الأرواح وانطلاق الأجساد الى بيوت الله الجامعة ومساجده العامرة لَدلالة على الطريق..
يبقى أن يكتمل المشهد بالطرح الشرعي العقدي الإسلامي للقضية، والولاء الإسلامي هوية مرجعية واحدة، ووجود الشريعة والمنهج الرباني أساسيا في الطرح، وأن يكون هو الحاكم قبل التمكين وهو الغاية من التمكين؛ وأن يمكَّن له ويرى الناس نور ما أنزل الله اليهم في عالم الواقع.
يا أهل الرباط، ويا قاطني بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.. دينَكم ومساجدَكم، ومنهجَ ربكم، ومنهجَ لا إله إلا الله، تُنصروا وتُرزقوا، وينفّض الله عنكم مكر الكافرين وكيد الفجار.
……………………………..
هوامش:
- موقع “الأناضول”،7/2/2020 ، على الرابط:
الآلاف في غزة يشاركون بحملة “الفجر العظيم”