ارتفع صراخ العرب غيرة على عروبة منطقة اقتنصها الأكراد وسجنوا فيها العرب، لم تصرخ الجامعة العربية لتحرير العرب بل عندما جاء من يحررهم ويوقف المهزلة..! سكت الصراخ أمام جميع قوى الكفر وارتفع في الوقت الخطأ..!!
مقدمة
هذه المنطقة ـ شمال شرق سوريا ـ تغلبت عليها المنظمات الشيوعية الكردية، وطردت منها العرب، وتُهيئها للانفصال عن سوريا وإلحاقها بكردستان العراق؛ ويكوّنوا دولة واحدة يغلب عليها الأكراد الملاحدة والشيوعيون.
عندما قفزوا على الشمال السوري وتغلبوا عليه طردوا إخوانهم المسلمين العرب، والمشاهد مبكية وهي تنقل صور أُسَر كاملة؛ نساء وأطفالا، وهم يخرجون من الأسر بعد تحريرهم من قِبل القوات التركية والسورية التابعة للثورة.
الملاحدة وأفعالهم المخجلة
غيّر الأكراد أسماء المدن بل غّيروا اسم شمال شرق سوريا وأصبح اسمه (ورج افا) يعني غرب كردستان، وجاءت أنباء أخرى بتدريسهم لأولادهم الديانة الزرادشتية.
“عندنا استلمو حكم البلد من فصائل الجيش الحر اعتلو منبر الجامع الكبير برأس العين وبدأو ينادون بمكبرات الصوت “أين انتم يا كلاب محمد”. كان هذا هو نداؤهم الاول للعرب والمسلمين ثم بدأاو بالاستيلاء على محلات وبيوت الناس اللذين شاركو با الثورة السورية وطرْدهم خارج البلاد واستباحوا حرمة البيوت وهدمو القرى العربية بالكامل وهجّروا أهلها وأطلقو على باقي القري والمدن أسماء كردية مثلا (رأس العين أصبحت “سري كانيه”) (تل أبيض أصبحت “درباس بيه”) وغيرها كثير”. (1عن أحد شهود العيان من البلدة على مواقع التواصل الإجتماعي)
فشهادات الناس من هناك أنهم لماّ تغلبوا نادوا مكبرات الصوت (أين كلاب محمد) يقصدون المسلمين ويقصدون رسول الله صلى الله عليه وسلم. بأبي هو وأمي.
ومن قبْل كان “جلال طالباني” في العراق يكتب «متى نعيد الى محمد أوراقه الصفراء التي جاء بها إلينا..؟!) يقصد القرآن العظيم، ويقصد أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انطباع واحد هو الإلحاد والتنكر لدين الله تعالى، مع خلط هذا الكفر بالتعصب القومي الشديد.
قام الكُرد بإبادة الإسلاميين الأكراد، وذلك بالتعاون مع القوات الصليبية الأمريكية في أول غزو العراق عام (2003م) حتى لا يكون هناك طرح إسلامي ومعالجة عقدية لمعالجة مشكلة جزء عزيز من الأمة هم مسلمو الأكراد؛ حيث لا فرق في الإسلام بين عربي وكردي إلا بالتقوى؛ فأبادوهم بل بدؤوا بهم حتى استأصلوا آلاف المسلمين؛ فلم يبق إلا الشيوعيين في العراق حزبا “البرزاني” و”الطالباني” وكذلك على منوالهم في سوريا.
منذ الخمسينيات ويشعر ملاحدة الأكراد بالحنين الى، والإعجاب بـ “التجربة الصهيونية” في إقامتهم لدولة داخل المحيط الإسلامي العربي، وهم في الجانب الآخر يطمعون في إقامة دولة ذات طابع قومي.
الموقف من حدود “سايكس” ـ “بيكو”
لا نقدس حدود “سايكس بيكو” ولا قيمة لها عندنا؛ لكن يجب فهم الآتي:
الذي أقام حدود الدول الحديثة في المنقطة ورسمها هو الغرب الصليبي بأبعاده الصهيونية، وهي مشكلة نتجت عن سقوط “الولاء الإسلامي” السياسي؛ فكان العرب والترك والأكراد والبربر، والقبط، والأفارقة، والفرس ، وغيرهم من الإثنيات العرقية، ناتجا نتنا ـ بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ من إسقاط راية الإسلام الجامعة.
والغرب ـ بأدواته الكثيرة ـ لا يسمح بتغيير هذه الحدود إلا لمزيد من التفتيت للمسلمين والتجزئة لبلدانهم إضعافا لهم، واقتطاعا لأجزاء منهم لإلحاقها إما بالصليبية مثل جنوب السودان، وإما بالتبعية للغرب والعداء لبقية إخوانهم كما في تجربة اقتطاع بنجلاديش من باكستان وسنغافورة من ماليزيا، وغيرها، وزنجبار وإلحاقها بتنجانيقا لصالح تكوين تنزانيا، وهكذا.
وبقيت قضية الكرد ترفض المعالجة الإسلامية لها ولغيرها ضمن سياق معالجة إسلامية واجب لإصلاح المنطقة؛ ويتضاعف الأمر مع التبعية، ويتضاعف أكثر مع تجهيل أبناء الأمة المسلمة من الأكراد بحقيقة الدين ودوره وأنه الهوية والجنسية. خاصة عندما يواجهون جعير العرب بنعرة القومية العربية ويطلبون من الكُرد الذوبان في الثقافة العربية؛ بدلا أن يذوب الجميع في هوية الإسلام وثقافته.
التطلع للدور الصليبي الصهيوني..!
واليوم عندما سدت الطرق أمامهم، مع استعداء أبنائهم للإسلام؛ كان التطلع الى العدو الصليبي والصهيوني لتحقيق آمال قومية علمانية. فبالأمس نجح أكراد العراق بعد تفتيته بالتعاون مع العدو الصليبي، واليوم يطمع علمانيوا أكراد سوريا في الدمج مع كردستان العرق. وهم يعرفون أن اللعبة الدولية لن تسمح لهم بتعديل الخرائط إلا إذا صبّت في مصلحة الغرب ووافقت أهواءهم؛ فعندها سيرفع الغرب لافتات “حق تقرير المصير” و”رفع المظالم” و”تحقيق العدالة”؛ وإلا فلو رفض ولم توافق أهواءه ومصالحه لسماها “إرهابا” وما الى ذلك.
ومن ثم فالباب الذي يقدمّون به مؤهلاتهم للانفصال هو موالاة الغرب الصليبي وموالاة الكيان الصهيوني “إسرائيل”. فلن يكون كيان إلا على حساب مزيد من التفتيت والتجزئة لبلدان المسلمين ومزيد من الإيقاع بالكيانات الموجودة والناشئة في تبعية الغرب.
الدور التركي
قبل أن نوضح الدور التركي يجب التذكير بأن القوات الأجنبية في سوريا هي القوات الإيرانية الفارسية (ليست عربية..!) رافضة صفوية (معادية للأمة) وذلك باستدعاء من النظام، وقد تباهوا أنهم لولاهم لسقط النظام.
والقوات الروسية (ليست عربية..!) الأرثوذكسية، ذات تاريخ عداء شرس مع الإسلام وأهله وقالوا أنهم لولاهم لسقط النظام والإيرانيون معا..!!
وشتات الأمم وشذاذ الآفاق الذين لملمَتْهم إيران من شيعة الأفغان ومن الأرمن وغيرهم من آسيا الوسطى.
والقوات الأمريكية (ليست عربية..!) وهي صليبية سبب بلاءات الأمة منذ ما يزيد عن سبعين عاما.
وقامت قوات الصهاينة بأكثر من سبعين ضربة لسوريا وللشمال السوري ولم يتكلم أحد..!
لكنهم الآن تكلموا..! وتذكروا “العروبة” بحرقة عجيبة ومفتعلة استغربها العرب أنفسهم..! وضحك لها العالم..!!
لم يصرخ أحد لوجود هذه القوات المختلفة تقطّع الجسد السوري؛ وذلك لأن الأنظمة جميعها أنظمة وضعتها الصليبية والصهيونية، فهي مصبوغة بصبغتهم وقائمة لتحقيق أهدافهم؛ تصرخ حيث يراد لها فتتذكر البعد القومي العربي..! وترضى تماما وتنام نوما عميقا وكل أجناس وقوميات وديانات الأرض توغل في سوريا الجريحة وشعبها المسلم بأفظع الجرائم وأبشع أنواع القتل والتهجير.
يأمل الصهاينة في نجاح انفصال كردستان بشقها الشرقي العراقي وبشقها الغربي في الشمال الشرقي السوري لتكون موالية في نشأتها للصهاينة والغرب معادية للمسلمين وللعروبة التي هي أرومة الإسلام.
ويأمل الأمريكيون كذلك في الأمر فالأكراد بصريح العبارة التي يدلي بها الغرب والشرق سواء ـ هو الأداة الأمركية والورقة الأمريكية للتعامل في هذه المنطقة. وقد يكون هذا سببا في عدم معارضة الروس للعملية التركية لأنهم يريدون إضعاف الدور الأمريكي المنسحب حاليا.
المفارقة أن ما يقوم به الجيش التركي يصب في مصلحة “الوطنية” السورية و”القومية العربية” وصالح المسلمين عموما؛ فهم يقومون بمهاجمة التنظيمات المسلحة والتي منها أفراد أُجبروا على الانضمام اليها، وذلك لتأمين تركيا من جانب وعدم تشجيع علمانيي أكراد تركيا أنفسهم على الانفصال، وفي الوقت نفسه منع انفصال هذا الجزء عن سوريا.
من جانب آخر يؤكد الأتراك أنهم لا يعادون الأكراد بل هم إخوة للمسلمين ولكنهم يهاجمون ميليشيات تمويلُها وولاؤها غربي صهيويني، ولهذا فعندما يريد جندي كردي الهروب من المواجهة المسلحة يلبس اللباس المدني للهروب من المواجهة لعلمه أن الأتراك لا يهاجمون المدنيين.
ومن جانب ثالث فالأتراك يعيدون العرب السوريين الى المنطقة التي هجرتهم منها الميليشيات الكردية، وهذا في صالح وحدة سوريا وفي صالح العرب عموما، وفي صالح تركيا حيث تؤوي (3.6) مليون سوري عربي وكردي بلا تفرقة، وعندما يعودون الى ديارهم فهذا مكسب للجميع، ومكسب للأتراك حيث لا يكون هناك انفصاليون يريدون التواصل مع علمانيي تركيا حيث تطبع الجميع طابع الإلحاد والعلمانية والنفور من الانتماء الإسلامي.
فإذا كان جيشٌ يمنع الانفصال ويعيد المهجرين ويحارب الانفصاليين ويقطع الطريق على المشروع الصهيوني ويمنع توسعة صداقات إسرائيل في المنطقة، ويعيد الكرد الى حاضنة الأمة بقدر الاستطاعة؛ فهل يصرخ مخلص منتمٍ للأمة..؟ أم صراخ بالريموت كنترول بأمر تل أبيب وواشنطن وتفاهات العلمانيين..؟
كلمة أخيرة
لا يمثل النظام التركي نموذجا إسلاميا معاصرا لنا بحيث يمثل نظاما صحيحا عقيدةً وشريعةً؛ ولكنه نظام يعطي حريات للمسلمين، وناجح تنمويا وفي مجال التحديث وامتلاك القوة، وداعم لبعض القضايا المهمة للمسلمين.. وعليه في هذا أيضا ما عليه؛ لكن في النهاية فهذه العملية تصب على وجه الإجمال في المصلحة الإسلامية بل والعربية، بل والوطنية السورية.
فهي عملية تمنع الانفصال، وتمنع اضطهاد المسلمين من العرب، وتمنع التمدد الصهيوني، وتمنع الإلحاد وأذنابه، وتمنع تفتيت الأمة، وتمنع الورقة التي يحلو للأمريكيين استخدامها في المنطقة.
كما يجب التنبيه الى أننا لا نأمن من سماح الأمريكيين المبدئي لهذه العمليات أن يكون الأمر استدراجا للأتراك وإيقاعا لوضع لا يخرجون منه بسهولة تحت إشراف مجرمي الغرب والصهاينة. لكن نأمل أن تكون قرارات تركيا مدروسة وعينها كاشفة وتعرف وقت اتخاذ القرار بالإقدام أو التوقف.
ينبغي للأوغاد والسفهاء والعجزة أن يتوقفوا عن الصراخ الفارغ؛ فدورهم أن يراقبوا مع من يراقب. ليسوا من يعملون خيرا أو يؤثّرون في الأحداث إنما هم أقزام من أقزام وبلاء جاء على إثر بلاء؛ فليُنعموا الأمة بصمتهم..! ولتبحث مصر عن مياهها لتشرب، ولتبحث السعودية عن إيقاف المهزلة في اليمن وفي داخل أراضيها؛ ولتوفر الجامعة العربية ثمن الحبر والأوراق، والانتقال والضيافة، التي تتحملها الأمة وهم عالة عليها.
وعن أمثال هؤلاء الطواغيت العرب يقول الله عز وجل: ﴿أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ (الحشر: 11) صدق الله العظيم
…………………………….
هوامش:
- عن أحد شهود العيان من الداخل على مواقع التواصل الإجتماعي.