غابت حاكمية الشريعة كتطبيق لأحكام العقيدة وآثارها، وثمرة ملزِمة للإيمان بالله وبما أنزل. وعانى المسلمون لغيابها ولا يزالون، بل عانت البشرية من غيابها كذلك.
تعريف عام
المؤلف: الدكتور/ عبد العزيز مصطفى كامل
الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع
الطبعة: الأولى، 1415 هـ – 1995 م
عدد الأجزاء: 1
عدد الصفحات: 874
فكرة الكتاب
تدور فكرة الكتاب حول:
موضوع الحكم والتحاكم من الموضوعات البارزة في القرآن، ولذلك فإن كلام المفسرين وأهل العلم في الموضوع بكل جوانبه كثيفٌ وكثير، وهو لهذا جديرٌ ببذل الجهد لاستخراجه وإبرازه.
مادة (حَكَمَ) تأتي في القرآن على أوجهٍ ومعانٍ وإطلاقات متعدِّدة منها: القضاء ـ الفصل ـ الفقه ـ العلم ـ الحكمة ـ النبوة ـ حسن التأويل ـ الموعظة ـ الشريعة ـ الشعيرة ـ الاستخلاف.
مفهوم “الحكم بما أنزل الله”؛ يعني استمداد التشريع من القرآن والسنة النبوية الصحيحة، لأن كليهما وحي، وتأتي المصادر الأخرى كالإجماع والقياس وغيرهما مبنيةً على هذين الأصلين.
الخطاب الشرعي بـ “الحكم بما أنزل الله” والتحاكم إليه؛ ليس خاصاً بالحكَّام والساسة، بل هو خطاب عام يشملهما ويشمل جميع من استرعاهم الله رعيةً، كلًا بحَسَبه.
مصطلح “الحاكمية” مصطلحٌ جديد، ولكنه وُضع لقضية أصليةٍ مسَّلَّمة غير مستحدثة، ولا وجاهة للاعتراض عليه لمجرد كونه جديداً؛ لأن هذا شأن كثيرٍ من المصطلحات التي استحدثها أهل العلم ولم يرِد بها نصّ في الكتاب أو السنة، و”الحاكمية” داخلة في توحيد الإلهية، ومن الخطأ جعلها قسمًا رابعًا مستقلًا.
“التحاكم إلى الشريعة” عمل قلبي متعلق بالاعتقاد، وهو يعني إفراد الله تعالى بالطاعة، فلا يكمُل التوحيد إلا به؛ لأنه داخل في قسم من أقسامه، وهو المعبر عنه بـ (توحيد الطاعة والانقياد)، لهذا فهو من مسائل الأصول لا الفروع.
التحاكم إلى غير ما أنزل الله قسمٌ من أقسام الشرك، وهو المعبر عنه بـ (شرك الطاعة والانقياد).
الحكم بشريعةً ما؛ حُكمًا عامًا؛ لا يكون عادةً إلا عن تحاكم إليها ورضًا بها، فمن تحاكم إلى شرع الله حكم به، ومن تحاكم إلى غيره حكم به.
طريقة القرآن في الوصول إلى توحيد الإلهية ـ ومنه الحاكمية ـ يكون عن طريق إثبات توحيد الربوبية؛ وبهذا يمكن إثبات انفراد الله تعالى بالأمر والحكم، كما تفرد بالخلق والملك والرزق والتدبير.
تفرد الله بأنواع الحكم
تفرَدَ الله تعالى بأنواعٍ ثلاثةٍ من الحكم:
أولها: (الحكم الديني الشرعي) المتعلق بالتحليل والتحريم والمنع والإباحة.
والثاني: تفرده ـ سبحانه وتعالى ـ بـ (الحكم الكوني القدَري)، ومعناه تفرده سبحانه بتقدير أحوال المخلوقات في الدنيا من منشأ وميلاد ومعاش وممات ومعاد، وتعيين حظوظهم من الأرزاق، والآجال، والعافية والابتلاء والصحة والسقم والغنى والفقر والسعادة والشقاء، وهذه الحظوظ من السعادة والشقاء في الدنيا تتعلق في الغالب بمدى الامتثال للحكم الديني الشرعي.
والثالث: هو (الحكم الجزائي) وهو قضاء الله تعالى بين الناس يوم القيامة وما يقسمه بينهم من درجات أو دركات في نعيم أو جحيم، وهو امتداد لما يُختم به من مصائر الحكم القدري، المبني على الامتثال لحكم الله الشرعي.
لله تعالى صفات مقدَّسة، بيَّن القرآن الكريم أنه سبحانه لأجلها استحق التفرد بالحكم قدرًا وشرعًا وجزاءً، وهي صفات اختص بها جل وعلا، ولا يمكن أن يدَّعي بعضَها الذين ينازعون الله في حكمه من المتشرعين الوضعيين، مثل كونه تعالى بكل شيءٍ عليم، وأنه سبحانه على كل شيءٍ قدير، ورؤوفًا بالعباد، وغنيًا عن العالمين، وبصيرًا بكل المبصرات، وسميعًا لكل المسموعات، وحكيمًا، وخبيرًا، ورحيمًا… وغير ذلك من الصفات العُلا التي اشتملت عليها أسماؤه الحُسنى ـ سبحانه وتعالى.
الأحكام الخمسة: (التحريم والإيجاب والاستحباب والكراهة والإباحة).. كلها محظور على المخلوقين تشريعها؛ سواءً في العبادة والنُسُك، أوفي المأكل والملبس والمنكح، أو فيما يتعلق بأحكام تقديس الأزمنة أوالأمكنة. وكذلك فيما يترتب على جزاءات هذه التشريعات ثواباً أو عقاباً، وكل تشريعٍ في شيءٍ من هذه الأمور أو جزاءاتها؛ يُعد اعتداءً على أخص خصائص الإلهية، وهي التحليل والتحريم.
أساليب ومصطلحات القرآن
للقرآن الكريم في عرض قضية الحكم والتحاكم أساليب متعددة، تعتبر في مجموعها من الأدلة القوية على إيجاب وفرضية الطاعة لما أنزل الله على رسوله، وكثرة هذه الأساليب وتنوعها من الأمور التي تميز الأصول عن الفروع، وتفيد يقينية الوجوب وأهمية الامتثال.
إضافةً إلى أدلة الأساليب الإجمالية، فهناك أدلةً نصيّةً كثيرةً، جاء بها الكتاب وبينتها السُّنة، وهي تفيد إيجاب الحكم بما أنزل الله. وقد جاءت هذه الأدلة النصية على معظم الصيغ التي يعتبرها علماء الأصول صيغاً للوجوب، مثل ما جاء على صيغة الأمر الصريح، والصيغة الطلبية بفعل الأمر أو لام الأمر، وما جاء على صيغة الإخبار بأن الفعل من مقتضى الإيمان، أو أن تركه يناقض الإيمان، وما جاء على صيغة الإخبار بأن ترك ذلك الفعل كفرٌ أو ظلم أو فسق، وما جاء على صيغة الاستفهام التعجبي والإنكاري على ترك الفعل أو إتيان ضده، وما جاء على صيغة حمل الفعل المطلوب على المطلوب منه.
وجاءت أدلةٌ نصيةٌ أخرى تدل على إيجاب التحاكم إلى ما أنزل الله، منها ما هو متوجه إلى الحكام، ومنها ما يشملهم ويشمل المحكومين. ولكلٍ من أدلة وجوب الحكم أو التحاكم الإجمالية أو التفصيلية أمثلة كثيرة في القرآن، مفسرةٌ بنصوص متواترة من السنة.
الانحراف عن الشريعة وأنواعه
الانحراف عن شريعة الله تعالى يمكن تقسيمه إلى قسمين رئيسين:
الأول: الانحراف فيها
والثاني: الانحراف عنها.
فالأول هو ما يشمل كل أنواع الانحراف في التطبيق مثل: تحريف المنزَّل، أو كتمانه، أو تبعيضه، أو التفريق بين بعضه وبعض، أو تأويله تأويلا غير سائغ، أو هجْره. وفي أحكام هذا الانحراف تفاصيل على حسب قدر الانحراف.
أما القسم الثاني: وهو الانحراف عن الشريعة، فهو انحراف عن أصل التطبيق، بمعنى إقصاء الشريعة جملةً في أصل التحاكم واستبدال أحكام أخرى بها؛ منسوخةً أو موضوعة، يُحكم بها ويُتحاكم إليها، وهذا النوع من الانحراف لم يختلف أحد من علماء السلف والخلف المعتبَرين في كون أصحابه كفاراً مرتدين ردَّةً صريحةً عن الدين، وخارجين خروجاً بيِّناً عن ملة المسلمين. وهذا اللون من الانحراف هو أخطر أنواع الانحرافات كلها، لأنه تبديل لشرع الله.
مصطلح “التبديل”
“التبديل” مصطلح قرآني، يُطلق على فعل مَن أحلَّ الباطل مكان الحق، وأنزله منزلته ليحكم به ويتحاكم إليه، وهو مصطلح يحتاج إلى إحياء وإعادة استعمال.
الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة هو أبرز مظاهر تبديل الشريعة، وهو انحرافٌ قديمٌ في الأمم، ولكنه لم يدخل على هذه الأمة إلا في عصر الغزو التتاري، حيث حُكم قطاع كبيرٌ من الأمة قسراً بقانون جنكز خان، ولكن ذلك الانحراف يومئذٍ كان مقصوراً على الطبقة الحاكمة، بخلاف ما حدث في الانحرافات المعاصرة، حيث جرَّ الحكام المبدِّلون للشريعة قطاعات من الأمة خلفهم للتحاكم إلى غير شرع الله .
العدالة في حكم الإسلام مودَعة في أحكامه نفسها، فمن حكم بالشريعة حكم بالعدل، بخلاف الشرائع الوضعية التي تعتبر العدل هو تنفيذ القانون ولو كان ظالماً، وتجعل العدالة مبدأ يُلجأ إليه لتلطيف أحكام القانون الصماء، بينما العدل والعدالة في الإسلام وصفان لشيء واحد.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يمثل القمة التي وصل إليها البشر في مجال الحُكم الصالح المصلِح، فقد تجمعت في شخصيته عليه الصلاة والسلام الصفات التي تفرقت في جميع الأنبياء والمرسلين. وقد قام عليه الصلاة والسلام بأعظم دور إصلاحي في التاريخ البشري، بحيث لم يُسبَق في ذلك ولن يُلحَق. ونظَّم للأمة العلاقات والصلات الهامة الثلاث، وهي: صلة الأمة بربها، وصلتها بعضها ببعض، وصلتها بغيرها. وقد توافرت في شخصيته عليه الصلاة والسلام كل عناصر القيادة الناجحة للأمم في أوقات السلم والحرب، فكان أسوة للحكام، وصحابته أسوة للرعية.
الأحكام الشرعية الدينية التي أُمرنا بالامتثال لها؛ توازيها أحكام قدرية كونية، أمرنا بالإيمان والإيقان بها ومراعاتها، وهي أحكام الله فيمن امتثل أو أعرض عن الأحكام الشرعية، وتلك الأحكام القدرية هي المعبَر عنها في القرآن بـ (السُّنن). فالسنن الإلهية في الأنفس والآفاق توضح لمن استقصاها الآثار الطيبة التي تُقتطف عندما يمتثل الناس ما أنزل الله، وتبيّن كذلك الآثار السيئة التي يجنيها الناس من جرّاء الإعراض عن حكمه، وهي تمثل مادة غزيرة في القرآن؛ تُستخرج بالتدبر والتأمل.
وهذه الآثار المعبرة عن أحكام الله القدرية، تخص الدنيا وترتبط بها الأحكام الجزائية في الآخرة، فلهذا كان في إقامة الشريعة عز الدنيا والآخرة للمسلمين، وفي تنحيتها شقاء الدنيا والآخرة.. أما من كفروا بالمنزل من عند الله وعاندوه ابتداءً ممن ليسوا على الملة؛ فإنهم يُمهَلون ويُستدرَجون ويُملَى لهم بحسب السنن؛ حتى يروا ويعاينوا العذاب ويعانوا بلا مخرج من العقاب.. ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [آل عمران: 178].
محتويات الكتاب
المقدمة والتمهید
وتحدث عن “الحكم” و”التحاكم” بين اللغة والاصطلاح القرآني، ومفهوم الحكم بما أنزل الله.
الباب الأول: منزلة الحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه في القرآن
الفصل الأول: إيجاب القرآن للحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه
ويدور حول “الحكم” قدَرا وشرعا، وموقع “الحكم” و”التحاكم” من التوحيد ومظاهر الوحدانية. ثم تفرد الله بالأمر والحكم قدرا وشرعا. وأورد آیات تثبت الحكم القدَري الكوني لله وحده، وآیات تثبت الحكم الشرعي الديني لله وحده، وآیات تتضمن إثبات الحكم الشرعي والقدري معا.
وأورد أدلة وجوب الحكم بما أنزل الله، وبعض اصطلاحات الأصوليين فيما يتعلق بالمسالك التي تستنبط بها أحكام الوجوب.
الفصل الثاني: موقف القرآن من المعْرضين عن حكم الله
هناك بواعث عديدة ذكرها القرآن؛ تقف وراء اتخاذ المعرضين مواقف الإعراض عما أنزل الله؛ منها: كراهية ما أنزل الله، والاستكبار عن الخضوع لما أنزل، واتباع الأهواء وتقديمها، وإيثار المتاع العاجل، وسوء الظن بالله وحُكمه، والخضوع للأماني الكاذبة، وقصور العقل وجموده عند التقليد، وفساد النية وخراب الطويّة.
ثم عرض أنواع الانحراف عن حكم الله: تحريف المنزل عن بعض مواضعه، التبعيض والتفريق، التأويل، الهجر.
وذكر أنواع الشرك وكون تبديل الشريعة أخطرها ومن مظاهر التبديل القوانين الوضعية.
وعرض موقف القرآن الكريم من التبديل والمبدلين، فالتبديل مقوِّض لأركان الإيمان، وناقضٌ لقواعد الإسلام، وأنه إحياءٌ للجاهلية، ودعوةٌ لعبودية البشر، ومحاربة لله ورسوله، وشرك وافتراء وتزوير للحقائق، وفتْح لأوسع المفاسد الدنيوية والأخروية.
الباب الثاني: خصائص الحکم ومقاصده في القرآن
الفصل الأول: خصائص الحكم في القرآن
للحكم بما أنزل الله خصائص تميزه عن غيره؛ لأن الشريعة التي نتحاكم إليها هي صبغة الله، ومن خصائص الحكم بها: (الربانية) حيث تنعكس على الحكم بها معاني أسمائه تعالى وصفاته من العلم والحكمة واللطف والخبرة والإحاطة. وقد تمثلت فيها بهذه الربانية صفات لا يمكن أن تتوافر في تشريع بشري، مثل: (الثبات) و(العصمة) و(الخلود) و(البركة المتجددة) و(الاستقلال) و(البراءة من الهوى) و(التوسط) و(التوازن).
ومن خصائص الحكم بالشريعة: (الكمال والشمول) فشريعة الإسلام عامةً وناسخةً وخاتمة. ولكمال هذه الشريعة وشمولها مظاهر متعددة منها: الثراء، والاستغناء، وتجاوز حدود الزمان والمكان، والمرونة، والوفاء بمصالح البشر.
ومن خصائص الشريعة الإسلامية: (العدالة والمساواة) فالشريعة تجعل “العدل” فريضةً في الأمور القولية والفعلية والعائلية والمالية والقضائية والتعبدية والنفسية وفي المعاملات القلبية والأمور السياسية، وفيما يتعلق بالتعامل مع الأعداء الكفار، أو مع أهل القبلة من أبرار أو فجار.
الفصل الثاني: مقاصد الحكم في الإسلام
للحكم بالشريعة مقاصد ينفرد الإسلام بتوخي تحقيقها:
أولها: تحقيق العبودية لله، فالحاكمية تقصد إلى تحقيق التوحيد، ومن الحكم الإسلامي إقامة الدين في الأرض عن طريق نشر العلم وإطلاق الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود والجهاد في سبيل الله.
ومن المقاصد أيضا: توخي الإصلاح في كل شؤون الدنيا والآخرة، حيث يدور منهاج الشريعة حول أمور ثلاثة فيها مصالح العباد، وهي (درء المفاسد) و(جلب المصالح) و(الجري على مكارم الأخلاق).
الباب الثالث: ملامح دولة الإسلام في القرآن
الفصل الأول: دعائم الدولة الحاكمة بما أنزل الله
الدولة الحاكمة بما أنزل الله تقوم على ثلاث دعائم يصلح أمر الأمة بصلاحها، وهي:
1) الحاكم الصالح: وهو الإمام المستوفِي للشروط الشرعية، التي إذا توافرت فيه ضَمِنت الصلاح المرجو في الحاكم المُصلح.
2) الرعية الصالحة: وصلاحها يتحقق بقيام الحكام بواجباتهم نحوها، وقيامها بواجباتها تجاه ولاة أمورها المتحاكمين للشريعة.
3) نظام حكم شرعي: وأصدق ما يمثله نظام الخلافة الذي سادت الأمة به العالم عند تطبيقها الصحيح له، حيث نظام الحكم الإسلامي قواعد دستوره من الكتاب والسنة، ومن إجماع الأمة على ما يفهم منهما، وحيث يقوم هذا الدستور على قواعد ثلاثة أساسية هي:
إفراد الله بالحاكمية ـ والطاعة للولاة في طاعة الله ـ والشورى بين خواص الأمة.
الفصل الثاني: نماذج قرآنية للحاكم الصالح
لم يكتف القرآن بعرض الأصول النظرية للحاكم الصالح، بل عرض من خلال قصصه أنماطاً من سلوك الحكام الصالحين، كان أبرزها: يوسف عليه السلام، وسليمان عليه السلام، وذو القرنين الحاكم الصالح، ومن خلال قصصهم في القرآن تستنبط فوائد غزيرة مما ينبغي أن يتحلى به الحاكم من صفات.
الفصل الثالث: جوانب الأسوة في شخصية الرسول الحاكم صلى الله عليه وسلم
الجانب الأخلاقي: الحكمة والعفة والشجاعة والعدل وما يتفرع عن كل منها.
الجانب التطبيقي: ما هي التحديات التي كانت تواجه رسول الله صلى الله عليه وسلم في إجراء أضخم عملية تغيير في التاريخ.
الباب الرابع: آثار الحكم بما أنزل الله أو الإعراض عن ذلك
الفصل الأول: آثار الحكم بما أنزل الله
الأحكام الشرعية الدينية التي أُمرنا بالامتثال لها؛ توازيها أحكام قدرية كونية، أُمرنا بالإيمان والإيقان بها ومراعاتها. وهي أحكام الله فيمن امتثل أو أعرض عن الأحكام الشرعية. وتلك الأحكام القدرية هي المعبَر عنها في القرآن بـ “السُّنن”. فالسنن الإلهية في الأنفس والآفاق توضح لمن استقصاها الآثار الطيبة التي تقتطف عندما يمتثل الناس ما أنزل الله، وتبين كذلك الآثار السيئة التي يجنيها الناس من جراء الإعراض عن حكمه، وهي تمثل مادة غزيرة في القرآن؛ تستخرج بالتدبر والتأمل.
وهذه الآثار المعبرة عن أحكام الله القدرية، تخص الدنيا وترتبط بها الأحكام الجزائية في الآخرة، فلهذا كان في إقامة الشريعة عز الدنيا والآخرة للمسلمين، وفي تنحيتها شقاء الدنيا والآخرة.. أما من كفروا بالمنزل من عند الله وعاندوه ابتداءً ممن ليسوا على الملة؛ فإنهم يُمهلون ويُستدرجون ويُملى لهم بحسب السنن ؛ حتى يروا يعاينوا العذاب ويعانوا بلا مخرج من العقاب.. ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [آل عمران: 178].
الخاتمة
تلك قضية عظيمة؛ فمن ناحية هي مرتبطة بالعقيدة ومبنية عليها، ومن ناحية أخرى هي تطبيق لهذه العقيدة ولأسسها وتصوراتها. كما أنها مظهر لظهور الإسلام وعلوه. فـ “كلمة الله” التي أمر تعالى بالقتال من أجل علوّها هي مجموع ما أنزل سبحانه من عقائد وشرائع.
وهذا جهدٌ للبيان وإزالة قدر كبير من الشبهات. ولا يزال جهد العلماء والدعاة متواصلا في مجالهم للبيان وإزالة الغبش، وعلى الأمة نفسها وعلى قواها الحية التفاعل والحراك لإقامة هذا الدين بصورته الراشدة.
…………………………….
اقرأ أيضا:
- عرض كتاب “هذا الدين” .. سيد قطب
- لا إله إلا الله عقيدة وشريعة ومنهج حياة
- عرض كتاب “الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية”
- الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه