كم جنى الإرجاء على الأمة، وكان رقية للعلمانية وغطاء لها، وقف الإرجاء صخرة يستترون خلفها كلما قاربوا على الانكشاف، حتى إذا أمِنت العلمانية انطلقت تكسح من طريقها كل أثر للإسلام.

معرفة حقيقة الإسلام مستلزمة لمعرفة حقيقة الجاهلية

لا تنهض الأمة إلا على هذه المعرفة. قال عمر: (إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية).

لذلك كان الصحابة أعظم إيمانا وجهادا ممن بعدهم لكمال معرفتهم بالإسلام والجاهلية ولكمال محبتهم للإسلام وبغضهم للجاهلية ولكمال موالاتهم لأهل الإسلام ومعاداتهم لأهل الجاهلية فخرجوا من الظلمة الحالكة إلى النور التام ولكن الإرجاء غير حقيقة كل منهما فأضفى الشرعية على الجاهلية وجرم حقيقة الإسلام وأدانها وغير المصطلحات لتحقيق مبتغاه فسمى الإسلام إرهابا وبدعة خارجية حزبية، وسمى الجاهلية ولاية شرعية ورتب الأحكام العظيمة على ذلك فوالى أعداء الله وظاهرهم وتعبد بذلك، وعادى أولياء الله وخذلهم وتعبد بذلك، فأوقع المسلمين في شراك فتنة عمياء.

فتنة الإرجاء على رأس قائمة الفتن

وعند مسلم (144) من حديث حذيفة: (تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ).

عندما أتأمل هذا الحديث تظهر لي فتنة الإرجاء على رأس قائمة الفتن لعظيم آثارها السيئة في الأمة ولقلبها الحقائق التي عليها مدار نصرة الإسلام والتمكين للمسلمين. فقلوب المرجئة حقا كالكوز مجخيا أي الإناء المنكوس لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه بل من هوى الأنظمة الحربية.

ما أصدق هذه النعوت وما أحرى المرجئة وأجدرهم بها. والله إنا لنراها فيهم رأي عين، فكان هذا من أعلام النبوة ودلائل صدقها.

المصدر

صفحة الدكتور سليم سرار، على منصة ميتا.

اقرأ أيضا

سلفية دعاة التجهم والإرجاء

الإرجاء الفكري

الإرجاء والمرجئة

علاقة الإرجاء بالعلمانية في فكر علماء وجماعات إسلامية

التعليقات غير متاحة