أدواء التبعية .. الإمعية .. الغوغائية .. الهمل .. “الذي هم فيكم تَبَعٌ”. رسالة التبعية والغوغائية واحدة تبثها أوضاع الاستعباد طوال التاريخ..

لم تختلف عبر الأزمان بل تظل نفس الشخصيات قابعة خلف مختلف الأطوار والأزمان والظروف الحضارية: “التفكير عبء ثقيل وقد تخطئ فلا تفكر.. نحن نفكر لك..”. “الإرادة عبء آخر تخلَّ عنه نحن سنحدد لك ما تفعل..”.

هذه هي رسالة أوضاع الاستعباد التي سادت المسلمين في العقود الأخيرة..

أشكال حديثة للتبعية

الإعلام الغوغائي مع الذل والخوف والاستعباد.. تسطيح الأمور.. اضطراب ترتيب الاهتمامات والمقاصد، بل تفاهة الاهتمام.. مساحيق التجميل.. تقليم الأظافر.. مباريات الكرة.. انتقال لاعب.. موضة.. الشخصيات الهزلية التي تشكل الجموع التي لا تتحرك لقضية تصلحها لكن تتحرك وراء كل ناعق.. كل هذا يرسخ التبعية والإمّعية.

حتى من تَديّن.. غالبًا يحمل نفس الداء إلا من رحم الله.. وقد لا يحب بعض المتبوعين في الدين أن يكون لمن معهم إرادة حرة وقدرة على النقد والرؤية المعاكسة ـ في حدود الشرع ـ وقد لا يحبون التصحيح أو نبوغ الآخرين فقد ينازعونهم الرئاسة أو الثناء أو إشارات البنان..

إنها الدنيا تتلصص إلى قلوب الخلق، والمسروق غافل، فقد يغفل بعض من يطلب الآخرة ـ ولو ظاهرًا ـ عن ما تنطوي عليه قلوبهم فيؤثّر في مواقفهم.

قرون والمسلمون على هذه الحالة من شدة السيف والاستعباد.. من التصوف السلبي الذي يلغي العقول، إلى العلمنة والإباحية والغوغائية والدجل الإعلامي وإنكار الحقائق وقلبها وإلغاء المُسَلّمات.

بينما ربى رسول الله أصحابه بطريقه مختلفة فهذا الحُباب بن المنذر في بدر:

«قال ابن إسحاق فحدثت عن رجال من بني سلمة أنهم ذكروا أن الحباب بن منذر بن الجموح قال: يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: «بل هو الرأي والحرب والمكيدة». قال: يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل، فامض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القُلُب ثم نبني عليه حوضًا فنملؤه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد أشرت بالرأي»(1)

وسعد بن معاذ وسعد بن عبادة بل والسعود الخمس في غزوة الخندق يعترضون على مصالحة هوازن وغطفان على ثلث ثمار المدينة ليرجعوا ويخرجوا من التحالف مع قريش فينفرد المسلمون بقريش لكن كانت عزيمتهم أقوى من هذا وشأنهم أعلى فقالوا: لا.

«فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله قد كنا وهؤلاء على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة واحدة إلا قِرَى أو بيعًا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا؟ ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت وذاك». فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال: ليجهدوا عليها»(2)

وفي أُحُد كانت المشورة حتى خرج رسول الله على خلاف رأيه الشخصي احترامًا للشورى الملزمة التي ألزمه الله تعالى وألزم أصحابه بها.

كل هذه المواقف من أجل نضج شخصيات أصحابه وإعطائها مساحتها من النمو فيأخذ بآرائهم بمنتهى الاحترام والتقدير وبلا تسفيه أو استخفاف أو سخرية أو تجاهل كما يفعل المستبدون اليوم.. بل يفاضل بين آرائهم ليأخذ بأرجحها كما فعل فى مواقف أخرى عليه أفضل الصلاة والتسليم.

[اضغط للاطلاع على المزيد من: آليات التبعية .. التماثل والإذعان]

التبعية؛ أزمة الأمة، وأزمة الحركة الإسلامية

اليوم الأمر مختلف حتى ألف باء عقل تتعب لتثبتها للناس، صارت معضلة أن تقنع الناس بما يرون لأن من يتبعونه يقول لهم شيئا آخر فهو المُصدَق.. والواقع يُؤوّل على مذهب من يرى التأويل!!.

مشكلة أمة أمام مستعبديها..

ومشكلة الحركة الإسلامية كذلك كما هي مشكلة مجتمع .. فلم ينظر المصلحون عمومًا ـ إلا من رحم الله ـ إلى احتياج الأمة على مدى بعيد بل نظر الكثير إلى كيف يجمع الناس.. والغوغائية لا تفيد، وكما يجتمع الخفاف ينفضون..

نفس المأخذ ونفس الداء فى الحركة الاسلامية ـ الا من رحم الله ـ  شخص يرفض الموضوعية ويرفض أن يفهم.. بل أحيانًا يخاف أن يفهم .. وبطريقة مختصرة يقول لك كلّم من أتبعه؛ إن صوّبك فأنا خلفه أنك صواب، وإن خطّأك فأنا خلفه أخطئك وأعاديك..

أنت لا تكلمه في أمر دقيق يصعب فهمه بل قد تقنعه بقضية فيها عشرات الآيات.. هذه العشرات من الآيات لا تكفيه، وكلمة من المتبوع الذي يحرص على هذه التبعية الحمقاء.. هذه الكلمة تكفيه فيسمع! ويفهم!! ويطيع!!!.

عندما تحترم الشخصية التي أمامك عمومًا وتسوق لها القواعد الشرعية يرتعد أن يفهم ويخاف من التغيير.. ويخشى أن يكون مستقلاً عاقلاً يقرر بنفسه.. يخشى من أن يخرج خارج القطيع.. وأن يحرم من الدفء العاطفي الجمعي. فيؤْثِر ترك التفكير والاختيار والرؤية الحيادية لينعم بالحال الجمعي..

قد يُسأل الكثير عن موقف ما اتخذه.. يهدم قواعد شرعية ويصادم مصالح الأمة.. فلمَّا يُناقش يقول: هكذا قال الأستاذ فلان أو الشيخ فلان.. هل نكون بهذه الطريقة في الإنضاج والتربية “عبادًا أولي بأس شديد” الذين وعدوا بالدخول الثاني للمسجد الأقصى؟.

لم تسْعَ الحركة الإسلامية إلى تغيير الأشخاص المشوهة خاماتهم البشرية في هذه الجاهلية التي أذلت الناس وتعمدت إذلالهم وتسفيه عقولهم ورسخت فيهم سياسة القطيع..

لم تسْعَ إلى تغيير هذا ليخرج شخص حر كريم عنده مبادأة.. قادر على التفكير والاستنتاج والقرار والعمل والموقف.. ويصمد على مدى طويل بلا ارتباط بموقف لشخص محدد.. إنما خرج الناس من تبعية إلى تبعية أخرى.. الأولى بمسحة الاستعباد، والثانية بمسحة الدين ـ زورًا ـ كالميت بين يدي المغسل كما تقول الصوفية.

هذا الداء فأين الدواء..؟

هذا هو المرض وقد أطلْت فيه لشدة المعاناة منه وعموم البلوى به إلا القليل.

والعلاج هنا في كتاب الله تعالى:

انظر إلى كتاب الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ [الإسراء: 70]، فكل واحد منا مُكَرّم.. والقرآن يقرر هذا كخبر وليترتب عليه عمل وتكليف وهو الحفاظ على التكريم.

﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4]، وهذا التقويم والتكريم مطلوب الحفاظ عليه.

ثم انظر إلى المسئولية: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18]، بمعنى أن كل قول أنت مسئول عنه، وليس أحد آخر.

بل وأكثر من هذا: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء: 36]، فأنت مسئول عن سمعك وعن بصرك وعن فؤادك يعني: عقلك وتفكيرك.. أنت وحدك.

والحساب يوم القيامة ليس لمجموعة مجموعة بل لفرد فرد: ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً﴾ [مريم: 95]، وإن كان يأتي وسط الزمرة التي كانت على شاكلته في الدنيا..

فالمسئولية فردية، والفرد مسئول عن كل كلمة..

بل ومسئول عن سمعه وبصره وإدراكه.. ليس عن سمع المحرمات أو عدم سمعها فقط بل وعن استخدام سمعه للحق ولاتخاذ موقف صحيح، وليس مسئولاً عن البصر لعدم النظر للمحرمات فقط بل ولإدراكه به ما يجب أن يتعلمه.. وإدراكه مسئول عنه فيما إذا استخدمه أو عطله، فإن عطله فهي جريمة وليست عذرًا.. هذا هام.

ثم يقرر القرآن تحريمًا قاطعًا ألا تتبع إلا ما تعلم كونه حقًا بأدلته القطعية: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء: 36]، والمعنى واضح: لا تتبع ما لا تعلم.

لا تمش على غير هدى

لا تمشِ على غير هدى.. لا تمشِ على بث غيرك لقول هو خطأ يبثه إعلامي أو إعلامية مرسوم لهم دورهم وما يقولون.. هذا ليس عذرًا لك: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾.

أين علمك صحة هذا أو خطئه.. ماذا ستفعل؟ ولماذا؟.. ولماذا ترفض هذا؟ من أين علمت بطلان.. أين عقلك وإدراكك؟ إنه مسئولية.

فإذا علم العبد مسئولية الكلمة وأنها تكتب باسمه هو، ويحاسب عليها هو.

وإذا علم مسئولية السمع والبصر والإدراك كأدوات يستخدمها للإدراك وكجوارح يعمل بها فليحفز هذا كرامته وشخصيته.. ليفهم.. ليدرك.. ليأخذ قرارًا صحيحًا مبنياً على مقدمات يلقى الله عليها؛ فيقول لربه عملتُ هذا من أجل كذا.. غير هذا لا يغني.

وانظر إلى فرض الله تعالى للبصيرة: ﴿قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ [يوسف: 108].

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب من المسائل المستفادة من الآية: وفيها أن البصيرة من الفرائض.

ملامح جيل الريادة

ومن كان مخلصًا لله يريد خير هذه الأمة حقيقة فلينظر إلى إصلاح الشخصية المسلمة المعاصرة.. فكم أفسدوها.. وكم أفسدوا خامتها..

وهذا جزء من الإحياء الإسلامي وجزء من العمل الإسلامي لا يقل أهمية عن بيان المفاهيم الشرعية الصحيح.. لأنها حارس على الدين وعلى مصالح الأمة وعلى المفاهيم الشرعية التي يجب أن تجد خامة صالحة تحملها.

ومن أراد أن يتأكد من هذا فلينظر إلى طبيعة بني إسرائيل المستعبَدة.. لم تصلح لحمل الحق.. فأقدامهم مبتلـة من البحر من المعجـزة التي رأوها بعيونهم ونجوا بسببها ثم قالوا عند أول عارض: ﴿اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ [الأعراف: 138]، عندما رأوا قومًا يعكفون على أصنام لهم.. فعجزت بصائرهم عن الارتفاع وأرادوا المحسوس من الشرك الأعظم! فكلّت بصيرتهم مع كلالهم عن العمل.

يرفعهم إلى مناعم الطعام مَنًا وسلوى فلم يطيقوا فعادوا للأدنى.. يأخذ بأيدهم ليحملوا كتاب الله ويقيموه، فلا يأخذوه حتى قلع الجبل فوقهم فأخذوه عن خوف، ويأمرهم بالمواجهة للعدو ويضمن لهم النصر ويخبرهم أن الله كتب لهم هذه الأرض فيلوذوا بالقعود ويجيبوا الإجابة السفيهة الفاسقة: ﴿قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [المائدة: 24].

جيل المذلة، وجيل العزة

ولم يفلح الجيل الذليل من بني إسرائيل.. الذي لم يتعود الارتفاع وطلب المعالي ولم يعشق العزة ويرى دونها الدم، لم يكونوا مثل هذا الذي قال:

لا تسقني ماء الحياة بذلة   …   واسقني بالعز كأس الحنظل

حتى جاء أبناؤهم فلم يكن فيهم أدواء آبائهم فدخلوا مع نبي دون موسى وهو يوشع بن نون ـ عليهما السلام.

ولكن انظر إلى العربي الحر الأبي.. نَعَم كان شديد العداء للدين والجهل به.. لكن صفاته كمعدن بشرى أفضل، صفاته الأساسية التي هي مهد وأرض لتقبل صفات الإيمان ثم صفات القرآن ثم السنة ثم الأوامر والنواهى (افعل ولا تفعل).. كانت أفضل.

فلما يسلم يتغير الحال، وفي عشرين سنة تغيرت الجزيرة، وفي عشر ونيف بعدها يتغير نصف العالم وتتغير البشرية إلى يوم القيامة.

لو كان فاقدًا للصفات الأولى.. الصفات الآدمية والبشرية الرفيعة لما أفلح، لذا قال صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، ومن الحديث أن هناك ثوابت تتنزل عليها أخلاق هذا الدين العظيم.

رسالة القرآن احترام للإنسان

احترام الإنسان واحترام عقله وتفكيره وإرادته هام، وهو رسالة هذا الكتاب العزيز؛ فالاستخفاف لم يحكه القرآن إلا عن أمم هابطة مشركة:

﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ * فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ * فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ﴾ [الزخرف: 51 – 56].

﴿قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ [الشعراء: 72 – 74].

انظر إلى السؤال وانظر إلى إجاباتهم.. لم يجيبوا ولم يحترموا أنفسهم ولا عقولهم.. كان يرفعهم فرفضوا احترامها ورفعتها، ولو فعلوا لنجوا بها في الدنيا والآخرة.

لا تتنازل عن تفكيرك وإرادتك.. فأنت تقرأ القرآن، والقرآن يمنعك عن هذا.

[اضغط: التحذير من تقديس البشر وصناعة أصنام بشرية]

مآل المرض في الآخرة أعظم من مآله في الدنيا

أخيرًا انظر في مصارع وحتوف أمم وأقوام كان فيها من ألغى عقله وإرادته أو استُخِف به كيف حكم الله تعالى عليهم؟.

كان فيهم الضال الذي لعبوا بعقله، وكان فيهم الغاوي الذي أفسدوا إرادته.. والضال والغاوي كلاهما كانوا متبعين لمضلين ومغوين.. وكلا الفريقين: الضال ومن أضله.. والغاوي ومن أغواه.. اجتمعوا جميعًا في النار، وسمى الله تعالى الجميع ظالمًا وسماهم جميعًا مجرمين وجعل الجميع هالكًا.

﴿قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـكِن لاَّ تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: 38 – 39].

أخراهم: الأتباع .. أولاهم: المتبوعون الرؤساء .. وقد اجتمعوا جميعًا في النار وكان السبيل الذي سلكوه هو أن ضل الأتباع بسبب المتبوعين المضلين من أئمة الضلال.

والضلال خلل في العلم والفهم بسبب تزيين الباطل وإيراد الشبهات على الحق فتركوا الحق لأجل هذا.

هذا داء مهلك مُردي.. وهذا دواؤه.. دواء ناجع في كتاب الله..

فهل من مُستشفٍ لأدوائه، وهل مِمَّن يحافظ على تكريم الله تعالى له؟

الهوامش

  1. (البداية والنهاية، جـ 3، ص 267).
  2. البداية والنهاية، (جـ 4، ص 104 – 105).

اقرأ أيضا:

  1. مسؤولية الفرد عن انتكاسة الأمة.. (1-2) التكاليف الفردية والجماعية
  2. مسؤولية الفرد عن انتكاسة الأمة.. (2-2) المسؤولية الفردية والتضامنية
  3. آليات التبعية .. التماثل والإذعان

 

التعليقات غير متاحة