أحداث غزة الجارية منذ السابع من أكتوبر الماضي، جعلتنا نرى رأي العين ما تحدثت عنه آيات القرآن الكريم التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم قبل 14 عشر قرنا من الزمان، وزادتنا إيمانا ويقينا بأننا على الحق.
أحداث غزة في القرآن
– يقول الله عز وجل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60].
ونشهد أن المقاومة أعدت لجيش الكيان الصهيوني ما أرهبه وأرعبه، وقذف الخوف في قلوب جنوده وقادته العسكريين والسياسيين، ودفع المستوطنين إلى الهروب.
– ويقول الله عز وجل: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 39-41].
ونحن نشهد أن الفلسطينيين والغزيين بصفة خاصة ظلموا ظلما شديدا على مدار 100 عام، وأخرجوا وهجروا من ديارهم بغير حق، وأن ما يجري في غزة وفي فلسطين هو سنة إلهية ماضية إلى يوم الدين، وأن النصر من عند الله عز وجل وأنه في نهاية المطاف للمؤمنين المجاهدين الصابرين.
– ويقول الله عز وجل: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 104].
ونحن نشهد أن المقاومة لم تهن ولم تضعف في مقاومة الاحتلال، ونشهد أن ما تجرعه الاحتلال من آلام وهزائم وخسائر بشرية وسياسية وعسكرية واقتصادية، يفوق ما أصاب المقاومة والشعب الفلسطيني من جراح ومصائب، وأن الكيان الصهيوني وداعميه يرجون السلامة، وأن المقاومة في غزة تريد النصر والعزة أو الشهادة.
– ويقول الله عز وجل: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}. [ آل عمران: 138-142].
ونشهد أن المقاومة لم تهن ولم تحزن على ما جرى في طوفان الأقصى، ونشهد أن الكيان الصهيوني قد مسه القرح، وأن الله عز وجل اصطفى من أهل غزة آلاف الشهداء، ونشهد أن طوفان الأقصى محص المؤمنين، وفضح المنافقين والصهاينة العرب على رؤوس الخلائق.
– ويقول تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 173-175].
ونشهد أن الناس جمعوا للمقاومة الباسلة ولشعب غزة الأبي، وتكالب عليهم الغرب وتواطأ معه الشرق، ولم يزد ذلك المقاومة والشعب إلا صلابة وقوة وإيمانا، ونرجو من الله عز وجل أن ينقلبوا بنصر وعزة وتمكين.
– ويقول تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 249].
ونشهد أن فئة قليلة من المجاهدين الصابرين في غزة غلبوا جيش الاحتلال الصهيوني في بضع ساعات، وغلبوا كل الداعمين له بالمال والسلاح منذ بدء العدوان على غزة وحتى الآن.
– ويقول تعالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17].
ونشهد أن الله عز وجل سدد رمي المقاومين، وأن أسلحتهم بدائية الصنع قد دمرت آليات الكيان الصهيوني ودباباته المتطورة، وقنصت جنوده وقادته.
– ويقول تعالى: {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} [المائدة: 23].
ونشهد أن المقاومة دخلت عليهم الباب في السابع من أكتوبر، وأذاقتهم هزيمة سجلها التاريخ ولن تمح الأيام عارها.
– ويقول تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40].
ونحن نشهد أن الله عز وجل نصرهم، في السابع من أكتوبر وبعده، ونتائج هذا النصر نجدها في آثار طوفان الأقصى العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والإيمانية والتربوية.
– ويقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج: 38].
ونشهد أن الله عز وجل يدافع عن المجاهدين ويدافع عن أهل غزة، فقد اجتمع عليهم الصهاينة ومعهم الغرب بقضه وقضيضه، وتواطأ معهم كثير من العرب والمسلمون، ومع ذلك لم ينالوا منهم ما سعوا وخططوا لنيله منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن.
– ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].
ونشهد أن هناك طائفة من العرب والمسلمين، اتخذوا اليهود والنصارى أولياء، وتآمروا على إخوانهم في غزة، وأسلموهم للعدو الصهيوني الذي يعيث في الأرض فسادًا ويستهدف البشر والحجر، ويهلك الحرث والنسل.
ولكننا نؤمن بالوعد الإلهي بأن النصر للمؤمنين الذين ينصرون الله عز وجل ويتوكلون عليه، يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 7 – 11].
أحداث غزة في السنة
عن معاوية بن أبي سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يزال من أمتي أمةٌ قائمة بأمر اللَّه، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتيهم أمر اللَّه وهم على ذلك”1(1) صحيح البخاري: 3641..
ونحن نشهد على الخذلان العربي والإسلامي لأهل فلسطين ولإخواننا في غزة، والذي يصل إلى حد التواطؤ مع العدو الصهيوني على قتلهم بالحصار والجوع والمرض، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، وتزويد العدو الصهيوني بالسلاح والطاقة والمواد الغذائية.
ونشهد كذلك على خلاف المنافقين والمرجفين مع المقاومة وداعميها على ما حدث في السابع من أكتوبر، وذلك على الرغم من أن الاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين وعلى العرب لم تتوقف منذ أكثر من 100 عام.
واجبنا من القرآن والسنة
في القرآن الكريم نقرأ قول الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10].
والأخوة الإيمانية يترتب عليها واجبات، ويأتي في مقدمتها واجب النصرة، ونحن مأمورون بالجهاد في سبيل الله بأموالنا وأنفسنا، وقد كفانا المجاهدون في فلسطين الجهاد بالنفس، يقول الله عز وجل: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [التوبة: 41].
وعن جابر بن عبد الله رضي الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من امرئ مسلم يخذل امرأ مسلما في موضعٍ ينتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله اللَّه تعالى في موطن يحب فيه نصرته وما من امرئ مسلم ينصر مسلما في موضعٍ ينتقص من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره اللَّه في موطن يحب نصرته”.
وفي الحديث عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” من لم يغز أو يجهِز غازيا أو يخلف غازيا في أهله بخير، أصابه اللَّه بقارعة قبل يوم القيامة”2(2) أخرجه أبو داود، وابن ماجه..
وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلَم قال: ”من جهز غازِيا في سبيل اللَّه فقد غزا، ومن خلف غازِيا في سبيل اللَّه بخير فقد غزا”3(3) صحيح البخاري..
ومن واجبنا إعانتهم وسد حاجاتهم، حتى يتحقق ويكتمل إيماننا بالأفعال، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع”(4).
ومن واجبنا أن ندعو لهم بالثبات والنصر على عدوهم، ومن دعائه صلى الله عليه وسلم: “اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم”4(5) صحيح البخاري..
الهوامش
(1) صحيح البخاري: 3641.
(2) أخرجه أبو داود، وابن ماجه.
(3) صحيح البخاري.
(4) الأدب المفرد:112.
(5) صحيح البخاري.
المصدر
محمد خاطر، المشرف على موقع تعارفوا.
اقرأ أيضا
اُنصرُوا المقاومة أو تهيَّأوا للذَّبح!