توفي د. مرسي في سجنه عزيزا كريما، موتا مفاجئا يثير الشكوك. قتله الطغاة بحقدهم؛ لكن قتله إرادة تقاطع مراكز الطغاة والظلمة. شعب غائب وأيام دول. ولله غيب السماوات والأرض.

الخبر

“أعلن التلفزيون الرسمي المصري، ممثل سلطة الانقلاب، الإثنين (14 شوال 1440 هـ) الموافق (17/6/2019) وفاة الرئيس الأسبق، محمد مرسي، أثناء جلسة محاكمة.

وأوضح التلفزيون أن “مرسي” تعرض لنوبة إغماء أثناء المحاكمة، توفي على إثرها.

وكانت الجلسة تحاكم أول رئيس للبلاد منتخب ديمقراطيًا (2012-2013) بالتهمة المعروفة إعلاميًا بـ”التخابر مع حماس”.

وأوضحت وسائل إعلام محلية أن مرسي (67 عامًا) طلب الكلمة أثناء المحاكمة، وسمح له القاضي بالحديث، وعقب رفع الجلسة أُصيب بنوبة إغماء توفي على إثرها.

ولفتت صحيفة “اليوم السابع”، المقربة من السلطات، أن جثمان الراحل تم نقله إلى مستشفى (لم يذكر اسمها) لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

بدورها نقلت صحيفة “الوطن” عن مصادر قضائية أن مرسي تحدث لـ25 دقيقة؛ “ثم توقف عن الحديث وكان منفعلًا، وشعر بعدها بإرهاق وتعب، وسقط مغشيًا عليه داخل القفص”.

وأعلنت وزارة الداخلية في مصر حالة الاستنفار الأمني القصوى، بعد إعلان خبر وفاة مرسي”. (1موقع الأناضول، بتاريخ 17/6/2019، على الرابط:
وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي أثناء محاكمته
موقع (BBC)، بتاريخ 17/6/2019، على الرابط:    
وفاة محمد مرسي، الرئيس المصري السابق خلال جلسة محاكمته
موقع (CNN العربية) بتاريخ ، 17/6/2019، على الرابط:
التلفزيون المصري: وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي خلال جلسة محاكمته

موقع “العربي الجديد، 17/6/2019، على الرابط:
وفاة محمد مرسي.. مصر تفقد أول رئيس منتخب
)

وفيّا أمينا؛ اجتمعوا على قتله

توفي “د. محمد مرسي” الرئيس المصري الذي غيبه الانقلاب العسكري منذ عام (2013م)، توفي وفيّا لدينه وبلده وأمته. لم يخُن ولم يتآمر ولم يكن في صف العدو، وهذا ما قتله؛ فالجريمة الموجهة اليه أنه تعامل مع الشعوب ومع أبنائها المجاهدين؛ فقتله العدو البعيد بيد العدو القريب؛ فيوم وفاته كانت المحاكمة “التخابر مع حركة حماس” وهو مما يعجب منه التاريخ وتعجب منه العقول والشرفاء. لكن من يتآمر مع الصهاينة أنفسهم وينسق معهم ضرب بلاده أصبح وفيّا وطنيا..!

قتل “د. مرسيَّ” الخليجُ بأمواله الحرام، والعسكرُ الأُجراء، والصهاينة بعد استشعارهم الخطر في قيادته هو وشرفاء أمته، وبعدما خشوا توجهه بقومه نحو استقلال القرار، وتنمية القوة، ومركزية الدين، ومحورية الهوية الإسلامية التي تجمع أمة بكاملها يرتعد منها الصهاينة والأمريكيون الوقحون الذي قالوا تعليقا على خبر وفاته “ليس لنا تعليق” وكأنهم يقولون “لقد تم ما أردنا”.

اختار الطغاة قتل “د.مرسي” ـ رحمه الله ـ قبيل دورة إفريقية للكرة، ليحدث بعدها الهياج الكروي والانشغال التافه؛ وتطويه صفحات الأيام. وهل قتْل مؤمن يمر على قلوب المؤمنين هباء..؟ وهل يمكن أن يتجاوز التاريخ رجلا مؤمنا صامدا ثابتا وفيّا مثله..؟

لقي “مرسي” ربه، أسوة بإخوانه الصامدين؛ من مات في سجنه، ومن مات تحت التعذيب، ومن قُتل في مواجهات كاذبة، ومن ومات بأحكام ظالمة يقضي بها الجزارون الجالسون على كراسي القضاة.

رواية وأسرار

لم يكن قتلهم له مفاجأة؛ بل كان متوقعا فهل يترك الطغاة مؤمنا يحمل الكثير من المعلومات، والتفاصيل، ويعرف الفجرة القتلة ويعرف المؤامرات الخبيثة النكدة التي أُريدت بالبلاد..؟

قُتل مرسي وهو يحمل حجما من الإبتزاز والعروض التي كان يجب أن يعرفها الشعب المسلم في مصر.

استُشهد الرجل بإذن ربه تعالى، يحمل ملايين الدعوات بالرحمة والمغفرة، ويؤجر بملايين الألسنة النزقة الشامتة الكارهة لدينها المترعة في الظلم والفساد، ويترك ألما في قلوب المسلمين الى أن يبدلهم الله تعالى من يكمل مسيرتهم وكفاحهم ضد العدو.

مرسي وتحكيم الشريعة

في الدولة الحديثة قد لا يكون من على رأس السلطة يمتلك أوجه القوة ومراكزها في البلاد؛ بل قد تكون القوى الحقيقية للأجهزة في البلاد ليست معه، وقد تتآمر معه. وهذا ما تم زمن مرسي؛ ولهذا فمن ينقم عليه أو من يكفّره أو يلحقه بالطواغيت، من البعض الذين لا يعلمون قوة الدولة الحديثة وطريقة إدارتها؛ فهم قد تجنّوا على الرجل؛ فالأحكام منوطة بالقدرة، وبينما كانت أجهزة بلاده تتآمر ضده وتعمل لإسقاطه؛ كان الإقليم بأمواله ونفوذه وعلاقاته يدبر له وينفق (20) مليار دولار ـ على الأقل ـ لإسقاط هذا الشريف .. رحمه الله.

ما سُرب عن الرئيس “مرسي” رحمه الله؛ كانت أمورا تشرفه؛ فمن عالِم شرعي يقول أنه أمرهم بحصر المواد القانونية المخالفة للشريعة فحصروها في مائتين ونيف حكما، فقال لهم تعرض تباعا على البرلمان لتصحيحها لتكون وفق شريعة الله تعالى. وبغض النظر عن صحة المأخذ أو إن كان موفيا “لإقامة” الشريعة أم لا؛ فهذا رجل مؤمن “يريد” إقامة شريعة الله ودينه.

وما سُرب عنه أيضا أنه سعى في تطوير الجيش تمهيدا لامتلاك القدرة على التصنيع والاستقلال.

الثلاثية القاتلة

نداؤه الذي أعلنه هو الاستقلال للقدرة على إقامة الدين وتحكيم الشريعة، وهو استقلال البلاد وقدرتها على صناعة الثلاثة “السلاح والغذاء والدواء”، وهو من أهم أسباب عزله والتآمر عليه؛ فبينما تدفع دول عربية وإسلامية نصف تريليون دولار من أموال الأمة لشراء سلاح غربي لا يستعملونه ولا يعرفون كيف يُصنّع، كان ينحى ـ رحمه الله ـ في اتجاه امتلاك القدرة على التصنيع.

ولا إقامة للشريعة ولا إعزاز للدين إلا بسيف ينصره وقوة يمتلكها المؤمنون مع قوة عقيدتهم ودينهم وتوكلهم على ربهم.

حقا لقد تأخر القتلة؛ فهم يحترقون على قتله منذ كان في السلطة؛ لكنهم استعملوا أخبث الوسائل وأقلها إثارة للشعوب، واختاروا التوقيت الذي يسهل على الشعب المغيَّب أن يبلتع الخبر ويمر عليه.

لقد قُتل اليوم بعدما اشتكى أنه في خطر، ولم يمت في المحكمة بل في المستشفى بما يثير الريَب والشكوك؛ بل شبه اليقين بأنهم قتلوه. قتلهم الله.

لقد كان قتل مرسي محصلة إرادة إقليمية ودولية وطائفية ولصوص العسكر وسفلة القوم ورعاع الناس؛ بينما كانت فترة حكمه معقد آمال وطموحات للكثير؛ لكن: ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾ (الأنفال: 7).

خاتمة مرجوّة

يود من مات في سبيل الله أن يُقتل عدة مرات، بأن يعود الى الدنيا فيُقتل ثم يعود فيُقتل ثم يعود فيُقتل، كما تمنى رسول الله، صلى الله عليه وسلم. ولقد لقي مرسي ربه ورأى الغيب وعاين الحقيقة ونرجو له أن يكون آمنا مطمئنا، قد وفّى ما عليه، غفر الله له تقصيره وتجاوز عنه برحمته وتقبله في الصالحين.

في حياته قال كثير من المسلمين لم نتوقع أن ندرك في زماننا يوما ندعو فيه لحاكم مسلم في سجودنا؛ حتى جاء مرسي فكانت له دعوات الصالحين، وبعد وفاته نرجو له الخير.

غفر الله لعبده “محمد مرسي” ورحمه، وتقبله في الصالحين، وملأ قبره نورا، وجعله آمنا مطمئنا وعوضه عما لقي خيرا كثير وسعادة لا تنتهي في خلد آبد.

……………………………………………

هوامش:

  1. موقع الأناضول، بتاريخ 17/6/2019، على الرابط:
    وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي أثناء محاكمته
    موقع (BBC)، بتاريخ 17/6/2019، على الرابط:    
    وفاة محمد مرسي، الرئيس المصري السابق خلال جلسة محاكمته
    موقع (CNN العربية) بتاريخ ، 17/6/2019، على الرابط:
    التلفزيون المصري: وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي خلال جلسة محاكمته

    موقع “العربي الجديد، 17/6/2019، على الرابط:
    وفاة محمد مرسي.. مصر تفقد أول رئيس منتخب

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة