هرولة الطواغيت العرب الى التطبيع مع “بشار الأسد” طاغية سوريا، وضمه الى جوقتهم، بوتيرة متسارعة، وبوقائع متتابعة له دلالاته المخزية، وهو تصريح بمزيد من المذابح وقهر الشعوب.

إزالة التعجب!

تهاجم بعض الأنظمة العربية الثورات الشعبية ويرفضون حرّية الأمة، ثم يستثنون الحال في سوريا، فيستغرب الناس! ثم لا يلبثون أن ينفوا الاستغراب فيكملوا اعوجاجهم، بدلا من إصلاح المعوج منها.

وهنا نرى منذ زيارة البشير (رئيس السودان) الى سوريا والتواصل مع طاغيتها؛ تلاها تتابُعُ وانفراط العقد ورجوع الأذناب كلٌ الى محلّه الذي أمره سيده في الغرب بالوقوف فيه..!

الخبر

زيارة رئيس السودان والتي ملأت الدنيا بأخبارها لمفاجأتها

كانت البداية مع “متلقِّي اللعنات الأولى”، إذ رضي بهذا الدور وهو “حسن البشير” رئيس السودان عندما قرع الآذان بزيارة ملأت الدنيا صخبا.

[للمزيد عن هذه الزيارة اقرأ: زيارة البشير، ومعادلة القوة والنفاق]

وجاء على موقع “الراكوبة”، أخبار السودان لحظة بلحظة، تحت عنوان “زيارة تاريخية تجمع البشير ببشار في سوريا وغضب من التطبيع”:

“انتقد ناشطون وصحافيون على مواقع التواصل الاجتماعي زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، وهي الأولى لرئيس عربي إلى دمشق منذ اندلاع الثورة السورية، في مارس/آذار عام 2011.

وأشار الناشطون إلى أنّ السبحة ستكرّ مع زيارة البشير، متوقّعين أن يزور زعماء ورؤساء عرب، الأسد، أيضاً، في ظلّ أقاويل من هنا وهناك عن الرغبة بالتطبيع مع النظام السوري وبقاء الأسد في السلطة. وأعرب الناشطون عن غضبهم من الزيارة والتطبيع مع النظام الذي قتل الشعب السوري على مدى (7) سنوات، وتلك التلميحات”.

“وكتب ياسر الزعاترة “عمر البشير في دمشق ويلتقي بشار. بئس الزائر والمستقبِل. أي مصلحة للبشير في مصافحة كهذه مع قاتل بشع؟! حين تدوس السياسة على الحد الأدنى من المبادئ يكون السقوط المريع” (1)

الإمعان في الإذلال

ثم زاد الطين بلة، وزاد الذل قيدا فألزموا السعودية التي تصدّرت لمواجهة نظام بشار وتمويل الثورة؛ ألزموها بإعادة الإعمار

جاء على موقع “العربي الجديد” تحت عنوان “السعودية وإعادة إعمار سوريا: مدخل الرياض للتطبيع مع الأسد؟”

“قد يشكّل تكليف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، السعودية بإعادة إعمار سورية التي دمّر جزءَها الأكبر نظامُ بشار الأسد، المدخل المناسب للمملكة لإشهار تطبيعها مع نظام الأخير في مسلسل تعويم عربي رسمي لحاكم دمشق، بدأ يتكشّف في الآونة الأخيرة من خلال زيارة الرئيس السوداني، عمر البشير، حليف السعودية، إلى دمشق، وزيارة مسؤول كبير في النظام السوري إلى القاهرة التي تدور في الفلك السعودي”

“وأعلن ترامب مساء الإثنين في تغريدة عبر حسابه على موقع “تويتر”، أنّ السعودية ستتكفّل بالمبلغ المطلوب لإعادة إعمار سورية، بدلاً من الولايات المتحدة.

وكتب “وافقت المملكة العربية السعودية الآن على إنفاق الأموال اللازمة للمساعدة في إعادة إعمار سورية بدلاً من الولايات المتحدة”، مضيفاً “أترون؟ أليس من الجيّد أن تقوم الدول فاحشة الثراء بالمساعدة في إعادة إعمار جيرانها بدلاً من دولة عظمى، الولايات المتحدة، التي تبعد 5 آلاف ميل… شكراً للسعودية”.

ولم يصدر أي تعليق فوري من السلطات السعودية بشأن ما أعلنه ترامب حول إعادة إعمار سورية، ولكن تبرز مؤشرات عدة على نيّة الرياض زيادة وتيرة “التطبيع” مع النظام السوري في المرحلة المقبلة”

“ومن الواضح أن الرياض بدأت في الآونة الأخيرة فتح قنوات اتصال مع نظام الأسد من خلال وكلاء لها في العالم العربي، وربما تأتي زيارة الرئيس السوداني، عمر البشير، أخيراً إلى العاصمة السورية، دمشق، في هذا السياق، إذ ترتبط الرياض والخرطوم بعلاقات جيدة، وتشارك الأخيرة في “التحالف العربي” الذي تقوده السعودية في حرب اليمن” (2)

الأردن بعد الإمارات والبحرين .. إنهم يتساقطون!!

وجاء على موقع “العرب” تحت عنوان “الأردن يتجه لتطبيع العلاقات مع سوريا بعد الإمارات والبحرين”:

“تمرّ الأزمة السورية بنقطة تحوّل فارقة منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره بسحب قوات بلاده من هذا البلد، فبعد قيام الإمارات العربية المتحدة، الخميس بإعادة فتح سفارتها في دمشق أعلنت البحرين بدورها استمرار سفارتها بالعمل في العاصمة السورية، وسط ترجيحات بأن يكون الأردن المحطة التالية لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا.

ويرى مراقبون أن هناك تغيّرا ملموسا في المزاج العربي بدأت إرهاصاته تظهر منذ أشهر وليس كما يحاول البعض ربطه بالانسحاب الأميركي من سوريا، وإن كان قرار ترامب قد سرّع في وتيرة إعادة التواصل العربي مع دمشق.

وأعلنت مملكة البحرين الجمعة “استمرار” العمل في سفارتها بدمشق وكذلك في السفارة السورية بالمنامة وأن الرحلات الجوية بين البلدين “قائمة دون انقطاع”. (3)

أكاديميون يصرخون للتحذير

وجاء على موقع “نداء سوريا” تحت عنوان “أكاديميون عرب وخليجيون ينتقدون قرار فتح السفارتين الإماراتية والبحرينية بسوريا”

“أثارت الخطوة التي أقدمت عليها كل من الإمارات والبحرين مؤخراً بفتح سفارتيهما في دمشق موجة من الانتقادات ضدهما ليس في صفوف السوريين فحسب وإنما لدى أكاديميين وكتاب وصحفيين عرب وخليجيين مشيرين إلى جرائم نظام اﻷسد وضرورة عدم التصالح معه أو دعم “إعادة اﻹعمار” في ظل سيطرته وسيطرة إيران على سوريا.

ورأى النائب الكويتي “وليد الطبطبائي” ‏أن “التسابق على التطبيع مع ‎نظام الأسد لا يقل سوءاً عن التطبيع مع ‎الكيان الصهيوني، فكلاهما نظامان مجرمان قتلا وشردا شعبين كاملين وإن كان ‎المجرم الأسد قام بإجرامه بـ7 سنوات والصهاينة في 70 سنة”.

وأضاف أن “‏الدول المهرولة للتطبيع مع ‎نظام الأسد أصلاً هم مساندون لهذا النظام المجرم بالخفاء ولم يكونوا ضده وإن تظاهروا بخلاف ذلك، وهم من دفع عمر البشير ليكون بمقدمة المطبعين حتى يمهد لهم الطريق لإعادة العلاقات بشكل علني بدل العلاقات السرية الحالية مع الأسد، فعلاً فضحتهم ‎الثورة السورية”.

الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني “ياسر الزعاترة” اعتبر أن ‏إعلان البحرين استئناف علاقتها مع نظام اﻷسد عبر فتح السفارة بعد يوم واحد من فتح سفارة الإمارات “يشير إلى أن فتح سفارة السعودية لن يتأخر كثيراً، المشهد العربي والإقليمي يزداد تعقيداً، لكن المصيبة تبقى هي ذاتها ممثلة في خلل الأولويات الذي يضيّع البوصلة ويعزز الخسائر”.

ومضى بالقول: ‏”الإمارات تفتح سفارتها في دمشق اليوم، بحسب نظام بشار، مسلسل تأهيل النظام عربياً ماضٍ على قدم وساق، زيارة البشير كانت البداية، لكن زيارة علي مملوك للقاهرة كانت مؤشراً أكثر أهمية، تناقضات الإقليم تزداد رسوخاً، والحريق لم يقترب من نهايته بعد”. (4)

تهافت على أقدام طاغية

وجاء على موقع “الخليج أونلاين” تحت عنوان: “تهافت عربي على التطبيع مع الأسد.. ما موقف السعودية؟”

“كشفت صحيفة “رأي اليوم” عن اتخاذ السلطات السعودية عدداً من الإجراءات ضد المعارضة السورية على أراضيها، وهو ما يعطي دلالة على قرب عودة علاقاتها مع النظام السوري، بعد افتتاح الإمارات لسفارتها في دمشق، وزيارة عدد من قادة الدول العربية رئيس النظام، بشار الأسد.

وأكدت الصحيفة، اليوم الخميس، أن السعودية أبلغت المعارضين السوريين بإزالة أعلام المعارضة من كافة الأراضي السعودية، ورفع أعلام الدولة السورية بدلاً منها.

وشهدت الفترة الأخيرة توقّفاً لحدّة النقد السعودي الدائم للنظام السوري، ومنع جمع تبرّعات لقوى المعارضة المسلّحة في سوريا، وتجميد حسابات بنكية لشخصيات سورية معارضة.

في 2012، قرّرت الرياض، ضمن قرار عربي وخليجي، إغلاق سفارتها في دمشق وطرد السفير السوري، كما دعمت الجيش السوري الحر، وأعلنت رفضها بقاء الأسد في السلطة، قبل أن تتراجع عن هذا المطلب في العامين الأخيرين، وتتحدث عن ضرورة إنجاز تسوية سياسية”. (5)

قطار التطبيع والتزاحم العربي

وجاء على موقع “ساسة بوست” تحت عنوان “موسم الحج إلى دمشق.. هكذا انطلق «قطار التطبيع» العربي مع نظام الأسد”

«الحبل على الجرار».. مصر والأردن في الطريق؟

لم تكن القاهرة على ما يبدو بعيدة عن ترتيبات «إعادة تأهيل» الأسد، فقبل أيام نقلت «وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)» خبر زيارة اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني السوري إلى القاهرة، جاءت الزيارة بدعوة من رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، وبحسب الوكالة السورية فقد بحث الرجلان «مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك القضايا السياسية والأمنية وجهود مكافحة الإرهاب».

“الأنظار تتجه كذلك إلى الأردن، الجار الجنوبي لسوريا، والتي يُتوقع أن ترفع من درجة «تطبيعها» مع نظام الأسد خلال الفترة القادمة، فقد سبق لوزير الإعلام الأردني أن صرح في أغسطس (آب) الماضي، أن علاقة عمان مع سوريا «مرشحة لأن تأخذ منحى إيجابيًا»”. (6)

دلالات الخبر

1) صدق من قال أن الداعمين اليوم للنظام جهرا كانوا داعمين له سابقا في الخفاء.

إن مواقف العقلاء سياق واحد، أما مواقف الاضطراب فهي سمة المنافقين، كما أن الأهم أيضا أنها سمة العملاء.

ليس هناك ـ ولم يكن ـ موقف مبدئي ولا عقدي، لا دينيا ولا “قوميا” كما يزعمون؛ فضلا عن موقف إنساني؛ بل مواقفهم اليوم هي محصلة حراك سياسي لقوى عالمية تتبدل مواقفها وتتغير مصالحها فيتغير لون جلد الأنظمة.

لم يكن القرار يوما بأيديهم؛ فليبحث الناس أين يُصنع قرارهم ويُتخذ.

2) عيبٌ شديد أن يثق الناس في أهل الفجور ويظنوا فيهم خيرا، والعيب الأكثر أن يرتهن المجاهدون بأمثال هذه الأنظمة فيرتهن موقفهم بإمداد هؤلاء وأموالهم وسلاحهم؛ إنه عندما يرتهن المجاهدون بهؤلاء فإنه ترتهن الشعوب بالمجاهدين والمقامين والثوار.

لا يعرف الناس الأنظمة الداعمة لكنهم يعرفون الثوار والمقاومين، فإن توقفوا رأت الشعوب أنهم خذلوهم.

حتى لو كان سبب الخذلان هو تلك الأنظمة؛ فقد فُقدت الثقة إذ كانوا قد وثقوا فيمن لا يوثق بهم..! وهذا من حق الشعوب؛ أن تبحث عن قيادات تثق في رأيها وفي رؤيتها وفي تقييمها لمن يساند قضاياهم وقضايا الأمة التي يمثلونها.

3) تبقى شعوبنا موجات لا تنضبط، ومواقف تتذبذب وتتراقص، وانتماء غير حاسم؛ إذ غابت العقيدة في قطاعاتٍ، وضعف تأثيرها في أخرى، وحُرمت من القوة في جميع الأحوال، ثم سَلط عليهم المجرمون تسميما لمفاهيمهم وأفكارهم ونجحوا أن يزحزحوا الشعوب عن مواقفها.

العقيدة أمر حاسم، يمنع التذبذب وضبابية المواقف وقبول الانتقال من خندق الى خندق، والقوة أيضا أمر حاسم.

4) ومن ثم يبقى موقف الدعاة تنتظره الأمة، وموقف القيادات المخلصة والواعية أيضا تنتظره الأمة. والله تعالى المسؤول أن يجعل فرجا ومخرجا.

………………………………

هوامش:

  1. موقع “الراكوبة”، أخبار السودان لحظة بلحظة، تحت عنوان “زيارة تاريخية تجمع البشير ببشار في سوريا وغضب من التطبيع” بتاريخ: 5 يناير 2019، على الرابط:
    زيارة تاريخية تجمع البشير ببشار في سوريا وغضب من التطبيع
  2. موقع “العربي الجديد” تحت عنوان “السعودية وإعادة إعمار سوريا: مدخل الرياض للتطبيع مع الأسد؟”، بتاريخ: 26/12/2018، على الربط:
    السعودية وإعادة إعمار سوريا: مدخل الرياض للتطبيع مع الأسد؟
  3. موقع “العرب” تحت عنوان بتاريخ: 29/12/2019، على الرابط:
    الأردن يتجه لتطبيع العلاقات مع سوريا بعد الإمارات والبحرين
  4. موقع “نداء سوريا” بتاريخ: 30 12/2018، على الرابط:
    أكاديميون عرب وخليجيون ينتقدون قرار فتح السفارتين الإماراتية والبحرينية بسوريا
  5. موقع “الخليج أونلاين” تحت عنوان: بتاريخ: 3/1/2019، على الرابط:
    تهافت عربي على التطبيع مع الأسد.. ما موقف السعودية؟
  6. موقع “ساسة بوست” بتاريخ 28/12/2019 على الرابط:
    «موسم الحج إلى دمشق».. هكذا انطلق «قطار التطبيع» العربي مع نظام الأسد

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة