بيان صور شرك التشريع ضروري لتجنبه، بغض النظر عن حكم من وقع ظاهرا في هذه الصور فللأمر تفصيل. وصور هذا الشرك متعددة في مجالات شتى يجب التنبه اليها.

نظرة الى الواقع

بعد إيضاح خطورة شرك الطاعة في الدارين الجزء الأول، وبيان معنى الطاعة والاتباع والفروق المهمة الجزء الثاني وبيان الآيات الدالة على شرك التشريع وتسويته بشرك النسك والتألّه الجزء الثالث..

ثم بيان التلازم بين شرك الطاعة وشرك المحبة، وبيان متى تكون الطاعة شركا ومتى تكون معصية وضابط ذلك في الجزء الرابع

وفي هذا المقال يوضح صورا معاصرة تطبيقية يتحقق فيها هذا النوع من الشرك، مع غفلة الكثير وذهولهم عن دخوله في الشرك.

والصور متعددة؛ من الطواغيت الى طاعة الجند الى النظم الإدارية الى الدعوات القومية الى التعصب المذهبي؛ واليك تفصيلها..

بعض صور شرك الطاعة والولاء المعاصرة

انطلاقاً من تقرير شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله تعالى، الوارد ذكره في مسألة متى تكون الطاعة لمخلوق شركاً أكبر ومتى لا تكون؛ يمكن في هذا المقال ذكر بعض الصور المعاصرة لشرك الطاعة المخرج من الملة، ووقوع بعض الناس فيها من حيث يشعرون أو من حيث لا يشعرون.

هل يعني ذكر الصور الحكم على مرتكبها بالكفر..؟

لا يعني ذكر هذه الصور الحكم على مرتكبها بعينه بالكفر والشرك الأكبر؛ لأن ذلك يتطلب معرفة مدى توفر شروط التكفير وانتفاء موانعه في حق المعين.

وإنما المقصود بيان أن الأمر جد خطير وذلك لعلاقته بالإيمان أو الكفر وبالتوحيد والشرك؛ فحريّ بالمسلم أن يتعرف على هذا النوع من الشرك ليتجنبه ويحْذره ويحذّر منه.

وجميع الصور والأمثلة الواقعية لهذا النوع من الشرك التي سيرِد ذكرها، مبنيةٌ على “إعطاء” الطاعة المطلقة لمخلوق غير الرسول، صلى الله عليه وسلم و”اعتقاد” طاعته في كل أمر أو قرار يأمر به ويقرره “دون النظر إلى كونه موافقاً أو مخالفاً للكتاب والسنة”.

وهذا ناشئ من إعطاء هذا المخلوق القداسة والتعظيم والولاء الذي لا يكون إلا لله عز وجل.

وهذا النوع من الشرك هو الذي أخبر الله عز وجل عنه أهله بأنهم اتخذوا هؤلاء المطاعين في التحليل والتحريم أرباباً من دون الله.

وقد مر بنا حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه وأنه قال للرسول صلى الله عليه وسلم حين تلا عليه قوله تعالى ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ﴾ إنا لم نعبدهم ـ بمعنى نركع ونسجد لهم ـ وأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأن عبادة غير الله ليست في الركوع والسجود فحسب؛ وإنما اتباع وطاعة غير الله تعالى وغير رسوله صلى الله عليه وسلم في التحليل والتحريم عبادةٌ لهم.

وقبل ذكر بعض الأمثلة المعاصرة على شرك الطاعة والاتباع أعيد وأكرر التأكيد على أن الأمثلة التي سيرد ذكرها لا أعني بها الأعيان وإنما أعني بها الأفعال.

أما المعيَّن الذي يتلبس بفعل من هذه الأفعال فهو على خطر عظيم، ولكن لا يحكم بكفره حتى تتحقق فيه شروط التكفير وتنتفي عنه موانعه؛ لأن الفاعل قد يكون جاهلاً أو متأولاً أو مكرهاً.

المثال الأول:

في صدور القوانين من الطواغيت

عندما يصدر طاغوت من الطواغيت، الذين يرفضون شرع الله، نظاماً أو قانونا يُعلم من الدين بالضرورة مخالفته لشرع الله عز وجل ليصبح نظاماً وشرعاً يُلزم به الناس، ثم يتلقفه الملأ المقربون من الطاغوت بالقبول والانقياد والإذعان، ثم هم يمارسون بعد ذلك دور الطاغوت الكبير ويفرضونه على من تحتهم مع علمهم بمعارضته للشرع.

فإن هذا الفعل منهم يعدّ شركاً في الطاعة.

وهذا يكثر في وزراء الدول وحاشية الطاغوت ورؤساء الهيئات السياسية والاقتصادية وغيرها.

والطاغوت الكبير الذي شرع من دون الله تعالى قد يكون فرداً أو مجلساً برلمانياً أو مجلساً وطنياً أو غير ذلك.

ومثل هؤلاء الطواغيت المشرعين من دون الله قد وقعوا في شرك الربوبية لأنهم أشركوا أنفسهم مع الله تعالى في أفعال الرب سبحانه التي فيها الحكم والتشريع، والله تعالى يقول: ﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:26].

ومن أطاعهم من المنفذين والمطبلين لهذه التشريعات والقوانين والأنظمة وهو يعلم ما فيها من تحليل الحرام وتحريم الحلال معتقداً ذلك فقد أشرك مع الله عز وجل في توحيد الألوهية والعبادة الذي هو شرك الطاعة والاتباع.

ثم يأتي الدور على الأفراد الذين يراد منهم الالتزام بهذه الأنظمة وطاعتها؛ فإن قبِلوها معتقدين ما فيها من التحليل والتحريم المعلوم من الدين بالضرورة مخالفته لشرع الله عز وجل واعتقدوها ونفذوها طائعين مختارين عالمين فإنهم أيضاً قد وقعوا في شرك الطاعة كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى مستدلا بحديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.

ومن نفّذها عن شهوة وهوى معتقداً مخالفتها لشرع الله عز وجل شاعراً بذنبه في ذلك غير مستحل لها؛ فهو عاص كغيره من أهل الذنوب والكبائر.

ومن نفذها معتقداً رفضها كارهاً لها لكنه كان مكرهاً على ذلك؛ فهذا حاله حالة المكرَه على فعل المعصية؛ فلا إثم عليه إذا توفرت فيه شروط الإكراه وضوابطه.

المثال الثاني:

في طاعة الجند والقضاة

وهو يكثر في الأجناد والعساكر التي رُبيت ورُوضت على الطاعة العمياء للرؤساء والكبراء؛ فتراه يعلم مخالفة ما يؤمر به لشريعة الإسلام، ويعلم ما فيه من الظلم، ولكنه قد ربى على العبودية والطاعة المطلقة والانقياد لرؤسائه دون مناقشة ولا رفض.

فمثل هذا إن كان قد استحل هذا الظلم الذي يؤمر به ويراه شرعاً لا يحل له مخالفته مع علمه بمخالفته للشرع فقد وقع في شرك الطاعة والعبودية لغير الله تعالى.

وقد رأيت وسمعت من ذلك الشيء الكثير فمن ذلك ما يقوم به بعض العساكر في السجون السياسية من المعاملات الظالمة للمسجونين من دعاة وعلماء وتفننهم في أساليب التعذيب، وعندما ذُكّروا بالله تعالى وأن هذا من الظلم الذي حرمه الله تعالى يجيب أحدهم بأنه عبد مأمور!!

هكذا والله جوابه: إنه عبد مأمور، وصدق؛ إنه عبد لغير الله حيث اتخذه رباً من دون الله تعالى، يحلل ما أحله ويحرم ما حرمه، وهو بذلك قد وقع في شرك الطاعة له والاتباع.

أما من اعتقد من هؤلاء حرمة ما يقوم به من الظلم الذي أمره به رئيسه وشعر بالذنب، ولكنه يبرر ذلك بالحاجة الى الوظيفة وطلب الرزق؛ فمثل هذا على إثم عظيم لكنه ليس كسابقه المنشرح صدره لفعل الظلم والمتبع لرؤسائه في كل ما يقولون واعترافه بأنه عبد لهم.

كذلك لا يقع في هذا الشرك من نفّذ هذا الظلم معتقداً صحة فعله بنظره إلى المسجونين بأنهم مجرمون وليسوا مظلومين، وذلك حسب ما  يصوره له رؤساؤه ولكن يبقى أنه على إثم عظيم.

ومثل ذلك ما يكون في المحاكم العسكرية من الحكم بالقوانين المعلوم من الدين مخالفتها لشرع الله عز وجل؛ فالحاكم بها عن علم ورضا بها طاعة لمن سنها وشرعها مشرك بالله عز وجل في طاعته.

يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عن هؤلاء الصنف من الناس ومن شاكلهم:

وكثير من المتفقهة وأجناد الملوك وأتباع القضاة والعامة المتبعة لهؤلاء يشركون شرك الطاعة فتجد أحد المنحرفين يجعل الواجبَ ما أوجبه متبوعه، والحرامَ ما حرمه متبوعه، والحلالَ ما حلله، والدينَ ما شرعه، إما ديناً وإما دنيا، وإما ديناً ودنيا، ثم يخوف من امتنع من هذا الشرك وهو لا يخاف أنه أشرك به شيئاً في طاعته بغير سلطان من الله. (1مجموع الفتاوى 1/ 98)

المثال الثالث:

الطاعة في ناقض من نواقض الإيمان

من أطاع غير الله في ناقض من نواقض الإيمان المعلومة بالضرورة عالما مختاراً فهذا ضرب من ضروب شرك الطاعة والاتباع.

ولا يشترط هنا ما يشترط في سائر المعاصي التي دون الكفر من الاستحلال للفعل، وإنما بمجرد أن يطاع غير الله تعالى في فعل ناقض من نواقض الإسلام فقد وقع في شرك الطاعة المخرج من الملة وإن لم يكن مستحلاً لذلك.

ومثال ذلك من أطاع مخلوقاً في سب الدين أو الاستهزاء بشريعة الإسلام أو مظاهرة الكفار على المسلمين أو الاعتراض على أحكام الله تعالى أو السجود والركوع والذبح لغير الله تعالى أو تكذيب خبر الله عز وجل أو خبر رسوله صلى الله عليه وسلم المعلوم من الدين بالضرورة، وغير ذلك من النواقض.

المثال الرابع:

خطورة حال المحامين والقضاة في دول التبديل

المحامون والقضاة في الدول التي ترفض شرع الله عز وجل وتحكم بدساتير وقوانين وأنظمة تستحل ما حرم الله أو تحرم ما أحل الله عز وجل.

فمن أطاع الطواغيت الذين سنوا هذه القوانين وحكم بها أو تحاكم إليها أو انطلق منها واعتمد عليها في المحامات والخصومات، عالماً بمخالفتها لشرع الله عز وجل؛ فقد وقع في شرك الطاعة المخرجة من الملة.

المثال الخامس:

أنظمة الشركات والبنود الإدارية المصادِمة للشرع

ما يكون في بعض المؤسسات والشركات والوزارات من أنظمة وبنود إدارية أو تجارية معلوم من الدين بالضرورة مصادمتها للشرع، ثم تفرض على العاملين في هذه القطاعات، ويُتحاكم إليها.

فإن المنفذين لهذه الأنظمة العالِمين بمخالفتها للشرع قد وقعوا في شرك الطاعة لرؤسائهم بسبب تقديسهم لهم وبما يصدر منهم من قرارات وأنظمة معلومة من الدين بالضرورة حرمتها.

وكثيراً ما نسمع من المنفذين لهذه الأنظمة والقرارات قولهم عندما يبين لهم مخالفتها لشرع الله عز وجل بأن هذا هو النظام!! أتريدني أن أخالف النظام؟؟!! هذا إن كان المنفذ لهذه الأنظمة عالماً بمخالفتها للشرع راضياً بها مختاراً، أما إن كان جاهلاً بحرمتها أو كان عالماً بها لكنه كاره لها معتقد حرمتها لكنه نفذها إما طمعاً أو خوفاً مع شعوره بالذنب فمثل هذا كغيره من أهل المعاصي التي يطيع بعضهم بعضاً في فعلها عن شهوة لا عن رضى واستحلالٍ لها.

المثال السادس:

الغلو في طاعة المتصوفة والمتكلمة

المتبعون المطيعون لشيوخهم من الصوفية الغالية، والمتكلمة الفلاسفة؛ في معتقداتهم الباطلة وفي تشريعاتهم ما لم يأذن به الله تعالى من الشركيات والبدع المغلّظة مع علمهم بمخالفتها للشريعة؛ اعتقاداً بأحقية شيوخهم في التشريع والتحليل والتحريم النابع من حبهم وتقديسهم.

يقول شيخ الإسلام:

وأما الشرك الثالث فكثير من أتباع المتكلمة والمتفلسفة، بل وبعض المتفقهة والمتصوفة، بل وبعض أتباع الملوك والقضاة؛ يقبل قول متبوعه فيما يخبر به من الاعتقادات الخبرية من تصحيح بعض المقالات وإفساد بعضها ومدح بعضها وذم بعضها بلا سلطان من الله. (2مجموع الفتاوى 1/ 98)

المثال السابع:

طاعة المتعصبين لأئمة المذاهب في خلاف صريح النص

بعض المتفقهة من أتباع المذاهب المتعصبين لأئمة المذهب بحيث يرون الطاعة المطلقة والتقليد الأعمى لهم وتقديم أقوالهم على صريح الكتاب والسنة.

فمثل هؤلاء إذا كانوا عالِمين بمخالفة أقوال شيوخهم لصريح وصحيح الكتاب والسنة وأطاعوهم على ذلك؛ فهذا ضرب من ضروب شرك الطاعة والاتباع.

أما إن كان المطيع والمتبع لشيوخ المذهب لا يعلم بمخالفة أقوال شيوخه للكتاب والسنة أو كان مجتهداً في الترجيح فأخذ بالمرجوح يحسبه الحق؛ فلا يدخل هذا في الشرك بل يكون مخطئاً في اجتهاده مغفوراً له إن شاء الله تعالى.

يقول شيخ الإسلام:

فتجد أحد المنحرفين يجعل الواجب ما أوجبه متبوعه، والحرام ما حرمه، والحلال ما أحله، والدين ما شرعه، إما ديناً أو دنيا، وإما دينا ودنيا؛ ثم يخوف من امتنع من هذا الشرك وهو لا يخاف أنه أشرك به شيئاً في طاعته بغير سلطان من الله. (3مجموع الفتاوى 1/ 97)

المثال الثامن:

أرباب القومية والوطنية لأوطان علمانية

المنادون بـ القومية والوطنية الذين يتخذون ذلك ذريعة لإقامة وطن لا تحكم فيه شريعة الله، وإنما تحكم فيه العلمانية التي تُقصي شريعة الله عن حياة الناس باسم اللُحمة الوطنية والقومية.

فمثل هذا قد اتخذ وثن الوطنية ربا يعبدونه من دون الله، وباسمه يشرع ما لم يأذن به الله.

وسواءً في ذلك من أقام هذه الراية أو من رضي بها وانقاد لها مع علمه بمخالفتها لشرع الله عز وجل..

فالأول وضع نفسه نداً لله تعالى يصدر باسم الوطنية والقومية تشريعات تحلل وتحرم بما لم يأذن به الله تعالى.

والآخر يتلقى منها يوالي ويعادي عليها ولا يتوجه بالولاء والطاعة والتلقي الى الله تعالى؛ قال سبحانه: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (الأنعام:14).

المثال التاسع:

الموجبون لاتباع الشرق والغرب وأنظمتهما

المتبعون للغرب أو الشرق الكافرين وتقديم أنظمته وقوانينه وتشريعاته على شريعة الله عز وجل والافتخار بذلك متهمين أهل الشريعة بالتخلف والرجعية.

فمِثل هذا قد اتخذ الغرب ونظمه أرباباً من دون الله؛ لأن الغرب في حسّه أولى بالطاعة والاتباع من شريعة الله عز وجل.

المثال العاشر:

قبول العلمانية

القبول بالعلمانية التي ترفض شرع الله عز وجل وتقبل الحكم والتشريع والطاعة والاتباع من طواغيت أخرى من دون الله وترفض قيام الحياة على الدين.

فمن قبِلها وأطاعها أو دعا إليها فهو مشرك الشرك الأكبر، شرك الطاعة والاتباع؛ لأن العلمانية نظام طاغوتي جاهلي كافر يتنافى تماماً مع شهادة أن لا إله الا الله وأن محمد رسول الله.

المثال الحادي عشر:

تقديس أصنام الحكام وأوامرهم وتقديمها على أحكام الله

المبالغة التي يقوم بها الإعلام الجاهلي وأبواقه في كيل المديح والولاء والتقديس للأصنام البشرية الحية التي تتحكم في زمام السلطة في أكثر بلدان المسلمين، والطاعة المطلقة لهم، ورفع صورهم وتعظيمها.

وتقديس أقوالهم وقراراتهم دون أي اعتراض أو نقاش، وتقديمها على شرع الله عز وجل.

والنظر الى من يخالفهم ويرفض أوامرهم المخالفة لشرع الله عز وجل بأنهم مفسدون خارجون على ولي الأمر مزعزعون للأمن والاستقرار!!

فكل مَن كان هذا شأنه من التقديس والتعظيم والتطبيل للطواغيت المشرعين ما لم يأذن به الله، المبدلين لدين الله؛ قد وقعوا في شرك الطاعة الذي هو حقيقة عبادة هؤلاء الطواغيت واتخاذهم أرباباً من دون الله يتبعونهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، عالِمين مختارين.

وإن مما يؤسف له أن نجد من بعض علماء السلطة ومرجئة العصر من يساهم في تكريس هذا الأمر من حيث لا يشعرون أو يشعرون؛ وذلك بالمبالغة في ذِكر حقوق ولي الأمر والطاعة المطلقة له، وتقديس أوامره، واستخدام فزاعة الخروج والخوارج على كل من اعترض على سياساته وأوامره المخالفة للشرع.

المثال الثاني عشر:

الطواغيت؛ طائعين ومطاعين..!

أولئك الطواغيت الذين يشركون من دون الله ويحكمون في شعوبهم بغير ما أنزل الله فهم بفعلهم هذا قد وقعوا في شركين عظيمين مخرجين من الملة:

  • الأول: الشرك في توحيد الربوبية؛ بجعلهم أنفسهم أنداداً لله في الحكم والتشريع، والله عز وجل يقول: ﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾.
  • الثاني: الشرك في توحيد الألوهية؛ بكونهم أطاعوا واتبعوا طوغيت أكبر منهم من الشرق والغرب فيما يأمرونهم به من تبديل الدين وشرع ما لم يأذن به الله تعالى.

فالطواغيت الصغار يمارسون الشرك في توحيد الربوبية على من تحتهم، ويمارسون الشرك في توحيد الألوهية بوقوعهم في شرك الطاعة لمن هم فوقهم من الطواغيت الكبار.

المثال الثالث عشر:

التعصب لشيوخ الجماعات والأحزاب

وممن يخشى عليه من هذا النوع من الشرك أن يصيبه من غباره بعض المنتسبين إلى بعض الجماعات والأحزاب الإسلامية الذين سيطرت عليهم التربية الحزبية المقيتة والتعصب المشين لهذا الحزب أو ذاك، والنظر إلى شيوخ الجماعة وقادتها وكأنهم معصومون لا تجوز مخالفة قراراتهم ولا أوامرهم مهما كانت مخالفة للشرع؛ وهذا ثمرة التربية المُرة التي تُخرج في العادة إمّعات وعبيدا يقدسون الرجال.

“وفرْقٌ بين التقديس والتقدير”.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

وأما رأس الحزب فإنه رأس الطائفة التي تتحزب أي تصير حزباً.

فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسولُه من غير زيادة ولا نقصان؛ فهم مؤمنون، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم.

وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا مثل التعصّب لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل، والإعراض عن من لم يدخل في حزبهم سواء كان على الحق أو الباطل؛ فهذا من التفرق الذي ذمه الله ورسوله؛ فإن الله ورسوله أمرا بالجماعة والائتلاف ونهيا عن التفرقة والاختلاف، وأمرا بالتعاون على البر والتقوى ونهيا عن التعاون على الإثم والعدوان. (4مجموع الفتاوى 11/ 92)

الهوامش:

  1. مجموع الفتاوى 1/ 98.
  2. مجموع الفتاوى 1/ 98.
  3. مجموع الفتاوى 1/ 97.
  4. مجموع الفتاوى 11/ 92.

اقرأ أيضًا:

وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (1) خطر الشرك

وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (2) بين الطاعة والتأله

وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (3) موجِبات حق التشريع

وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (4) التلازم بين المحبة والتشريع

وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (5) نظرة الى الواقع

وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (6) بين الصبر والإنكار

المصدر:

دراسة: وإن أطعتموهم إنكم لمشركون

التعليقات غير متاحة