جرائم فرنسا وحقدها الصليبي ضد المسلمين لم يتوقف الى هذه اللحظة. مجازرها شاهدة، ونهبها لخيرات المسلمين مستمر. نصرة المسلمين لبعضهم واجب وسعيهم للتخلص من الذل فريضة.

تاريخ من الجرائم والأحقاد

“مالي” دولة إسلامية كبيرة في غرب أفريقيا؛ مساحتها (1.240.000كم²) أي ما يعادل مساحة بريطانيا خمس مرات تقريبًا؛ تقع جنوب الجزائر وشرق وجنوب موريتانيا.

احتلَّتْ فرنسا بلاد “مالي” أكثر من قرن ونصف من الزمان؛ نهبت فيها الكثير والكثير من خيراتها، وما زالت الهيمنة الفرنسية عليها إلى يومنا هذا؛ فوِفق اعترافات فرنسا ـ نفسها ـ يسيطر أكثر من خمسة آلاف ومائة جندي فرنسي على معظم المناطق الحيوية في مالي إلى يومنا هذا.

وبين الحين والآخر تطالعنا الأخبار بمجازر فرنسية ـ متتابعة ـ لهذا الشعب المسلم المسالم بدعوى مكافحة الإرهاب..!! وبين فرنسا ومالي آلاف الأميال المحتوية على جبال ضخمة وصحراء قاحلة وبحر متلاطم ـ البحر الأبيض المتوسط..

والذي جاء بفرنسا من هذه المسافة البعيدة هو الطمع في خيرات “مالي” من الذهب والمعادن واليورانيوم.

وقبل أيام وتحديدًا يوم الأحد (3) يناير من الشهر الجاري وفي منطقة “موبتي” في وسط مالي كان أهل القرية يحتفلون بأحد أعراسها عندما انقضَّت عليها الطائرات الفرنسية الهمجية لتحوّل العرس إلى مجزرة هـــائـــلـة راح ضحيتها ما يزيد عن مائة قتيــل، ومئــات الجــرحى من المــدنيين، فيهم نســـاءٌ وأطفــال؛ حسب تصريحات “أداما غريابا” رئيس بلدية “موبتي”.

ولا تفسير لهذه الجريمة النكراء إلا الثأر والانتقام ـ في ظل حكومة ماكرون الحاقدة ـ لمقتل خمسة من جنودها بعبوات ناسفة في (1) يناير الجاري، فقد راحت تنتقم من المدنيين.

ونقول ـ وبالله التوفيق ـ تنبيها على الجرائم، وحقيقة دوافعها، والواجب نحوها:

خيرات منهوبة

ما زال العداء والحقد الصليبي الفرنسي مستمرًّا ومستعرًا ضد المسلمين، ويتحول من مكان إلى آخر؛ فتارة في فرنسا نفسها إساءة لنبي الإسلام، صـلى الله عليه وسلم، وحماية للمسيئين، وإيذاءًا وتضييقًا على المهاجرين المسلمين، وتارة في مالي ورواندا والنيجر وأفريقيا الوسطى وغيرها من دول وسط أفريقيا.. ولا ننسى التاريخ الفرنسي الأسود في مصر والجزائر ولبنان وغيرها من البلاد الإسلامية.

ولا ننسى ـ أيضًا ـ أنَّ الاقتصاد الفرنسي ما زال يعتمد أساسًا على الخيرات والثروات والمواد الخام المنهوبة من بلاد المسلمين في أفريقيا ـ خاصة ـ عن طريق الحكام العملاء الذين تدعمهم الاستخبارات الفرنسية الإجرامية إلى يومنا هذا.

ولولا خيرات المسلمين لكانت فرنسا من الدول الفقيرة المتخلفة؛ فهم ينهبون المواد الخام من بلاد الإسلام فتدور مصانعهم بها لتحوّلها إلى منتجات تباع معظمها لبلاد الإسلام أيضًا.

وكل هذا ـ وغيره ـ يؤكد على لزوم استمرار مقاطعة عتاة المجرمين هؤلاء؛ الذين لا يقفون يومًا عن حرب الإسلام وأهله، ولا عن نهب ثروات المسلمين..

وقد فصّلنا القول من قبل في أنَّ المقاطعة الاقتصادية مشروعة؛ بل هي من جهاد أعداء الله تعالى ونصرة المستضعفين المظلومين..

وحذرنا ـ من قبل أيضًا ـ كفار فرنسا أن يكفوا عن إيذاء المسلمين، ونقول لهم اليوم:

النصرة الواجبة

إنَّ المسلمين في مالي، وفي كل مكان على سطح الأرض؛ هم إخوة لبعضهم بعضًا؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات:10].

وهم كالجسد الواحد؛ كما قال رسول الله، صـلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». (1رواه البخاري (6011)، ومسلم (2586) واللفظ له)

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول اللَّه، صـلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». (2رواه البخاري (2442)، ومسلم (2580))

ومعنى «لَا يُسْلِمُهُ»: أي لا يتركه لمن يظلمه.

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنـه قال: قال رسول الله صلـى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ». (3رواه البخاري (481،2446)، ومسلم (2585))

فلا تظنوا أنَّ سكوت المسلمين عنكم اليوم ـ وأنتم تظلمونهم شرقًا وغربًا ـ سيدوم؛ بل سيأتي اليوم الذي ينتفض فيه المسلمون ويردون عليكم إجرامَكم ويوقفونكم عند حدودكم. والحكام العملاء الذين يقفون حائلًا بينكم وبين المسلمين لن يدوموا، فلو رجعتم إلى مقتضى العقل لأوقفتم كل عدواة مع الشعوب المسلمة استبقاءًا وحفاظًا على أنفسكم وبلادكم.

ونقول لعموم المسلمين:

كونوا أنصار الله

قال النبي صلـى الله عليه وسلم: «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل». (4رواه مسلم (2199) من حديث جابر رضي الله عنـه)

فالمسلمون في مالي ـ وفي غيرها من البلاد المظلوم أهلها من المسلمين ـ هم إخواننا؛ فيجب على كل مسلم نصرتهم بكل سبيل والدعاء لهم لتفريج كرباتهم. ونصرة المسلمين باب واسع؛ مَن عجَز عن الجهاد بالنفس؛ فليجاهد بالمال، ومن عجز عنهما فليجاهد بالكتابة والنشر.

ولا يفوتنا هنا أنْ ننبه على أنَّ مجزرة مالي هذه الأخيرة قوبلت بصمتٍ مريب من الإعلام العالمي، كما لم تتناولها المواقع الإسلامية بصورة كافية؛ بل لعلَّ كثيرًا من المسلمين لم  يسمع عن مشكلة مالي مع فرنسا أصلًا. ولذا فعلى النابهين في مواقع التواصل شن الحملات تلو الحملات على فرنسا وغيرها حتى يكفوا بأسهم عن المسلمين.

فيا أُمة الإسلام كونوا أنصار الله وأنصار أوليائه من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ عن أبي عنبة الخولاني رضي الله عنـه قال: سمعت رسول الله صـلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسًا يستعملهم في طاعته». (5رواه ابن ماجه (8) وغيره، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (2442))

فلعلَّ الله عزَّ وجلَّ أنْ يجعلنا وإياكم من هذا الغرس المبارك..أعزَّ الله المسلمين في “مالي” وفي عموم الأرض شرقًا وغربًا..

…………………………

الهوامش:

  1. رواه البخاري (6011)، ومسلم (2586) واللفظ له.
  2. رواه البخاري (2442)، ومسلم (2580).
  3. رواه البخاري (481،2446)، ومسلم (2585).
  4. رواه مسلم (2199) من حديث جابر رضي الله عنـه.
  5. رواه ابن ماجه (8) وغيره، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (2442).

المصدر:

  • عبد الله بن فيصل الأهدل.

اقرأ أيضا:

5 1 vote
Article Rating

التعليقات غير متاحة