أداء صلاة الجمعة كما يؤديها ملايين المسلمين يضج بها نواب الغرب الصليبي خاصة عندما تصدر من رأس السلطة السياسية؛ إذ إنهم غصّوا بكل ما يشير الى الإسلام وشرائعه.

الخبر

“لم يمر ظهور الرئيس التونسي الجديد قيس سعيّد، دون جلبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تناقل مرتادوها فيديو له وهو يؤدي صلاة الجمعة، حيث ظهر الرئيس التونسي وهو يؤدي الصلاة في مسجد بمنطقة قرطاج، وسط جموع من المصلين..

فبينما رأى بعضهم في الأمر امتثالا لإرث ثقافي وديني، مشيرين إلى أن سعيّد اعتاد في السنوات الماضية على أداء صلاة الجمعة في المسجد القريب من منزله الواقع بأحد الأحياء الشعبية، استنكر على الجانب الآخر، نشطاء وسياسيون الخطوة، ووصفوها بـ “الشعبوية”. وانتقد أحد القياديين بحركة تحيا تونس سلوك قيس سعيد والتغطية الإعلامية للحدث، ودعا في تدوينة له فيسبوك إلى احترام الدستور الذي ينص على مدنية الدولة ـ أي علمانيتها وسلخها من مظاهر الإسلام”. (1موقع “BBC عربي”، 26/10/2019، على الرابط:
صلاة الرئيس التونسي قيس سعيد “تثير سجالا سياسيا” على مواقع التواصل
)

التعليق

يحتوي هذا الخبر باستفزازته ـ للمسلمين ـ على عدة دلالات؛ يجب إدراكها:

أولا: أن الليبراليين والعلمانيين عموما قد أفلسوا، ولم يعد لديهم ما يقدمونه؛ فمنذ تربيتهم في حضن الاحتلال الغربي “الصليبي”؛ فرنسي وإنجليزي وغيره؛ وهم يحاطون بالرعاية والتدليل والتقديم؛ وعندما أمسكوا بمفاصل بلاد المسلمين وقيادتها ـ السياسية والفكرية على السواء ـ لم يقدّموا شيئا إلا إخفاقات متتالية وتحقيق الرسوخ في التبعية..!

واليوم ليس لديهم مزيد، ولا إمكانية لمعالجة قضايا الناس؛ فتفرغوا للمشاغبة والتصارخ والقعود على الطريق يوعدون ويصدون عن سبيل الله من آمن إذ يبغونها عوجا..! فيتتبعون خطوات المنافقين يرصدون كل علامة على الإسلام أو احترام له. هذه وظيفة قوم؛ فلبئس الناس هم..!

ثانيا: وبهذا يتأكد من قول بعض ليبراليي بلاد الحرمين أنه ليس لليبراليين مشروع؛ فمشروعهم فقط هو هدم مشروع الإسلاميين. إنه دور الشياطين؛ لا يعملون إلا للهدم، وهو دور الشر لا ينبت إلا في الفراغ من الخير؛ وهكذا تهدم الشياطين فيأتي الشر ينبت مؤذيا.

ثالثا: لم تكن أداء “قيس بن سعيّد” لصلاة الجمعة في سياق إحيائي للإسلام ولا في سياق مشروع إسلامي يقيم الشريعة ويستهدف إقامة الدين؛ بل كان في سياق احترام للدين الموروث لدى العوام واحترامٍ لما عليه عامة الناس مع ما فيه من انحرافات ومخالفات وقصور وتلبيس؛ لا بمأخذ التصحيح ولا بمأخذ المشروع؛ بل هو متباعد عن المشروع الإسلامي في منشئه ومأخذه.

وعلى هذا فاستهداف المجرمين العلمانيين لأداء هذه الشعيرة ولما فيه من احترام لما عليه عامة الناس من بقايا الإسلام وموروثه؛ له دلالة كبيرة وهي أنهم لم ولن يكتفوا بالتعايش مع ما الناس عليه من موروث من الإسلام، فللقوم خطة وهي أن يتتبعوا الإسلام وآثاره حيث وجدوه؛ إذ شرق القوم به. وهم لا يمثلون إلا خفراء مندوبين للغرب على مخافر الصليبية في بلادنا.

ولهذا نحذر بشدة من خطرهم وأن الأمور ليست مستقرة لهذا الحال، وأن الذين يطمئنون الناس أن الإسلام بخير، وأن المسلمين بخير هم واهمون. الإسلام بخير لأنه وعد الله؛ لكن حال أهله ليس بخير وهم ليسوا مستقرين حتى على ما ورثوه؛ بل ثمة حركة مطردة وزحزحة لا تقف بهم على حال؛ فبين منتقل الى ما أوجب الله وسلك سبيله، وآخر يتراجع وينسلخ استجابة لهؤلاء الشياطين.

ولكن ثمة جانب إيجابي وهو أنه في كتلة عامة المسلمين ـ وفيما ورثوه ـ ما يخافه الملاحدة والغرب؛ إذ يمكن مخاطبتهم والبناء عليه، وهذا مناط  الدعوة ومجال عملها وهو مكمن مخاوف الفجرة. وهذه نقطة ينبغي ألا تهمل؛ ففيهم الأمل وهم مادة الأمة ونسيجها، وعليهم يدور الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين لاجتذابهم الى أحد السبيلين.

خاتمة

الدرس الأخير وهي أنه ينبغي على المسلمين الا  يتراجعوا؛ فالدرس واضح؛ إن المجرمين لا يراودون المسلم على حكم واحد ولا شريعة معينة وإنما يراودونه على إزاحة الإسلام جملة.

وعلى هذا فالتراجع لا يفيد ولن يكتفوا من المسلم بقسط من التراجع بل سيتتبعونه حتى ينسلخ رأسا. فالتفكير في استرضاء المجرمين طريق مداهنة محرمة ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ (القلم: 9)، وركون محرم ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ (هود: 113)، أو الرضى بالفتنة عن بعض دين الله ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا﴾ (الإسراء:73)

فالثبات خير، والعاقبة للمتقين، ولا يفضح الظالمون إلا أنفسهم .. وإن ربك لهم لبالمرصاد.

…………………………

هوامش:

  1. موقع “BBC عربي”، 26/10/2019، على الرابط:
    صلاة الرئيس التونسي قيس سعيد “تثير سجالا سياسيا” على مواقع التواصل.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة