يتسلط أعداء الله اليوم على بلاد المسلمين قطعة فقطعة يقضمونها، ولهم أهدافهم اليوم في أزمة الغوطة وتكاتف المجرمين على إبادة أهلها، ولا بد من بيان هذا.. كما أن علينا واجبات لا بد من القيام بها..

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.. أما بعد

ولاء لأهلنا وبراءة من عدوهم

فلكم الله يا أهلنا في غوطة دمشق، أرض الملاحم وفسطاط المسلمين، وهنيئاً لكم هذا الصمود والثبات على الدين فهذا هو الانتصار بحق.

وأبشروا فإن العاقبة للمتقين، ولا سواء فقتلاكم في الجنة إن شاء الله تعالى، وقتلى الكفار في النار، وكفى بذلك فوزاً عظيماً لكم، وكفى بذلك خسراناً وبواراً لأعدائكم.

اللهم إنا نبرأ إليك من فعل الكفرة المجرمين والمنافقين الخائنين .. ونعتذر اليك من سكوتنا وقعودنا عن نصرتهم.

وتوبةً منا إلى الله عز وجل من هذا السكوت والقعود نكتب هذه الورقة إسهاماً في نصرة إخواننا وإعلاناً للولاء لهم والبراءة من أعدائهم، وتنبيهاً للمسلمين لحقيقة ما يجري هناك، وأن عاقبة ذلك النصر والتمكين لعباد الله المتقين وأما الباطل فيذهب جفاءً.

حقيقة هذه الحرب وأهدافها

ويمكن حصر الكلام عن هذه النازلة الفاضحة في الأمور التالية:

 مقصود هذه الحرب

يجب أن نعي وندرك بأن ما يجري من حرب وإبادة لإخواننا أهل السنة في الغوطة إن هو الا مسلسل حرب دينية وصراع عقدي بين الحق والباطل، يقصد منه أهل الباطل من كفار ومنافقين سحق الإسلام الحق في نفوس أهله ومحوه من الأرض وإخراج أهله من ديارهم.

تماماً كما حصل في العراق من إبادة لمدن أهل السنة وأهلها وإخراجهم منها في الموصل والفلوجة والرمادي وأبو كمال على أيدي الحشد الشيعي وتغطية جوية من الأمريكان الكفرة وحلفائهم.

وما تلا ذلك في الرقة ودير الزور وحلب، وماسبق ذلك من تهجير أهل السنة من الزبداني ومضايا وداريّا ومعظمية الشام، وما يدور اليوم في الغوطة الشرقية..

كل ذلك يجمعه الحرب على الإسلام الحق المتمثل في أهل السنة ومجاهديهم الرافعين لراية التوحيد والموالاة والمعاداة فيها وجهاد الكفار حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.

إذن فهي حرب دينية عقدية مهما حاول أعداء الله عز وجل أن يحرفوا وجهتها ويبرروها بأنها حرب على الإرهاب أو حرب عنصرية أو اقتصادية أو سياسية.

قال ربنا سبحانه ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ (البروج: 8) وقال تعالى ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ﴾ (البقرة: 217)

[للمزيد: الطائفة المنصورة وواقعنا المعاصر .. حقيقة الصراع، ووجوب الثبات]

اجتماع أحزابهم ودور مجلس الأمن

علينا أن نعي بأن هذه الحرب وإن كان قد تولى كبرها الروس الملاحدة والباطنيون الزنادقة بين روافض ونصيرين؛ فإن المشاركين فيها هم عالَم الكفر كله المتمثل في هيئة أممه الكافرة ومجلس الخوف الغادر.

فأم الكفر أمريكا والغرب بأسره والموالون لهم من المنافقين كل أولئك متواطئون على حرب أهلنا السنة في الغوطة ومن قبلها في الموصل ومدن السنة في العراق.

خصوصية الغوطة، وأهميتها لدمشق، ولشيعة لبنان

يستميت نظام بشار وحلفاؤه الروس والإيرانيون على الاستيلاء على الغوطة وإبادة أهلها أو تهجيرهم منها كما فعلوا في القصير والزبداني وداريا وحلب ومعظمية الشام؛ فلماذا هذه الاستماته؟

إن جزءا من الجواب نجده في الفقرة الأولى وذلك بأن هدف هذه الحرب الشرسة هو تفريغ الغوطة من أهل السنة وتغيير التركيبة السكانية بحيث يحل محلهم الباطنيون من نصيرية وروافض أتت بهم إيران من العراق وإيران وأفغانستان بالإضافة إلى حزب الشيطان اللبناني وهذا ما يُسمى عند السياسيين والعسكريين “بالتغيير الديموغرافي”.

[اقرأ أيضا: تيميَّات. فضل الشام والبقاع .. وفضل العمل الصالح]

أما لماذا الغوطة بالذات؟

فذلك لموقع الغوطة وأهميتها الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية ويهدف المجرمون الى إخراج أهلها منها وربطها بالشريط الحدودي للبنان بحيث يرتبط الرافضة في سوريا برافضة لبنان وتكون منطقة شيعية رافضة واحده.

وتأتي أهمية غوطة دمشق أيضاً من كونها تحيط بدمشق من الشرق والغرب والجنوب وهي تشكل خطراً كبيراً على دمشق العاصمة وهي سهل ممتد عباره عن بساتين غناء وفواكه متنوعة وتعد من أخصب بقاع الأرض تحيط بها جبال عالية ومياهٌ خارجة من تلك الجبال.

وتنقسم الى الغوطة الشرقية والغربية.. والغربية تمتد الى مناطق محيط المزه وكفر سوسه ومعظمية الشام، وهذه الآن تحت سيطرة النصيريين.

أما الشرقية فلا زالت تحت سيطرة المجاهدين، ومركزها وبدايتها من مدينة «دوما» وتواصل امتدادها الى مناطق وقرى وبلدات مثل مدن زملكا وحرستا والمليحه وعقرباء وعربين الى أن تلتقي بالغوطة الغربية، وهي بوابة دمشق الشرقية.

وبما أن الغوطة تحيط بدمشق من الجنوب والغرب والشرق فهي ـ فوق أنها تشكل خطراً على العاصمة دمشق ـ فإنها قريبة من حدود اليهود المحتلين، وهذا يشكل خطراً على اليهود لو بقي فيها أهل السنة الذين تفرض عقيدتهم عليهم البراءة من كل كافر وجهاده لاسيما المحلتين منهم.

فالتواطؤ العالمي على تفريغها من أهل السنة مجاهديهم وعامتهم وإحلال الرافضة الباطنيين مكانهم مما يسهم في تعزيز أمن اليهود حيث لا خوف على اليهود من الباطنيين الخونة الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين.

آية ثبات المجاهدين واستبشارهم؛ فماذا لو اتحدوا؟

إن الصمود العظيم الذي أظهره المجاهدون وحاضنتهم من أهل السنة في الغوطة الشرقية ومركزها «دوما» طوال خمس سنوات من الحصار والتدمير والقصف لهو آية من آيات الله عز وجل ومثالٌ في الصبر والتضحية والثبات أمام جحافل الكفر الروسي والنظام السوري والإيراني وآلتهم العسكرية الضخمة والمدمرة ومن ورائهم العالم الكافر والمنافقون.

هذا مع وجود بعض الخلافات بين المجاهدين في الغوطة فكيف لو كانوا يداً ولحمة واحدة؟ إذن لتضاعف الصمود والثبات وأتاهم النصر من الله عز وجل الذي له جنود السموات والأرض ولأتاهم المدد من حيث لايحتسبون.

فالله الله يا جنود الرحمن..

أجمِعوا أمركم وأتو صفا واحدا، وأخلصوا جهادكم لله عز وجل، واستعلوا على حظوظ النفس وإرادة الدنيا؛ تَروا من الله ما يسركم ويشفي صدوركم ويذهب غيظ قلوبكم من الكافرين والمجرمين الظالمين.

وأحسنو الظن بربكم، واحذروا من الحرب النفسية التي يشنها الإعلام الكافر والمنافق لبث اليأس والإحباط وإضعاف المعنويات في النفوس.

والغريب العجيب أن نرى ونسمع بالتفاؤل والهمة العالية والمعنويات القوية للمجاهدين من داخل الغوطة ونرى عكس ذلك ممن هم خارجها من القاعدين والمشفقين المحبطين..!

وجوب وحدة الكلمة في لحظة مصيرية

أيها المجاهدون:

احذروا التفرق فإنكم إن تفرقتم واختلفتم فإن النتيجة الحتمية في ضوء السنن الإلهية هي الفشل والهزيمة وحينها تبوؤون بإثم الشيوخ والنساء والأطفال العزل الذين يجد العدو الفرصة سانحة أمامه لإيذائهم وإبادتهم فهل تقوى ظهوركم على هذا الحمل العظيم والإثم المبين؟

قال تعالى ﴿ولَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (الأنفال: 46)

وإذا كانت الفرقة شرا في كل وقت فإنها في أوقات الحصار والتدمير خطيئة وجريمة بحق الجهاد والأمة. لقد صار اجتماع الفصائل الكبرى في الغوطة في مجلس قيادة عسكري حقيقي، لا شكلي ولا وهمي، صار واجب الوقت وبات فريضة شرعية وجهادية.

إن القرار الصائب هو الفيصل بين الهلاك والنجاة، بين الموت والحياة، ولا يكون القرار صحيحا إلا باجتماع العقول والكفاءات المنطلقة من قواعد الشرع ومقاصده ولا يكون العمل ناجحا موفقا إلا باجتماع الجهود والطاقات.

إن يد الله مع الجماعة، فلا يصح أن يتخذ أي قرار عسكري إلا بالأغلبية أو بإجماع، ولا يجوز أن ينفرد أي فصيل بقرارات السلم والحرب، مهما بلغت قوته ومهما تكن المسوغات والمبررات.

[للمزيد اقرأ: أين نضع خلافاتنا؟]

موقف أهل العلم خارج الغوطة

وهنا نود التنبيه إلى أمر مهم نخاطب به إخواننا من أهلم العلم خارج أرض المعركة؛ لنقول لهم:

لا تعجلوا بالبت في نازلة من نوازل الجهاد وأنتم لم تشهدوها ولم تعوا واقعها من كل جوانبها.

اتركوا ذلك لمن يصطلي بحرها ويعلم مداخلها ومخارجها من أهل الجهاد في أرض المعركة، وليكن دوركم إسداء النصح لهم بأهمية الاجتماع وتنبيههم إلى القواعد الشرعية والمقاصد المرعية لينزلوها على واقعهم لأن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.

قال سفيان ابن عيينة لابن المبارك: «اذا اختلف الناس فانظروا الى ما عليه أهل الثغور فإن الله تعالى قال: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾» (العنكبوت: 69) أي أن أهل الثغور والجهاد أسعد بمعرفة الحق في نازلتهم من غيرهم.

ومن هذه النوازل «نازلة الغوطة» فلا ينبغي للبعيد عنها من أهل العلم أن يعجلوا  على أهلنا هنالك بأن يفاوضوا العدو في الخروج من ديارهم تلافيا للدمار في الأنفس والممتلكات، حيث هذا ما يريده الأعداء.

وفي المقابل من ذلك لا يحرمون عليهم ما قد يرونه من وسيلة شرعية لحقن الدماء بل يتركوا  ذلك لأهل العلم والجهاد في مدينة الغوطة ليبتّوا فيها بأنفسهم فهم أولى من غيرهم، ولأنهم يرون من المفاسد والمصالح ما لا نرى، ويقدرون الأمور أكثر من تقديرنا.

تيمّن واستبشار بالغوطة

أُذكّر في هذه الفقرة بقوله صلى الله عليه وسلم عن غوطة دمشق وشرفها «فسطاط المسلمين يوم الملحمة الغوطة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق»(1)

ففي هذا الحديث شرف لهذه المدينة وأنها ستكون بؤرة الصراع وخيمة العمليات ومركزها التي تنطلق منها المعارك بين أهل الكفر وأهل الإيمان في آخر الزمان وهي اليوم ملحمة وشوكة في حلوق الكفرة والمنافقين.

وتيمناً بهذا الحديث الشريف فإننا نتفاءل ـ إن شاء الله تعالى ـ بانتصار إخواننا أهل السنة على أعدائهم من الكفار والمنافقين إن هم وحّدوا صفوفهم.

وما يدرينا.. فلعل هذه الملاحم التي تدور رحاها اليوم من بلاد الشام هي مقدمات وإرهاصات للملاحم الكبرى التي جاءت الأحاديث تبشر بها بانتصار الإسلام وأهله.

واجبنا نحو أهلنا في الغوطة

إن علينا تجاه إخواننا وأهلنا في غوطة دمشق وغيرها من مدن السنة المحاصَرة واجبات كثيرة لأخيار لنا فيها من أهمها:

  1. الدعاء لهم في الصلوات وأوقات الإجابة بالنصر والثبات وأن يكشف الله عز وجل عنهم كرْبهم ومحنتهم، وأن يوحد صفوفهم ويؤلف بين قلوبهم، وأن يرد كيد أعدائهم في نحورهم، وأن يقذف الرعب في قلوب الكفرة المعتدين وأن يخالف بين كلمتهم.
  2. على الفصائل المجاهدة خارج الغوطة «كإدلب ودرعا» أن يفتحوا ثغرات يحاربون منها النظام وحلفاءه ليخففوا الضغط على إخوانهم بالغوطة.
  3. على علماء الأمة ودعاتها حثُّ الأمة على نصرة إخوانهم المكروبين وتوعيتهم بحقيقة ما يجري هنالك، وأنها حرب دينية يقصد منها مسخ الهوية الإسلامية وتفريغ الديار من أهل الإسلام الحق واحتلالها من قبل الكفار والمنافقين.
    والتأكيد على عقيدة الولاء والبراء التي هي ركن التوحيد وصلبه: الولاء لله ورسوله والمؤمنين، والبراءة والعداوة من الكفار والمنافقين.
  4. تقديم الدعم الجزيل لهم من مال وغذاء وكساء ودواء، وإيصال ذلك إليهم بتسليمها لأيدٍ موثوقة أمينة.
    والصادق في نصرته لهم سيجد الطريق إلى ذلك.

اللهم انصر دينك والمجاهدين في سبيلك واجعل رجزك وعذابك اله الحق على عدوك وعدوهم من الكافرين والمنافقين..

والحمد لله رب العالمين

……………………….

هوامش:

  1. رواه أبو داود واحمد وصححه الالباني في صحيح الجامع (2116).

اقرأ أيضا:

  1. المشروع الأمريكي في حرب أهل السنة .. المحور العسكري
  2. مهزلة الضربة الأمريكية لبعض المواقع السورية
  3. سنوات من الجرائم في سوريا

التعليقات غير متاحة