بين تلقِّي ضربات متوقعة تمثل خزيا عاما لحال العرب والمسلمين، وبين البحث في البيئة المهترئة التي نشأ فيها الباطل، وبين البحث عن الدوافع والعلاج؛ يجب النظر في صفقة القرن.

الخبر

“أعلن ترامب  (الثلاثاء 28/1/2020) عن صفقة القرن بما يتضمن الإعتراف بضم القدس للصهاينة ـ كاملة غير مجزأة ـ وضم الجولان، وضم غور الأردن، ومن (30 ـ 40% ) من أراضي الضفة الغربية، وضم المستوطنات في الضفة، والاعتراف بدولة “إسرائيل” مع تنمية اقتصادية يوعد بها ولا تنفذ ولو نفذت فعلى حساب تصفية القضية تماما..” (1موقع “الأناضول” 28/1/2020، على الرابط:  “صفقة” ترامب: دولة فلسطينية متصلة.. والقدس عاصمة موحدة لإسرائيل
موقع “BBC عربي” 28/1/2020، على الرابط: ” ترامب يكشف تفاصيل مبادرته في الشرق الأوسط وسط رفض فلسطيني وترحيب إسرائيلي
موقع “CNN بالعربية، 28/1/2020، على الرابط: وضع القدس و”فرصة” للفلسطينيين.. أبرز ما كشف عنه ترامب من تفاصيل “صفقة القرن”
موقع “الجزيرة”، 28/1/2020، على الرابط: وصفها بالفرصة الأخيرة للفلسطينيين.. ترامب يعلن خطته للسلام شاملةً القدس عاصمة موحدة لإسرائيل
)

التعليق

يتهيأ “ترامب” لتصفية القضية الفلسطينية، وهي ما أُعلن عنه باسم “صفقة القرن”.. وثمة دلالات مهمة:

المشتركون في الجريمة

يشترك في تمرير الخطة بعد وضعها طوائف:

  • الغرب الأمريكي الأوروبي بصليبيته ومشاريعه الصهيومسيحية.
  • الأنظمة الوظيفية في بلاد المسلمين. وقد حضر منها في احتفال الإعلان ثلاثة دول. والباقي سيقوم بالتنفيذ والرعاية بدون حضور الحفل..!
  • النخبة القذرة المتشربة بالروح الغربية المسيحية أو الملحدة الإباحية.
  • التيارات الدينية الخائنة، والشخصيات الخائنة؛ التي شرعنت للأنظمة العلمانية وابتلعت انحرافاتها.

حال الأمة

  • تمتلك الأمة حلولا تستلزم منها الحضور والجدية ورعاية قضاياها وعدم تسليم مصيرها لمن يعبث به.
  • طريق حضور الأمة واستعادتها للمبادأة يمر عبر رفض الأدوات المحلية الثلاثة الأخيرة؛ (الأنظمة الوظئفية الخائنة، والنخبة المتغربة الساقطة، والتيارات والأشخاص الذين خانوا الأمة).
  • الأمة في حالة انكشاف. والمقصود به أنه لا أنظمة مخلصة ومنتمية تمثل المسلمين، ولا نخبة وازِنة تتكلم باسمهم، ولا علماء مخلصين أو تيارات دينية تحتويهم.. اللهم إلا بقايا منهم وهم مضطهَدون.
  • وهذا الانكشاف ينقل المسؤولية للشعوب نفسها؛ لإفراز نخبة وأوضاع تمثلهم وتحميها.

ما لم يصرّح به المجرمون

لولا الانكسار العربي والإسلامي منذ (2013م) لم يكن لما حدث أن يحدث..

  • حيث توفرت حكومات موالية صراحا لليهود والغرب، وجاء المزيد بعدهم من بقية الدول، وصُرح بما كان خافيا، ولم يعد هناك محرما لا قوميا ولا وطنيا.
  • وحيث أصبح الإسلام ممنوعا عن الوجود وعن إلقاء كلمته وحكمه، واعتباره إرهابا.
  • وحيث الشعوب في أسفه حالة عقلية وأحطّ حالة خُلقية، وأكثر اضطرابا عقيديا.

لا تُطرح خطة كهذه إلا بعد انهيار “البيئة” العربية والإسلامية المحيطة بالكيان الصهيوني. ولا عودة لتصحيح الوضع في القدس وفلسطين إلا باعتدال البيئة العربية والإسلامية وإصلاحها. ولا صلاح لها إلا بكلمة الإسلام.

هدف النشاط الساخن للتطبيع العربي المعلَن

النشاط الساخن والمعلن بين الصهاينة وبلاد الحرمين والخليج مطلوب منه ثلاثة أمور محورية:

  • الإنفاق العربي على الخطة؛ فلا يخسر الصهاينة ولا الأمريكيون دولارا واحدا..إذلالا لأهل المذلة وخزيا لأهل الخزي الذين فرّطوا في دينهم وباعوه.
  • إعطاء شرعية للخطة حيث أن القمة الروحية للمسلمين المتمثلة في “السعودية” ـ زورا ويهتانا ـ رضيت بها؛ ومن ثم تتقي غضبة العالم لإسلامي أو الموقف الموحّد لهم أو الاعتراض؛ حيث لم تعترض البلد التي تضم أعظم مقدسات المسلمين وهي بلاد الحرمين. ومن هنا كان دور ابن سلمان.
  • فتح المجال أمام استثمار صهويني ليصبح الكيان الصهيوني أغنى وأقوى وأشرس، وأقدر على تصنيع السلاح وامتلاك القوة والهيمنة على المنطقة..!

دور المهلة المعطاة للفلسطينيين

لن تكون هذه هي النهاية؛ ففي مهلة معطاة لأربع سنوات؛ مقصود منها أمور عديدة..

  • منها أنه لو رفض “محمود عباس” فهناك طابور كبير من الخونة خلفه سيقبلون ما لن يقبله.
  • ثمة حديث خفي و”تجارب سياسية” حول أرض “الأنبار” في العراق لتكون مَنْفذا لتوطين الفلسطينيين لعدم خسارة الحليف الأردني الرافض لـ “الترحيل” الفلسطيني للأردن وليكون بديلا للتنفيذ بين تبادل الأراضي في سيناء والضفة والأردن.
    وبالتالي ثمة حديث غربي هامس عن موجة جديدة من المذابح في العراق تفوق ما تلقاه في (2003م) من أجل تنفيذ هذه الخطة التي يشرف عليها الخليجيون، تحت غطاء منطقة سنية في العراق.

دور الإسلام

يجب عدم الهروب؛ فلا مجال لعودة هذه الأمة إلا بالإسلام.

  • والإسلام هو الشريعة الحاكمة والمهيمنة والصابغة للأمة وحياتها ومنهجها.
  • والإسلام هوية جامعة، تحدد ولاء المسلم وحدود تحالفاته وضوابطها.
  • والإسلام هو الروح الدافعة والمعيد لصياغة شخصية الإنسان المعاصر.
  • والإسلام هو الدافع الحضاري للعمل والرقي، وللخلق والتحضر، والدافع للتقدم والعلم وامتلاك العلوم والقوة والتكنولوجيا.
  • والإسلام هو الدافع لرفض التبعية ورفض المذلة.

خاتمة

يمكن تحوير الطروحات “القومية” لتتقزم الى “الوطنية” ثم لتغيير النظرة الى الكيان الصهيوني والى القوى المعادية للأمة. لكن يبقى الإسلام ثابتا بأحكامه، وهذا وحده كاف كملجأ لمن أراد ألا يبدل ويغير ويتلاعب بمصير الأمة.

كما أن شراء الإنسان المعاصر ممكن؛ ولو انتمى زورا للإسلام. ويبقى الصدق عاملا حاسما. وفي هذا نتلو آيات ربنا الى يوم القيامة عن حكم “الكافرين” وعن حكم “المنافقين”، وكذلك عن “يوم ينفع الصادقين صدقُهم”.

ومن إحساننا الظن بربنا أن نتفاءل بمثل هذه الأحداث المتسارعة. وما يدرينا فلعل السحر أن ينقلب على الساحر وأن ننظر الى مايحدث بأنه  ـ إن شاء الله تعالى ـ مقدمات وأسباب لسقوط المشروع الصهيو أمريكي، وتعرية أذنابه في المنطقة؛ ليقوم على أنقاضه ظهور هذا الدين وأهله. ولا ننسى وعده صلى الله عليه وسلم بقوله «لا تقوم السَّاعة حتى يقاتلَ الْمسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشَّجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلْفي، فتعال فاقتلْه». (2صحيح مسلم (2922))

……………………………..

هوامش:

  1. موقع “الأناضول” 28/1/2020، على الرابط: “صفقة” ترامب: دولة فلسطينية متصلة.. والقدس عاصمة موحدة لإسرائيل
    موقع “BBC عربي” 28/1/2020، على الرابط: ” ترامب يكشف تفاصيل مبادرته في الشرق الأوسط وسط رفض فلسطيني وترحيب إسرائيلي
    موقع “CNN بالعربية، 28/1/2020، على الرابط: وضع القدس و”فرصة” للفلسطينيين.. أبرز ما كشف عنه ترامب من تفاصيل “صفقة القرن”
    موقع “الجزيرة”، 28/1/2020، على الرابط: وصفها بالفرصة الأخيرة للفلسطينيين.. ترامب يعلن خطته للسلام شاملةً القدس عاصمة موحدة لإسرائيل
  2. صحيح مسلم (2922).

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة