إقامة الشريعة وإقامة دين الله تعالى في الأرض أمر جاد، وليس نزهة عابرة. فهو يصطدم بقوى وتاريخ، وأحقاد وصراعات، وأباطرة أموال ومراكز فجور ومصانع سلاح، وعقائد مخالفة. ولا بد من الجدية في مقابل هذا.

الخبر

نشرت وكالة الأناضول فيديو تحت عنوان:

“تركيا تعرض مجسم مقاتلتها المحلية في معرض باريس للطيران”

عرض المجسم يتم لأول مرة ويحظى باهتمام الصحفيين وخبراء في مجال الطيران. (1موقع الأناضول، على الرابط:
تركيا تعرض مجسم مقاتلتها المحلية في معرض باريس للطيران
)

التعليق

هذا الخبر على بساطته وعفويته ويمر عليه الكثير مرورا عابرا؛ يمثل توجها مهما ومحوريا للأمة؛ إذ لا إقامة للدين ولا تحكيم للشريعة، ولا تحرير لهوية الأمة وإرادتها، ولا دفاع عن قضايا إلا بكسر الطوق المفروض على الأمة باحتكار الغرب للسلاح وتصنيعه وعلومه و”التكنولوجي” الخاص به.

لا يعقل عاقل ولا يمر عليه ـ إلا في زماننا المقلوب أهله، المنتكسة فيه الرؤوس ـ أن يتلقى الناس من عدوهم السلاح المفترض أن يواجهوه به..!

فلا عاقل يقبل إمكان أن يعطيه العدو سلاحا مساويا لما يملك العدو نفسه؛ ولا حلفاؤه.

ومن هنا فالشراء لسلاح العدو هو “تشغيل” لمصانع العدو، و”ترويج” لاقتصاده. كما خطب ترامب وهتف: “Jops, Jops, Jops”

فإذا أضفت الى هذا أن بعض مصانع السلاح الأمريكية تجمّع أجزاء منها في الكيان الصهيوني عرفت مدى العار الذي يلحق المسلمين وهم يشغّلون مصانع السلاح الاسرائيلية والأمريكية بأموالهم؛ سخريةَ بالمسلمين وغصبا لأموالهم، مع الحفاظ على الفارق التكنولوجي والعلمي؛ الكمي والكيفي، لصالح الغرب ومندوبه الصهيوني.

لهذا كان لا بد من كسر الطوق واعتدال الميزان والاستقلال في هذا المجال، كما يجب الاستقلال في مجال الغذاء والدواء.

كل هذا ليس لتنافس سياسي ما، بل لإقامة الشريعة والدين؛ فقوام الدين بكتاب هادي وسيف ناصر، فإذا فُقدت الهداية بالكتاب كان الضلال، وإذا فُقد السيف الناصر كانت المذلة ولم يرفع المسلمون بدينهم رأسا.

وهذه المعضلة بقي المسلمون فيها أكثر من قرنين من الزمان، بعد أن كانوا متفوقين على عدوهم قرونا، لم يسبقهم بشيء بل سبقوه؛ أصبح الفرق لصالح العدو. ولا بد من اعتدال هذا الميزان.

أخيرا

لن يتحقق هذا الاعتدال لموازين القوى وهذا الكسر للطوق في لمحة عين، ولا بقرار سحري، بل هو قرار وإرادة عقدية وسياسية، للقيام بتكليف كفائي أمر الله تعالى به ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ (الأنفال: 60)

وهو لا يتحقق بعنترية وعجرفة، ولا بتوهمات متهورة؛ بل يتحقق بطرق يجمعها “بذل الجهد الكبير”، وتترواح وسائله بين الحصول على العلوم، والحيل للحصول على التكنولوجيا شراء وحيلة وغيرها، وإعادة التفكيك والتصنيع، والاستفادة بالمسلمين المغتربين، وبالتعاون الإسلامي بين الدول. ومن صدقت إرادته وصل بإذن الله تعالى.

إن ما يهمنا هنا هو القيام بهذا التكليف وامتلاك هذه القوة، بغض النظر عن الحكم على النظام التركي، ولا يعني هذا أنه نظام شرعي إسلامي، ولا أنه قدوة مطلقة. وبغض النظر أيضا عن العلاقات السياسية بين الأنظمة المهرجة في منطقتنا. ليس هذا ما يشغلنا بل ما يشغلنا هو الطريق نفسه والأداة الواجب امتلاكها. وعلى الله تعالى قصد السبيل، وبه التوفيق

…………………………….

هوامش:

  1. موقع الأناضول، على الرابط:
    تركيا تعرض مجسم مقاتلتها المحلية في معرض باريس للطيران

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة