محور الإسلام وأساسه هو التسليم لله تعالى وحده، القبول والإذعان والخضوع والذل لرب العالمين النابع من غاية المحبة له. والمؤمن يرى الخير في طاعة ربه ويوقن أن الأمان في جناب الله تعالى.

الوسائل الجالبة بإذن الله تعالى للتسليم والقلب السليم

إن أعظم منة يمن الله عز وجل بها على من يشاء من عباده منة استقرار الإيمان واليقين والتسليم لله عز وجل في القلب، حتى يكون القلب سليما ممتلأ بما يحبه الله عز وجل ويرضاه. وصاحب هذا القلب هو صاحب النفس المطمئنة، التي تأتي ربها راضية مرضية، تنعم برضوان الله تعالى وجنته، نسأل الله عز وجل أن يمن علينا بفضله ورحمته بالقلب السليم والنفس المطمئنة.

بعض الأسباب المعينة على تحلي العبد بالقلب السليم واستقرار التسليم لله عز وجل في قلبه:

ذكرنا في مقال سابق بعض هذه الأسباب وفي مقالنا هذا نستكمل بعض الأسباب المعينة على التسليم.

خامسا: تدبر کتاب الله عز وجل والوقوف مع مواعظه

يقول الله عز وجل: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 29].

ويقول سبحانه: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: 24]، ويقول عز وجل: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ [القمر:17].

والمتدبر لكتاب الله عز وجل يجد فيه كل ما يحيي القلوب ويزيد الإيمان واليقين والتسليم لله عز وجل ، ففيه الحديث عن آيات الله عز وجل في الآفاق والأنفس الدالة على تعظيم الله عز وجل وقدرته وحكمته ورحمته. وفيه الحديث عن أسماء الله الحسنی، وما تقتضيه من الخلق والأمر، وفيه الحديث عن آلاء الله ونعمه، التي لا تحصى، وما يثمر ذلك من حمد الله والثناء عليه والتسليم له. وفيه الحديث عن حقيقة الدنيا، والآخرة والحث على الزهد في الدنيا التي هي سبب قسوة القلوب وعدم انتفاعها بالمواعظ والزواجر والوعد والوعيد. وفيه الحديث عن كثير من أحكام الله الشرعية الكاملة الشاملة التي كلها خير ومصلحة.

وفيه قصص أنبيائه ورسله وأوليائه، وما تضمنته من التسليم الكامل من هؤلاء المصطفين لربهم ولأحكامه، کما قص علينا سبحانه جانبا من ذلك في قصة إبراهيم عليه السلام واستسلامه لربه، وتقديم نفسه في سبيل الله عز وجل للنيران وولده للقربان.

وفيه من الحكم الباهرة في أخباره وأحكامه، وذلك كله يقود إلى مزيد من التسليم والإذعان والفرح بهداية الله عز وجل لهذا الدين وكتابه العزيز، قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 57 – 58] وعن تدبر القرآن ومجاري التفكر فيه وما يثمره في القلوب، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: (ومجاري هذه الفكرة تدبر كلامه، وما تعرف به سبحانه إلى عباده على ألسنة رسله من أسمائه وصفاته وأفعاله، وما نزه نفسه عنه مما لا ينبغي له ولا يليق به سبحانه، وتدبر أيامه وأفعاله في أوليائه وأعدائه التي قصها على عباده، وأشهدهم إياها ليستدلوا بها على أنه إلههم الحق المبين، الذي لا تنبغي العبادة إلا له، ويستدلوا بها على أنه على كل شيء قدير ، وأنه بكل شيء عليم، وأنه شديد العقاب، وأنه غفور رحيم، وأنه العزيز الحكيم، وأنه الفعال لما يريد، وأنه الذي وسع كل شيء رحمة وعلما، وأن أفعاله كلها دائرة بين الحكمة والرحمة والعدل والمصلحة، لا يخرج شيء منها عن ذلك، وهذه الثمرة لا سبيل إلى تحصيلها إلا بتدبر کلامه والنظر إلى آثار أفعاله)1(1) مفتاح دار السعادة 1/ 185، دار الكتب العلمية..

سادسا: العلم بالشرع والبصيرة في الدين

يقول الله عز وجل: ﴿قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108]، ويقول عن أنبيائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ﴾ [ص: 45]. ويقول سبحانه عن إبراهيم عليه السلام وهو يدعو أباه: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا﴾ [مريم: 43]، والآيات والأحاديث التي تبين أثر العلم في تبصرة القلب واستنارته واستسلامه لربه كثيرة في كتاب الله عز وجل، وفي سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ذلك أن العالم بربه سبحانه وبأسمائه وصفاته وأحكامه وأوامره، وما فيها من الحكم الباهرة والمصالح العظيمة، يكون في الغالب مخبتا لربه، منقادا خاضعا مستسلما له، ولأوامره وأحكامه سبحانه، أكثر من غيره ممن قلت بصيرته بربه سبحانه وبدينه، حيث یکون إسلامه لربه ضعيفا، كما أن تأثير الشبهات والشهوات على قلبه يكون كبيرا لقلة علمه وبصيرته، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: (وأصل كل فتنة إنما هو تقديم الرأي على الشرع، والهوى على العقل. فالأول: أصل فتنة الشبهة، والثاني : أصل فتنة الشهوة، ففتنة الشبهات تدفع باليقين، وفتنة الشهوات تدفع بالصبر، ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين، فقال: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: 34]. فدل على أنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين . وجمع بينهما أيضا في قوله سبحانه: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: 3]. فتواصوا بالحق الذي يدفع الشبهات، وبالصبر الذي يكف عن الشهوات، وجمع بينهما في قوله سبحانه: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ﴾ [ص: 45]، فالأيدي: القوى والعزائم في ذات الله. والأبصار: البصائر في أمر الله. وعبارات السلف تدور على ذلك. قال ابن عباس رضي الله عنه، أولي القوة في طاعة الله والمعرفة بالله .. وقال مجاهد: الأيدي: القوة في طاعة الله . والأبصار: البصر في الحق. وقد جاء في حديث مرسل: «إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات»2(2) رواه البيهقي في الزهد الكبير 2/ 470 وقال: تفرد به عمر بن حفص، وورد في مسند الشهاب 2/ 152 تحقیق حمدي السلفي. مؤسسة الرسالة .. فبكمال العقل والصبر تدفع فتنة الشهوة وبكمال البصيرة واليقين تدفع فتنة الشبهة، والله المستعان)3(3) إغاثة اللهفان 2/167 ، دار المعرفة، تحقيق: محمد حامد الفقي..

والحديث عن هذا السبب من أسباب استجلاب التسليم يقودنا إلى السبب السابع، وهو:

سابعا: مصاحبة أهل الإيمان واليقين والقراءة في سيرهم ومجانبة أهل الشبهات ومجالسهم وكتبهم، ومواقعهم

يقول الله عز وجل: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: 28]، ويقول سبحانه: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام: 68].

ويبين الرسول صلى الله عليه وسلم أثر الجليس على مجالسه، فيقول: «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافح الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن يبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا منتنة»4(4) البخاري (5534)، مسلم (2628).، وقال أيضا: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»5(5) الترمذي (2379) وقال: حديث حسن..

وفي ضوء هذه الآيات والأحاديث يظهر لنا أثر الجليس من شخص أو كتاب على من يجالسه، ولذلك رأينا في منهج السلف الصالح تحذيرهم من مجالسة أهل الشبهات والأهواء والبدع، أو النظر في كتبهم التي يغلب عليها الشبهات وكثرة الاعتراضات والتأويلات للنصوص المحكمة، وهذا ينعكس على قارئه في قلبه من ضعف في التسليم واليقين، وشعور صاحبه بالحيرة والاضطراب. بينما لا يكون ذلك في مجالس أهل الإيمان والتسليم من الراسخين في العلم، وإنما يشعر الجالس في مجالسهم والقارئ لكتبهم وسيرهم بزيادة في التسليم والإيمان واليقين والانقياد. ولو أمعنا النظر في التحولات والتغيرات التي طرأت وتطرأ على بعض الدعاة والمفكرين قد يصل بعضها إلى الإلحاد والاعتراض على أفعال الله عز وجل وأحكامه لرأينا أن أسباب كثيرة منها يعود إلى سماع أقوال أهل الشبهات أو القراءة في كتبهم، والدخول إلى مواقعهم.

يقول الأستاذ عبدالله السعوي في مقاله: (الغرور العقلي.. والانتكاس الفكري):

(لو ألقينا نظرة تأملية تبحث عن العوامل الفعالة التي تقف خلف كثير من التحولات الفكرية الحادة عند بعض النماذج، والتي تنتقل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار على نحو يستعصي معه الفهم والتحليل؛ لألفينا أنها لم تنبثق من فراغ بقدر ما هي أثر حتمي أفرزته بواعث متنوعة، بينها تسلسل سببي، وروابط علية متبادلة ومتفاعلة، أسجل باعثين هنا منها على سبيل الإجمال، مقتصدا جهد الطاقة حتى لا أثقل على ذاكرة القارئ الكريم:

أولا: القراءة المكثفة في كتب أهل الأهواء مع ضآلة العلم الشرعي في منحاه العقدي خاصة:

إن الفضول المعرفي بطبيعته يدفع إلى مزيد من النهم القرائي اللامنضبط – أحيانا – مما يدفع بالفرد إلى قراءة كل ما يقع في متناول يديه من أطروحات فكرية قراءة غير موجهة بحكم عدم استنادها إلى قدرات علمية عليا، ولذا فهي تولد الاتجاه السلبي أكثر مما تعزز التوجه السلفي كإفراز حتمي ناشئ عن ضمور مکتسبه المعرفي في جانبه العقدي على وجه الخصوص.

إن إثارة الشبهات والتشكيك في العقائد والإطاحة بالتصورات الإيجابية، هو الهدف المحوري الذي تتغياه کتب ومقالات أهل الأهواء، الشأن الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمعر وجهه عندما شاهد صحيفة من صحف أهل الكتاب مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو الفاروق المبشر بالجنة، ونهاه عن قراءتها.

ولقد كان سلفنا الأفاضل يحرمون علم الكلام، ويشددون في عدم السماع من أهل الأهواء أو النظر في مؤلفاتهم، حتى ولو احتوت على شيء من الحق؛ لأن هذه الأطروحات تورث شبها تضلل المتلقي وتستهویه وتؤثر على قناعاته…

إن القارئ المتسطح الذي يعاني من الهزال في بنيته المعرفية يتعسر عليه – إن لم يتعذر – أن يقرأ بروح تمحيصية ناقدة، فهو لا يملك القدرة على سبر أغوار الروح العامة، وتفكيك البنية الشاملة التي ينهض عليها هذا الخطاب، ولذا يقع فريسة سهلة للأفكار السالبة بكافة ضروبها، ويسيطر عليه ما يشبه عمى الألوان، فيتجاوب مع المادة المطروحة، ويتذوقها، وتنطبع لديه في أعماق الضمير…

إن الإلمام بالعلم الشرعي والتشبع بالفقه العقدي وفق منهج سلفي مطلب جوهري في غاية الأهمية والإلحاح، مطلب يمنح صاحبه حصانة فكرية، ويزوده بمناعة نفسية، ويورثه عزة وقناعة تامة بصوابية توجهه، ويمده بحيوية ذهنية وقدرة فذة على القراءة النقدية، التي تضعه أمام الحقيقة الموضوعية لهذه الأفكار الوضعية، التي تغذي أخيلة مستهلكيها بالمفاهيم الكاسدة والمتشابكة مع أسسنا الفكرية لسلمنا القيمي المستوحى من نصوص الوحيين…

ثانيا : المبالغة في إيراد الأسئلة والاستفهامات على العقل وتحميله ما لا يحتمل بجعله الإطار المرجعي الأول بعيدا عن النص:

… إن ثقافة التساؤل من حيث المبدأ هي ثقافة ينبغي تفعيلها وإشاعتها، ولكن ثمة ملحظ يجب استحضاره في هذا السياق، مؤداه أن الأسئلة تتباين باعتبار طبيعتها الماهية، فثمة أسئلة لها عوائد إيجابية، وثمة استفهامات لها مردودها المكتظ بالسلبية، كما هو الحال في الاستفسارات ذات النزعة الفلسفية المتمحورة حول ذات الخالق عز وجل وأسمائه وصفاته وأفعاله.

إن ثمة أمورا يجب أن يقف عندها العقل موقف التسليم والخضوع، أشير إلى جزء منها على نحو مجمل کما يلي: –

أولا: القدر، فهو سر الله في خلقه، والرب تبارك وتعالى يعلم الأصلح للخلق، الذين لم يتعبدوا بالبحث عنه، وإنما تعبدوا بالرضى الوجداني، والتسليم المطلق، والامتثال اللامشروط، ولقد كان سلفنا الأوائل نموذجا مثاليا يجدر الاحتذاء به في هذا الشأن، وكانت مواقفهم حازمة إزاء من يتمادى في إثارة الأسئلة والإشكالات في القدر

– ثانيا: الغيبيات عموما، سواء منها ما يتعلق بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله بكيفياتها، أو ما يتعلق بأخبار الغيب الأخرى كأحوال الآخرة أو عالم الشهادة الذي ليس بمقدور مداركنا تناوله، فهذا كله يجب الكف عنه، وتجنب البحث في تفاصيله.

– ثالثا: بعض جگم التشريع؛ لأن چگم التشريع متباينة، فثمة جملة منها قد يدرك من قبل عامة الناس، وجزء آخر قد لا يدركه إلا العلماء، وهناك جزء يختص الخالق – جل وعلا – بمعرفته، وهو سر من أسراره الخفية المغيبة عن البشر.

إن الإفراط في طرح المزيد من التساؤلات سلوك له إفرازاته السلبية؛ لأن للسؤال قدرة هائلة على التشعب والتكاثر والسير في كل اتجاه، فالسؤال السابق يفضي إلى السؤال اللاحق، الذي بدوره يستدعي إجابة تكتظ بمواطن الأسئلة اللامتناهية، وهكذا تتواصل الأسئلة على نحو توالدي، يعيي العقل ويرفعه إلى مشارف الهاوية، فتتنازعه مشاعر متناقضة، تعصف به وتحيطه بدائرة من الكآبة المقلقة والتوترات النفسية المرشحة للتفاقم والاستفحال6(6) انظر المقال في مجلة البيان العدد (229) مع الاختصار الشديد..

ثامنا: النظر في آثار التسليم لله عز وجل وثمارها الطيبة في الدنيا والآخرة.

إن ذكر بعض الثمار اليانعة لسلامة القلب وتسليمه، التي من أبرزها الحياة الطيبة الهنيئة في الدنيا والآخرة، والسلامة من القلق والاكتئاب والحيرة والاضطراب والرضى بقدر الله عز وجل، والسلامة مما يكون عند كثير من الناس من الحسد والأحقاد والتقاطع والتدابر ومن هذه الثمرات الزهد في الدنيا والإقبال على الآخرة بالأعمال الصالحة، وإن التمعن في هذه الثمار لمن أقوى الوسائل التي تدفع المسلم إلى بذل ما في وسعه من الجهد والأخذ بالأسباب السابقة وغيرها، للحصول على هذه الثمار الطيبة والأرباح المباركة، نسأله سبحانه أن يمن علينا بالقلوب السليمة المطمئنة، وأن يمن علينا بتهيئة الأسباب الموصلة إلى ذلك، إنه سميع مجيب منان وهاب واسع عليم.

الهوامش

(1) مفتاح دار السعادة 1/ 185، دار الكتب العلمية.

(2) رواه البيهقي في الزهد الكبير 2/ 470 وقال: تفرد به عمر بن حفص، وورد في مسند الشهاب 2/ 152 تحقیق حمدي السلفي. مؤسسة الرسالة .

(3) إغاثة اللهفان 2/167 ، دار المعرفة، تحقيق: محمد حامد الفقي.

(4) البخاري (5534)، مسلم (2628).

(5) الترمذي (2379) وقال: حديث حسن.

(6) انظر المقال في مجلة البيان العدد (229) مع الاختصار الشديد.

اقرأ أيضا

الوسائل الجالبة للتسليم والقلب السليم (1)

أركان التسليم لله رب العالمين

إبراهيم وإسماعيل إذ يجسدان معنى التسليم

 

التعليقات غير متاحة