للنفاق خطر مدمر بالمجتمع؛ إذ يسعى كالأفاعي ـ آمنا ـ بين المسلمين، يعرض مجتمعاتهم للخطر ويدل العدو على ضعفهم، ويهيء له هزيمتهم.

مقدمة

منذ بداية ظهور قوة الإسلام وعِزة أهله، بدأ الأعداء يخططون ويدبرون، وبدأت التكتلات تظهر ضد الإسلام وأهله، وأبرز هذه التكتلات وأخطرها النفاق والمنافقين.

خطر المنافقين أشد من خطر الكافرين

إن خطر المنافقين أشد من خطر الكفار والمشركين، ولقد حذَّر الله منهم فبيَّن أنهم هم الأعداء الحقيقيون، فالعدو الذي يُظهر عداوته أهون بكثير من المنافقين الذين قال الله عنهم: ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [المنافقون:4].

ولشدة خطورتهم وعدائهم كان موقعهم في أشدِّ مواقع النار عقوبة وعذاباً، قال الله: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا﴾ [النساء:145]، فوظيفة المنافقين الدسُّ والوقيعة بين المسلمين، وفتنة ضعفاء الإيمان. ومن أعظم وظائفهم التعرف على مصادر قوة المسلمين لاستخدامها ضد المسلمين.

ولخطورة النفاق والمنافقين فلا تكاد تخلو سورة مدنية من ذكر المنافقين تلميحاً أو تصريحاً.

وقد خصهم الله بسورة تتكلم عن أخلاقهم وأكاذيبهم، ففضحت السورة دسائسهم ومناوراتهم، وأظهرت ما في قلوبهم من بغض وكيد للإسلام والمسلمين.

ثم حذَّر الله في آخر السورة المؤمنين من الاتصاف بصفاتهم ولو من بعيد، ومن أعظمها الغفلة عن ذكر الله وعن الاشتغال بأوامره بالأموال والأولاد، فقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المنافقون:9].

وجود النفاق في كل زمان

إن النفاق الذي بدأ بدخول الإسلام المدينة، واستمر إلى وفاته صلى الله عليه وسلم لم ينقطع في أي وقت من الأوقات، وإن تغيرت مظاهره ووسائله من حين إلى حين.

وتأمل في إعلام النفاق الذي تَسلَّط على الأمة اليوم، ففي حين تعبث مروحيات اليهود وطائراتهم في سماء فلسطين وتقصف الآمنين، ترى أن دور قنواتنا التي ملأت فضاءنا تخدر الأمة بالرقصات الغنائية الفاضحة، والمسابقات الفنية والكروية من آسيا إلى أوروبا إلى بطولات كأس العالم..! وهاهم أبطال “طاش” ينتهكون حرمة المقابر، فلم يَسْلم من سخريتهم واستهزائهم حتى الأموات، ومهما كان هدفهم فالمقابر ليست مكاناً للتمثيل والتصوير، لكن الله المستعان..! (1مسلسل فكاهي سعودي، تدرج أبرز أبطاله بعد ذلك لمهاجمة الإسلام والاعتداء على ثوابته)

إن خطر المنافقين عظيم، وأي خطر أعظم من أن تظن أنه معك فإذا هو يحاربك، ويخطط ضدك بالليل والنهار..!

أبرز صفات المنافقين

لقد شن القرآن عليهم حملة قوية لفضحهم وبيان ما يقومون به داخل الصف المسلم لإضعافه وتشتيته، وأنا لن أتوسع في ذكر صفاتهم، لكن سأقف مع آيات في سورة النساء ذكرت صفاتاً هي من أخطر صفاتهم، فانظر فيها، وقِسْ هذا على واقعنا اليوم.

موالاة الكافرين

من أعظم صفاتهم موالاة الكافرين، قال الله: ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء:138]، من هم؟ أجاب القرآن: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [النساء:139].

فالمنافقون مرضى نفوس، وقد اغتروا بقوة الكافر وسيطرته وظهوره في وقت من الأوقات، وما علموا أن العزة لله رب العالمين، وقد فضحهم الله فقال: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ [المائدة:52].

وقد أرعبتهم طائرات أمريكا ودباباتها، وقد أذاق أبطال الفلوجة في العراق أمريكا وجنودها سوء العذاب قبل ذلك، وهاهم أبطال الحجارة والمجاهدين في فلطسين يلقنون يهود الدروس يوماً بعد يوم.

الكفر والاستهزاء بآيات الله تعالى

ومن صفاتهم: الكفر والاستهزاء بآيات الله كما قال الله: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء:140].

ومن عباراتهم: “ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء؛ أكبر بطوناً، وأجبن عند اللقاء”، ثم يعتذرون قائلين: حديث ركب، ونقطع الطريق بالضحك والاستهزاء بالمؤمنين..! قال الله: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ [التوبة:65] فالعذر غير مقبول، ﴿لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة:66].

وفي كل يوم تطالعنا الصحف والجرائد والمجلات بأصحاب تلك الأقلام التي تهزأ بالدين وأهله، فإن لم يكن فعلهم وكتاباتهم ردة عن الإسلام فماذا تكون..؟ وها هو مسلسلهم “طاش” الذي يفسد صيام الصائمين يتعرض للمجتمع كله بالسخرية والاستهزاء.

ومن العجب أن هيئة كبار العلماء أفتت بحرمة هذا المسلسل، وحرمة مشاهدته، ولا يزال يعرض علينا في كل رمضان..! فالاستماع والجلوس في مجالس السخرية والاستهزاء ضعف وهزيمة، فأين الحب لله ولآياته، وأين الدفاع عن الدين وأهل الدين؟

الشماتة بالإسلام وأهله

ومن صفاتهم: تحيُّن الفرص للشماتة بالإسلام وأهله، قال الله: ﴿الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء:141].

ولما رجعوا من “أُحُد” قال كبيرهم “ابن سلول”: نصحته ـ يعني: نصحت النبي صلى الله عليه وسلم ـ فلم يسمعني وسمع كلام الأطفال.

واليوم يقول قائلهم: ليس للعرب ولا للمسلمين خيار إلا التوسل بأمريكا..! قلتُ: توسَّل بها أنت ومن هم على شاكلتك، وأما أهل التوحيد فلا يدْعون إلا الله، ولا يتوسلون إلا بأسمائه وصفاته، وبأعمالهم الصالحة، وبدعاء الصالحين الأحياء.

فعجيب أمر المنافقين..! إذا انتصر الإسلام جاءوا يقولون: ﴿نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ [المنافقون:1]، وإذا انتصر الباطل جاءوا إلى أهله قائلين: ﴿إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [البقرة:14 – 15].

وقد يخرجون للقتال، ولكن الهدف من الخروج إدخال الضعف والفرقة لا النصر والتمكين، كما قال الله: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾ [التوبة:47] والمصيبة أن: ﴿وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [التوبة:47].

لكن الله يُطَمئن المؤمنين بأن أولئك لن ينتصروا، وأن الغلبة للمؤمنين، قال الله تعالى: ﴿فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء:141].

المكر والخداع

ومن صفاتهم: ظنهم أنهم سيخدعون الله، كما قال الله: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ [النساء:142]، إنها والله غفلة عظيمة حين يظنون أنهم سيخدعون الله أو يظنون أنه يخدعون أولياءه ولا ينتصر لأوليائه وينجيهم من كيدهم، وهو يعلم السر وأخفى، والله خادعهم، أي: مستدرجهم وتاركهم في غيِّهم حتى يسقطوا دون أن يُنزل عليهم قارعة؛ استدراجاً منه تبارك وتعالى، فالقوارع والمحن رحمةٌ حين تصيب العباد فتردهم عن الخطأ. والنعمة والعافية استدراج حتى ينتهوا إلى شر مصير، قال سبحانه: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام:44 – 45].

وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه»، قال الله: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [الحجر:3].

الكسل والتراخي عن العبادات

ومن صفاتهم التي ابتُلينا بها اليوم الكسل والنوم عن الطاعات، كما قال الله: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء:142]، فهم لا يقومون إلى الصلاة بحرارة وشوق إلى لقاء الله، والوقوف بين يديه، والاتصال به والاستمداد منه.

وتأمل في قوله صلى الله عليه وسلم: «أرِحْنا بها يا بلال!»، وقوله: «وجُعِلت قرة عيني في الصلاة»، وكان صلى الله عليه وسلم «إذا حَزَبه أمرٌ فزِع إلى الصلاة».

وأخبرنا بأبي هو وأمي أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله «ورجل قلبه معلق في المساجد». وقال عدي بن حاتم: «ما جاء وقت صلاة إلا وأنا إليها بالأشواق، وما دخل وقت صلاة إلا وأنا لها مستعد». فهذا حال المؤمنين الصادقين.

وأما حال المنافقين فلا يقومون إلى الصلاة إلا وهم كسالى، يؤذن المؤذن فلا يتحرك، ويسمع الإقامة فلا يتحرك، وفي آخر الركعات قد ينطلق مُراءاةً للناس وسُمعة..! وتراهم نشيطين في طلب دنياهم، كسالى في فعل الطاعات، وكم مرة يسمعون الصلاة: «خير من النوم» وهم في غيِّهم يعمهون، ثم إذا نادى منادي الدنيا قاموا إليها مسارعين.

عدم ذكر الله إلا قليلاً

ومن صفاتهم: أنهم لا يذكرون الله إلا قليلاً، فهم لا يذكرون الله ولكن يذكرون الناس، وهم لا يتوجهون إلى الله وإنما يتوجهون إلى الناس.

التذبذب

ومن صفاتهم ما أخبر الله عنه في قوله: ﴿مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ﴾ [النساء:143]، فشخصياتهم ضعيفة مهتزة غير ثابتة، فإن مالت الريح يميناً مالوا معها، والعكس بالعكس، وبسبب هذه المواقف المهتزة حقت عليهم كلمة الله، واستحقوا ألا يعينهم الله على الهداية، ولن يستطيع أحد أن يهديهم سبيلاً، قال سبحانه: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ [النساء:88].

ثم يحذّرنا الله من سلوك طريقهم والاتصاف بصفاتهم، ويحذرنا من موالاتهم ومحبتهم، ومن يفعل ذلك فقد عرَّض نفسه لعذاب الله وانتقامه، قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء:144].

مصير المنافقين في الآخرة

بيَّن الله مآل المنافقين ومصيرهم فقال: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا﴾ [النساء:145] فهم في الدرك الأسفل من النار بلا أعوان ولا أنصار؛ لأنهم كانوا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.

فهذه بعض صفاتهم وأخبارهم، وفي القرآن والسنة من أخبارهم الكثير الكثير، ومن أخطرها أنهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، ويسعون في الأرض فساداً، ويحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فقاتلهم الله أنى يؤفكون..!

ظهور الحق وفضح النفاق

سينتصر الحق، وسيهزم الباطل، وسيظهر المنافقون على حقيقتهم، لقد فضحهم الله سابقاً وسيفضحهم لاحقاً.

لقد جلس أحد المنافقين في مجلس يضم أشباهه من المنافقين وهو “جلاس بن سويد بن حبيب”، فقال لجلسائه: لئن كان هذا الرجل صادقاً ـ يعني النبي صلى الله عليه وسلم ـ لنحن شر من الحمير (يعني الحمر الوحشية).

فسمع هذه المقولة ربيبُه الغلام المؤمن الصغير “عمير بن سعد” فقال: والله يا جلاس إنك لأحب الناس إلي، وأحسنهم عندي يداً، وأعزهم علي أن يصيبه شيء يكرهه، ولكنك قلت مقالة لئن قلتُها وأخبرت عنك فضحتُك، ولئن سكتُّ ليهلكنَّ ديني، والأولى أيسر عندي، فديني أغلى من روحي، ثم مشى الغلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ما قاله جلاس؛ إذ لا بد من فضح المنافقين وبيان حقيقتهم، فحلف المنافق بالله كاذباً بأن عميراً قد كذب عليه وأنه لم يقل ما قال..! فقبل منه النبي صلى الله عليه وسلم يمينه اتقاء للفتنة، فاحتار الغلام في أمره، فجاءه العون من السماء، نزل القرآن يؤيّد عميراً ويثبّته ويفضح المنافق ويكفِّره، قال الله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [التوبة:73 – 74].

ومع عظم جرمهم وقبيح فعلهم، فقد فتح الله لهم الباب ليعودوا، فقال سبحانه: ﴿فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ [التوبة:74].

ولقد روي أن جلاساً هذا قد تاب وحسنت توبته، حتى عُرف منه الخير والإسلام، فهذه دعوة للمنافقين أن يتوبوا ويرجعوا.

خاتمة

لا يزال النفاق مرئيا ملموسا، فاعلا مفسدا، بل مدمرا للأمة من داخلها ومهيئا حالها للعدو ليجتاحها ويطعن فيها خناجره؛ فيجب الحذر. وإن الله بما يعملون محيط.

…………………………….

هوامش:

  1. مسلسل فكاهي سعودي، تدرج أبرز أبطاله بعد ذلك لمهاجمة الإسلام والاعتداء على ثوابته.

المصدر:

  • خطبة جمعه مفرغة للشيخ خالد الراشد فك الله أسره.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة