النفاق المستتر زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعقبه زنادقة يعلنون النفاق اليوم، ويقودون به المجتمع؛ يأمرون بالمنكر كل المنكر، وينهون عن المعروف كل المعروف..!

مقدمة

لا يزال المنافقون يتوارثون راية «ابن أبيّ» جيلاً بعد جيل، تلك الراية التي تعلو كلما قوي المسلمون، فإذا دب الضعف في جسد الأمة وتسابقت إليها الأدواء، وتواثبت عليها الأعداء، نكست راية النفاق ورفعت راية المجاهرة.

وتلك ذاتها هي حال الشيوعي الذي لا يقبل من الناس إلا عقيدة «لا إله والكون مادة»؛ فمن كفر بها فضرْب الأعناق، ومن آمن بها كان من الرفاق. فإذا شعر الشيوعي بالخطر، ترضّى عن أبي ذر رضي الله عنه وتحدث عن “اشتراكية في الإسلام..!!”.

وهكذا يفعل «أفراخ اللادينية» الذين إذا أجدب بهم الزمان زاروا المساجد يوم الجمعة، فإذا أخصبوا أصروا على إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، وقالوا: من اصطحب إسلامه خارج المسجد فلا يلومن إلا نفسه..!!.

وإنك لترى «الحَدَاثي» يتحدث عن «اللامعقول» و«العبث» و«اللغة المفجرة» مادام يخشى أن تصيبه دائرة، فإذا خلا له الجوّ طفق يسب ّالدين ويعلن الحرب على قيوم السماوات والأرضين.

إن المنافقين هم المنافقون مهما تباينت شعاراتهم وتعددت مشاربهم، ولقد نبأنا الله من أخبارهم بما يكفي لهتك أستارهم وفضح أسرارهم، إنهم ﴿يخادعون الله وهو خادعهم﴾.

ولقائل أن يقول: فما بالهم إذن يخْفَون على الناس..؟! ولن أماري في أن من الناس من يهشّ بهم ويبشّ إليهم، فأجسامهم تدعو إلى الإعجاب وأقلامهم تبزّ الألباب، وقد «طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين» ﴿وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَىٰ أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾ [المطففين: 31]؛ ولكن الحق الذي لا ريب فيه أن الأمة «بدأت» تميّز عدوها من صديقها، ولم تعد الشعارات البراقة والدعاوى الجوفاء تصلح لتلميع الشخوص أو الأطروحات، وهذا ما أدركه المنافقون فأُسقط في أيديهم، واستيقنوا أن العلم في ازدهار، وأن الجهل في تراجع وانحسار.

لقد كان المنافقون فيما مضى يوجهون سهامهم إلى العلماء وطلاب العلم، أما اليوم فقد اتسع الخرق على «الراتق!!»، ولا غَرْو والحال هذه أن تطيش سهام المنافقين وتحار أحلامهم، ويغلب عليهم التشنج في أقوالهم وأفعالهم، ﴿فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾ [التوبة: 45]، ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 21].

هم العدو فاحذرهم

كان أعداؤنا المعروفون في صدر الإسلام هم “المنافقون”، وفي عصور تالية كانوا هم “الزنادقة”. وفي هذا العصر هم (العلمانيون)؛ إذ يجمع هؤلاء قاسمٌ مشترك هو ادعاؤهم الإسلام وهم أعدى أعدائه؛ وعداؤهم للإسلام يتمثل فيما يلي:

* أنهم يرفضون إسلام الوحيين، وربما رضوا بإسلام أمريكاني..!

* يقفون ضد المطالبة بـ “تحكيم الشريعة” بشراسة، ويرون في القوانين الوضعية بديلاً عنها.

* يدعون إلى الفكر (الليبرالي) الجاهلي ويرفضون الفكر الإسلامي الرشيد.

* مجاهرتهم بالتعاون مع أعداء الإسلام في الداخل والخارج والدعوة لتطبيع العلاقات معهم.

* يغررون بالمرأة المسلمة ويدْعونها للتحرر من الإسلام لتكون طُعمهم لانحراف المجتمع وتغريبه.

* عداؤهم لعلماء الإسلام ودعاته ووصفهم ظلماً وعدواناً بـ “التطرف” و”الإرهاب”.

إننا ما زلنا نعرف مخططاتهم وأهدافهم المشبوهة حتى ولو تظاهروا بالإسلام حتى يدخلوا في الإسلام كافة، ولن تنطلي أخاديعهم إلا على الجهال والسذج. نعم هناك أعداء آخرون غيرهم؛ لكنهم أوضح من الشمس في رابعة النهار.

اسكت تسلم

أيها الإسلاميون في مشارق الأرض ومغاربها.. حتى لا تتعرضوا لأي هجوم ولتضمنوا العيش بسلام، وحتى لا تتعرضوا للمصادرة والسجن والتشريد وربما الإعدام؛ التزموا الوصايا العشر التالية:

1- ألغوا مطالباتكم بتحكيم الشريعة الإسلامية..!

2- توقفوا عن معارضة تطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني..!

3- لا تنتقدوا مظاهر الفساد والانحلال..!

4- ألغوا التفكير في الجهاد في سبيل الله..!

5- تهاونوا مع خطط تغريب المجتمع المسلم..!

6- اعتقدوا أن تخريب الإعلام والتعليم إنما هو تطوير..!

7- اعطوا المرأة حقها في التحرر من الإسلام وتعاليمه..!

8- لا تعترضوا على العلمانية المهاجمة لدينكم، فهذه حرية تعبير..!

9- اقبلوا تحجيم العمل الإسلامي تحقيقاً لرغبة النظام العالمي الجديد..!

10- قولوا بقول النصارى (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله)..!

بذلك تسلمون وتعيشون بأمان في “فاتيكانات” خاصة لكن بلا سفارات.

يا قوم لا تتكلموا .. إن الكلام محرمُ

وإخوانهم يمدونهم في الغي

ماذا نسمي الذين يريدون إبعاد الأمة عن هويتها وحضارتها، وعن عزِّها ومقوماتها، بل الذين يريدون اقتلاعها من جذورها لتقع فريسة لأعدائها، أو لأمشاج مختلطة من الزيف والانحطاط الفكري والأخلاقي..؟

إنهم يسمون أنفسهم بأسماء شتى: “الحداثيين”، “التنويريين”، “العلمانيين”؛ ولكن اسمهم الحقيقي “المنافقون”؛ لأنهم يتظاهرون بالإصلاح وهم مفسدون ﴿ولكن لا يشعرون﴾، ويتظاهرون بالثقافة ﴿ولكنهم لا يعلمون﴾.. هؤلاء الذين يبصبصون عندما يرون أسيادهم، فيقولون مثل قولهم،

فإذا قال أسيادهم: إن الصحوة الإسلامية سببها المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها بعض الدول: رددوا أقوالهم، وطالبوا بدعم الدول المحاربة للإسلام حتى ينحسر التدين أو ما يسمونه “الأصولية”، وهذه شنشنة معروفة عند المستشرقين الذين عاشوا في القرن الماضي، والذين يقولون (بسماجة عجيبة): “إن محمداً اتبعه الفقراء، لأنه نادى بالإصلاح الاجتماعي، أي إنه استغل الظروف الاقتصادية والاجتماعية ليجمع الناس على هذا الدين”.

ثم جاءت صحافة الغرب ليدندن كتابها حول هذا الموضوع، وكثير منهم يتميز بالسطحية والخبث في معالجة شؤون الإسلام، فيأتي المنافقون من بني جلدتنا ليرددوا أقوالهم، ولو أن فيهم مسكة من عقل أو ذرة من إنصاف لعلموا أن الذين أسلموا مع محمد، صلى الله عليه وسلم، كان فيهم التجار الأغنياء كأبي بكر، وعبد الرحمن ابن عوف، وعثمان بن عفان. وفيهم الفقراء، وفيهم الأشراف والموالي، ولكن أنّي لمن لم يذق طعم الإيمان أن يحسَّ برابطة الدين..؟!

وفي هذا العصر نجد الذين أقبلوا على الالتزام بالإسلام وحمايته ونصرته، فيهم التجار الأغنياء، والشباب الذين عاشوا في النعيم، وفيهم أساتذة الجامعات، وكبار الموظفين، وفيهم القضاة، والكتاب، فهل كل هؤلاء “صعاليك” عندهم مشاكل اقتصادية..؟!

إن هوية هذه الأمة: الإسلام، ولسانها: العربية. فمن يحارب هذا فلا بد أن يسمى باسمه الحقيقي؛ إنهم يخونون أمتهم وحضارتهم. يقول الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان:

«المنافقون الذين فيكم اليوم شرّ من المنافقين على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قلنا: وكيف؟ قال: أولئك كانوا يخفون نفاقهم، وهؤلاء أعلنوه». (1اقتضاء الصراط المستقيم، ص28)

خاتمة

إننا لم نر أو نسمع في أمة معاصرة أن قام نفر من أهلها يطالبونها بالانسلاخ عن حضارتها ودينها وتقاليدها، ويحاربون ثقافة بلدهم أشد المحاربة، كما يفعل هؤلاء الذين يعيشون بين أظهرنا..!

روى البخاري (2البخاري، كتاب الشهادات، باب لا يسأل أهل الشرك ج3 ص163) عن ابن عباس قال: «يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب..؟! ولا والله ما رأينا رجلاً منهم قط يسألكم عن الذي أُنزل إليكم».

وإن في الغرب اليوم وبخاصة في أمريكا من يدعو للعودة إلى الدين، يقول أحدهم: أرى أن تربية الأطفال اليوم لا تتم بشكل جيد، أحبذ إدخال التربية الدينية إلى المناهج، ولكن يبدو أن علمانيينا (المنافقين) مازالوا يعيشون في أجواء القرن التاسع عشر الأوروبي، حيث كانت موجة الإلحاد والماركسية والوجودية، ولم يسمعوا بما يجري في نهاية القرن العشرين، أو لا يحبون أن يسمعوا.

وإننا لنلْمح مصيرهم الى ضمور وزوال فالأمة لم تجن منهم إلا الويلات والحسرات، والتشرذم والتفرق، والتخلف والتبعية. وإن نفضهم عن كاهل الأمة وعن مكان القيادة منها أمر محوري وضروري ليحدث أي تقدم وانعتاق. والله تعالى غالب على أمره.

……………………………………..

الهوامش:

  1. اقتضاء الصراط المستقيم، ص28.
  2. البخاري، كتاب الشهادات، باب لا يسأل أهل الشرك ج3 ص163.

المصادر:

  • مجلة البيان العدد، 83 “هم العدو فاحذرهم..”.
  • مجلة البيان العدد،82 ” لنحذرهم…بعضهم من بعض”.
  • مجلة البيان العدد،86 “اسكت تسلم”.
  • مجلة البيان العدد، 83 ” وإخوانهم يمدونهم في الغي”.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة