تتميز هذه الأمة بالأمر المعروف والنهي عن المنكر؛ فتكون البوصلة دائما واضحة والحقائق مكشوفة؛ فإذا غابت عن دورها صدّق الفساق أنهم أئمة، واعتقد الماجنون أنهم أصحاب رسالة!!

الخبر

“أثار الممثل المصري، “عبد الرحمن أبوزهرة”، تفاعلا واسعا بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في اليومين الماضيين بعد تصريح استبدل فيه المعلم في بيت الشعر “كاد الممثل أن يكون رسولا” للشاعر أحمد شوقي.

وقال في كلمته: “صدقوني أن مهنة التمثيل من أعظم وأكرم وأشرف المهن؛ حتى إنني قلت قصيدة أحمد شوقي “قف للمعلم ووفِّه التبجيلا  .. كاد المعلم أن يكون رسولا” وأبدلتها “قف للفنان موقف التبجيلا  .. كاد الممثل أن يكون رسولا”..!” (1موقع ” CNN بالعربية”: “كاد الممثل أن يكون رسولا”.. فيديو كلمة فنان مصري خلال تكريمه يثير تفاعلا)

التعليق

تبدأ الأمور بأشخاص خَجِلين وهم يلفظهم المجتمع، مشهورين بالانحلال الخلقي، يبدأون حياتهم بما يخجلون منه عمرهم كله؛ وينغمسون في المراقص والتعري ومظاهر شرب الخمور.. يلفظهم المجتمع بما تبقى فيه من القيم ومن سلطة الشريعة؛ يزدريهم الناس ويحتقرونهم، وتُمنع شهادتهم لأنهم ليسوا أصحاب عدالة ولا أهلية بل هم ساقطوا الاعتبار.. ويبقى هذا مدة من الزمان.

لكن لم يستدرك المجتمع حاله ولم يقوّم هؤلاء ولم يردعهم، ولم يضعهم في نشاط منضبط شرعا، يستفيد الناس منه ويلتزم بضوابط المنهج الرباني في هذا النشاط، كبقية الأنشطة الحياتية الخاضعة لمنهج الله، تحقيقا للعبودية الفردية والجماعية، وتحقيقا لقوله تعالى ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162-163]

ومن ثم توالت الأمور حتى تحكم في قيم الناس وأخلاقهم هؤلاء الساقطون أخلاقيا وقيميا، والتافهون اهتماما وتوجها، وعديمو المباديء والثوابت والمتقلبون المتلونون مع كل طاغية، والقابلون لكل توجيه ساقط..

وخطورة هؤلاء أنهم يحملون قيم السقوط والانحلال والعري والانسلاخ من الدين، والتغريب، وقيم العلمانية والنصرانية، والقيم الصهيو صليبية، ثم يقومون بتسريبها في المجتمع وتتغير بهم الأجيال قيميا وأخلاقيا، ويتنكر المجتمع ـ بهم ـ للمعروف، ويعرف ـ بهم ـ المنكر ويتغير تماسكُه الاجتماعي، وتخرج أجيال متتابعة، كل جيل يخطو مسافة في الانحلال عن الجيل السابق له، وبحجة واحدة “أن الزمان تغير”، و”أن الأمر لم يعد كما كان السابقون القدماء وأن ما مضى أقرب لأساطير الأولين”؛ فالحجة واحدة هي تغير الزمان.. !

بينما القيم لا تتغير بل النفوس ترتفع الى القيم الربانية أو تهبط الى سفح الجاهلية، ولا علاقة لهذا بالزمان؛ لو كانوا يعقلون.

وثقل هذه الجريمة مرتكز في مصر ولبنان، يصدّرانها للخليج والمغرب، ويكون لمصر ولبنان التأثير الثقافي الذي يفتخران به..!! ثم تأتي المجتمعات المحافظة على دينها فيدب اليها الانحلال وتتطلع أجيالها لهذا التغيير ويتبوأ فساقها الصدارة ويتلقون التوجيه الأخلاقي والقيمي العفن من مصدرهما، ويصبح الفساق التافهون في مصر ولبنان نجوما وأمثلة ونماذج يُحتذى بها..!

يقود كلَ هذه الجريمة هذه الفئةُ العفنة، بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ممن يسمون “فنانين” بما تشمل من ممثلين ومطربين وشعراء فسق، كلهم يتغنون بالانحدار الأخلاقي، ويتجرؤون على الثوابت وهدم الأخلاق والهجوم على الأسرة والنفير من العفة وتمجيد الفاحشة، ويترنمون على الهزائم والتخلف لتبتلعه الأمة؛ فهذه مطربة تُسْكر أمة بأكملها، وذاك فريق من الممثلين يمجّدون العسكر العلماني ويزورون التاريخ، والجميع يتأرجح مع توجهات الطغاة العلمانيين.

وبدلا من الخجل والشعور بالجريمة، ومع التوجيه الخبيث للنخبة العلمانية المعادية للإسلام صدّق هؤلاء أنفسهم وما يقال لهم، وخرجوا في مظهر دعاة القيم! وزعماء التجديد!! وافتروا وتمادوا في افترائهم حتى صدّقوا أنفسهم وخدعهم افتراؤهم فكانوا أول ضحاياه..!! كما فعلت بنو إسرائيل حيث خدعهم افتراؤهم وصدقوا كذبهم فكانوا أول الضحايا حتى هلكوا، وقال الله تعالى فيهم ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [آل عمران: 24].

واليوم تنقلب الأوضاع؛ فيتوارى دور المعلم والأستاذ الذي ينقل علمه وأخلاقه ومبادئه لأجيال أمته وأبنائه، ويقفز هذا القرد وأمثاله ليغتصبوا معنويا هذا الدور ويستولوا على هذه السلطة الناعمة والحساسة وخطيرة التأثير؛ فيزعم أن دورهم كاد أن يكون رسولا.. إنه الهزل المبكي والمأساة المظلمة التي تعيشها هذه الأمة.

خاتمة

انقلاب عام يشمل حياة المسلمين في مصر وفي جنبات الأمة عموما؛ فيقلب العقائد والمواقف، والولاء والعداء، والقيم والأخلاق؛ لكن هذا فيمن استجاب لدعاة الانتكاسة؛ وأما المسلم الذي يعي عقيدته فإنه، وإن عاش في غربة وعانى آلامها؛ لكنه محتفظ بدينه واعٍ بمواقفه، يحتفظ بولائه وبرائه، ومواقفه العقدية من قضايا الأمة، كما يحتفظ بقيمه وأخلاقه، ويربّي أسرته على ما تلقته من دينه.

وأما التائهون المنخدعون فيما افتروه، هم ومن صدقوهم وتابعوهم؛ فغدا ينجلي الغبار وتعلم أفرس تحتك أم حمار..!

……………………………..

هوامش:

  1. موقع ” CNN بالعربية”: “كاد الممثل أن يكون رسولا”.. فيديو كلمة فنان مصري خلال تكريمه يثير تفاعلا.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة