جعل الله تعالى المال قياما للناس، وحرم تعالى إتلافه وتضييعه والتعدي عليه وسوء استخدامه واحترم ملكية الناس له، وله طرقه في تحقيق ذلك.

مقدمة

جعل الله تعالى المال قواما للحياة وقياما لها؛ به تقوم النفوس وتحفظ، وبه يسد خلل كثير على الأعراض، وبه ترقأ الدمعة ويسد الخلل ويمتنع الإنسان من المذلة.

ولقد وضع الشرع أحكاما وخط حدودا من أجل الحفاظ على دورته سالما ليصل بين أيدي الناس يحققون به منافعهم ويحصلون به مصالحهم. وقد جاءت الشريعة بحفظ المال وملكية الناس له، وتوارثه ودورته بين أيدي الناس بالطرق المشروعة. وقد جاءت أحكام كثيرة في هذا المجال لأنه أحد المقاصد الضرورية للشريعة. وفي هذا المقال نذكر طرفا منها على وجه الإجمال والكليات الجامعة.

طرف مما جاءت به الشريعة لحفظ الأموال

ذكر بعض ما ورد من الأحكام الشرعية التي تحفظ للمسلم ماله وتحميه مما يهدد أمنه وسلامته.

تحريم الغش وأكل الباطل

تحريم الغش في البيع والشراء، وكل ما من شأنه أن يكون أكلا للمال بالباطل ومن ذلك بيوع الغرر والجهالة والتدليس والبخس وغيرها؛ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ..﴾ الآية [النساء: 29] وقال صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا». (1مسلم (101)، (102))

وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض… الحديث». (2مسلم (2564))

حرمة السرقة وإقامة حدها

حماية أموال الناس من السرقة وذلك بترتیب حد السرقة وهو قطع اليد كما في قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [المائدة:38]

كتابة الدين وتوثيقه

الأمر بكتابة الدين حسما للاختلاف والشقاق وحفظا لمال المسلم من الضياع، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ..﴾ الآية [البقرة: 282].

تحريم الربا

وقد حرم حماية للفقراء والمحتاجين من تسلط الأغنياء عليهم وحفظا للأموال من أن تؤكل بالباطل قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ * وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 278-280].

مشروعية الدفاع عن المال

الإذن لمن اعتدي على ماله بالدفاع عن ماله. ولو قتل بسبب ذلك فهو شهيد قال صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد». (3مسلم (2564))

تحريم الرشوة والغلول، والأكل من المال العام بغير حق

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي». (4الترمذي (1337) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (1074)) وقال تعالى في الغال: ﴿وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ..﴾ الآية [آل عمران: 161] وقال صلى الله عليه وسلم: «إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة». (5البخاري (3118))

تحريم الاعتداء على مال المسلم

بالغصب، أو التحايل، أو تغيير منار الأرض، أو أخذ المكوس والضرائب بغير حق، أو إنكار الدين والأمانة وعدم ردها إلى أهلها؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا…﴾ الآية [النساء:58] وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام… » الحديث (6البخاري (1739)) وقال أيضا: «من ظلم شبرا من الأرض طُوِقه من سبع أرضين». (7البخاري (1612))، ومن أكْل المال بالباطل التحايل باكله بالقمار والميسر والخداع.

تحریم شهادة الزور على مسلم لأكل ماله، وضياع حقه

قال صلى الله عليه وسلم: «من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، قال رجل: وإن كان شيئا يسيرا يارسول الله؟ فقال: وإن قضيب من أراك». (8مسلم (137))

تحريم الخيانة والغدر في العقود والعهود

وتحريم الكذب فيها؛ لأن ذلك من خصال المنافقين؛ وفيها ضياع حق المسلم وذهاب ماله قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ…﴾ الآية [المائدة: 1]، وقال صلى الله عليه وسلم «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر». (9البخاري (34)، ومسلم (58))

خاتمة

هذا بعض ما ضمِنه الإسلام لمن دخل فيه من الأمن النفسي، والاطمئنان القلبي الناشئيْن من الإيمان بالله تعالى، ومعرفته، والأنس به واليقين بلقائه. وبما فيه من الأحكام الشرعية التي تضمن الأمن للمسلم في دينه ونفسه وعقله وعرضه وماله.

فالحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

…………………………

الهوامش:

  1. مسلم (101)، (102).
  2. مسلم (2564) .
  3. البخاري (2480).
  4. الترمذي (1337) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (1074).
  5. البخاري (3118).
  6. البخاري (1739).
  7. البخاري (1612).
  8. مسلم (137).
  9. البخاري (34)، ومسلم (58).

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة