لا يفتأ النفاق وأهلُه، والمعادون لهذا الدين أن يطرحوا مباديء مناقضة، ويستهدفون هذا الدين لعمق جذوره وقوة طرحه وربانية مصدره.. فيرومون إبطاله، ويأبى الله تعالى.

من فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله..

السؤال

ما حكم الذين يطالبون بتحكيم المبادئ الاشتراكية والشيوعية، ويحاربون حكم الإسلام، وما حكم الذين يساعدونهم في هذا المطلب، ويذمون من يطالب بحكم الإسلام، ويلمزونهم ويفترون عليهم، وهل يجوز اتخاذ هؤلاء أئمة وخطباء في مساجد المسلمين؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه..

لا ريب أن الواجب على أئمة المسلمين وقادتهم: أن يُحكّموا الشريعة الإسلامية في جميع شئونهم، وأن يحاربوا ما خالفها، وهذا أمر مجمع عليه بين علماء الإسلام، ليس فيه نزاع بحمد الله.

أدلة القرآن

والأدلة عليه من الكتاب والسنة كثيرة معلومة عند أهل العلم..

منها قوله سبحانه: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (النساء : 65).

وقوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ (النساء: 59).

وقوله سبحانه: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ (الشورى: 10).

وقوله سبحانه: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ (المائدة: 50).

وقوله سبحانه: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ (المائدة: 44) ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (المائدة: 45) ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (المائدة: 47).. 

والآيات في هذا المعنى كثيرة.

إجماع الأمة

وقد أجمع العلماء على أن من زعم أن حكم غير الله أحسن من حكم الله، أو أن هَدْي غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر.

كما أجمعوا على أن من زعم أنه يجوز لأحد من الناس الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم أو تحكيم غيرها فهو كافر ضال.

وبما ذكرناه من الأدلة القرآنية، وإجماع أهل العلم يُعلم السائل وغيره، أن الذين يدعون إلى الاشتراكية أو الشيوعية أو غيرهما من المذاهب الهدّامة المناقضة لحكم الإسلام، كفار ضُلال، أكفر من اليهود والنصارى لأنهم ملاحدة لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر.

ولا يجوز أن يجعل أحد منهم خطيبا وإماما في مسجد من مساجد المسلمين.

ولا تصح الصلاة خلفهم.

وكل من ساعدهم على ضلالهم، وحَسَّن ما يدعون إليه، وذمَّ دعاة الإسلام ولمزهم، فهو كافر ضال، حكمه حكم الطائفة الملحدة، التي سار في ركابها وأيدها في طلبها.

وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم عليهم بأي نوع من المساعدة، فهو كافر مثلهم، كما قال الله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ (المائدة: 51)، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (التوبة: 23).

وأرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية ومقنع لطالب الحق، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، ويجمع كلمتهم على الحق، وأن يكبِت أعداء الإسلام، ويفرق جمعهم، ويشتت شملهم، ويكفي المسلمين شرهم، إنه على كل شيء قدير..

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.

………………………………..

المصدر:

  • الموقع الرسمي لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله.

اقرأ أيضا:

  1. الإسـلام شريعـة تحكـم حيـاة الأمـة
  2. حكم الاحتكام إلى القوانين الوضعية. لابن باز
  3. الحاكمية بين الاسلاميين .. والخوارج والعلمانيين
  4. رسالة تحكيم القوانين. للشيخ محمد بن ابراهيم

التعليقات غير متاحة