الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أما بعد…
فقد صدمت الأمة بفتوى الشيخ الداية – عفا الله عنه – في تخطأته ولومه لحماس، وذلك بما أقدمت عليه في 7/ أكتوبر /2023. وما نتج عن ذلك من كوارث بشرية ومادية لأهل غزة.
ومع إحسان الظن بفضيلة الشيخ ودوافعه إلا أن هناك أسئلة مهمة نطرحها على الشيخ لعله ومن تأثر بفتواه أن يشرحوا صدورهم لتقبل ما فيها من الحق والرجوع إليه.
السؤال الأول:
ألا يرى الشيخ أنه وقع في المحذور الذي نبه إليه حماس وخطأها بسببه؛ وذلك بغفلتها عن مآلات ما قامت به !
فهلا انتبه الشيخ وفكر ملياً في مآلات فتواه وما فيها من إعانة لأعداء الأمة من كفار ومنافقين، والذين طاروا بهذه الفتوى فرحاً وطرباً واستخدموها في تأليب الناس على حماس وخذلانها وإسلامها لعدوها، فهل هذا وقته يا شيخ سلمان ؟!
السؤال الثاني:
هل ما قامت به حماس في 7/ أكتوبر هو من باب جهاد الدفع أو جهاد الطلب ؟ وهل تفرقون بين جهاد الدفع وجهاد الطلب في وصفه وشروطه وضوابطه ؟
السؤال الثالث:
(وهو مكمل للسؤال السابق)
– من هو المعتدي في الحرب القائمة بين حماس واليهود ؟
– هل حصار اليهود لغزة منذ ما يربو على 17 سنة عدوان أم لا ؟
– وهل استيلاء اليهود على بلدات وبيوت الفلسطينيين وتهجيرهم منها عدوان أم لا ؟
– وهل استباحة اليهود لساحات المسجد الأقصى ومنع المصلين من دخوله عدوان أم لا ؟
– وهل سجن اليهود لإخواننا الفلسطينيين وتعذيبهم وهتك الحرائر الفلسطينيات عدوان أم لا ؟
– وهل كان اليهود يخططون لاقتحام غزة قبيل طوفان الأقصى وتهجير أهلها وإتمام صفقة القرن وأن ذلك قاب قوسين أو أدنى لولا أن باغتهم المجاهدون يوم 7/ أكتوبر وحالوا بينهم وبين تنفيذ مخططهم الإجرامي.
السؤال الرابع:
إذا تبين من السؤال السابق أن اليهود هم الذين اعتدوا وصالوا على ديار المسلمين وقتلوا وسجنوا وحاصروا، فما هو حكم المعتدي الصائل؟
هل نتفرج عليه وهو يعتدي على أنفسنا وأموالنا وأعراضنا، أم ندفعه بالممكن من القوة ؟
فعلام لوم حماس في رد الصائل المعتدي !!
السؤال الخامس:
لو أن صائلين هجموا على منزلك يا شيخ سلمان يريدون قتلك ومالك وحريمك، فما هو الواجب عليك والحالة هذه ؟. ألا يجب عليك دفع الصائل ولو كانوا أكثر عدداً وعتاداً ولو قتلت وقتل من معك؟
السؤال السادس:
هل أوجب الشرع علينا في دفع الصائل المعتدي أن نكون مثل عدونا في العتاد والعدة أو قريباً منه ؟ أم أنه أمرنا بدفع صائلته وعدوانه بالممكن من القوة والأسباب، والله عز وجل يكفينا فيما لا قدرة لنا به !
والله القاهر فوق عباده وينصر من ينصره.
السؤال السابع:
هل قصرت حماس في بذل الأسباب المتاحة لها من إعداد القوة المعنوية والمادية بصنع السلاح وحفر الأنفاق، أم أنها فرطت في ذلك ؟!
السؤال الثامن:
هب أن حماس أخطأت واستعجلت وتم قضاء الله وقدره بقوله سبحانه: (وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقۡتَتَلُواْ) فهل هـذا وقت اللوم أم وقت النصرة والموالاة !!
وما فائدة هذه الفتوى في هذا الوقت؟
والله إنها لفتوى خطيرة لا أثر لها في رفع مصاب أهلنا في غزة. بل فيها من الحسرة وتفريق الكلمة وفرح أعدائنا وشماتتهم وإسلام المجاهدين لهم وغير ذلك من المفاسد العظيمة التي تضمحل فيها المصلحة الموهومة في نشرها.
السؤال التاسع:
لماذا تقصرون نظركم في هذه الفتوى على المفاسد التي حلت بسكان غزة من القتل والتشريد والتجويع والخوف، وتغضون الطرف عن المصالح العظيمة التي تحققت بعد طوفان الأقصى. كما تغضون الطرف عن المفاسد والمعاناة والآلام والمخاوف التي حلت بالعدو وجنده وشعبه واقتصاده واضطرابه وتفرق كلمته وهروب عدد هائل من سكانه إلى الخارج؛ وإرغام أنفه بالتراب بعد أن كان يظن أنه لا يهزم ﴿إِن تَكونوا تَألَمونَ فَإِنَّهُم يَألَمونَ كَما تَألَمونَ وَتَرجونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرجونَ﴾ ولا سواء .. قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار.
لماذا تغضون الطرف عن الانتصارات التي تحققت في معركة الوعي والفهم في الأمة حتى عرفت حقيقة أعدائها وكذبهم في شعاراتهم (حقوق الإنسان – الديمقراطية- هيئة الأمم – الشرعية الدولية-.. ) فعراهم الله لمن كان مخدوعاً بهم.
لماذا تغضون الطرف عن ما حققه طوفان الأقصى من إحباط لمؤامرات كانت في مراحلها الأخيرة في تصفية القضية الفلسطينية وصفقة القرن والتطبع معه. أليس في هذا غوث من الله عز وجل لهذه الأمة بهذا الطوفان بعد أن بلغ بها الإحباط والظلم مبلغاً عظيماً.
لماذا تغضون الطرف عن هذه الانتصارات العظيمة والمصالح الجسيمة ولا تذكرون إلا القتل والهدم والتشريد، والذي نرجو للمقتولين الشهادة وللمصابين الأجر العظيم (ذلك الفوز الكبير).
هلا أعملت يا شيخ سلمان فقه الموازنات من المصالح والمفاسد وأنت العالم بقواعد الفقه وأصوله؟.
ختاماً:
أملنا بما يعرف عن الشيخ من الصدق والرجوع إلى الحق أن يراجع فتواه ومآلاتها الخطيرة.
ونذكر الشيخ بوصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه بعد أن كلفهبالقضاء ومن هذه الوصية قوله: (ولا يمنعك قضاءً قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك وهديت فيه لرشدكأن ترجع إلى الحق فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل).
كتبنا هذا نصحاً للشيخ سلمان وللأمة: {إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِيقِيٓ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُوَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} [هود:٨٨].
والحمدلله رب العالمين
اقرأ أيضا
الصفات المهمة للعلماء والدعاة المؤثرين في الأمة
إلى علماء الأمة ودعاتها .. اتقوا اللَّهَ وكونوا مع الصّادقين