245 – مفهوم 15: الولاء والبراء بين الإفراط والتفريط
الإسلام هو دين التوازن والعدل والوسطية بين الإفراط والتفريط في جميع أبواب العقيدة والعبادة والسلوك، والناس في فهمهم للولاء والبراء وتطبيقاته طرفان ووسط:
فالطرف الأول: من غالى وأفرط في مسألة الموالاة والمعادة فحكم على كل من وقع في أي معاملة مع الكفار بالكفر والردة، ولم يفرق بين الموالاة المكفرة والموالاة المحرمة دون أن تكون مكفرة، بل قد يحكم على بعض المواقف الجائزة التي فيها مداراة ودفع لشر الكفار بأنها ردة وكفر دون التفريق بين المداراة الجائزة والمداهنة المحرمة.
والطرف الثاني: أهل الإفراط والجفاء الذين وقعوا في موالاة الكفار ومداهنتهم بزعم المداراة والتَقِيَّة، دون التفريق بين المحرم منها والمخرج من الملة، بل هي عندهم إمَّا جائزة أو محرمة أو مكروهة فقط، وليس عندهم شيء من الموالاة المخرجة من الملة.
وأهل الوسط: وهم أهل السنة والجماعة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين الذين يعتقدون وجوب محبة الله ورسوله والمؤمنين، ومحبة ما يحبه الله من الإيمان والأعمال، ومحبة من يحبهم الله من أنبيائه وأتباعهم المؤمنين في كل عصر، كما يعتقدون وجوب البراءة وبغض كل من وما يبغضه الله عزّ وجلّ من الشرك وأهله والنفاق وأهله. أمَّا أهل الفسوق والعصيان فيتولونهم بقدر ما عندهم من الإيمان، ويتبرؤون منهم بقدر ما هم عليه من العصيان؛ فلا يتولونهم بإطلاق ولا يتبرؤون منهم بإطلاق، بل يتولونهم الولاء العام للمؤمنين، ويتبرؤون مما يُصِرُّون عليه من الفسوق والعصيان.
كما أنهم لا يحكمون على موالاة الكفار بحكم واحد، بل يرون أن منها ما يخرج من الملة -كمحبة دينهم، ومظاهرتهم على المؤمنين- ومنها هو محرم فقط دون أن يكون مكفِّرًا، وهم أيضًا وسط في محبتهم للمسلمين وفي بغضهم لهم؛ فلا يغلون في محبة بعض الأشخاص حتى التقديس وإلباسهم لباس العصمة، ولا يغلون في بغض بعض الأشخاص حتى يقعوا في ظلمهم وبخسهم حقوقهم وعدم العدل معهم، أو اتهامهم بما لم يقولوه أو يعتقدوه أو يفعلوه.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445