الشرك شأنه عظيم، وهو خطير المآل في الدنيا والآخرة، وقد انصرف الكثير عن بيان أهم أنواعه طلبا للسلامة ولغلبة الهوى؛ فبينما بعض أنواعه معلوم وشائع، وهو شرك النسك؛ فإن شرك التشريع والمحبة والولاء ـ مع تلازمهما ـ غير معلوم للكثير.
التوحيد دعوة الأنبياء
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبيِّنا محمد وآله وصحبه؛ أما بعد..
فإن الله عز وجل لم يرسل الرسل ولم ينزل الكتب إلا لإنقاذ الناس من الشرك والعبودية لغير الله إلى توحيده سبحانه وإخلاص العبادة له.
فقام أنبياء الله عز وجل ورسلُه بهذه المهمة خير قيام وجاهدوا أقوامهم وصبروا وصابروا حتى أتاهم نصر الله عز وجل؛ فصار الدين والتوحيد لله عز وجل، وانقشعت عن الناس ظلمات الشرك والطغيان.
وإن تحقيق التوحيد وتطهير الأرض من ألوان الشرك ليستحق كل هذه التضحيات وكل هذه الجهود المُضنية التي بذلها رسل الله تعالى والدعاة من بعدهم.
وذلك لِما في التوحيد من تحرير للعباد من العبودية للعباد إلى عبادة الله وحده، ولِما فيه من الثمار العظيمة في الدنيا والنعيم المقيم في الدار الآخرة، ولِما في الشرك من الظلم والفساد والشقاء في دار الدنيا والخلود الدائم لأهله في نار جهنم يوم القيامة.
وإن أمراً بهذه الخطورة والأهمية لجدير بأن يبين للناس حقيقته، وحريُّ بأن يكون المسلم يقظاً حذراً من الوقوع في شيء مما ينقض، أو ينقص، توحيده؛ ولاسيما في واقعنا المعاصر الذي انتشرت فيه ألوان من الشرك قد تخفى على بعض الناس، بل قد يقع فيها بعضهم وهم لا يشعرون.
أمرٌ خافه إمام الحنفاء
وإن أمراً خافه إمام الحنفاء إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ودعا ربه سبحانه بأن يجنبه إياه لَجدير بأن يخافه كل مسلم متبع ملة إبراهيم صلى الله عليه وسلم
قال الله عز وجل عن خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [إبراهيم35-36].
فمن يأمن الشرك بعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام..؟
ولمّا أمر الله عز وجل خليله عليه الصلاة والسلام ببناء الكعبة قال سبحانه: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا﴾ [الحج:26].
فهذا إمام الموحدين وخليل الرحمن عندما رأى سرعة عودة الشرك إلى حياة الناس وفتك الأصنام بهم خاف الشرك على نفسه، وخافه على بنيه من بعده ـ وهم أنبياء ـ وكذلك خافه بنوه على بنيهم من بعدهم..
كما في قوله تعالى: ﴿أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة:133] وكذلك لقمان في وصيته لابنه ﴿يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان:13].
فإذا كان هذا حال أنبياء الله وأوليائه في خوفهم من الشرك؛ فنحن أوْلى وأوْلى ألف مرة بالخوف على أنفسنا وأبنائنا وإخواننا المسلمين من خوف خليل الرحمن على نفسه منه، ومن خوفه على أبنائه، ومن خوف أبنائه منه على أبنائهم عليهم الصلاة والسلام جميعاً.
وجاء وصف الشرك في القرآن في قوله سبحانه: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان:13] وجاء هذا الوصف أيضاً في قول الرسول صلى الله عليه وسلم حينما سئُل: “أي الذنب أعظم؟ قال صلى الله عليه وسلم: «أن تجعل الله نداً وقد خلقك»”. (1البخاري 4477، مسلم 86)
وفي هذا الحديث الشريف أجمع وأدق تعريف للشرك: «أن تجعل الله نداً» فمن جعل لله عز وجل نداً وشريكاً من خلقه سواء كان ذلك في النسك أو الطاعة أو المحبة والولاء فقد وقع في الشرك الأكبر.
مآلات الوقوع في الشرك الأكبر
وإن مآلات الوقوع في الشرك الأكبر تكمن في ثلاثة أمور خطيرة.
الأول: لا يغفره الله إلا بتوبة
كونه الذنب الذي لا يغفره الله عز وجل إلا بتوبة نصوح وما سواه من الذنوب فقابل للمغفرة بمشيئة الله عز وجل قال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾ [النساء:48].
الثاني: أنه محبط للأعمال
وذلك بكونه محبِطاً لجميع الأعمال الصالحة؛ فمهما بلغت الأعمال من كثرة وقيمة فإنها تذهب هباء منثوراً يحبطها الله عز وجل على فاعلها لوقوعه في الشرك الأكبر.
قال الله عز وجل مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الزمر:65].
وقال عن أنبيائه عليهم الصلاة والسلام: ﴿ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام :88].
الثالث: خلود من مات عليه، في النار
لو مات صاحبه بدون توبة فإنه يكون خالداً مخلداً في نار جهنم، بينما ما دونه من الذنوب فإنها تحت المشيئة، ولو دخل صاحبها النار للتطهير فإنه لا يخلد فيها.
أصل الشرك ومَنشؤه
وأصل الشرك ومنشؤه هو تسوية غير الله بالله تعالى أو هو تشبيه غير الله بالله تعالى في صفة من صفاته التي يختص بها.
فمن عبد غير الله تعالى يدعوه أو يطلب شفاعته أو يخافه، أو يتخذ حكمه شرعاً له يطيعه في التحليل والتحريم، أو يساويه في المحبة والولاء فهو مشرك بالله تعالى.
قال الله تعالى عن أهل النار المشركين وتخاصمهم فيها: ﴿تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: 97-98]
فهم لم يساووهم بالله تعالى في الخلق والرزق والتدبير وإنما ساووهم به سبحانه في المحبة والطاعة والولاء والقصد والإرادة.
ولذلك ذكر أهل العلم أن الشرك بالله تعالى لا ينحصر في شرك الدعاء والقصد والنسك الذي هو الشرك السائد في المشركين من قبلنا وفي شرك القبور في زماننا؛ وإنما يدخل تحته أنواع من الشرك خطيرة وقد لا ينتبه إليها كثير من الناس فيقعون فيها وهم لا يشعرون.
أقسام الشرك الأكبر في العبادة
ومن أهم أقسام الشرك الأكبر في (توحيد الألوهية) ما يلي:
الشرك في القصد والإرادة والنسك
وهو التوجه لغير الله تعالى؛ يقصده في قضاء الحوائج ويدعوه من دون الله تعالى ويصرف له أنواعاً من النسك، كالذبح والنذر والركوع والسجود وغير ذلك. وهذا هو السائد عند عباد القبور والأصنام الجامدة.
وكثير من الناس لا يعرف من الشرك إلا هذا.
الشرك في الطاعة والاتباع والحكم
وهو التوجه لغير الله تعالى بالطاعة المطلقة، واتباع أمره ونهيه في تحليله وتحريمه وحكمه وتشريعه، وهو الذي قال عنه سبحانه: ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام:121] وقال تعالى: ﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:26] وقال سبحانه: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة:31].
ولئن كانت المعبودات في النوع الأول أصناماً جامدة أو ميتة فإنها في هذا النوع أصناماً بشرية حية متمثلة في “أفراد” أو “نظام” أو “برلمان” يشرعون ويحللون ويحرمون من دون الله فيطيعهم ويتبعهم الناس على ذلك.
وهذا النوع من الشرك هو موضوع سلسلة هذه المقالات، وذلك لانتشاره في زماننا اليوم، وقِلة من يتكلم عنه، ووقوع كثير من الخلق فيه لخفائه.
وسيأتي تفصيل لكل ذلك في المقالات القادمة إن شاء الله تعالى.
الشرك في المحبة والولاء
وهو اتخاذ غير الله تعالى ولياً يحبه كما يحب الله تعالى أو أشد، يوالي فيه ويعادي فيه ويبذل له الولاء والطاعة كما تُبذل لله تعالى أو أشد.
قال سبحانه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾ [البقرة:165] وقال سبحانه: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الأنعام:15].
وهذا النوع من الشرك يُعد أيضاً من أنواع الشرك الخطيرة ولا سيما في زماننا اليوم لوقوع كثير من الناس فيه لخفائه ولقِلة من يحذّر منه.
وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى.
وبين النوعين الأخيرين من الشرك تلازمٌ وتضمنٌ؛ فشرك المحبة والولاء مستلزم لشرك الطاعة والاتباع، وشرك الطاعة والاتباع متضمن لشرك الولاء والمحبة .
ولا تحصل النجاة للعبد في الدنيا والآخرة حتى يسلمه الله تعالى من هذه الأنواع الثلاثة من الشرك وهذا هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.
وبذلك يتحقق الإيمان بالله والكفر بالطاغوت والبراءه من الشرك وأهله؛ قال تعالى: ﴿فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ﴾ [البقرة:256].
وبدون ذلك يحق عذاب الله على المشركين قال سبحانه ﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾ [المائدة:72].
وكما ذكرت آنفاً فإن صلب هذه الدراسة وموضوعها الرئيس هو الحديث عن شرك الطاعة والاتباع والمحبة والولاء، وما ورد في ذلك من الآيات والأحاديث والآثار، وشرح ما تيسر منها.
ثم ربْط ذلك كله بواقعنا المعاصر وما ظهر فيه وانتشر من مظاهر هذا النوع من الشرك ووقع فيه مَن وقع وهم لا يشعرون لجهلهم، أو يشعرون ولكن غلبت عليهم أهواؤهم وتأويلاتهم الفاسدة.
أهمية الحديث عن شرك الطاعة
ويحسن أولا ذكر الأمور التالية التي تؤكد أهمية الحديث عن هذا الشرك الخطير:
أولاً: قلة الاهتمام بهذا النوع من الشرك
أعني “شرك الطاعة وشرك المحبة والولاء”؛ فبقدر ما أخذ الحديث عن شرك النسك والإرادة والقصد وشرك القبور والأصنام الجامدة حظه من الكلام والكتابة والتحذير؛ فإنا لا نجد مثل هذا الاهتمام بهذا النوع من الشرك والتحذير منه.
ونتيجة لذلك صار شرك الطاعة والاتباع أخفى من بعض المعاصي الأخرى، ولخفاء معناه وحقيقته عند بعض الناس نجد من يقع فيه وربما دون أن يشعر؛ بل قد نجد من يؤصّل لهذا النوع من الشرك تحت مسميات من عقائد الإسلام.
ثانيا: شيوع مظاهره في واقعنا وبلادنا
فقد شاعت مظاهر كثيرة من هذا الشرك في واقعنا المعاصر أكثر من أي وقت مضى، وذلك بعد بروز الطواغيت التي تحكم في أكثر بلدان المسلمين؛ تشرع لهم من دون الله؛ فكانت بمثابة أصنام بشرية حية تكلم الناس وتأمرهم وتنهاهم، وتحل لهم وتحرم عليهم، وتعطيهم وتمنعهم، وتعِدُهم وتُمنِّيهم، وترهبهم وترغبهم، وتكافئهم وتعاقبهم.
وصاحَب ذلك حملات إعلامية تمجّد هذه الأصنام البشرية وتقدّسها وتدعوا الناس إلى طاعتها والانقياد لأوامرها بإطلاق.
وكما أن شرك الأصنام الجامدة والأموات مرتبط به توجيه الإرادة والقصد والأنساك إلى هذه الأصنام؛ فإن شرك “الطاعة والاتباع” و”الحب والولاء” مرتبط بهذه الأصنام الحية البشرية أي أن الشرك في الطاعة والمحبة والولاء نوع أصيل من عبودية البشر للبشر لاسيما في مسائل التشريع والتحاكم.
ثالثاً: التلاعب والتلبيس لمصطلح الطاعة والاتباع
كون مصطلح “الطاعة والاتباع” من المصطلحات التي اعتراها التلاعب والتلبيس كما اعترى غيرها من المصطلحات الشرعية الأخرى حيث أصبحنا نسمع من يسوغ الطاعة والإتباع والولاء للطواغيت من دون الله عز وجل باسم الدين وتحريف النصوص الشرعية، بجهل أو هوى.
فأصبحنا نرى من يرفع شعاراتهما من بعض المنتسبين إلى العلم تحت مسمى “التوحيد” و”منهج السلف الصالح” واستغل ذلك في ابتزاز العواطف وتخدير الناس وأن ذلك قربة إلى الله عز وجل، بل وجعلا “فزّاعة” يخوف بها الناس من العقوبة الإلهية عند مخالفة هذه الأصنام البشرية ولو في معصية الله تعالى.
رابعاً: تفشّيه وتسلُّله الى القلوب
تفشي هذا النوع من الشرك في الأمة ـ كما ذكرت سابقاً ـ بدرجة غير مسبوقة مما أدى إلى سهولة تسلله إلى القلوب وسهولة العدوى بها عبر السلوك الجمعي والمحاكاة حتى تسلل إلى بعض قلوب ممن كانوا ينسبون إلى العلم، ولا سيما في ظل الأحداث المشاهدة محلياً وإقليمياً وعالمياً.
خامساً: مَن حقَّقه استعصى على التطويع
لأن تحقيق التوحيد في “الطاعة والاتباع” و”المحبة والولاء” يجعل المسلم عصيّا على التطويع لغير الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، كما يجعله عصيّاً على اتباع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أُنزل عليه.
سادساً: بيانه يحصّن الأمة ضد الاستعباد
إن بيان هذا النوع من الشرك للناس وعلمهم به يحصّن الأمة ضد شرك الطاعة والولاء الذي هو صمام الأمان لمنع ظهور الطواغيت والأصنام البشرية الحية التي تريد استعباد الناس وطاعتهم لهم من دون الله عز وجل.
كما أن إدراك الأمة لهذا النوع من الشرك يجعلها عصيّة على عمليات غسيل الأدمغة وبرامج الاستحواذ على الأفكار التي تؤدي إلى سلب العقول وإضلال القلوب.
سابعاً: غياب الوعي به يُخرج إمّعات مسلوبة الإرادة
في غياب العلم بهذا الشرك تسود الذلة والضعف والمسكنة وتغيب الأهداف وتختفي قوة المسلم وشخصيته المتزنة وعزته وكرامته وحريته، وهذا ما يريده الطواغيت والأصنام البشرية الحية من الناس.
ولذا يحرص الطواغيت المُطاعون على تغييب هذا النوع من الشرك من مناهج التعليم، ومن المؤلفات والكتب والرسائل العلمية، ودروس العلماء وخطب الجمعة، والإعلام، وذلك لتغييبه عن حسّ الأمة، وهذا يفرز إمّعات مسلوبة الإرادة والهمة والطموح والتفكير، ومن هنا تأتي أهمية بيان هذا النوع من الشرك وتحذير الناس منه.
ثامناً: سريان غباره لمقلدة العلماء المتعصبين
ومن خطورة هذا الشرك سريان دخانه وغباره إلى بعض المنتسبين للعلم من مقلدة الفقهاء الذين يتعصبون لأقوال أئمتهم ويقدمونها على نصوص الكتاب والسنة..
بل لم يَسْلم من غباره بعض المتعصبين والحزبيين المنتمين لبعض الجماعات الإسلامية الذين يقدمون أقوال قياداتهم ومسؤوليهم على نصوص الوحيين ويجعلون أنفسهم إمّعات لغيرهم ويزعجهم أن يقال عن شيخه أو مسئولِه أنه أخطأ أو غلط.
خلاصة
يبدو مما سبق أن ما نعرضه هنا ونتناوله ليس أمرا فرعيا ولا قضية ثانوية من دين الله تعالى؛ بل هو أمر من صلب دين الله وأصله، وعليه مدار النجاة في الآخرة، وهو محور التغيير الى الخير في الدنيا.
الهوامش:
البخاري 4477، مسلم 86.
اقرأ أيضًا:
وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (1) خطر الشرك
وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (2) بين الطاعة والتأله
وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (3) موجِبات حق التشريع
وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (4) التلازم بين المحبة والتشريع
وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (5) نظرة الى الواقع
وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (6) بين الصبر والإنكار