إن عداوة اليهود للإسلام وأهله عداوة أصيلة قديمة قدم التاريخ، فهم قتلة الأنبياء ، السماعون للكذب الأكالون للسحت؛ المحرفون الكلم عن مواضعه، الساعون بالفساد في الأرض.

جملة من الحقائق الإيمانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن الحرب التي يشنها أعداء الله – من اليهود والصليبيين- على إخواننا أهل غزة ترشدنا إلى جملة من الحقائق الإيمانية، التي لابد أن تكون جلية واضحة في ذهن كل مسلم؛ حيث ساق الله تلك الأحداث – حكمة منه سبحانه – لتأكيد تلك الحقائق (وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) [الأنعام: ٥٥] (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ) [محمد: 4].

أولاً: عداوة اليهود للإسلام وأهله عداوة أصيلة تمتد عبر التاريخ

أن عداوة اليهود للإسلام وأهله عداوة أصيلة قديمة قدم التاريخ، فهم قتلة الأنبياء (وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) [آل عمران: ۱۸۱]، السماعون للكذب الأكالون للسحت؛ المحرفون الكلم عن مواضعه، الساعون بالفساد في الأرض.

فما هي بالعداوة الطارئة بسبب خلاف سياسي أو أطماع اقتصادية، بل هي عداوة عقدية نابعة من طبيعة يهود وخسيس صفاتهم، ولو كانوا يسالمون أحداً لكان أولى الناس بذلك محمداً صلى الله عليه وسلم، لكن كتب السيرة والسنة تحدثنا أنهم حاولوا قتله مراراً (حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) [البقرة: ١٠٩].

وهذا التصور الإيماني لطبيعة العلاقة مع هذه الأمة الغضبية – الذين غضب الله عليهم ولعنهم – يعين المسلم على اختيار الموقع الصحيح في تصرفه معهم ومواجهة كيدهم ومكرهم، دون أن يلتمس بنيات الطريق، ويتخبط يميناً وشمالاً، صنيع الساسة ممن لا يذكرون الله إلا قليلاً، ولا يعرفون من هدي الإسلام دبيراً ولا قبيلاً.

ثانياً: تداعي الأمم الكافرة على المسلمين

حين نرى أمم الكفر وحكومات الضلال في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والهند وغيرها يخف قادتها سراعاً من الأيام الأولى لنشوب الحرب معلنين تضامنهم مع يهود، ونصرتهم إياهم ووقوفهم معهم، يتأكد لنا معنى الولاء الذي بين أمم الكفر، (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [الأنفال: 73]. (لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [المائدة: 51].

ونستدعي من التاريخ كيف كانت جهودهم متضافرة على إخراج المسلمين من فلسطين، وكيف صدقت أفعالهم أقوالهم في أن الإسلام هو عدوهم الأول، وهذا الأمر قد أكدته مواقفهم من قبل في سربرنيتسا وإريتريا والشيشان وسوريا والعراق، وغيرها من بلاد الله التي عانى المسلمون فيها ما عانوا من جراء تآمر المغضوب عليهم والضالين.

ثالثاً: الأساسات التحتية والقواعد الخلفية للكيان الصهيوني

المنافقون إخوان اليهود من قديم، أيديهم في أيديهم، وقلوبهم مع قلوبهم، وهم الذين قالوا لهم: (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ) [الحشر: ١١].

وهؤلاء المنافقون تمثلهم الآن الحكومات العربية المشغولة بقمع شعوبها، ومنعها من التضامن مع إخوانهم في فلسطين، وهم الذين اتحدت أهدافهم مع أهداف أعداء الأمة الصرحاء في منع المسلمين من أخذ قرارهم بأنفسهم، وهؤلاء الحكام لشريعة الله معطلون وبالظلم والعسف يحكمون، فهم في واقع الأمر لصوص متغلبة، فلابد أن تتبين الأمة حقيقة هؤلاء من أجل أن يكون الموقف الشرعي منهم جلياً بيناً؛ فلا نَخدع ولا نُخدع.

رابعاً: المسجد الأقصى يمثل ثلث مقدسات المسلمين

ومن أجله تبذل المهج وتهلك النفوس؛ (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا) [الحج:40].

ونصرة هذا المسجد المبارك نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يقبل من مسلم أن يدعي نصرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي الوقت نفسه هو معرض عن المسجد الأقصى، لا يحمل همه ولا يعمل على تحريره، فهذا المسجد المبارك لا تملكه الحكومات ولا تقاتل لأجله الجيوش المستبيحة لدماء شعوبها، وإن واجباً على مسلم محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُري أعداء الله أن أمة الإسلام لا تموت، وأن كل مسلم هو جيش لوحده لا ييأس من نصر الله ولو كان وحيداً فريداً.

خامساً: إن واجباً على المسلمين عموماً أن ينصاعوا لما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم من أحكام شرعية تمثل في:

نبذ الخلافات وتجاوز المنازعات والتوحد لمواجهة هذا العدو الباغي (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) [الأنفال: 73].

تحديد موقف واضح وصريح من خلال المؤسسات الرسمية والشعبية والدولية.

نصرة إخواننا المرابطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس؛ بالدعاء أولاً، ثم بإعلان الولاء لهم والتضامن معهم والوقوف خلف هذه الثلة المجاهدة المباركة، وأننا نعادي من يعاديهم، ثم ببيان عدالة القضية لكل منصف، ثم بالمقاطعة الاقتصادية لكل داعم للكيان مؤيد له، وكذلك بفضح المنافقين من بني جلدتنا ممن يتولون يهود ويسارعون فيهم.

التواصل المادي والمعنوي مع المجاهدين المرابطين الذين يدافعون عن حرمة الأقصى؛ وذلك بدعمهم مادياً ومعنوياً حتى يشعروا بأنهم جزء من أمة لن تخذلهم ولن تتخلى عنهم.

المصدر

د. عبد الحي يوسف ، مجلة أنصار النبي صلى الله عليه وسلم.

اقرأ أيضا

مشاهد من طوفان الأقصى

دروس ووصايا من ملحمة الإباء في طوفان الأقصى

طوفان الأقصى.. هل يبلغ مداه الأقصى..؟

“طوفان الأقصى” في عيون الصهاينة

طوفان الأقصى

التعليقات غير متاحة