الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ بينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد..
بيان ونداء
فقد تأكد لنا من مصادر موثوقة أن ولي العهد في مملكة آل سعود وأعوانه جادّون في إيقاع القتل بثلة من المصلحين، وعلى رأسهم الشيخ “سلمان بن فهد العودة”، وأحكام أخرى مغلظة على من بقي من المشائخ والمثقفين.
وبناء على هذا الخبر الصادم ودفاعا عن المظلوم وانتصارا له، وبراءة من الظلمة وأحكامهم الغاشمة، واستجابة لقول الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر﴾ (التوبة: 71)، ولقوله، صلى الله عليه وسلم: «ما من امريء يخذل مسلما في موطن تنتهك فيه حرمته ويُنتقص فيه عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، و ما من امريء ينصر مسلما في موطن يُنتقص فيه عرضه وتنتهك فيه حرمته إلا نصره الله عز وجل في موطن يحب فيه نصرته».
فإننا نوجه نداءنا في هذا البيان الى الفئات التالية داخل بلاد الحرمين وخارجها:
إلى علماء البلاد ودعاتها ووجهائها
ماذا ستقولون لربكم إذا وقفتم بين يديه وقد سكتّم عن ظلم المجرمين وقتلهم للذين يأمرون بالقسط من الناس. ألا ما أعظم الإبتلاء والفتنة التي تحلّ بكم إن أنتم سكتّم عن هذا الظلم الفاحش والعدوان المبين.
إن الواجب عليكم أن تنكروا هذا كله، وتبادروا للحيلولة بين المجرمين وبين ما يشتهون من تنفيذ حقدهم على الذين يأمرون بالقسط من الناس، واعلموا أن الدنيا ، وزخرفها ومناصبها وترفها عرَضٌ زائل؛ فلا تغرنكم الحياة الدنيا ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ (مريم: 95).
إلى القضاة والمحامين والنيابة العامة
ويل لقاضي الأرض من قاضي الأرض والسماء .. ويل للمحامين والمجادلين عن الظلم والظالمين..
ألم تسمعوا قول الله عز وجل: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ (النساء: 107) ألم تسمعوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أعان ظالما ليدحض بباطله حقا فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله».
ألم تسمعوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أعان على دم امرئ مسلم ولو بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة الله».
ألم تحسبوا حسابا لوقوفكم بين يدي الله عز وجل ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ (مريم: 95) ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا﴾ (النحل: 111) حينها ليس يحكم نيابة ولا شرطة، ولا أحد يحميكم من الله عز وجل وعقابه الذي يحل على الظالمين.
إلى عامة الأمة وسوادها الأعظم
اعلموا أن من يراد قتلهم وإيذائهم هم صفوة المجتمع وأخيارهم وصلحاؤهم .. وستسمعون من إعلام هذا النظام المجرم تشويهاً لهم؛ وأنهم مفسدون ويسعون لزعزعة الأمن في البلاد؛ فلا تصدّقوهم وتنخدعوا بكلامهم، لقد قالها فرعون من قبلُ لموسى وفريق من المؤمنين قال تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾ (غافر: 26) فلا يخدعنّكم هذا التلبيس وتبرأوا مما يقوم به الظالمون في بلاد الحرمين، وأعطوا ولاءكم للإسلام وأهله المصلحين، وانشروا ذلك بين الناس الأقرب فالأقرب ووعّوهم بذلك.
إلى أصحاب الكلمة والقلم والإعلام
ألا فليُكسر القلم ولتخرس الكلمة إذا لم ينصر المظلوم بهما ولم يدافَع بهما عن الذين يأمرون بالقسط من الناس والذين يقولون ربنا الله.
إن من آتاه الله نعمة الكلمة والعلم ثم لم يسخّرها في نصرة الدين ونصرة أولياء الله عز وجل؛ فقد خان أمانته وخان الله ورسوله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (الأنفال: 27).
وختاما نقول للمجرمين القتلة
تآمروا أو لا تتآمروا، امكروا أو لا تمكروا؛ فإن الله عز وجل من ورائكم محيط ونواصيكم ونواصي الخلق جميعا بيده سبحانه.
ولا تستطيعون أن تُبرموا أمرا من دون الله عز وجل؛ فهو القادر عليكم والقاهر فوقكم ولكم يوم موعود. وإن أذن لكم في تنفيذ ظلمكم فهو العليم الحكيم، وهو على صراط مستقيم، وهو القائل لأوليائه الذين قُتلوا ويُقتلون في سبيل الله عز وجل: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾ (التوبة: 52)
وهو القائل في كتابه الكريم عن أمثالكم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ﴾. (آل عمران: 21،22).
نسأل الله عز وجل أن ينصر دينه وأولياءه وأن يثبت المشايخ والدعاة المبتَلين في سبيل الله عز وجل في كل مكان، وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم؛ والله أكبر والحمد لله رب العالمين.. ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾.