تتواصل رحلة القواعد الدعوية لتكشف لنا مزيدًا من المفاهيم الدقيقة التي يحتاجها المصلحون، ليس فقط في ميدان الدعوة، بل في فهم الحياة، والتمييز بين الحق والباطل، والعدل والظلم، والمطلق والمقيّد.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فهذه مئة قاعدة وفائدة في الدعوة والتربية:
81- المجتمع المدني: مصطلح فضفاض يرفعه في العادة العلمانيون في كل بلد، وقد نشأ عبر تطور طويل في الغرب، ثم انتقل إلى بلاد المسلمين، ويحمل في طياته فروقا وتناقضات. وفي هذا المصطلح تختفي مفاهيم الفرد المؤمن وغير المؤمن، والرجل والمرأة، ويستبدل بها جميعا مفاهيم الفرد، والمواطن، والحرية الفردية، والوطنية؛ التي تغطي على أي انتماء آخر، بما في ذلك الانتماء للدين، وهو مؤسس لفصل الدين عن الدولة.
82- الأمن: يعني في الجاهلية الأمن على النفس والمال والعرض. أما أمن الدين والأخلاق والأمن في الدار الآخرة؛ فلا ذكر له عندهم، مع أن الأمن على الدين والأخلاق هو رأس الأمن والأمان.
83- الفتوى الصحيحة: هي التي تقوم على علمين:
1- علم بأحكام الشريعة.
2- علم بالواقع المراد إنزال الحكم عليه.
84- كل خلق محمود يكتنفه خلقان وطرفان مذمومان: إما إلى الغلو والإفراط، وإما إلى الجفاء والتفريط، والمحمود وسط بينهما. فخلق الشجاعة المحمود وسط بين التهور والتسرع دون النظر للعواقب، وبين الجبن والخوف المانع من تحصيل المصالح ودرء المفاسد. والكرم المحمود وسط بين الإسراف والتبذير والمباهاة، وبين البخل والشح، وهكذا في جميع الأخلاق.
85- العدل والحرية والمساواة: كثير من الناس يطلقون على الإسلام أنه دين العدل والحرية والمساواة، وهذا الإطلاق خطأ يحتاج إلى تفصيل. نعم العدل صفة ثابتة مطلقة في هذا الدين. أما الحرية والمساواة ففيها تفصيل: حيث أن شريعة الإسلام لم تساوِ في بعض أحكامها بين الناس؛ لأن حكم أحكم الحاكمين يقتضي ذلك، فليس الذكر كالأنثى في بعض الأحكام الخاصة بالشهادات والمواريث، ففرق بين الرجل والمرأة وهذا من العدل. وكذلك لم يساوِ الله عز وجل بين المؤمن والفاسق ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ﴾ [السجدة:18]، وكذلك لا يسوغ أن يقول أن الإسلام دين الحرية؛ حيث أن هناك بعض الأحكام الإلهية قيدت على المكلف حريته؛ وهذا من العدل، ولم تطلق الحرية لكل شخص يقول ما يريد من سب للدين، أو الرب، أو المسلمين. ولم يطلق حريته لتنتهك أعراض المسلمين، أو يعتدي عليهم بضرب، أو قتل. إذن الحرية والمساواة فيها تفصيل، ففيها جوانب أطلقت الشريعة الحرية والمساواة، وفيها جوانب قيدت فيها الحرية، وفرقت بين المكلفين ولم تساويهم.
86- من أنواع الخلل في التفكير والتصور:
1- التفكير السلبي (التشاؤمي) وسوء الظن بالناس.
2- التفكير المضطرب المشوش (المتناقض) ضعيف التركيز.
3- التفكير التشككي الوسواس
4- التفكير المولع بالتهويل والمبالغة.
5- التفكير المتسرع.
6- التفكير الأعور (قلة العدل) والنظر بعين واحدة.
7- التفكير التعميمي.
8- التفكير المغرور.
9- التفكير المقلد الجامد.
10- التفكير التسويغي التأويلي.
11- التفكير الهابط السيء.
12- التفكير المبالغ في النقد، وليس النقد البناء.
13- التفكير العاطفي الانفعالي.
87- لا إنكار في مسائل الاجتهاد: هذه هي العبارة الصحيحة، أما العبارة المشهورة (لا إنكار في مسائل الخلاف) فهي جملة خاطئة؛ لأن في بعض مسائل الخلاف ما يخالف دليلا من الكتاب والسنة، وهنا يجب الإنكار، ولكن لا يؤدي ذلك إلى الفرقة، والخصومات.
88- الاجتهاد السائغ: لا يبلغ مبلغ الفتنة والفرقة؛ إلا مع البغي.
89- لا يرد ظلم بظلم، ولا باطل بباطل.
90- لابد للداعية من مخالف وخصوم: وقد يتعدى المخالف حدود الله في العداوة؛ فيكفر، أو يبدع، أو يفسق مخالفه، أو يعتدي عليه، فلا يجوز أن يقابله الداعية بمثل فعله، بل يضبط مواقفه وأفعاله بميزان الشرع والعدل.
المصدر:
مئة قاعدة وفائدة في الدعوة والتربية – الشيخ عبد العزيز الناصر

![مئة قاعدة وفائدة في الدعوة والتربية [81 – 90 ] 1 مئة قاعدة وفائدة في الدعوة والتربية 81 90](https://nasehoon.org/wp-content/uploads/2025/09/مئة-قاعدة-وفائدة-في-الدعوة-والتربية-81-90.webp)