وإن تعجب فعجبُ طغاة أمتنا لا ينتهي. وسقوطهم لا يقف دون أن ينسحقوا أكثر مما ينبغي بل أكثر مما يطلب منهم أسيادهم؛ فيؤيدون مجازر الصين ضد المسلمين بينما يستنكرها الغرب الصليبي.

الخبر

“كتبت (35) دولة رسالة إلى الأمم المتحدة، اطلعت رويترز على نسخة منها الجمعة (10/7/2019)، تقول فيها إنها تؤيد سياسة الصين في إقليم شينغ يانغ الواقع في غرب البلاد في تناقض واضح مع انتقاد غربي شديد لسياسة بكين في الإقليم.

وإلى جانب السعودية وروسيا وقع الرسالة سفراء دول أفريقية كثيرة وكوريا الشمالية وفنزويلا وكوبا وروسيا البيضاء وميانمار والفلبين وسوريا وباكستان وسلطنة عمان والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين.

والصين متهمة باحتجاز مليون مسلم واضطهاد أبناء قومية الأويغور بإقليم شينغ يانغ؛ لكن الرسالة المؤيدة للصين أشادت بما وصفته بإنجازات الصين الملحوظة في مجال حقوق الإنسان..!

وجاء في الرسالة: “في مواجهة التحدي الخطير المتمثل في الإرهاب والتطرف اتخذت الصين سلسلة من إجراءات مكافحة الإرهاب والقضاء على التطرف من بينها إقامة مراكز التعليم المهني والتدريب”.

وأضافت الرسالة “أن الأمن عاد إلى شينغ يانغ وأن هناك حفاظا على حقوق الإنسان الأساسية للأشخاص من جميع الجماعات العرقية في الإقليم. وأن الناس لديهم إحساس أقوى بالسعادة والإنجاز والأمن”.

في وقت سابق، وجهت (21) دولة غربية بالإضافة إلى اليابان رسالة إلى أكبر مسؤولين في الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان للتنديد بالاعتقالات التعسفية في الصين بحقّ إثنية الإيغور وأقليات أخرى في إقليم شينغ يانغ.

ووُجّهت هذه الرسالة التي وقعتها خصوصاً فرنسا وأستراليا والمملكة المتحدة وسويسرا والدنمارك ونيوزيلندا والنروج وهولندا، إلى المفوضة العليا لحقوق الإنسان ميشيل باشليه ورئيس مجلس حقوق الإنسان كولي سيك..!

بينما قال هدايت أوغوزخان، رئيس جمعية المعارف والتضامن مع تركستان الشرقية، إن أتراك الأويغور يعيشون حاليا أصعب أيامهم في تاريخ تركستان الشرقية.

وأضاف أوغوزخان، أن شعب تركستان الشرقية يرزح منذ فترة طويلة تحت نير الاحتلال الصيني، وأن الضغط المستمر من قبل الإدارة الصينية سوف تؤدي إلى اضمحلال شعب تركستان الشرقية.

وفي تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان لعام 2018، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، في مارس/ آذار الماضي، إن الصين تحتجر المسلمين في مراكز اعتقال، “بهدف محو هويتهم الدينية والعرقية”. (1موقع المصريون، 13/7/2019، على الرابط:
تعرف على الدول العربية المؤيدة لـ«مجازر الأيغور»
موقع الأناضول، 13/7/2019، على الرابط:
ناشط من تركستان الشرقية: شعبنا يعيش أصعب الأيام في تاريخه
)

التعليق

يستنكر الغربيون ـ أصحاب المجازر التاريخية ضد المسلمين  ـ ما يقع لأبناء المسلمين في الصين، أيا كانت دوافعهم الى ذلك الإنكار؛ إذ إنها حقيقة واقعة ـ للأسف ـ يعانيها أبناء المسلمين، كما يعبرون هم بأنفسهم، وكما يرى العالم.

[للمزيد: الإرهاب الصيني .. أوَليس إرهابا؟!]

لكن المشكلة الآن ليست في الصين بل عندنا نحن في منطقتنا المسماة بـ “الإسلامية”..! المشكلة في المسلمين العرب وغيرهم. إنها في بقية جسد الأمة، مما يفسر سبب وقوع هذه المذابح والاضطهادات بلا رادع ولا نكير، بل وبأمان كامل يمارسها المجرمون.

فأولا: يتعرّى المسلمون أنفسهم من هويتهم، ويتنازلون عن جزء منهم، ويسمحون له بالإنسلاخ عن جسد أمته وأن يُقطع منها. والسبب في ذلك إرضاء قوةً يرونها “عظمى” فيشترونها ويبيعون جناب الله تعالى. وهذا يفسر لك بعض ما في قوله تعالى عن ولاء الكافرين ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ (آل عمران: 28) إذ قطع صلته برب العالمين. قطع اعتصامه ويقينه وركونه اليه.

ثانيا: تعلم هنا قيمة القوة المفتقَدة للمسلمين ـ القوة العقدية وقوة الرمي والسلاح وغيرها ـ أنها تجعل المسلمين ـ أو من يتحكمون فيهم ـ يتنازلون عما تقتضيه العقيدة، ثم يتنازلون عما تقتضيه الإنسانية، ثم يتنازلون وينكرون ما لم يجد سيدُهم مانعا من الاعتراف به..! فلماذا الانحطاط..؟! وماذا يشترون بهذا..؟ إنها العروش إذن ولو بدماء وأشلاء، وآلام ومعاناة ملايين المسلمين، وبهويةٍ تحارَب وإسلامٍ يندرس ويختفي من بقعة من الأرض كان يُعبد فيها رب العالمين.

وهنا نسأل أصحاب العروش؛ هل كانت وظيفة السلطة في الإسلام إلا «حراسة الدين» و«سياسة الدنيا به»..؟ فإن ضاع الدين فما دورهم إلا أنعام تأكل فتنتفخ ثم تنقلب رافعة حوافرها منتنة الريح كأنعام كثيرة سبقتهم وانتفخت وماتت وبقيت لعناتهم وذهبوا الى مصيرهم بين يدي ربهم..؟!

ثالثا: هذا يفسر لك أيضا مدى خديعة «العلماء» و«الدعاة» الذين يرون هؤلاء الطواغيت حكاما شرعيين، وأنهم يحمون الإسلام..! وأن طاعتهم قربة الى الله..!!!

ويفسر لك أكثر مدى زيف وخديعة من يطالبون هؤلاء “الحكام” بإنقاذ المسلمين هناك..! لتعرف أنهم خارجون عن التاريخ والواقع والعقيدة، وعن مقتضى العقل والبديهة، وأنهم يهرفون وحدهم بما يعرفون جيدا أنه خداعٌ لملء مساحة من الزمان وتخدير الناس؛ بينما هؤلاء المجرمون هم أدنى عدو.

رابعا: عندما ترى دولة وظيفية كـ”قطر” داخل هذا القطار فهذا أيضا يفسر لك أن من يساند الشعوب في ثوراتهم من هؤلاء الحكام ويستضيفون قنوات فضائية بها مساحة ما من الحريات “المحكومة” كقطر وقناة الجزيرة؛ أنهم ليسوا خارج السياق، وأنهم جزء من القطيع لكن بدور مختلف. وأن لدغاتهم غير مأمونة، وأنها لدغات في مقتل، وأنهم لاهثون كغيرهم؛ فمن قبِل منهم دورا ليستفيد به في قضيته فلا يتمادى، ولا يتمادى في إحسان الظن، بل يجب أن يعرف السياق العام والأدوار الموزعة، وإن استفاد من مساحة حرية فلا يتغاضى عن الحقائق الكبرى التي تدل عليها القواعد الأمريكية في بلادهم والمواقف العقدية من أفواههم..!

خاتمة

للمسلمين في الصين مأساة كما لإخوانهم في فلسطين، وسنة العراق، والمسلمون في سوريا، ومصر وبلاد الحرمين، الى المغرب العربي، الى إفريقيا المسلمة وغيرهم في شرق آسيا للمسلمين مآسيهم، ويجب أن يتعاضدوا ويتآزروا كأمة، وألا يحسنوا الظن بالطواغيت؛ فإحسان الظن بأهل الردة والفجور من المحذورات الكبار.

وليثق المسلمون أن الله تعالى جاعل لهم فرجا ومخرجا، وأن سقوط وتعرّي الطغاة أمر غير محزن؛ بل هو أمر كاشف لمرض قابع لإسقاط اللافتات الكاذبة وليحدد المسلمون طريقهم. والله المستعان.

………………………………

هوامش:

  1. موقع المصريون، 13/7/2019، على الرابط:
    تعرف على الدول العربية المؤيدة لـ«مجازر الأيغور»
    موقع الأناضول، 13/7/2019، على الرابط:
    ناشط من تركستان الشرقية: شعبنا يعيش أصعب الأيام في تاريخه

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة