مقتل علماء اليمن، خاصة في الجنوب؛ أصبح خبرا مكررا واعتادت آذان الناس سماعه، وهو خطر كبير وراءه من يقصد اليه، ويستهدف شرّا لا بد من التنبّه له.

يدٌ مشبوهة

سلطةٌ علمانية عميلة، مثلها مثل باقي أخواتها في بلاد المسلمين المبتلاة بهم؛ قاومتها ثورة شعبية مخلصة ونقية، يتم التآمر عليها، ثم يقفز الحوثيون أذناب إيران، ثم يتدخل المفسدون ثانية فيجففون المجتمع مما يمكن أن يمثل له مخرجا، وهم العلماء والأئمة ومن يَهدون الناس الطريق.

الخبر

1) اللغز المتعاقب

جاء على موقع الجزيرة، تحت عنوان “اغتيالات عدن .. من المنفذ ومن المستهدَفون؟” عن:

الحقوقي والسياسي اليمني توفيق الحميدي أن الفترة السابقة ـ في اليمن بشكل عام وعدن بشكل خاص ـ أشبه باللغز الذي تصعب الإجابة عنه، وإحصاءات الاغتيالات في عدن مريعة، وهي تستهدف رجال الأمن بدرجة رئيسية، ثم يليهم الخطباء.

وتركّز هذه الاغتيالات على من شارك في صفوف المقاومة، وما نشر عن حقائق الاغتيال في عدن يضع السلطات الحاكمة فيها ودولة الإمارات تحت طائلة المساءلة عن هذه الجرائم”. (1)

2) وكأنه خبر معتاد..!

جاء على موقع “رابطة علماء أهل السنة” تحت عنوان: اليمن: استمرار قتل علماء السنة في عدن:

“استمرارا لمسلسل قتل علماء السنة في اليمن، توفى اليوم الشيخ عارف الصبيحي، إمام مسجد الرحمة بعدن، متأثرا بجراحه، إثر إطلاق مجهولين النار عليه اليوم الأربعاء، حيث قاموا بإطلاق النار عليه بعد صلاة المغرب.

وقد تم نقل الشيخ فورا إلى المستشفى الكوبي، إلا أنه فارق الحياة متأثرا بجراحه.

يُذكر أن حوادث قتل علماء السنة قد ازداد منذ سقوط عدن بيد القوات التابعة لدولة الإمارات، حيث قاموا بتصفية كل العشرات من الأئمة والساسة الذين لم يرضخوا لسياساته”. (2)

3) وعيد علني لأئمة المساجد وعلمائهم “مكمن الخطر على المفسدين”

جاء على موقع عربي بوست، تحت عنوان: “معتقل بسجون الإمارات في اليمن: يعذبوننا ونحن عراة، وقاموا بتصفية 100 معارض، وطلبوا مني قتل نائب مدير مكتب الرئيس” ـ في شهادة “عادل الحسني”

“وأردف أن «ضابطًا إماراتيًا يدعى (أبو متعب علي بن حمدان الشحي) توعد بعض المسجونين (اليمنيين) بالتصفية (…) و آخر يدعى (هاني بن بريك) توعد بأسر الأئمة للاستيلاء على مساجدهم في اليمن”. (3)

4) ويتحدث أهل اليمن على منصاتهم عن حقيقة أن:

“الإمارات الماسونية تقتل علماء اليمن باعترافات أمريكية، فقد صرحت جريدة بوزفريد الأمريكية أن الإمارات اليهودية استأجرت قتلة من شركات أمريكية لقتل من يسمونهم بالإصلاحيين في اليمن”. (4)

5) “بول بريمر” وتصريح حاسم

وما سبق لا يُعفي الرافضة في اليمن من قتل علماء السنة، فما بين العلمانيين والرافضة تواثق وصلة، كما أن بين الرافضة والأمريكيين صلة أخرى رغم العداء الظاهر، فقد أخبر “بول بريمر” في مذكراته في العراق أن أمريكا قررت التحالف مع الشيعة في المنطقة.

دلالات الخبر

لهذا المأخذ العلماني والرافضي دلالاته وسوابقه التاريخية؛ فننظر في التاريخ ما فعل أجداد باطنية اليوم ثم ننظر في الدلالات المعاصرة.

أولا: تجارب سابقة “قراءات تاريخية … قتل العلماء إخضاع للأمة”

قد لا يعلم كثير من الناس أن الدولة العبيدية، والتي يسمونها (الفاطمية) كان من شرورها أن قتلت كثيراً من علماء السنة في المغرب العربي وغيره، واستمر هذا الشر في أحفادهم الإسماعيلية الذين مارسوا الاغتيالات لعلماء السنة.

وهذه أسماء بعض العلماء الذين قُتلوا ذكرتهم كتب التراجم مثل سير أعلام النبلاء للذهبي:

أبو بكر النابلسي

في سنة (361)، وبعد أن استقر معد بن إسماعيل العبيدي الملقب بـ “المعز” في القاهرة، أحضر بين يديه العالم أبو بكر النابلسي وجرى هذا الحوار بينهما:

المعز: أنت الذي يقول: لو معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسعة والمصريين “العبيديين” بواحد.

– لا، بل لرميتكم بتسعة ورميت الروم بواحد.

– ولم؟

– لأنكم غيّرتم دين الأمة، وقتلتم الصالحين، وأطفأتم نور الإلهية.

فأمر المعز العبيدي بضربه بالسياط، ثم سلخ جلده، سلخه يهودي، ثم قُتل ـ رحمه الله، ولعنة الله على الظالمين.

محمد بن الحُبْلي قاضي مدينة برقة

أتاه أمير برقة “العبيدي الفاطمي” فقال: غداً العيد، قال القاضي: حتى نرى الهلال، ولا أُفَطِّر الناس وأتقلد إثمهم، فأصبح الأمير بالطبول والبنود أهبة للعيد قال القاضي: لا أخرج ولا أصلي.

فطلبه المنصور العبيدي “حفيد عبيد الله المهدي” فقال له: تصلي وأعفو عنك فامتنع، فأمر به فعلق في الشمس إلى أن مات، وكان يستغيث من العطش فلم يُسْق ثم صلبوه على خشبة”. (5)

ابن البَرْدون

الإمام الشهيد تلميذ ابن الحداد، قتله أبو عبد الله الشيعي، وقال له لما جُرّد للقتل: أترجع عن مذهبك؟ فقال الإمام: أعن الإسلام أرجع؟!

ثم صُلب وقد كان بارعاً في العلم. (6)

ابن خيرون

الإمام أبو جعفر محمد بن خيرون المعافري، أمر عبيد الله المهدي “مؤسس الدولة العبيدية التي تسمى بالفاطمية” أمر بأن يداس هذا العالم حتى الموت، فقفز عليه الجنود السودان حتى مات، وذلك بسبب جهاده وبغضه لـ “عبيد الله” وجنده. (7)

ابن قائد

أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن قايد الأواني، زاهد، خاشع، ذو تألُّه وأوراد.

قدِم “أوانا” (8) واعظٌ باطني، فنال من الصحابة فحمل “ابن قائد” في محفّة وصاح به: «يا كلب، انزل»، ورجمته العامة، فهرب.

وحُدّث “سنان” كبير الإسماعيلية في الشام بما تمّ لهذا الباطني؛ فندب اثنين من رجاله فأتيا “ابن قائد”، وتعبّدا معه أشهراً، ثم قتلاه، وهربا في البساتين فَنكِرَهما فلاح يعمل بمزرعته فقتلهما جزاه الله خيراً. (9) (10)

ثانيا: قراءة معاصرة

يقول أهل العلم أن العلماء أوتاد للمجتمعات كالجبال أوتاد للأرض، فإذا ذهب العلماء مادت المجتمعات والناس، كما تميد الأرض لو ذهبت منها الجبال.

والأمم والشعوب التي بها بقايا من الخير يمثّل أهل العلم فيها من المكانة والاحترام والتبجيل ما يعينهم على قبول الحق والتزام مواقف الخير وعدم قبول مواقف الخيانة أو التفرق أو ولاء الكافرين.

وفي الغالب عندما يرغب المستبدون في تنفيذ أوامر أسيادهم الصليبيين والصهاينة في إحداث التغيير القيمي والأخلاقي ونشر الإباحية والتلاعب بالعقائد حينها يبيدون العلماء أولا، لأنها تلك المنارات والجزر الهادية بهدى محمد صلى الله عليه وسلم، وحين تزول تلك المنارات الهادية ويستأصلون تلك الجزر المانعة تصبح المجتمعات أمامهم فريسة سهلة التناول.

عندما يذهب الأوتاد لا تضبط خلقا، ولا عقيدة، ولا قيمةً ولا توجه، ولا تجمع الناس على خير، بل تتغير المجتمعات الى كثبان بشرية يتلاعب بها العدو والطاغية بلا ممانعة كما يُتلاعب بكثبان الرمل.

هل ينجحون وهل يتحقق هذا..؟

كيف ينجحون؟ وكيف يتحقق هذا للمفسدين وقد قال صلى الله عيله وسلم «لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم فيه بطاعته”

لكن الله تعالى يُكرم من شاء بالشهادة من عباده العلماء، كما أنه تعالى يُكرم الأمة ببيان من يُطلق السهام، ليعلموا أين مغارات العدوّ المختبئ بها؛ فمعرفة العدو وبيانه من نعم الله على عباده.

فإذا فضحهم الله جاء دور الأمة والجموع لتدافع عن نفسها ودينها وعن سؤددها المتمثل في ورثة الأنبياء.

…………………………………..

هوامش:

  1. الجزيرة، بتاريخ 24/12/2018، على الرابط:
    اغتيالات عدن.. من المنفذ ومن المستهدَفون؟
  2. موقع “رابطة علماء أهل السنة” بتاريخ 7 جمادى أول 1439 – يناير 25 2018 – 1:08:47 ، على الرابط:
    اليمن | استمرار قتل علماء السنة في عدن
  3. موقع عربي بوست، بتاريخ: 20/12/2018، على الرابط:
    معتقل بسجون الإمارات في اليمن: يعذبوننا ونحن عراة، وقاموا بتصفية 100 معارض، وطلبوا مني قتل نائب مدير مكتب الرئيس
  4. 4.    موقع يوتيوب، بتاريخ 16/10/2018 على الرابط:
    الإمارات الماسونية تقتل علماء اليمن باعترافات امريكية
  5. سير أعلام النبلاء15 / 374.
  6. المصدر نفسه 14 / 216.
  7. المصدر نفسه 14 / 217.
  8. قرية شمالي بغداد.
  9. سير أعلام النبلاء 21 / 295.
  10. مجلة البيان، جمادى الآخرة – 1410هـ،يناير – 1990م،(السنة: 4).

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة