اسم دخل التاريخ من أوسع أبوابه، وكذلك الرقم (7 أكتوبر).. وهنا أعني تاريخنا، لكنه دخل تاريخهم أيضا، ولن ينسوْه أبدا.

طوفان الأقصى محطة نحو التحرير النهائي

تشير تجارب التاريخ إن لكل شعب خاض معركة التحرّر من الاحتلال، اسم وتاريخ مماثل في الغالب؛ سيشكّل محطة نحو التحرير النهائي. وهو سيكون في الغالب معجونا بالمعاناة ورقم مهول من التضحيات، لأن عادة الغزاة أن يُفرطوا في الوحشية حين يشعرون بقرب النهاية.

ليس من السهل إحصاء ما حققه “طوفان الأقصى”، لا سيما أن التداعيات ما زالت تتوالى حتى الآن، وقد تفضي إلى حرب إقليمية كبرى يعتقد الكيان الصهيوني واهما أنه سيعيد من خلالها مجْده السابق حين كان يضرب ويعرْبد بلا رادع، ثم يصفّي القضية الفلسطينية، ويفرض هيمنته على منطقة الشرق الأوسط.

نقول واهما، لأننا ندرك أن لهذه الأمّة تراثها العريق في مواجهة الغزاة من كل لون، وفي هذه المنطقة تورّطت وخسرت وتدهورت إمبراطوريات كثيرة.

طوفان الأقصى أعاد إحياء القضية الفلسطينية

من أهم ما ترتّب على “الطوفان” أنه أعاد إحياء القضية الفلسطينية وجعلها قضية العالم الأهم بعدما كان حضورها يتراجع إثر موجة التطبيع الأخيرة مع “اتفاقات أبراهام”، ومع انشغال العالم بملفات أخرى كحرب أوكرانيا والصراع الدولي المتصاعد.

ونذكّر بأن موجة التطبيع المُشار إليها كانت محور مشروع تصفية القضية الفلسطينية عبر “سلام اقتصادي”، سيفتح الباب أمام ضمٍّ لما تبقى من الأرض، وتهجير ناعم  أو “خشن” للفلسطينيين، الأمر الذي صار الغزاة يتحدّثون عنه بوضوح في ظل منظومة التطرّف مع نتنياهو وسموتريتش وبن غفير.

“الطوفان” منح القضية الفلسطينية دفقة حياة كبيرة جدا في أوساط الرأي العام العالمي. بخاصة الأجيال الجديدة في أمريكا والغرب. كذلك الحال في أوساط جيل فلسطيني وعربي وإسلامي.

طوفان الأقصى حوَّل “الكيان” إلى كيان منبوذ

“الطوفان” فضح الكيان، وكشفت وجهه الحقيقي الذي كان يخفيه تحت ستار من الشعارات التي تستقطب الغربيين، وزاد من رفضه في أوساط الرأي العام العالمي، حتى أصبح شعار “من البحر إلى النهر” يتردّد في شوارع الغرب وفي جامعاته، رغم تجريمه من قبل قوانين دول كثيرة.

وفي ذات السياق حوّل “الطوفان” ومن بعده حرب الإبادة التي شنّها الغزاة على غزة بروحيَّة الثأر.. حوَّل “الكيان” إلى كيان منبوذ، ونسف عقودا من الدعاية، باعتراف قطاع عريض من قادته ونُخبه السياسية والإعلامية.

تداعيات الطوفان على الكيان الصهيوني

فضح “الطوفان” بشاعة الأقليّة التابعة لـ”الكيان” في الغرب بوصفها أقليّة تنتمي إليه أكثر من انتمائها للدول التي تحمل جنسياتها، ما جعلها تصرخ من “العداء للسامية”، والذي هو في جوهره العداء لكيانها، لكنه من جانب آخر أنتج حالات مغايرة داخل تلك الأقلية، لم تعد تؤمن بالنظريات السابقة.

زاد بؤس “الكيان” على الصعيد الداخلي، بتخلّيه عن كل شعاراته في حرية التعبير والصحافة الحرة، وعزّزت تناقضاته التي كانت تتصاعد قبل ذلك.

أعاد “الطوفان” قدرا من الحياة والثقة للشارع العربي الذي كان قد أُصيب بالإحباط بعد نجاح “الثورة المضادة” في حربها ضده بعد الربيع العربي.

الطوفان أكد على خيار المقاومة

منح “الطوفان” دفعة هائلة لخيار المقاومة بعد عقدين كاملين من التيه وتجريب المجرّب، وبخاصة خلال مرحلة عباس منذ 2004، ولغاية الآن. وهي مرحلة تم فضحها على رؤوس الأشهاد، ومعها “قبيلتها الحزبية”، ممثلة في حركة “فتح” التي خذلت شعبها وباعت شعاراتها وتاريخها.

سلام الله على “الطوفان” وصنّاعه وأبطاله، وعلى شعب عظيم منحه الدعم والحاضنة، وقدّم تضحيات تنوء بحملها الجبال.

المصدر

صفحة الأستاذ ياسر الزعاترة على منصة X.

اقرأ أيضا

خواطر حول طوفان الأقصى

طوفان الأقصى، فواتح التحرير

دروس ووصايا من ملحمة الإباء في طوفان الأقصى

طوفان الأقصى طوفان العودة إلى الجذور

التعليقات غير متاحة