علّموا أولادكم

علّموا أولادكم آيات القرآن، اقرأوا لهم تفسيرها وتدبّروها معهم، واقرأوا الواقع الحالي من خلالها ولا تجعلوا القرآن طقوسًا معزولة عمّا نعيشه في هذا العالم.

تعليم الأبناء: ريادة الأمة ومسؤوليتها في إقامة العدل

  • علّموا أولادكم على وقع ما يجري على هذه الأمة من مظالم وكوارث وآفات أنّ أحد الأهداف الرئيسية للإسلام أنّ يكون نظامًا دوليّا ولا يقبل دون ذلك: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}، وإلّا كانت هذه الأمة في ذيل الأمم كما هو حالها الآن.
  • وعلّموهم أنّ هذه الأمّة هي الأمّة العادلة التي أوكل الله لها مهمّة ريادة الأمم وإقامة العدل والقسط بينها: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}. فهي خير الأمم، وهي التي تحمل المسؤولية الأخلاقية الأعلى من بين جميع أمم الأرض التي غرقت في فساد الاعتقادات والسلوكيات: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}.

علّموا أولادكم أن الريادة بالرحمة لا بالاستعباد

  • وعلّموهم أنّ الله لم يخرج هذه الأمة لتستعبد الناس أو تفنيهم أو تظلمهم أو تضطهدهم، بل لتنجيهم من عذاب أليم، ولتخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد. فرسالة الإسلام كلّها رحمة: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}. والمسلمون أعدل الأمم وأبعدها عن الجور والبغي وأنصفها لسائر الأمم والشعوب وأحفظها للأخلاق والقيم والذمم: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}.

علّموا أولادكم أن الخيرية ليست ميراثًا.. بل اكتساب وعمل

  • وعلّموهم أنّ هذه الخيرية للأمّة لا تتحقّق بالأماني: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا}. بل بإخلاص العبودية لله عزّ وجلّ وإقامة شريعته والعمل الصالح النافع المجدي وفقًا لسنن الله تعالى في الأرض: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.

بشّروهم.. ولكن ذكّروهم بعهد الله الذي لا ينال الظالمين

ومع ذلك كلّه بشّروهم ولا تنشروا بينهم اليأس والقنوت: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}.

فهذه بشرى للمستضعفين المتألّمين، ولكنّ هذه الإمامة ليس مجانية، وحين طلبها أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام قيل له: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، والتخلّص من الظلم – وأوله الانحراف عن التوحيد وشرائعه – هو أول طريق الإمامة في الدين والدنيا.

وجماع ذلك في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}.

علّموهم هذه الآيات، اقرأوا لهم تفسيرها وتدبّروها معهم، واقرأوا الواقع الحالي من خلالها ولا تجعلوا القرآن طقوسًا معزولة عمّا نعيشه في هذا العالم.

المصدر

صفحة الأستاذ شريف محمد جابر، على منصة ميتا.

اقرأ أيضا

دور الأمة في التغيير

تربية الأطفال في رحاب الإسلام .. الثواب والعقاب

إحياء الأمة وإقامة الحكم الإسلامي

التعليقات غير متاحة