لا أمل لهذه الأمة إلا بالعودة الى ما كان عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وصحبه، من عقيدة أهل السنة العدل بين مختلف الأهواء والغلو والتفريط.
عن الكتاب
المؤلف: محمد عبد الهادي المصري
الناشر: دار الإعلام الدولي
سنة النشر: 1992
عدد الأجزاء: 1
عدد الصفحات: 214
مقدمة
لقد أثبتت الأحداث التي مرت وتمر بها المنطقة الإسلامية مؤخراً أن المواجهة حتمية بين جماعة أهل السنة ـ بفصائلها وكتائبها المتنوعة ـ وبين قوى الشر مجتمعة من صهيونية وصليبية وعلمانية وفرق ضالة.
إن هذه الجماعة ترى دائماً ـ بفضل من ربها وعلى هدي من كتابه وسنة نبيه ـ ما لا يراه غيرها من أخطار ومؤامرات ومكائد تُحاك ضد هذه الأمة ـ عقيدتها وأخلاقها وسلوكها ـ بحيث تصبح بلا هوية، ولا شخصية، ولا ضمير، فيسهل اجتياحها وتحويلها ـ مثل غيرها من الأمم ـ إلى ترس يدور في آلة الحضارة الغربية.
لقد أثبتت هذه الأحداث أن هذه الأصول والثوابت التي تشكّل عقل وضمير ووجدان هذه الأمة، وتبرز الشخصية العقدية والأخلاقية والسلوكية لهذه الجماعة ـ جماعة أهل السنة ـ هذه الأصول والثوابت لا تزال هي المقصد الأول لمعاول الهدم في أيدي قوى الشر في الداخل والخارج.
إن هذه الرؤية لتحتم على جميع فصائل أهل السنة أن تتعاون فيما بينها على إبراز وترسيخ هذه الأصول والثوابت وتقديمها واضحة جلية؛ والالتزام بها خالصة نقية بعيدة عن الاختلافات الفرعية والمعارك المصطنعة، بل وتكريس هذه الأصول والثوابت في البرامج التربوية التي تتبناها هذه الفصائل، حتى تُخرج للمستقبل جيلاً إسلامياً جديداً قادراً ـ بإذن الله ـ على مواجهة هذه التحديات التاريخية التي سيسألنا الله، عز وجل، ماذا أعددنا لها؟
محتويات الكتاب
يشتمل الكتاب على:
مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة.
مقدمة الكتاب
يتحدث الكاتب عن افتراق الأمة بعد رسولها من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم، فتجاذبت الناس الأهواء والاختلافات، وتعددت المذاهب والرايات، وتشعبت البدع والنظريات، وفارق الناس كتاب ربهم وسنة نبيهم، فضلوا عن سبيل الصراط المستقيم، وضربوا في تيه السبل، وقدموا بين يدي الله ورسوله، واتبعوا سبيل كل ناعق.
ولكن خلال ذلك كله ـ وتحقيقاً لسنة الله التي أخبرنا عنها رسوله الأمين، صلى الله عليه وسلم، ـ ظلت راية الفرقة الناجية عالية خفاقة، تجمع تحتها كل من أراد لنفسه النجاة، وأراد له ربه أن ينأى بنفسه بعيداً عن كل تلك الرايات الضالة المضلة، فيتمسك بالجماعة التي كان عليها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الأبرار، رضوان الله عليهم، وتابعيهم بإحسان، ومن سار على دربهم، وتمسك بهديهم ممن جاء بعدهم.
الباب الأول
وَهو استِعْراض تَاريخي عام لِمَسيرةَ أَهْل الحق، وسنة الله الكونية في خروج البَشَرِ عَنْ الصِرَاط المستقيم، مع تعريفات هامة في التمهيد للبحث، ونبذة عن بداية الفتن ونشأة التسمية بأهل السنة والجماعة.
وهو يحتوي على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: تاريخ انحراف الخلق عن الحق
حيث تحدث الكاتب عن عدة نقاط أبرزها:
- الأمانة التي حملها الإنسان.
- خلافة الإنسان في الأرض وشروطها.
- ميثاق الفطرة.
- خاتم الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وسلم.
- أمر الله المسلمين بالجماعة ونهاهم عن الفرقة.
- افتراق الأمة إلى ملل كلها في النار إلا واحدة.
- راية السنة ظاهرة متميزة في كل عصر وجيل.
- فضل صحابة رسول الله الكرام.
الفصل الثاني: تعريفات ضرورية
تناول الباحث عدة تعريفات مرتبطة بموضوع الكتاب منها:
تعريف: السنة، الجماعة، أهل الحديث، السلف، الطائفة المنصورة.
الفصل الثالث: نشأة التسمية بـ “أهل السنة والجماعة”
كيف نشأت التسمية؟
إنما قلنا نشأة “التسمية”، ولم نقل “نشأة” أهل السنة، لأن مذهب أهل السنة هو ما كان عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، فليسوا ممن ابتدع بدعة فنسبت إلى فرد أو طائفة حتى يقال: إنه نشأ في عام كذا.
كيف بدأت الفتنة..؟
يقول الكاتب أن الكلام حول بدء الفتنة ونشوء الفرق يطول، ولكنه يشير إلى لمحات في هذا الأمر لنصل في النهاية إلى كيف تميز أهل السنة والجماعة عن غيرهم:
1) من المعلوم أن أول بدعة حدثت بدعة الخوارج والروافض، ثم بعد ذلك أخذت البدع تتوالى، فـ
“لما كان في آخر عصر الصحابة في إمارة ابن الزبير وعبد الملك حدثت بدعة المرجئة والقدرية، ثم لما كان أول عصر التابعين ـ في أواخر الخلافة الأموية ـ حدثت بدعة الجهمية والمشبهة والممثلة، ولم يكن على عهد الصحابة شيء من ذلك”.
2) لما وقعت الفتنة عني المسلمون بالبحث عن الإسناد، ونقد الرجال، وذلك لأن السلف خافوا من الكذب على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وخاصة مع تفرق الأهواء وظهور البدع.
ومع البدء بالبحث عن الإسناد، ومعرفة الرجال وتميز رواياتهم أخذ أهل الحديث يتميزون عن غيرهم من أهل الأهواء، فظهر مصطلح (أهل الحديث) أي أهل السنة الذين يعنون بالحديث، والذين تقبل روايتهم لأنهم لم يبتدعوا ولم يتشربوا شيئًا من أقوال أهل الأهواء.
الباب الثاني
وهو يحتوي على الملامح العامة، والصفات الأساسية التي تميّز أهل السنة والجماعة عن غيرهم من الفرق سواء في منهج التلقي أو العقائد أو الأخلاق والسلوك مع إلقاء بعض الضوء على أهل البدع، وأهم الفرق المخالفة للسنة والجماعة.
وهو يحتوي على عشرة فصول:
- الفصل الأول: منهج التلقي عند أهل السنة والجماعة.
- الفصل الثاني: الملامح العامة لأهل السنة والجماعة.
- الفصل الثالث: الخصائص الأخلاقية والسلوكية لأهل السنة والجماعة.
- الفصل الرابع: الأصول التي اتفق عليها أهل السنة.
- الفصل الخامس: أمور يقبل فيها الخلاف داخل أهل السنة والجماعة.
- الفصل السادس: الصفات العامة للمفارقين للسنة والجماعة.
- الفصل السابع: حكم المخالفين للسنة.
- الفصل الثامن: رؤوس الفرق المخالفة للسنة والجماعة.
- الفصل التاسع: نظرة أهل السنة والجماعة إلى البدع المخالفة للسنة وإلى أهلها.
- الفصل العاشر: معاملة أهل السنة والجماعة لأهل البدع.
الباب الثالث
وهو استعراض عام لنتائج البحث، مع التركيز على المراحل التي يمكن أن تمر بها جماعة أهل السنة والجماعة تحت الظروف المختلفة. ثم النظر إلى الواقع الإسلامي المعاصر نظرة عامة على ضوء نتائج البحث.
وهو يحتوي على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: نتائج البحث (تلخيص مركز للباب الثاني)
- أهل السنة والجماعة هم أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
- وأهل السنة والجماعة لذلك ليس لهم اسم يسمون به إلا (أهل السنة والجماعة).
- ولذلك كان أهل السنة والجماعة هم الجمهور الأكبر.
- وداخل هذه الدائرة العامة الشاملة التي تحيط بأهل السنة والجماعة وتحصرهم حول مركز ثابت.
- وأهل السنة والجماعة يتميزون بخصائص سلوكية وأخلاقية تمثل تراثا مضيئا لهم.
- وأهل السنة إذن هم أهل الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
- وأهل السنة والجماعة متفقون على أصول مهمة أصبحت شعارا لهم.
- والمخالفون للسنة من أهل البدع والضلال والتفرق، يدفعهم إلى ذلك، الجهل والظلم والغلو.
- والفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة هم: المرجئة والخوارج والرافضة والقدرية والجهمية.
- وأهل السنة يفرقون بين البدع الدقيقة والمنازعات اللفظية، وبين البدع المغلظة.
الفصل الثاني: مراحل وأحوال الفرقة الناجية
يعرض الكاتب أربع مراحل وواجبات المسلم في كل مرحلة:
الحالة الأولى: أن يكون الإمام ـ الشرعي ـ موجوداً ويكون هذا الإمام إماماً لأهل السنة، متبِعاً لمذهبهم ملتزماً به، داعياً إليه، محذِراً من كل من يخالفه، محارباً لأهل الأهواء والبدع.
الحالة الثانية: أن يكون الإمام موجوداً، ولكن هذا الإمام مبتِدع، لا يلتزم مذهب أهل السنة والجماعة، بل ربما يكون قد أشرب مذهب أهل البدع. ولكن يوجد في الأمة طائفة أو جماعة ـ أفرادا متفرقين ـ أو تجمعات مختلفة المكان، لها صوت مسموع في الدعوة إلى مذهب أهل السنة، وهي متمسكة به داعية إليه، متحملة في سبيل ذلك ما تلاقيه من محن وابتلاء.
الحالة الثالثة: أن لا يكون هناك إمام شرعي، لا عادلاً ولا جائراً، كما في بعض مراحل الضياع التي تمر بها الأمة الإسلامية، ولكن مع ذلك توجد الجماعة التي هي أهل السنة والجماعة، أفرادا أو جماعات.
الحالة الرابعة: أن لا يوجد للمسلمين إمام ولا جماعة تدعو إلى مذهب أهل السنة، وهذا قد يحدث أيام الفتن الكبرى ولبعض البلاد، بحيث يصبح المسلم الملتزم بمذهب أهل السنة غريباً جداً، لا يجد من يناصره، ولا يجد من يأويه إلا أهل البدع.
الفصل الثالث: نظرة إلى الواقع
يقول الكاتب: الآن إذا نظرنا إلى الواقع الإسلامي المحيط على ضوء ما استعرضناه سابقاً فإننا نخرج بعدة ملاحظات أساسية يمكن إجمالها فيما يلي:
1) إن الفرق المخالفة للسنة سواء منها الفرق التقليدية: كالخوارج والرافضة والقدرية (المعتزلة) والجهمية والمرجئة، أو ما تفرّع أو تولد عنها من فرق أخرى مستحدثة ـ ما زالت ـ بأفكارها وعقائدها الفاسدة تبث سمومها في جسد الأمة المسلمة، مستغلة في ذلك الضعف والتخلخل في صفوف أهل السنة ـ الواعين منهم بحقيقة هذا الصراع ـ والجهل وغياب الوعي الذي يسيطر على كثيرين من هذه الأمة.
2) إن الأفكار المنحرفة التي تحملها هذه الفرق: قد انتشرت وأثرت بدرجات متفاوتة في فكر وسلوك كثير من المسلمين ممن حملوا هذه الأفكار ـ بلا وعي غالباً بحقيقة هذه الأفكار ومدى مخالفتها لفكر أهل السنة ـ بل ودعا بعضهم إليها وخطّأ المخالفين لها ظانين أن هذا هو فكر أهل السنة والجماعة.
3) إن كثيراً من المنافقين والزنادقة يتبنون أفكار هذه الفرق الضالة ويثيرون بها الشبهات لدى عامة المسلمين، ويستغلون سيطرتهم على أجهزة الإعلام والثقافة، ومراكز العلم والأبحاث ليبثوا منها خبائثهم، وينفثوا سمومهم في جسد الأمة، ويحاربون بوعي عميق وحقد دفين أي فكر صادق يمثل بحق سبيل النجاة لهذه الأمة.
4) إن معسكر الرافضة يُعد الآن ـ و كما كان دائماًـ أحد الأخطار الأساسية التي تهدد أهل السنة والجماعة في كيانهم وفكرهم وتراثهم؛ بل إنهم يمثلون أخطر تيار يراد له اقتلاع جذور أهل السنة في العالم الإسلامي؛ فإنهم ينظرون إلى أهل السنة بالنظرة نفسها على أنهم أشد خطراً عليهم من اليهود والنصارى، وأنهم كفار مرتدون أشد إثماً وخطراً من الكافر الأصلي، دع عنك القوى العالمية التي تقف خلفهم و تدعمهم أمام أهل السنة في هذه المواجهة التاريخية والمصيرية.
5) إن معسكر أهل السنة ـ وللأسف الشديد ـ أقل هذه المعسكرات تنظيماً وتخطيطاً وتعاوناً بين تجمعاته وتياراته أمام هذه الهجمة الشرسة التي تهدده في وجوده ومناهجه وأفكاره؛ بل والعجيب أن كثيراً من التجمعات السُنية الأساسية داخل كيان أهل السنة الكبير تترك العدو الأول والخطر الحقيقي الخارجي وتتصارع فيما بينها وتفاصل بعضها البعض على أمور لا نحسب أن لها فيها أية حجة شرعية أو أثارة من علم.
الخاتمة
يؤكد الكاتب على إن تحديد الطريق الصحيح يجب أن يسبقه بداهة تحديد الغاية المقصود الوصول إليها بسلوك هذا الطريق. وتحديد الغاية يصاحبه أو يسبقه تشخيص للمفسدة المطلوب درؤها، أو المصلحة المطلوب تحصيلها من وراء بلوغ هذه الغاية.
وأن نقطة البدء، إذن والخطوة الأولى في طريق الجهاد المبارك والتي يجب أن تسبق أي اختيار: هي الصبر على العلم النظري، وتراث وخبرات السابقين من أهل الذكر والخبرة. والصبر على العلم بالواقع والفحص الدقيق لاستقراء المناط الحقيقي، ليتنزل عليه حكمه الصحيح.
وأخيراً الصبر عل نتائج ذلك كله ـ أيًّا كانت ـ وإخضاع هوى النفس لحكم الحق وحده، وليس المسارعة إلى النتائج، ثم البحث عن المقدمات الملائمة لها، فإن هذا النوع من الصبر هو المحك الحقيقي لإخلاص النفس لله وحده، والصدق في المخبر والمظهر، وعدم التقديم بين يدي الله ورسوله.
………………………….
اقرأ أيضا:
- عرض كتاب ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي
- عرض كتاب “الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية”
- المستَقبل لهذا الدّين
- كيف نكتب التاريخ الإسلامي؟