الحمد لله الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، الحمد لله الذي أسبغ علينا نعمه التي لا تحصى، أشهد أن لا إله إلا هو سبحانه ما غلبه شيء ولا عليه استعصى، وأشهد أنّ سيدنا محمّدا عبده ورسوله نصر المظلوم وبنصرته أوصى، اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه إلى أن ينطق الشجر والحجر والحصى.

عداوة اليهود للمسلمين من أشدّ العداوات

يقول ربنا عز وجل: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ اَ۬لنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلذِينَ ءَامَنُواْ اُ۬لْيَهُودَ وَالذِينَ أَشْرَكُواْۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةٗ لِّلذِينَ ءَامَنُواْ اُ۬لذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّا نَصَٰر۪يٰۖ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناٗ وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَۖ﴾ [المائدة:84].

إنّ عداوة اليهود للمسلمين من أشدّ العداوات، ولا ينكر هذا الحنق الكبير منهم على المؤمنين إلا جاهل ضال، أو معاند مصاب بالخبال.

فهذا كلام ربّنا -سبحانه- يوثّق هذه العداوة ويؤكّدها هنا في سورة المائدة كما في سورة البقرة مبينا أنّ كراهية اليهود والنصارى لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم -خاصة- وللمسلمين -عامة-، أبدية مستعرّة لن تبدّدها الأيام.

نعم… قد تكون هناك استثناءات، ولكن الغالبية العظمى من اليهود والنصارى هم على عداوتهم وكراهيتهم ومقتهم وعدم رضاهم. قال عزّمن قائل: ﴿وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۗ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم بَعۡدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ) [البقرة:120].

سيهزم جمعهم ويولّون الدبر

وحربنا مع اليهود حرب بدأت مذ ولد سيدنا وحبيبنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وستبقى مستعرّة إلى أن يتحقّق موعود الله بالنصر المجيد عليهم في المعركة الحاسمة.

كره الصهاينة أم أحبّوا… وصدّق حلفاؤهم وأذنابهم أم كذّبوا…سيهزم جمعهم ويولّون الدبر.

أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلّم عن معركة كونية وحرب عالمية بين المسلمين من جهة وبين اليهود من جهة أخرى. وليس دون هاذين الطرفين ثالث. فإما أن تكون تحت قيادة سيدنا عيسى عليه السلام جنديا من جند الرحمان، أو تكون تحت قيادة المسيح الدجال خادما للشيطان.

قال عليه الصلاة والسلام: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا اليَهُودَ، حتَّى يَقُولَ الحَجَرُ وراءَهُ اليَهُودِيُّ: يا مُسْلِمُ، هذا يَهُودِيٌّ وَرائي فاقْتُلْهُ «

وفي رواية: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ يا عَبْدَ اللهِ هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلَّا الغَرْقَدَ، فإنَّه مِن شَجَرِ اليَهُودِ«

هذه الحرب قائمة لا محالة…والنصر فيها للمسلمين رغم أنف اليهود.

أنتم حالمون: استدعاءٌ لصوت التشاؤم وإعادة نظر

ولعلّ مرجفا أن يقول:” أنتم حالمون! … انظروا إلى ما يفعله الصهاينة فيكم…انظروا كيف يذبحون أطفالكم، ويقتلون أبطالكم، ويستهدفون أحراركم، ويغتالون قادتكم، ويخترقون أنظمتكم، ويشترون ذممكم، ويجتثّون غزّتكم وعزّتكم.

قارنوا قوتهم بضعفكم، قارنوا وحدتهم بشتاتكم، قارنوا أسلحتهم بخردتكم، قارنوا تآزرهم بخذلانكم…

يا محلّقين في سماء الأحلام…استيقظوا فهذه حقيقة وضعكم. أنتم بلا وحدة، بلا قوة، بلا سلاح، بلا عتاد، بلا عزيمة، أنتم غثاء كغثاء السيل قد نزع الله الرهبة منكم من قلوب عدوّكم، وملأ قلوبكم بالوهن”.

 الرد القرآني على مقارنات القوة والضعف المادية

ولعلّه أن يكون صادقا فيما يقول…فقد رأى أمثاله من المرجفين في عهد سيدنا موسى -عليه السلام- علو فرعون وطغيانه، وسطوة هامان وغطرسته، لكنّهم لم يروا أبدا سيدنا موسى -عليه السلام- وهو يُصنع على عين الله.

نعم…لقد رأوا تدابير فرعون الاحترازية، وخططه الشيطانية، وذبحه لأبناء الشعب بكلّ وحشيّة، لكنّهم أبدا لم يشمّوا رائحة : ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَي اَ۬لذِينَ اَ۟سْتُضْعِفُواْ فِے اِ۬لَارْضِ وَنَجْعَلَهُمُۥٓ أَئِمَّةٗ وَنَجْعَلَهُمُ اُ۬لْوَٰرِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِے اِ۬لَارْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَۖ﴾ [القصص:4-5] ، و لم يروا الرضيع موسى وهو يتسلّل بعناية الله إلى قصر فرعون ليعيش في كنفه. لم يدركوا أبدا ﴿فَالْتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاٗ وَحَزَناًۖ اِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَٰنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَٰطِـِٕينَۖ﴾ [القصص:8].

بين عَظَمة الوعد ووهم العَظَمَة: انتصار الحق على الباطل في سنن التاريخ

إنّ المرجفين اليوم إنّما يرون عجرفة وغطرفة فراعنة زماننا، ويرون ذلّ حكامنا وهوان شعوبنا، لكنّهم لا يرون نور: «لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظاهِرِينَ علَى الحَقِّ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وهُمْ كَذلكَ»، و لا يبصرون بشرى: «لا تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحقِّ لعدوِّهم قاهرين لا يضرُّهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأْواءَ فهُم كالإناءِ بين الأَكَلةِ حتى يأتيَهم أمرُ اللهِ وهم كذلك . قالوا يا رسولَ الله وأين هم قال ببيتِ المقدسِ وأكنافِ بيتِ المقدسِ».

الخبر الأكيد أنّ بني إسرائيل كلّما علوا في الأرض وزاغوا عن طريق الحقّ وأفسدوا في الأرض إلا وسلّط الله تعالى عليهم من يسومهم سوء العذاب، ويسوي وجوههم بالتراب.

﴿وَقَضَيْنَآ إِلَيٰ بَنِےٓ إِسْرَآءِيلَ فِے اِ۬لْكِتَٰبِ لَتُفْسِدُنَّ فِے اِ۬لَارْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاٗ كَبِيراٗۖ * فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُول۪يٰهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداٗ لَّنَآ أُوْلِے بَأْسٖ شَدِيدٖ فَجَاسُواْ خِلَٰلَ اَ۬لدِّي۪ارِۖ وَكَانَ وَعْداٗ مَّفْعُولاٗۖ * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ اُ۬لْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَٰكُم بِأَمْوَٰلٖ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَٰكُمُۥٓ أَكْثَرَ نَفِيراًۖ * اِنَ اَحْسَنتُمُۥٓ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْۖ وَإِنَ اَسَأْتُمْ فَلَهَاۖ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ اُ۬لَاخِرَةِ لِيَسُـُٔواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ اُ۬لْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراًۖ * عَس۪يٰ رَبُّكُمُۥٓ أَنْ يَّرْحَمَكُمْۖ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَاۖ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكٰ۪فِرِينَ حَصِيراًۖ﴾ [الإسراء:4-8].

“إسرائيل الكبرى”: الحلم التوسعي الصهيوني ومصير الصراع في المنطقة

الصهاينة اليوم بلغوا قمّة العلو في الأرض وذروة الفساد، فخرّبوا البلاد وأبادوا العباد، وأعلنوا جهارا عن حلمهم الكبير: إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر. أو «من جدول مصر إلى نهر الفرات»، وهي مساحة أكبر مما يتوقعه المطبّعون تضم كل من إسرائيل الحالية والأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا والأردن والعراق، وكذلك الكويت والسعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان واليمن ومعظم تركيا والأرض الواقعة شرق نهر النيل.

إنّها كما يزعمون أرض الميعاد التي وعد الله عزّ وجلّ بها سيدنا إبراهيم عليه السلام. إسرائيل الكبرى أو أرض إسرائيل الكاملة وهي عبارة تشير إلى حدود إسرائيل حسب التفسير اليهودي للتوراة:

“فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَقَدَ اللهُ عَهْدًا مَعَ أَبْرَامَ وَقَالَ: ”سَأُعْطِي لِنَسْلِكَ هَذِهِ الْأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْعَظِيمِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ، بِلَادَ الْقِينِيِّينَ وَالْقَنْزِيِّينَ وَالْقَدْمُونِيِّينَ، وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالرَّفَائِيِّينَ”

معنى هذا أنّنا سنرى المزيد من الحروب والمجازر والقتل والإبادة الجماعية للشعوب القاطنة في هذه الأراضي التي يرون أنّها حقّهم الشرعي الذي أهداهم إياه الربّ.

يا أبا رِغال: بين خيانة اليوم ومصير الغد.. 

نم هانئا يا أبا رِغال…فعمّا قريب ستغتصب زوجك، ويذبح طفلك، ويستباح عرضك، وتُسلب أرضك، وتنتهك حرمتك، وتداس بالأقدام مقدّساتك على يد من مددت إليهم يدك مصافحا.

ارقد أبا رِغال… لكن اعلم أنّ الله يصنع على عينه ما لا تراه العيون…الصهاينة يخططون والله من وراءهم محيط.

يا أبا رِغال…إنّ الله وعد وهو –سبحانه- لا يخلف الميعاد…ويوم يأتي اليوم الموعود يتكلّم الحجر، وينطق الشجر، ويُلفظ اليهودي أينما اختبأ…فلتغرس مع أسيادك غرقدا.

يا أبا رغال…ستختفي القوميات والنعرات، والأحزاب والانتماءات، والأسماء والمسميات، لن يكون هناك أطراف محايدة يحتمي داخلها الجبناء والمنافقون. إنّما هما صفّان اثنان: صفّ المسلمين وصفّ اليهود…فاختر لنفسك منذ الآن.

يا أبا رِغال… أخبرنا حبيبنا صلى الله عليه وسلم أنّ الدَّجَّالَ يتبعه مِن يَهُودِ أصْبَهانَ، سَبْعُونَ ألْفًا عليهمُ الطَّيالِسَةُ. وأصبهان مدينة فارسية أي إيرانية. وإيران اليوم نراها عدوا لدودا لليهود. ومع ذلك سيخرج منها سبعون ألف يهودي ليتجنّدوا تحت إمرة الدجّال.

اسمع أبا رِغال …العالم يتغيّر، والقناعات كذلك تتغير، والصهاينة يغرسون شجر الغرقد، والمجاهدون الصامدون في غزّة الأبية وغيرها من مدن فلسطين يغرسون الإيمان واليقين في جذور القلوب لتنبت منه -على أرض الرباط- أجيال لا تهاب الموت…أجيال بايعت الله على الجهاد…فإما نصر أو استشهاد.

يا أبا رِغال …أنتم وسادتكم إلى زوال…فبعد أن يجتمع شملكم، ويكتمل جيشكم، ويظهر الدّجّال، يبعث الله سيدنا عيسَى ابن مريمَ -عليهما السلام- فينزل على المنارةِ البيضاءِ شرقيَّ دِمشقَ بين مَهْرودَتَيْنِ ، واضعَا يديهِ على منكبيْ ملَكينِ ، فإذا رآهُ مسيحُ الضَّلالةِ الأعورُ الكذَّابُ انماعَ كما ينماعُ المِلحُ في الماءِ ، فيدركهُ فيقتلهُ بالحَربةِ عندَ بابِ لُدٍّ الشَّرقيِّ على بضع عشرةَ خطواتٍ منه. قال مولانا رسول الله صلى الله عليه و سلّم: «يقتُلُ ابنُ مَريمَ الدَّجَّالَ ببابِ لُدٍّ« و هذا مصير ما منه بد. والمعركة الحاسمة لصالح المسلمين رغم أنف اليهود.

فلتحفظ هذا جيدا يا أبا رِغال…

وصلى الله وسلّم على سيد الرجال وشمس الكمال وعلى آله وصحبه ومن سار على منهاجه إلى يوم المآل..

المصدر

موقع منار الإسلام، سعيد ضياء.

اقرأ أيضا

هل هزيمة اليهود ونهاية إسرائيل علامة من علامات القيامة؟!

كأنَّها الجولة الأخيرة!

صراع بني إسرائيل مع أمة الإسلام.. الخلفيات والمآل

التعليقات غير متاحة