تبدلت المواقف العقدية ـ لتيارات “إسلامية!!” أصبحت عونا للطغاة ـ تبعا للمواءمات السياسية، التي وصلت الى حد الخيانة ومساندة العلمانيين وتأييد قتل المسلمين، وحرب المشروع الإسلامي بأيدي إسلاميين..!!
مقدمة
في عصرنا الحديث المشؤوم ـ عصر تنحية الشريعة الإسلامية ـ شارك بعض الإسلاميين في السياسة في بعض البلدان الإسلامية سعيًا للتغلب على العلمانيين الذين سيطروا لقرون ـ وما زالوا ـ على مقاليد السياسة..
وهذه المشاركة قديمة؛ إلَّا أنها بعد “ثورات الربيع العربي” زادت وتوسعت الأطياف الـمُشارِكة فيها حتى شملت الكثير ممن كانوا يرفضون مثل هذه المشاركات وينكرونها إنكارًا عظيمًا..
ومن أمثلة هؤلاء المدرسة السلفية بالإسكندرية ـ التى من رموزها: أحمد فريد، وياسر برهامي، وسيد حسين العفاني، وعبد المنعم الشحات ـ الذين أسَّسوا حزب النور الذي ما زال يمارس المشاركة السياسية في مصر منذ ثورة يناير 2011م. (1مع اختلاف أوضاع المشاركة قبل الانقلاب وبعده شرعي وسياسيا)
فما الذي جرَّته عليهم تلك المشاركة من تنازلات مسَّت أصولًا شرعية كانت راسخةً ثابتةً عندهم؛ حافَظوا عليها ودافعوا عنها ـ عقودًا ـ بالنفْس والنفيس..
وقد تناولنا هذا الموضوع من قبل، ولكن ما حدث من حزب النور في مصر من تنازلات فاق كلَّ تصوُّر؛ فأردنا أن نتكلم حوله ليكون صيحة نذير لعامة الإسلاميين؛ فالتنازلات إن بدأت فلا مجال لتخيل توقفها فهي كسيل انحدر لا يوقفه شيء..
شاهد من أهلها
وخير من يفيدنا عن حزب النور هو رجل منهم نشأ وتربى وارتفع شأنه بينهم، وقد وجدنا الشيخ “عثمان بن ضيف القطعاني” ـ وهو رجل قديم في الدعوة السلفية في مرسى مطروح المنبثقة عن الدعوة السلفية بالإسكندرية، وهو كما يظهر من كلامه ابن أخت رئيس حزب النور الدكتور “يونس مخيون” ـ منتقدًا لأوضاع الحزب الحالية، ومتحسرًا على انقلابه على أسسه وقواعده التى دعا إليها وربى الناس عليها عقودًا.
كلمات وإقرار من الداخل
ومن ألفاظه التي يوضح بها الوضع بعد مشاركة حزب النور سياسيًّا لعدة سنوات:
“الوضع قبل الثورة: كانت الدعوة السلفية على قلب رجل واحد؛ تجدهم متفقين على أسباب الامتناع عن المشاركة، وعدم تطبيق فتاوى العلماء المجيزين، وعلى عدم دعم مرشحي الإخوان رغم رفعهم لشعار “الإسلام هو الحل”.
لذلك: فنحن نحتج بفتاوى شيوخ إسكندرية في تلك الحقبة على أي سؤال يوجَّه لنا باعتبار أنَّ كلمة شيوخنا كانت واحدة وهم يمثلون وجهة نظرنا اليوم، بل نحن نسمي تلك الحقبة بالعصر الذهبي للدعوة السلفية.
الأيام أثبتت أنَّ تجربة ما بعد الثورة كانت فاشلة ولم نجْنِ من ورائها إلَّا الخلافات والتشرذم، بل والتنازل عن أمور كنا نعتبرها ثوابت أساسية في عقيدتنا.
الوضع الحالي هو الوضع قبل الثورة ونفس علل الامتناع التى ذكرها شيوخنا هي هي. شبهات المشاركين اليوم هي شبهات الإخوان قبل الثورة.. رد شيوخنا على الإخوان في وقتها هو ردنا على المشاركين اليوم..
لا فرق إلَّا في الأسماء؛ قبل الثورة كان اسمهم جماعة الإخوان، وبعد الثورة صار اسمهم حزب النور. لكن للإنصاف جماعة الإخوان كانوا معارضين للنظام… وكانوا يرفعون شعار “الإسلام هو الحل” الذى يغيظ العلمانيين في طول البلاد وعرضها، ومن يحل محلهم اليوم لا يكاد يظهر بيان رئاسي إلا ويتبنونه بعُجره وبُجره ـ ويضفون عليهم الشرعية الإسلامية ـ والأسوأ من ذلك وُلُوجهم في مسلسل التنازلات حتى وصل تنازلهم لحذف الهوية الإسلامية من برنامجهم الانتخابي..!!!
قد يكون بعض الأفراد المحسوبين على الدعوة اصطُحِبوا من الشوارع وأُجبِروا على المشاركة، وإن كنت أنا شخصيًّا لم أتعرض لمثل هذا الموقف.
قد أقوم بنشر سلسلة من الردود على شبهات أنصار الحزب، مع أنَّ شيوخ الدعوة طلبوا مني عدة مرات وقف المنشورات فأمتثل؛ لكن في حالة وجود شبهات ظالمة قد لا أتمالك نفسي فأرد بصفة شخصية وليس بإقرار من شيوخ الدعوة.
وقبل هذا البيان طلبوا مني وقف النشر، أقلّ شيء في موسم الانتخابات.. فقررت الامتثال لكن لما رأيت التطاول على شيوخ الدعوة لم أتمالك نفسي.. اهـ”
المدلول الصريح للتصريحات
وفيما يلي نلخص ـ وبالله التوفيق ـ نقاطًا من انتقادات الشيخ القطعاني ـ ملتزمين بلفظه قْدر الإمكان:
- وافقوا (أي حزب النور) على خارطة الطريق (التي وضعها السيسي بعد انقلابه على الرئيس المنتخب لمصر: محمد مرسي) ـ بعُجرها وبُجرها ـ أو على حسب تعبير أحد رموزهم: (من الألف إلى الياء..!!)
- وهم الذين حشدوا للدستور الجديد (الذي وضعه السيسي بعد انقلابه) الذي نقض دستور الإسلاميين الذي تَزَعَّمه رموزهم..
- وتنازلوا عن المادة (219) التي تعتبر أعظم مكسب للإسلاميين في تاريخ مصر كلها.
(تنص المادة (219) ـ المفسرة لمعنى قولهم في المادة الثانية من الدستور إنَّ مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع ـ على أنَّ “مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، في مذاهب أهل السنة والجماعة”).
- رضوا بدلًا من المادة (219) بتفسير المحكمة الدستورية لمبادئ الشريعة الإسلامية الذي كانوا ينكرون على الإخوان قبوله، ويعدّونه نوعًا من التفريط في الدين..!! بل من أجل إرضاء النظام.
- عملوا مؤتمرًا بعنوان: “نَعَمَين” للدستور.. برغم وجود مواد تتصادم مع ثوابت الإسلام ـ حسب منشوراتهم قبل الثورة.
(ومعنى قولهم: “نعمين” أي: نعم ونعم).
- حشدوا للانتخابات الرئاسية، واستأجروا حافلات على حساب الحزب لنقل الناخبين، ووضعوا صور الرئيس على صدورهم بعد أن كانت محرمة عندهم إلَّا لضرورة.
- بل أخرجوا حتى حرائرهم من بيوتهن؛ للبرهنة على الولاء للنظام، واستمر مسلسل التنازلات.
- فخضعوا للمادة (74) التي أعادها العلمانيون بعد حذفها من دستور الإسلاميين (في عهد مرسي) والتي تكبل طموحات الإسلاميين وترغمهم على قبول فصل الدين عن الدولة.
- فتنازلوا عن كون الحزب ذراعًا سياسيًّا للدعوة بعد أن كانوا يقولون: الحزب هو الدعوة والدعوة هي الحزب..!! ـ كما قرر ذلك رئيس الحزب في لقائه مع العربية الحدث ـ بل ما كاد رئيس البرلمانية ينجح حتى أجرى حوارًا مع جريدة الشروق، قال فيه:
- نعم سنقف جميعًا للسلام الوطني و:
- في حلف اليمين مش حنقول (لن نقول): «بما لا يخالف شرع الله»، سنتلو القسَم كما هو. وهذا كان عند شيوخهم بمثابة خلع لعقيدة الولاء والبراء على عتبة البرلمان..!!
وفي موضع آخر يقول القطعاني:
“…القسَم على احترام القانون والدستورـ والولاء للوطن ـ وهذه العلة عبَّر عنها الشيخ إسماعيل المقدم، وأثناء فترة اعتزاله للمشاركة يلقي محاضرة بعنوان “حول دخول البرلمان” ثم يطرح سؤالًا يقول:
هل الانتماء لمجلس الشعب يمسّ عقيدة المسلم ويقدح في الإيمان أم لا يمسه..؟
ثم يجيب قائلًا:
معلوم أنَّ الذي يدخل المجلس لا بد أولًا أن يقْسم على ولائه للدستور والمجلس والوحدة الوطنية وكل هذه الأشياء.. لابد أن يخلع على عتبة المجلس قضية الولاء والبراء”.
ويقول القطعاني:
“فما كاد رئيس البرلمانية (يعني الهيئة البرلمانية لحزب النور) ينجح في انتخابات (2015م) حتى أجرى حوارًا مع جريدة الشروق سُئل فيه: هل ستقفون للسَّلام الوطني؟
فأجاب: نعم سنقف جميعًا للسَّلام الوطني وفي حلف اليمين مش حنقول: بما لا يخالف شرع الله، سنتلو القسم كما هو.
يبقى (إذن) أين هو مِن خلع عقيدة الولاء والبراء على عتبة البرلمان؟ وللا (أم) الكلام ده (هذا الكلام) لا ينطبق إلا على جماعة الإخوان..؟!!!
علة عدم الثقة في بني علمان
وهذه العلة قررها المهندس عبد المنعم الشحات ـ بصفته المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية كلها في ذاك الوقت ـ فقال:
“لعبة السياسة كلها كذب وخداع؛ إن دخلناها بأخلاق الإسلام خاننا الجميع، وإن تشبهنا بأخلاقهم خسرنا أنفسنا وخاننا الجميع أيضًا”.
يقول القطعاني:
“والسؤال هنا: هل تغيرت أخلاق السياسيين العلمانيين فصاروا أمناء صادقين..؟
طبعًا نترك الجواب للمحايدين؛ فإن قالوا: نعم تغيرت بعد الثورة وصاروا صادقين أمناء، فنحن مخطئون وإخواننا مصيبون.
وإن قالوا: هذه علة لا يمكن أن تتغير في تلاميذ ميكافيللى؛ لأنَّ السياسة العصرية حسب تعريف أساطينها: هي الكذب بأسلوب مقبول.. والغاية عندهم تبرر الوسيلة أيا كانت هذه الوسيلة؛ كذبا، خداعا، خيانة،..،..،..الخ، يبقى (إذن) العلة ما زالت موجودة، وبالتالي الحكم يدور معها.
- وأعلن (حزب النور) انفصال الحزب عن مشاكل الدعوة نهائيًّا؛ بل:
- تنازلوا حتى عن استراتيجيتهم وهدفهم المعلن الذي لأجله قام حزبهم؛ وهو ما يسمى بالدفاع عن الهوية، أو المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية الذي كانوا ينادون به في حملاتهم الانتخابية لجذب المؤيدين من أصحاب العاطفة الإسلامية، ولكن تقربًا للنظام حذفوا هذا الهدف من برنامج الحزب نهائيًّا و:
- أصبح هدفهم هو مجرد الخدمات الدنيوية الذي لا يختلف عن هدف أي حزب علماني..!! جاء ذلك فى حوار الأستاذ بسام الزرقا مع صحيفة الشروق ـ كالآتى:
“الـمُـحاوِر “علي كمال”: هل البرنامج الانتخابي للحزب قائم على الالتزام بالهوية الإسلامية..؟
الزرقا: ليس في برنامجنا الانتخابي شيء عن الهوية الإسلامية، والبرنامج عبارة عن حلول للمشاكل التي تتعرض لها الدولة وكيفية القضاء على تلك المشكلات والاستفادة بتراكم الخبرات الموجودة في الدولة..!!
وبهذا:
- ضحّوا برصيدهم الجماهيري ووقفوا مع النظام على طول الخط حتى لا يُحسَبوا على الإسلاميين المعارضين للنظام؛ بل:
- أخذوا على عاتقهم شيطنة إخوانهم من جماعة الإخوان لأجل خلافهم مع النظام، بل:
- كرهوا كل من يخالف النظام حتى من حكام الدول، بل حتى من الفضائيات؛ بل:
- لأجل إرضاء النظام عرَّضوا أنفسهم للتهكم والسخرية حتى من رموز مشهورة في الدعوة الإسلامية فوجدنا من يطبق عليهم مثال ـ تنازلات الديك ـ !!
ثم لأجل هذه التنازلات عرَّضوا أنفسهم لانتقاد بعض القيادات التى انشقت عليهم فنجد رمزًا من رموزهم يدعى “د. خالد علَم” ينشر منشورًا بعنوان:
“من الديباجة إلى المضبطة.. كم التنازلات لا ينتهي!!”
ثم بعد هذا كله يُتهمون بعلاقتهم بالإرهاب؟!! هذا والله لا يقبله منصف، بل ولا حتى عاقل..!!
- إضفاء الشرعية الإسلامية على النظام المستبد، وهذه العلة ذكرها الطبيب “ياسر برهامي” أثناء فترة إنكاره للمشاركة مع العلمانيين؛ فقد طرح سؤالًا يقول فيه:
“ما هو المقصود بالعمل السياسي..؟ هل هو مجرد المشاركة في الانتخابات، وإنشاء الأحزاب والجمعيات، والقيام بالمظاهرات، وإصدار البيانات، وعقد الندوات والمؤتمرات، واللجوء إلى المحاكم من أجل انتزاع بعض الحقوق المضيَّعة، والتي يتم التحايل عليها في نهاية الأمر..؟
ثم يجيب قائلًا:
“وعلى هذه الفرضية؛ أليس الإعراض عن هذه الأساليب المتبعة كنوع من الاعتراض أو التحفظ أو الممانعة، هو في حد ذاته في عُرف السياسيين نوع من المشاركة السياسية بكشف الواقع وتعريته وحرمانه من الصبغة الشرعية..؟! أعني الشرعية الدينية الإسلامية..”. (2المصدر: محاضرة السلفية والمشاركة السياسية، صوت السلف)
فهل تغيرت هذه العلة وأصبح من الجائز إضفاء الشرعية على النظام الذي ساعد على تزوير الانتخابات لصالح الأحزاب العلمانية حسب إقرار رئيس الحزب..؟!! وكمان (وأيضًا) رد الطبيب “ياسر” ينفع (يصح) لمن يقول إنَّ الاعتراض على المشاركة معناه الاعتراف بفصل الدين عن السياسة..!!
- تزوير الانتخابات والانحياز للأحزاب الموالية للحكومة.
سُئل الطبيب “ياسر برهامي” عن سبب الامتناع عن خوض الانتخابات البرلمانية أيام مبارك..؟
فقال:
“في النهاية النتيجة محسومة، والمقاعد ستدور ما بين عشرين إلى ثمانين مقعدًا من خمسمائة، يعني لا تتجاوز النسبة العشرين بالمائة بحال من الأحوال، وأما الثمانون بالمائة الباقية بل أكثر في يد الحزب الحاكم وفي يد الطغمة المستبدة، فكان هذا الأمر يدفعنا إلى أن نقول لماذا ندفع غاليًا لنكون في الحقيقة مجرد منديل يُستعمل لتحسين صورة النظام المستبد..!! (3المصدر: كتاب (الدعوة السلفية والعمل السياسي) للطبيب ياسر برهامي)
التعليق (للقطعاني):
“نعم هذه العلة غلب على ظنِّ شيوخنا أنها انتهت بسقوط الحزب الوطني ورئيسه بعد الثورة، ولأجل ذلك أجمعوا على جواز المشاركة في اللعبة السياسية، لكن هل عادت تلك العلة مرة أخرى بعد (3/7/ 2013م) (4أي بعد انقلاب السيسي على مرسي في هذا التاريخ)..؟
يجيبنا على هذا السؤال خالي الدكتور يونس مخيون (رئيس حزب النور)؛ ففي لقاء الدكتور “مخيون” مع الصحافي أحمد مطاوع بجريدة الأهرام المسائي ـ بعد الانتخابات ـ تم الحوار الآتي:
الأهرام: أنت وصفت هذه الانتخابات على صفحتك بفيس بوك بأنها من أسوأ الانتخابات في تاريخ البرلمان وأنها ستظل نقطة مظلمة في جبين هذا العهد. لماذا..؟
مخيون: نعم انتخابات سيئة بكل ما حدث فيها. وهنا أتذكر أنَّ أفضل انتخابات أجريت في تاريخ هذا البرلمان إحداهما كانت في عهد السادات والأخرى بعد ثورة 25 يناير، فهاتان الجولتان كانت فيهما الانتخابات نزيهة.
الأهرام: وما دونهما؟
مخيون: ما دونهما كان فيه تزوير بكافة أشكاله وألوانه وكان الأسوأ عامي (2010م و 2015م).
الأهرام: لكن (2015م) لم يكن فيها تزوير..؟
مخيون: التزوير ليس مقصورًا على صناديق الانتخاب. ولكن الجوّ العام غير نزيه ويفتقد للعدالة والنزاهة ،وكان هناك دعم واضح لحزب “مستقبل وطن” وقائمة “في حب مصر”.
الأهرام: ممن هذا الدعم..؟
مخيون: من الدولة.. وهذا شيء يعلمه الجميع ولو سألت طفلًا صغيرًا في الشارع سيقول لك هذا الكلام..!!
يقول القطعاني:
“حسب كلام رئيس الحزب “د. يونس” حتى الأطفال يشهدون بوجود هذه العلة، فهل هذه العلة انتهت أم ما زالت موجودة..؟
نترك الحكم للمحايدين المنصفين..”.
- نزول سقف الطموحات من الحصول على الأغلبية البرلمانية إلى مجرد جبهة معارضة قوية.
وهذه العلة ذكرها المهندس عبد المنعم الشحات فقال عن مشاركة الإخوان في عهد مبارك:
وأهم من ذلك أنَّ إخواننا الذين يرون المشاركة في الانتخابات يطرحون سؤالًا غير مساوٍ للواقع، فيقولون: “احتمال هذه المفاسد من أجل تطبيق الشريعة”؛ بينما نجد أنهم بعد عدد من التجارب نزل سقف طموحاتهم إلى أن يكونوا جبهة معارضة قوية وفقط، ولا يخوضون الانتخابات إلا على (30%) فقط من المقاعد لا ينجحون كلهم بطبيعة الحال. فهل نتحمل كل هذه المفاسد الشرعية من أجل معارضة قوية لا تستطيع أن تحقق أي تقدم تشريعي.
التعليق (للقطعاني):
من أين يحصل (حزب النور) على الأغلبية اليوم بعد ما راحت منا الحاضنة الشعبية الإسلامية واعتبرونا أعوانًا للنظام..؟!!
وقال الطبيب “ياسر برهامي” ـ في حوار موقع إسلام أون لاين بتاريخ 12 ديسمبر:
معطيات هذه اللعبة في ضوء موازين القوى المعاصرة عالميًّا وإقليميًّا وداخليًّا لا تسمح بالمشاركة إلا بالتنازل عن عقائد ومبادئ وقيم، لا يرضى أبدًا أحدٌ من أهل السنة أن يضحي بها في سبيل الحصول على كسب وقتي، أو وضع سياسي، أو مجرد إثبات الوجود على الساحة، فهذه المبادئ أغلى وأثمن من أن تُبَاع لإثبات موقف أو لإسماع صوت بطريقة عالية.. ثم لا يترتب على هذه المواقف في الواقع شيء يُذكر من الإصلاح المنشود والتطبيق الموعود لشرع الله.
يقول القطعاني:
“كان شيوخنا يقولون هذا الكلام ويكتبون هذه المقالات وينكرون على المشاركين الإسلاميين رغم حصولهم على (88) مقعدًا؛ فكيف لو كان الإسلاميون في مجلس الشيوخ اليوم ينافسون على (17) مقعدًا..!! وإذا واجهت القوم بهذه الحقائق يكون الرد المبهم الموحد عندهم هو:
نعم؛ لكن الوضع تغير والفتوى تتغيير بتغيرالوضع..!!
كلام مشايخنا كان مبنيًّا على أنَّ قرارات المجلس تصدر بالأغلبية وأنَّ الأقلية لا تستطيع أن تفعل شيئًا كما في محاضرة للمهندس الشحات بعنوان: “لماذا نقاطع الانتخابات” على موقع أنا السلفي بتاريخ الأحد (31 أكتوبر 2010م) تحت عنوان:
“هل يجوز استعمال الديمقراطية للحصول على معارضة مؤثرة داخل المجالس النيابية وتدافع عن هموم المسلمين ومشاكلهم الحياتية..؟؟”
فأجاب الشحات قائلًا: “من سأل هذا السؤال هو من ينافس على جميع المقاعد وعنده أمل أن يأخذ الأغلبية ويكون من ضمن خُططه أنه إذا لم يحصل على الأغلبية ينسحب فلن تكون الديمقراطية وسيلة لتطبيق الشرع إلا بالحصول على الأغلبية المطلقة”.
يقول القطعاني:
“فإذا سألناهم هل تغير نظام المجلس عن سير القرارات بالأغلبية..؟ فيكون الجواب: لا.
إذن: العلة ما زالت قائمة..! لكنكم تحتجون بالقواعد الفقهية في غير محلها وفي غير واقعها..!! وأيضًا الأغلبية اليوم من أين نأتي بها بعد ما راحت منا الحاضنة الشعبية الإسلامية واعتبرونا أعوانًا للنظام..”. اهـ (5تجد كلام القطعاني على صفحته الشخصية على موقع التواصل الإجتماعي “الفيسبوك” في أربع مقالات منشورة له: المقال الأول، المقال الثاني، المقال الثالث، المقال الرابع)
خاتمة
نكتفي بهذا القدر الذي ظهر منه جليًّا أنَّ تجربة الدعوة السلفية بالإسكندرية قد انحرفت وتنازلت كثيرًا..
أما أسباب ذلك فلعلنا نخصص له مقالًا آخر بعون الله تعالى..
فعلى كل حزب إسلامي أن يعمل تقويمًا سنويًا لنفسه ويسأل نفسه هذا السؤال:
هل هو يخدم الإسلام والمسلمين فعلًا، أو أنه يخدم الطاغوت أكثر من خدمته للإسلام والمسلمين، وكل امريء حسيب نفسه.
وفقنا الله تعالى وعموم المسلمين للثبات على الحق في كل شؤوننا..
………………………………….
هوامش:
- مع اختلاف أوضاع المشاركة قبل الانقلاب وبعده شرعي وسياسيا.
- المصدر: محاضرة السلفية والمشاركة السياسية، صوت السلف.
- المصدر: كتاب (الدعوة السلفية والعمل السياسي) للطبيب ياسر برهامي.
- تجد كلام القطعاني على صفحته الشخصية على موقع التواصل الإجتماعي “الفيسبوك” في أربع مقالات منشورة له: المقال الأول، المقال الثاني، المقال الثالث، المقال الرابع.