في كل لحظة انتصار تفرح بها الشعوب، يظهر طابور خامس خفي يسعى لتقويض المكتسبات وتشويه النجاحات…ما هي شبهاتهم، وكيف نتعرف عليهم؟
خطر الطابور الخامس
في كل لحظة انتصار تفرح بها الشعوب، يظهر طابور خامس خفي يسعى لتقويض المكتسبات وتشويه النجاحات. هؤلاء لا يعلنون عداءهم بشكل صريح، بل يتسللون بخبث تحت شعارات براقة مثل الوطنية أو الحرص على المصلحة العامة، بينما حقيقتهم تخدم أعداء الأمة. يتقنون فن التشكيك والتثبيط، مستغلين المنطق الظاهري والتحليل السطحي لزرع الشكوك وإضعاف الثقة.
خطرهم الأكبر يكمن في أنهم بيننا، يتظاهرون بالانتماء والحرص، لكن أفعالهم تكشف نواياهم مع الوقت. يظهرون عند كل إنجاز ليحبطوا الحماسة ويفتتوا الروح الجماعية، مُدّعين الحكمة والاعتدال، بينما هدفهم الحقيقي هو إثارة الانقسامات وبث اليأس.
شبهات المرجفين
مواجهة هذه الفئة تبدأ بالوعي بحقيقتهم وكشف أساليبهم. إدراك وجودهم ودورهم كأداة لزعزعة الاستقرار يُعد الخطوة الأولى لتحصين المجتمع من تأثيرهم السلبي، والاستمرار في طريق الإنجاز والصمود.
التقليل من قيمة الإنجازات بحجة الواقعية
- لا يتقبلون أي فرحة أو انتصار للشعب. كلما ظهرت بارقة أمل أو تحقق إنجاز، يسرعون إلى نشر خطاب “الوعي” و”إدراك الواقع”، محاولين التقليل من قيمة الإنجاز بزعم أنه مجرد حدث عابر لا يغير شيئًا.
- يحاولون تحويل أي نجاح إلى فرصة لطرح مشاكل أخرى لا علاقة لها بالإنجاز، ليصرفوا الانتباه عن اللحظة الإيجابية.
التشكيك المستمر بنيّة خبيثة
- لا يكتفون برفض التصديق، بل يعملون على زرع الشكوك في نفوس العامة.
- يسألون أسئلة ظاهرها بريء مثل “هل هذا انتصار حقيقي؟” أو “ما هي عواقبه؟”، ولكن الهدف الحقيقي هو هدم الثقة وزرع اليأس.
- يستخدمون لغة معقدة و”تحليل منطقي” يوحي بأنهم أكثر وعيًا من الجميع، بينما هم في الحقيقة يخدمون أجندات موجهة.
إخفاء العداء خلف شعارات براقة
- يتسترون وراء شعارات مثل الوطنية أو العالمية أو حقوق الإنسان.
- يروجون لأفكارهم بأنهم “حريصون على مصلحة الجميع”، ولكن عند التدقيق تجد أن مواقفهم تتقاطع دائمًا مع مصلحة الأعداء.
- يطالبون دائمًا بـ”التعايش” و”الحياد”، لكنهم لا يظهرون هذا الحياد إلا عندما يتعلق الأمر بمواجهة المعتدين أو دعم المظلومين.
استغلال الأزمات لإثارة الفتنة
- عند حدوث أي خطأ أو أزمة، يستغلون الفرصة لتضخيمها وتوجيه اللوم إلى الطرف المنتصر.
- لا يتحدثون عن الإنجازات أو الصمود، بل يركزون فقط على العثرات، وكأن الهدف هو تشويه الصورة العامة لا الإصلاح.
- بدلاً من تقديم مقترحات بنّاءة، يتبنون خطابًا سوداويًا يغرق المستمعين في الشعور بالعجز.
- عندما تتعرض الأمة لأي تحدٍ كبير أو أزمة، تراهم يسارعون لاستغلال الموقف لإثارة الخلافات الداخلية. يلقون باللوم على فئات معينة من الشعب، محاولين خلق صراعات جانبية تُلهي عن التحدي الحقيقي.
- يدّعون أن تفكك الصفوف هو نتيجة طبيعية لعدم سماع “تحذيراتهم السابقة”، لتبرير مواقفهم السلبية أمام العامة.
التهوين من المخاطر الحقيقية
- في الوقت الذي يضخمون فيه العيوب الصغيرة، يقللون من أهمية التهديدات الحقيقية التي تواجه الأمة. يتحدثون عن الأعداء وكأنهم قوة لا تقهر، مما يزرع الخوف في النفوس ويثني الناس عن المواجهة.
- قد يصفون المعتدين بأنهم “يحملون مصالح مشروعة”، أو يروجون لفكرة أن الصراع غير ضروري ويمكن تفاديه بمجرد التنازل.
السخرية من التمسك بالقيم والمبادئ
- يحاولون تصوير الالتزام بالمبادئ والقيم الإيمانية أو الوطنية على أنه تخلف أو سذاجة.
- يروجون لفكرة أن القوة الحقيقية لا تأتي إلا من التبعية للقوى العظمى أو بالتخلي عن القيم الراسخة.
- يسخرون من أي خطاب يعتمد على الثقة أو الإيمان، متجاهلين دوره الأساسي في بناء الشعوب واستنهاضها.
تزييف الحقائق لزعزعة الثقة
- يمارسون التلاعب بالمعلومات، إما عبر نشر شائعات أو تقديم روايات مشوهة للأحداث. يستغلون وسائل الإعلام أو شبكات التواصل لإيصال رسائلهم بطريقة جذابة تخاطب العواطف أكثر من العقول.
- يظهرون كأنهم مطلعون على “حقائق خفية”، ليبدو كلامهم أكثر إقناعًا، في حين أن أغلب ادعاءاتهم لا أساس لها.
تقديم البدائل المستحيلة
- يرفضون كل الحلول الواقعية، ويقترحون بدائل مثالية لا يمكن تحقيقها في الواقع.
- يروجون لفكرة أن ما تحقق ليس كافيًا، وأنه كان يمكن القيام بأفضل منه لو كان القرار بيدهم.
- يدّعون أنهم يحملون رؤية بعيدة المدى، لكنها في الحقيقة لا تتجاوز كونها خيالًا بعيدًا عن تعقيدات الواقع.
تشويه الرموز والقادة
- يعملون على استهداف الشخصيات الرمزية والقادة الذين يمثلون الأمل والصمود للشعب.
- يحاولون تقليل شأنهم أو اتهامهم بالتقصير أو تضخيم أخطائهم الفردية، ليزرعوا الشكوك حول نزاهتهم وقدرتهم على القيادة.
- قد يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي أو التجمعات الخاصة لنشر هذا التشويه، معتمدين على التكتم والرسائل غير المباشرة لتجنب المواجهة العلنية.
ادعاء تمثيل صوت العقل والاعتدال
- يقدمون أنفسهم على أنهم صوت “الاعتدال” و”العقلانية” في مواجهة ما يصفونه بـ”التطرف العاطفي” للشعب. يروجون لأفكار تظهر وكأنها توازن بين الأطراف، لكن حقيقتها تخدم أجندات مضادة للمصلحة العامة.
- غالبًا ما يضعون أنفسهم في موقع النصح، متظاهرين بأنهم يرون الصورة كاملة، بينما يقتصر تركيزهم على إبراز العيوب فقط.
محاولة كسر الروح الجماعية
- يعملون على تفتيت الروح الجماعية للشعب، ويشجعون الفردانية والتفكير الأناني.
- يروجون لفكرة أن “كل شخص يجب أن يهتم بنفسه”، وأن العمل الجماعي لا جدوى منه، مما يضعف التضامن الوطني أو الديني.
- يستخدمون أمثلة فردية مزيفة لإقناع الآخرين بأن العمل الجماعي يؤدي فقط إلى الإحباط والخسارة.
تشجيع الإحباط والانسحاب
- لا يقتصر دورهم على التشكيك والانتقاد، بل يسعون لتشجيع الناس على الانسحاب من الساحة.
- يكررون عبارات مثل “الأمور لن تتغير أبدًا” و”لا جدوى من المحاولة”، لإقناع الآخرين بالاستسلام للواقع.
- في أوقات الأزمات، يروجون لفكرة أن البقاء في الظل أو الابتعاد عن المشاركة هو الخيار “الحكيم”، بينما يستفيد الأعداء من غياب الحراك الشعبي.
إثارة الجدل حول القضايا المحسومة
- يعيدون فتح النقاش حول قضايا مفروغ منها أو حول المبادئ التي تجمع الناس، في محاولة لخلق انقسامات جديدة.
- يطرحون تساؤلات سطحية حول قضايا جوهرية لا تحتاج إلى مراجعة، مما يبدد الجهود ويربك الصفوف.
يدّعون أن “الأسئلة ضرورية”، لكنهم لا يسعون للإجابات بل لزرع الفتنة.
التلاعب بلغة الخطاب
- يتقنون استخدام اللغة بأسلوب مضلل. يختارون كلمات ذات معانٍ فضفاضة أو تحمل أكثر من تفسير، ليتمكنوا من إنكار موقفهم عند مواجهتهم.
- غالبًا ما يستخدمون لغة تثير الشك والحيرة، بدلاً من الوضوح والشفافية، لتجنب تقديم مواقف حاسمة.
هذه الفئة ليست مجرد مجموعة من الأفراد السلبيين، بل هي جزء من شبكة تهدف إلى زعزعة استقرار الشعوب من الداخل. التعامل معهم يحتاج إلى وعي عميق بخططهم وأساليبهم، مع التركيز على تعزيز الوعي الشعبي وبناء الصفوف الداخلية.
لا تدعهم يؤثرون عليك، واجعل إيمانك بالمبادئ والقيم الراسخة هو منبع قوتك.
(وَإِذَا رَأَیۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن یَقُولُوا۟ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبࣱ مُّسَنَّدَةࣱۖ یَحۡسَبُونَ كُلَّ صَیۡحَةٍ عَلَیۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَـٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ یُؤۡفَكُونَ) [المُنَافِقُونَ: ٤].
المصدر
صفحة د. إبراهيم حمّامي، على منصة ميتا.