الكافر فيه من الدناءة والنكران ما لا يخفى فهو يظاهر الشيطان على الله تعالى بالشرك والعداوة والمعاصي ويظاهر الشيطان على ربه بإيذاء أوليائه وعباده الصالحين.

الكفر أعظم الذنوب وأقبحها

تواترت النصوص وانعقد الإجماع على أنه لا يوجد ذنب عصي به الرب تبارك وتعالى أعظم من الكفر به مهما كان نوع هذا الكفر لذلك رتب الله تعالى على جريمة الكفر من العقوبات في الدنيا والآخرة ما لم يرتبه على جريمة أخرى.

أما يوم القيامة فالخلود في نار جهنم وهذا أوضح من الشمس في نحر الظهيرة.

قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) [النساء:48].

وقال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة:72].

وسنورد هنا بعض النصوص التي تبين قيمتهم في ميزان شرعة قويمة غير ذات عوج والمقصود من إيرادها بيان أن الكفار أعداء الله تعالى ممقوتون إليه أشد المقت .. وذلك بسبب الكفر لا بسبب الحراب فالحراب سبب آخر من أسباب المقت.

فالكافر الذي لا يحارب المسلمين عدو الله تعالى، والكافر المحارب عدو الله أيضا بل حتى الحربيين درجات لذلك لم يعامل النبي صلى الله عليه وسلم محاربيه بنفس المعاملة يوم فتح مكة فقد قال لجمهورهم: “اذهبوا فأنتم الطلقاء” ومع ذلك أمر بقتل ابن خطل وغيره ممن كان يبالغ في أذيته.

قال شيخ الإسلام: (إن الكفر بعضه أغلظ من بعض فالكافر المكذب أعظم جرما من الكافر غير المكذب فإنه جمع بين ترك الإيمان المأمور به وبين التكذيب المنهي عنه. ومن كفر وكذب وحارب الله ورسوله والمؤمنين بيده أو لسانه أعظم جرما ممن اقتصر على مجرد الكفر والتكذيب. ومن كفر وقتل وزنا وسرق وصد وحارب كان أعظم جرما)1(1) مجموع الفتاوى ( 20 / 87 )..

لذلك وقع اختياري على النصوص التي تكلمت عن الكفر دون التي ضمت إليه وصف الحراب وإن كان الأصل هو أن نفس الكفر يعد حرابا لأن العصمة لا تثبت إلا لمسلم أو مهادن بذمة أو أمان أو هدنة. فوصف المحاربة غير منفك عن وصف الكفر. قال الإمام الشافعي عن المعاهدين: (إنما هو إلى مدة إلى المعاهد نفسه ما استقام بها كانت له، فإذا نزع عنها كان محاربا)2(2) الأم 7/323..

الكافر عدو الله تعالى

لا توجد عداوة لله تعالى أعظم من الكفر به سبحانه لذلك قال تعالى: (فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة:98] وذلك أنهم لما عادوه بالكفر به قابلهم بالمثل إذ الجزاء من جنس العمل فعاداهم وجعل جهنم متقلبهم ومثواهم بنفس كفرهم به لأن كفرهم به ظلم له وتنقص به فقال في ذلك: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) [فصلت:19] .

وقال تعالى: (ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ) [فصلت:28].

فنفس جحودهم بآياته هو الذي كان سببا لتبوئهم دار البوار خالدين فيها لذلك لما حذر أولياءه من اتخاذ الكافرين أولياء علل ذلك بوصف الكفر به ثم ذكر أسبابا أخر فقال سبحانه: (لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ) [الممتحنة:1].

ولما أمر بقتال الكافرين حرض المؤمنين وأمرهم بإعداد العدة فقال: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) [الأنفال: 60] وقد علم بالضرورة الدينية أنه يجب على أوليائه قصد أعدائه لحملهم على أن يعبدوه وحده ولو لم يبدؤوهم بقتال مما يبين أن العداوة المذكورة في الآية هي عداوة الكفر بالدرجة الأولى.

وقد قال تعالى في حق خليله عليه السلام وما جرى له مع أبيه آزر وقد عد إباء آزر الإيمان عداوة لله تعالى فقال سبحانه: (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) [التوبة:114]

فنفس طاعة الشيطان في الكفر بالله تعالى عداوة لله تعالى لأنها إعانة للشيطان على الله تعالى وهذا الوجه يوضحه ما بعده وهو:

الكافر يظاهر الشيطان على ربه

قال تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً) [الفرقان:55]. وذلك أن الله تعالى يأمر بالإيمان والطاعة والشيطان يأمر بالكفر والمعصية. والسياق يدل على أن حربا ضروسا قائمة ساقها بين الله تعالى والشيطان كيف لا وقد طرده وأبعده وأخزاه (لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) [النساء: 118] .

والغريب أن هذه الحرب هي لأجل استنقاذ الإنسان فإن الله تعالى ما لعن إبليس إلا لإبائه السجود لآدم ثم طرده لإعلانه بالكفاح لإغواء بني آدم. والعبد إذا كفر بالله تعالى فقد انحاز إلى الشيطان الذي هو عدوه وظاهره على الله تعالى الذي هو وليه .

فالكافر فيه من الدناءة والنكران ما لا يخفى فهو يظاهر الشيطان على الله تعالى بالشرك والعداوة والمعاصي ويظاهر الشيطان على ربه بإيذاء أوليائه وعباده الصالحين لأن الله تعالى قال: “من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب”.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (إن المؤمن دائما مع الله على نفسه وهواه وشيطانه وعدو ربه وهذا معنى كونه من حزب الله وجنده وأوليائه فهو مع الله على عدوه الداخل فيه والخارج عنه يحاربهم ويعاديهم ويغضبهم له سبحانه ، والكافر مع شيطانه ونفسه وهواه على ربه ..ولهذا صدر الآية بقوله ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وهذه العبادة هي الموالاة والمحبة والرضا بمعبوديهم المتضمنة لمعيتهم الخاصة فظاهروا أعداء الله على معاداته ومخالفته ومساخطه بخلاف وليه سبحانه فإنه معه على نفسه وشيطانه وهواه)3(3) كتاب الفوائد لابن القيم (ص79)..

منزلة الكافر عند الله تعالى دون منزلة الحمير والأنعام وسائر الدواب.

وهذه حقيقة نطق بها الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد قال تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [لأنفال:55] .

وإنما كانوا شرا من العجماوات لأنهم مع آلة العقل لم يعقلوا ومع أداة التمييز لم يؤمنوا أما الأنعام فلا عقل لها لذلك لم يكن عليها من تكليف فمن هذه الحيثية كانوا شرا من الحمير والكلاب وغيرهما .

وقال تعالى في السورة نفسها: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) [الأنفال:22-23].

قال ابن كثير : (فهؤلاء شر البرية لأن كل دابة مما سواهم مطيعة لله فيما خلقها له وهؤلاء خلقوا للعبادة فكفروا ولهذا شبههم بالأنعام في قوله: (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً) الآية، وقال في الآية الأخرى: (أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ).

ومع وضوح معنى هذه الآيات فإن طائفة من المعاصرين لا يزالون ينظرون إلى الكفار بعين الإعجاب ويحضون على أخذ علومهم وأعمالهم دونما تمييز وهم عندهم سادة محترمون في حين أن القرآن يحطهم عن منزلة البغال والحمير والأنعام .

الكافر مقيت إلى الله تعالى.

قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْأِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ) [غافر:10].

فبين تعالى أن مقته للكفار في الدنيا حين أنفوا الإيمان واستكبروا عنه وقنعوا بالكفر وأصروا عليه أشد من مقتهم لأنفسهم عند مباشرة العذاب يوم القيامة.

وهذا تفسير الحسن ومجاهد والسدي وذر الهمداني وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وابن جرير.

فالله تعالى يمقت الكافر لكفره به واستكباره عن عبادته وهذا المعنى قد أوضحه الله تعالى في الآية الأخرى فقال سبحانه: (وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَاراً) [فاطر:39] فكلما استمروا في الكفر ازداد مقت الله لهم.

الكافر أكبر ظالم و عاص لله عز وجل

ففي معجم الطبراني: “الدواوين عند الله يوم القيامة ثلاثة دواوين ديوان لا يغفر الله منه شيئا وهو الشرك بالله ثم قرأ (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [النساء:48] وديوان لا يترك الله منه شيئا وهو مظالم العباد بعضهم بعضا وديوان لا يعبأ الله به وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه.”4(4) أخرجه الطبراني في الكبير 6133 وفي الصغير 102. فالمشرك في الحقيقة لم يظلم إلا نفسه والله أعز من أن يظلم ولكن المشرك صرف خالص حق الله تعالى لغيره أو أشركه في ذلك كنحو إشراكه معه في الدعاء والاستغاثة أو التوكل أو الطاعة والقبول.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (فالشرك أظلم الظلم والتوحيد أعدل العدل فما كان أشد منافاة لهذا المقصود فهو أكبر الكبائر وما كان أشد موافقة لهذا المقصود فهو أوجب الواجبات…فلما كان الشرك بالله منافيا بالذات لهذا المقصود كان أكبر الكبائر على الإطلاق وحرم الله الجنة على كل مشرك وأباح دمه وماله وأهله لأهل التوحيد وأن يتخذوهم عبيدا لهم لما تركوا القيام بعبوديته وأبى الله سبحانه أن يقبل من مشرك عملا أو يقبل فيه شفاعة أو يستجيب له في الآخرة دعوة أو يقبل له عشرة فإن المشرك أجهل الجاهلين بالله حيث جعل له من خلقه ندا وذلك غاية الجهل به كما أنه غاية الظلم منه وإن كان المشرك لم يظلم ربه وإنما ظلم نفسه)5(5) الجواب الكافي – ابن قيم الجوزية (ص89).(5).

الكافر ملعون

فالكافر ملعون لنفس كفره والنصوص على هذا كثيرة قال تعالى: (بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ) [البقرة:88] وقال أيضا: (وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) [النساء:46] وقال: (فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ) [البقرة:89] وقال أيضا: (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً) [الأحزاب:64] وهذه مسألة لا شك فيها وإنما جرى الخلاف في لعن المعين منهم قبل موته للجهل بخاتمته.

الكافر متنقص للرب سيئ الظن به

وما أوذي الرب سبحانه وتعالى بمثل الكفر به وجعل الأنداد له وفي الحديث الإلهي عند البخاري وابن حبان والسنن الكبرى وغيرها عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقوله “لن يعيدني كما بدأني” وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله “اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا” وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفأ أحد.”6(6) أخرجه البخاري (4974)، والنسائي (2078) واللفظ له، وأحمد (9114)..

فالحديث يصرح أن إنكار البعث تكذيب لله تعالى كما أن اعتقاد أن لله ولدا شتم له فقد أخبر أن هذا الكفر هو تنقص بالشتم والتكذيب، وعليه فإن الركن الأعظم لدين النصارى هو شتم الرب وتنقصه.

قال ابن القيم: (إن الشرك هضم لحق الربوبية وتنقيص لعظمة الإلهية وسوء ظن برب العالمين كما قال تعالى: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) [الفتح:6] فلم يجمع على أحد من الوعيد والعقوبة ما جمع على أهل الشرك فإنهم ظنوا به ظن السوء حتى أشركوا به ولو أحسنوا به الظن لوحدوه حق توحيده ولهذا أخبر سبحانه عن المشركين أنهم (ما قدروه حق قدره) .. فالشرك ملزوم لتنقص الرب سبحانه والتنقص لازم له ضرورة شاء المشرك أم أبى .. فلا تجد مشركا قط إلا وهو متنقص لله سبحانه وإن زعم أنه يعظمه بذلك)7(7) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان لابن القيم (1/ 60 – 62)...

الشرك أصل النجاسات

فهو من جهة النجاسة أقذر من الزنا واللواط وأخبث لتدنس الروح بالخرافة والإلحاد حتى ليظهر ذلك في أعمال المشركين الأنجاس كنكاح بعضهم للبنات والأمهات والأخوات كما عند المجوس وإتيان بعضهم الذكران كما عند قوم لوط وتشريع البرلمانات الأوربية قانون زواج المثليين فلم يكتفوا بمجرد اللواط كما عند اللوطية التقليديين. وغيرها من آثار نجاسة الشرك وخبثه، والذنوب وإن كانت كلها نجاسة إلا أن القرآن نعت بالنجاسة الشرك والزنا واللواط دون الذنوب الأخرى كما قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) [التوبة:28] وقال: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ) [النور:26] وقال عن لوط: (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ) [الانبياء:74] ونجاسة الشرك الأكبر مغلظة ونجاسة الشرك الأصغر مخففة .

قال ابن القيم: (ولما كان المشرك خبيث العنصر خبيث الذات لم تطهر النار خبثه بل لو خرج منها لعاد خبيثا كما كان، كالكلب إذا دخل البحر ثم خرج منه فلذلك حرم الله تعالى على المشرك الجنة ولما كان المؤمن الطيب المطيب مبرئا من الخبائث كانت النار حراما عليه إذ ليس فيه ما يقتضي تطهيره بها)8(8) زاد المعاد (1/ 68)..

الشرك يدعو إلى كل المنكر كقتل الأنبياء وإتيان المحارم.

لأن المانع من التردي في المنكرات هو الإيمان الصحيح بالله تعالى كما قال سبحانه حكاية عن مريم لما تمثل لها روح القدس بشرا سويا: (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً) [مريم:18] فبين أن التقوى هي المانع من اقتراف السوء وقال: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النازعات:40-41] ومن نظر في المجتمعات الإباحية المتحررة من قيود الدين الصحيح رأى ترديها في حمأة الرذيلة وارتكاسها في مستنقعات الإجرام بدرجة كبيرة جدا وكل ذلك هو بسبب غياب الوازع الروحي الذي يردع عن المنكر فليس حراما عندهم إلا ما حُرِمُوه ولا الحلال عندهم هو ما حل بأيديهم وتمكنوا منه لذلك قال شيخ الإسلام: (فأصل الصلاح التوحيد والإيمان وأصل الفساد الشرك والكفر)9(9) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 18/163..

الهوامش

(1) مجموع الفتاوى ( 20 / 87 ).

(2) الأم 7/323.

(3) كتاب الفوائد لابن القيم (ص79).

(4) أخرجه الطبراني في الكبير 6133 وفي الصغير 102.

(5) الجواب الكافي – ابن قيم الجوزية (ص89).

(6)  أخرجه البخاري (4974)، والنسائي (2078) واللفظ له، وأحمد  (9114).

(7) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان لابن القيم (1/ 60 – 62)..

(8) زاد المعاد (1/ 68).

(9) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 18/163.

المصدر

صفحة فضيلة الدكتور سليم سرار.

اقرأ أيضا

مفهوم الإيمان والكفر .. الشيخ الفوزان

“طاعة الكفار” خسران مبين

سؤال وفتوى..هل يجوز تكفير اليهود والنصارى

 

التعليقات غير متاحة