ثمة رؤوس وألقاب، وشهرة وأضواء، لرؤوس ضُلّال يظن بهم أتباعهم الضالون أن عندهم شيئا فيما يدَّعونه ولو دينا محرفا، فإذا اقتربوا منهم ـ خاصة زمن الشدائد ـ وجدوهم فراغا؛ ليسوا على شيء.
الخبر
“اعتبر البابا “فرانسيس”، بابا الفاتيكان، أن وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، “أحد استجابات الطبيعة نحو التغير المناخي”، مضيفًا، في حوار صحفي”أنا لا أعرف ما إذا كان هذا هو انتقام من الطبيعة، لكنه بالتأكيد رد فعل من الطبيعة”، على حد وصفه. وقال إنه يتغلب على التهاب الشعب الهوائية ويصلّي أكثر من مسكنه في الفاتيكان خلال جائحة فيروس كورونا، مضيفًا أنه “يعيش في وقت يتسم بقدر كبير من عدم اليقين”، بحسب تعبيره.
واعتبر بابا الفاتيكان، أن وباء فيروس كورونا، أحد “استجابات الطبيعة” للبشر الذين يتجاهلون الأزمة البيئية.
وتابع قائلا: “أعتقد اليوم أنه يتعين علينا أن نبطئ معدل الإنتاج والاستهلاك وأن نتعلم كيف نفهم العالم الطبيعي ونتأمل فيه”. (1موقع “CNN بالعربية”، 8/4/2020، على الرابط:
بابا الفاتيكان: وباء فيروس كورونا قد يكون انتقامًا من الطبيعة بسبب التغير المناخي)
التعليق
هكذا لا يعرف إلا ظواهر الأمور، أعمى البصر والقلب ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ (الروم: 7).
يقرأ هذا الرأس الضال، كما يقرأ أيُّ ناظر من الملحدين؛ فهو في الحقيقة ملحدٌ ليس على شيء.
إن للباطل دروبا ودهاليز، يفضي بعضها الى بعض، لا يعبأ الشيطان بأيها ظفر طالما أن فاز بنصيب من بني الإنسان يودي به في أحد المهالك، لا يفترق قرطاس نصراني عن قرطاس بوذي أو مجادلات ملحد.. هذه الحقيقة البسيطة التي أخبرَنا تعالى عنها بما قاله الشيطان: ﴿وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا..﴾ الآيات. (النساء: 18)
إن أهل الباطل ليسوا على شيء، سواء كانوا ملاحدة أو وثنيين أو كتابيين، وقد قال تعالى في أهل الكتاب قولا صريحا ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ..﴾. (المائدة: 68) فمن ترك ما أمر به الأنبياء وتجرأ أن يبدل ما بين يديه ويخون ما ائتُمن عليه ويحرفه أو يكتمه، وتجرأ أن يكذّب الحق إذ جاءه أو يرفضه عن وضوح وبيّنة ثم يحادّه ويشاقّه؛ فهذا ليس على شيء، وإن تعلق بأذيالٍ مدّعاة وانتسب الى نبيّ وكتاب.
ولهذا فإنهم يوم القيامة يمثَّل لهم ما كانوا يعبدون فيلج بهم النار؛ ويقرر أهل العلم أنهم في الحقيقة لا يعبدون المسيح نفسه إذ وصفوه بأوصاف على غير حقيقته فقد عبدوا أوهامهم وعبدوا أهواءهم. ولهذا يتبرأ منهم المسيح عليه السلام، ولهذا كانت هذه الأمة أولى بابن مريم عليه السلام ممن عبده و”غلا في شخصه وعصى أمره”.
وقوله ﴿لستم على شيء﴾ يعني ليسوا على دين مقبول، فما بقوا عليه غير مقبول بل مردود. لكننا هنا نرى أنهم ليسوا على شيء بكل حرفية الآية وظاهرها؛ بمعنى أن الأمور تؤول بهم الى الغلو في الانسلاخ والتحلل حتى لَينسوا أن هناك خالقا فاعلا؛ فلا يذكرونه ولا يلتفتون اليه ولا يعرفونه فاعلا مقدّرا ما يقدّره عدلا منه وغضبا، أو رحمة منه وإنعاما..
فإن غفل رأس كنسيتهم عن هذا فكانت تقريراته هو والملاحدة سواء فما بالك بعموم الأتباع المقلدين..؟!. غاب ذكر الله الله تعالى عن قلوبهم وأغفل قلوبهم عنه ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ (النجم: 28)
ولهذا يشير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن رؤساءهم يشتغلون في نهاية أمورهم ـ بعدما يعرفون فراغ دينهم مما يروي قلوبهم وفطرتهم ـ فينشغلون بمباحث الفلسفة ويتركون مقررات دياناتهم؛ ولذا فهي دراسات لاهوتية فلسفية لا تروي ظمأ ولا تهدي قلبا ولا يتّزن بها عقل ولا تستقيم بها الحياة، بل لا ينزلون بها أصلا الى ساحة الحياة وإنما رضوا بجنباتها؛ ولا يُستخدمون إلا في الإرث الصليبي ليشكلوا هوية أوروبا في مواجهة الإسلام..! أما الإلحاد فيسري في طريقه. وأما الإباحية فتشق أعماق المجتمع. وأما الإنسان فمنهار يرزح تحت وطأت تلك المقررات الزائفة.
خاتمة
لهذا عندما يأتي الإسلام فإنه يخاطبهم فيشعرون بلمسته المُحيية بيسر وسهولة؛ إنه يخاب فطرةً متلهفة وقلوبا محرومة ويجيب عقولا تتساءل. وفي طريقه الى هذا يؤدي دوره ببساطة ويسر وبداهة.
ولهذا يتوحشون في مواجهة الإسلام سواء في بلاده وأرضه التاريخية، أو في بلادهم؛ مدّعين الخوف على هويتهم، وليس كذلك؛ بل الحقيقة الواضحة أنهم لا يقاومونه عجزا وجهلا، ولأنهم فارغون أمام حق قوي وثقيل وعميق يسحق باطلهم ويكنس زبالات أفكارهم ويواجه انحراف أوضاعهم.
الدنيا تنتظرك أيها المسلم فلم التأخر..؟!
……………………………..
هوامش:
- موقع “CNN بالعربية “، 8/4/2020 ، على الرابط:
بابا الفاتيكان: وباء فيروس كورونا قد يكون انتقامًا من الطبيعة بسبب التغير المناخي