تُغضب أمريكا إيران، وتخرج من الاتفاق النووي..
تَغضب إيران فتترك تعهداتها وتخصب اليورانيوم، وتطور الصواريخ البالستية وتستزيد قوة وتقارع بوارج الغرب في الخليج.
أمريكا ترد فتقول: “هذا النظام الشقي يعجبني”، وأريد أن أفاوضه..!
ترد إيران لا نفاوض في هذه الظروف..!
يقول الأمريكيون: “ربما تريدون..!” “نحن ننتظركم”، “لا نريد إغضاب إيران”، “نحن معجبون بها”، “لا نريد تغيير النظام”. “عند إيران طاقات كبيرة هي محل إعجاب..!”
يتزايد الروافض قوة، ويملؤون الساحة وتمتد أذرعهم من العراق ولبنان الى سوريا، ومن البحر والخليج الى اليمن، ومن اليمن الى البحر الأحمر، وتذهب الناقلة المحتجزة سابقا في “جبل طارق” فتفرغ حمولتها للنظام السوري علانية..!
ترد أمريكا أن اللاعب الإيراني محل احترام، “وما زلنا نريد التفاوض معه”..!
تمتنع إيران..!!
يسمع العرب المهاترات ويعجبون.. إذ إن الأنظمة الخليجية والعربية أشبه بنفسية النساء الطالبة للحماية وقد ذهب السيد أو يهددهم وهن لم يعتدْن القتال..!
يتمادى الأمريكيون فيقولون في تصريح لا تنقصه الوقاحة “نستطيع أن نحمي أنفسنا، ولكن لا نستطيع حماية حلفائنا..”
تفرح إيران .. بينما تتسارع دقات قلوب الأنظمة الخليجية.. فيكون رد الفعل المتوقع من هذه القاذروات ما قالوه (الجمعة 6/9/2019)، نصا ولفظا، على ألسنة بعض سياسييهم ـ في صراخ أشبه بصراخ الحريم وهي تضرب صدرها من الفاجعة ـ “سنذهب الى الصين أو روسيا لتحمينا، وندوّل أمن الخليج؛ فهذا الممر يهم العالم كله”.
يُسِرّ اليهم بعض المتخصصين والسياسيين: “أو تدفعون لنصارى الغرب المزيد من الأموال..” .. يكتمن صرخاتهن في ألمٍ: (لم تبق أموال كافية)..!
يراقب الأمريكي الموقف فيقول ضاحكا: “حتى آخر ما تملكون”..!
يذكرك موقفهن بما حكى تعالى عن معبودات وثنيي العرب: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾ (النساء: 117). فبرغم أنها بهذه المهانة إلا أن لها تابعين وعابدين وعاشقين يدافعون..!!
فإذا قال لهم قائل: لماذا لم تبْنوا قوّة ذاتية تردعون بها من يهددكم وتمنعونه من التعدي عليكم؟ ولماذا قتلتم ووأدتم كل حركة إصلاحية للشعوب كانت ستبني لكم قوة..؟
قالوا صارخين في نزق عجيب: “الشيطان ولا الإخوان”، “الشيطان ولا تحرير الشعوب”، “كيف ينازعون ولي الأمر..؟!!”
وكأن هناك ولي أمر مستقل القرار يحمي أمته ولا يتأمر عليها..!
يمتد المشهد البائس الى تصريحات مدروسة ورصينة وعالية الحرفية تخرج من روافض طهران، مع عمل مؤسسي لنظام مجرم لكنه يصل الى ما يريد.. في مقابل تصريحات نزقة وطيش أهوج وتفاهة صبيان وكلام سطحي يخرج من عواصم العرب المسلمين السنة، مع روائح التآمر وتلاعب الأفاعي وغلبة الشهوات الفردية والطبقية داخل كل دولة أو دويلة، وضياع العقائد وضياع مفهوم الأمن القومي، وتجريم المفردات والمعاني التالية” “تحرير القرار” و”امتلاك القوة” و”إقامة الدين” و”ترسيخ هوية الإسلام” و”الخروج من التبعية”.. إذ إن هذه كلها أصبحت محرمات وإرهابا؛ سُجن وقتل في سبيلها الشرفاء وطُرد وهُجر المخلصون.
عندئذ تتمادى الأنظمة العربية أكثر فتتنازل للسيد الغربي لعله يرضى عنهن؛ فيُدخلون الإباحية الى بلاد الحرمين، ويقلصون دور الدين، ويحاربون أهله، ويقتلون كل يوم عالما أو داعية، ومن لم يمت فهو قابع في السجون ينتظر دوره أو قدَره. ثم يتمادون فيبيعون القدس والبترول والدين والعرض والمستقبل والأجيال وكل شيء..
السيد الأمريكي يفكر؛ هل هذا يرضيه أم يطلب المزيد..! حيث لم تزل هناك طاولة مفاوضات لابتزاز المزيد.
الى أين يسير المشهد..؟ هذا حاليا تقرره “قُم” و”طهران” و”تل أبيب” ـ حبايب رغم النزاع الشكلي الهزلي ـ و”وواشنطن” بلا شك. هذه فقط عواصم القرار.
والأمة في غياب الى حين أن تقرر الرجوع ونفض المذلة ورفض تغييب الوعي، والكف عن المشاهدة.
فإذا قررت العوْدة أعدوا لها أحد سيناريوهيْن: إما الانقلابات، وإما التحارب الأهلي.
لكن وعد الله تعالى للمؤمنين دائم وحق واقع ﴿إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾ وقد قالها يوسف وقد جُمعت له الدنيا والأهل مع النبوة. وقال تعالى ﴿وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا﴾. فالقيام بالواجب والصبر على المقدور والتوكل على الله مفتاح لخير كثير، واستعلاء فوق كيد الصليبيين والرافضة والعلمانيين والخونة.
والرجاء في الله تعالى لا يخيب صاحبه.