في منسك الحج رسائل للتفاؤل؛ نرى فيها بقاء دين الله، وبشارة بالتغيير، وأمل في وحدة الأمة، وغرس للعقيدة، واستبشار بنصر الله تعالى.
مقدمة
تمرُّ بالأمة أَحْدَاثٌ وتَقَلُّباتٌ، وغِيَـرٌ ومُفـاجآت، مِحنٌ عِظَامٌ، ونَوازل جِسامٌ… مَصَائبُ في إِثْرِ مَصَائب، وأَحْزَانٌ تَعْقُبُها أَحْزَانٌ، قَتْلٌ مُباحٌ، وعِرْضٌ مُسْتَبَاحٌ، وانْتِهاكٌ للحقوقِ كلَّ صَباح. أعداءٌ مُتصالحونَ، وقَتلةٌ مُتواطِئُونَ، ودول تتغنَّى نظرياً بالقيم الإنسانية، وفي الواقع تتحرك وفق الأطماعِ والمصالحِ السياسية. ونِيرانُ الحروبِ يَزدادُ شَرَرُها، وتبرق رعودها، ولا يُعلَم متى تنفجر، ولا ما هو مآلها، وفِـرَقٌ بدعيَّـةٌ تَتَنَفَّسُ كُرْهاً، وتُخطِّطُ للتَّنْفِيسِ عن هذا الحِقدِ، ومن لا يأسى على هذا الواقع المر وينكره فليتحسس إيمانه وانتماءه.
إن كان الحزن على هذا الواقع مطلوباً، ومؤشِّراً على نبض المشاعر؛ إلا أن المؤمن لا يتعبد الله بهذه الأحزان، فربما كان دوام الحزن سبباً للقنوط والقعود، فهذا الدين شرعه الله لِيُهَيْمِنْ، وآيات القرآن نزلت من عند الله لتبقى، ولذا كانت شعائر الإسلام تؤكد هذا المعنى الذي يبعث على التفاؤل.
لِنَتَجَاوزْ حديثَ الآلامِ، ولنطوي صفحاتِ الأحزانِ؛ فكم هو جميل أنْ نتعبَّدَ اللهَ بإِحْسَانِ الظِّنِّ به سبحانه، وذلك من خِلالِ التَّفَاؤُلِ الحَسَنِ.
فاليأْسُ يَقْطَعُ أَحْيَاناَ بِصَاحِبِه….لا تَيأسـنَّ فــإنَّ الفـارجَ اللهُ
اللهُ يُحْـدِثُ بَعْدَ العُسْـرِ مَيْـسَرَةً….لا تَجْزَعَنَّ فإنَّ الكـافيَ اللهُ
واللهِ مـالكَ غَـيرُ اللهِ….مِنْ أَحَـدٍ فَحَسْبُك اللهُ في كلٍ لكَ اللهُ
فالتَّفاؤلُ شُعُورٌ وِجْدَانيٌ جَميل، يُعالجُ الفِكْرَ، ويُكَافِحُ هَوَاجِسَ التَّكَدُّرِ، وأَشْـبَاحَ الـمَخَاوفِ، ويُحدِث التوازن في شخصية المسلم، وفي التَّفَاؤُل انْتِصَارٌ للنفسِ التَّوَّاقَةِ على النَّفْسِ الخَوَّارَةِ، ولو استجلبنا العمل للدين، واستنهضنا الهمم فلن نجد محفزاً كمثل التَّفَاؤُل؛ فبه يُصَبِّـرُ المرءُ نفسَهُ على مُرِّ القضاءِ، ويَتَعَبَّـدُ للهِ بانتظارِ الفَرَجِ والرَّجاءِ.
وإذا تجذَّرتْ شجرةُ التفاؤلِ في قِيْعَانِ القلوبِ أَوْرَثَتْ طمأنينةً، وأَشرقتْ نُوراً، لِيحْرِقَ هذا النورُ كلَّ ظلامٍ دَامسٍ صَاغَهُ الكسلُ، ونَسَجَهُ التَّشَاؤُم.
فلقد كان حبيبنا وقدوتُنا صلى الله عليه وسلم كثيراً ما تَتَحرَّكُ بين جَوانِحِه خلجاتُ الفألِ، فكان يعجبه الفأل، وكان يتفاءل في شدة الأزمات، وسوداوية الواقع.
صور التفاؤل في المنسك الرباني
ونحن نتحيَّن شعيرةَ الحجِّ لعلَّ مِنَ المناسبِ أنْ نَتَحَسَسَ صُورَ الفأْلِ في هذا المنْسَكِ الرَّبَاني المبارَكِ؛ ففي مدرسةِ الحجِّ من الخيرِ لهذه الأمةِ ما يَجْعلُ القلبَ يَنْبضُ فَأْلاً وأَمَـلاً: ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 21].
بقاء هذا الدين
أولى صُورِ الفَأْلِ من مَشْهَدِ الحجِّ هي بقاءُ هذا الدِّين. وهل بقاءُ الدِّين إلا بِبَقاءِ شَرائعِه الظاهرةِ، فشعيرةُ الحجِّ فَريضةٌ ضاربةٌ في أَعْماقِ الزَّمانِ، أذَّنَ الخليلُ، عليه السلامُ، بالناسِ بالحج، فاستجيبَ لندَائِه، فحجَّ الأنبياء مع أمَمِهِم وثجَّوا، ولبَّوا وعجَّوا.
وما زالتْ تلك الفريضةُ تهفوا القلوبُ لها، وتَسيرُ الرَّواحِلُ إليها، مؤذنةً ببقاءِ هذا الدينِ ولو كره الكافرون.
يقولُ أحدُ المنصّرينَ متحدِّثاً عن تجربتِه مع التنصيرِ في البلدانِ الإسلاميةِ:
“سيَظَلُّ الإسلامُ صخرةً عاتيةً تتحطَّمُ عليها سفنُ التبشيرِ النصراني ما دامَ للإسلامِ هذه الدعائمُ: القرآنُ، واجتماعُ الجمعةِ الأسبوعي، ومؤتمرُ الحجِّ السنوي”.
مشهد الوحدة والتوحد
ومِنْ صُورِ التَّفاؤلِ في شعيرةِ الحجِ: مَشْهدُ الوحدةِ والتوحدِ بين الحجيج: فكـأنَّما الحجُّ هو محفلٌ عالميٌ يَجمع شتات المسلمين، الذين تَباعدتْ دِيارهم، واختَلفتْ لغاتُهم، وتَعددتْ أجناسُهم، ورُغمَ هذا التباين إلا أنَّ الحجَّ جمَعَهُمْ ليوحدَ مشاعِرَهُم وشِعَارَهم، ويُوحدَ مَقْصِدَهم وهتَافَهُم.
ففي الحج تجسيدٌ عمليٌّ لقول الله تعالى: ﴿إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92]، حدِّثُونا عن قوة بشرية مهما بلغت من المتابعة والدقة تقدر أن تحرك ملايين البشر، في بقعة صغيرة، وتنظمهم في مسيرهم وهيئتهم، وحالهم وتراحمهم.
فيا لعظمـة هذا الإسلام الذي يصنع المعجـزات التي يراها الناس رأي العين، فيجمع الناس من شتات الأرض إلى هذه البقعة الحارَّة القارَّة، في أيام معدودات، لا لحاجة يتعيشون بها، ولا لنوال يتبلّغون به، يجيئون بقلوب قد قطعها الشوق، وألهبها الحنين، قد فارقوا الأهل والأولاد والمال والأعمال، يتلذذون بهذا الاغتراب، أعظم من تلذذ العطشى ببارد الشراب، حتى لكأن أيامهم تلك هي أغلى أيام الأعمار.
فهل عرف العقل البشري في هذا العصر، أو في تاريخ مَن غبر، قوةً أرضية، أو جهداً بشرياً يصل لمعشار هذه القدرة، إنها عظمة خالدة خارقة تُبرِز متانة هذا الدين، وبقاءه ولو كره الكافرون، عظمة من قال لخليله عليك البلاغ، وعلينا الجواب: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْـحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ [الحج: 27].
وأمةُ الإسلامِ يُصيبها من البلاءِ والهوانِ بِقَدْرِ تَفرُّقِها وبُعْدِها عن نهجِ نبيِّها صلى الله عليه وسلم، فيأتي الحجُّ فيعطي تلك الأجيالَ دروساً عمليةً في الاجتماعِ والتأسي؛ يقول أحد الغربيين:
“إذا اتَّحد المسلمون أمكن أن يُصبحوا لعنة على العالم وخطراً، أو أمكن أن يصبحوا أيضاً نعمة له. أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذٍ بلا وزن ولا تأثير”.
غرس عقيدة التوحيد
ومن مشاهدِ التفاؤلِ المستفادةِ من مدرسةِ الحجِّ: دورُهُ العميقُ في غرسِ عقيدةِ التوحيدِ للهِ ربِّ العالمينَ: وهلْ جُعِلَ قَصْدُ البيتِ العتيقِ إلا مِنْ أجلِ تحقيقِ التوحيد: ﴿وَإذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا﴾ [الحج: 26].
وتأملْ معي منسكَ الحج تجد التوحيد مركوزاً في شعائِرِهِ؛ ففي البدايةِ شُرعِ للحاجِّ أنْ يَسْتَهِلَّ نُسُكَهُ بالتلبيةِ، وهي شعارُ التوحيد.
وشُرعَ للحاجِ التهليلُ عند صعودِ الصفا والمروة.
ومنْ أجلِ تحقيقِ التوحيدِ كان خيرُ الدعاءِ يومَ عرفةَ أن يقال: «لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ، يُحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير».
ولأجلِ التوحيدِ شُرِعَ للحاجِ إفرادُ اللهِ، سبحانه، بالدعاءِ في مواطنَ كثيرةٍ: عند الطواف والسعي، وفي أثناءِ الوقوفِ بعرفة، وعند المشعرِ الحرامِ، وفي مزدلفة، وبعدَ الفراغِ مِنْ رمي الجمرةِ الصُّغْرى والوسطى في أيامِ التشريق.
شُرِعَ الدعاءُ في هذه المواقفِ الستةِ لتعليقِ القلوبِ بالله، وإفرادِه بالدعاء، والالتجاءِ والافتقارِ إليه وحده، والاستغناءِ عمَّن سواه؛ قـــال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ، رحمه الله:
“فالمقصودُ من الحجِّ: عبادةُ اللهِ وحدَه في البقاعِ التي أَمَرَ بعبادتِه فيها؛ ولهذا كان الحجُّ شعارَ الحنيفية، حتى قالت طائفةٌ من السلف: «حُنَفاءَ لله» أي: حُجَّاجاً”.
ولن يكون للأمةِ سَنَاءٌ ولا رِفْعَةٌ إلا بتحقيقِ أعظم حقٍّ للهِ تعالى، ولنْ تعتزَّ الأمةُ وتنتصر تحتَ دعوةٍ عِمِّيَّة، أو رايةٍ بدعية.
وقلِّبوا النظرَ في مساربِ التاريخِ لتروا أنَّ عزَّ هذه الأمةِ وانتصارَها ودفاعَها عن مقدَّساتِها لم يَقُمْ بيدِ أهلِ الطُرُقِ الصوفية، ولم يكنْ على يدِ أصحابِ الفِرَقِ الباطنية، وإنما قام به رجالاتٌ حققوا التوحيدَ في الضمائر، وانعكس أثرُ هذا في واقعهم بالدعوة إليه، والتحذير من ضدِّه.
وفي زُبُرِ القرآنِ وَعْدٌ للأمةِ بالعزِّ والتمكين، ولكنَّه مشروطٌ بتحقيقِ التوحيدِ أولاً، قال الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ [النور: 55].
فيأتي الحج ليبعث الأمل، وليعطي الأمة دروساً في تحقيق هذا التوحيد.
البشارة بالتغيير
ومن معالمِ التفاؤلِ في شعيرةِ الحَجِّ أن الحج يبشرنا بالتغيير؛ نفوسُ البشرِ لا تَنْفَكُّ عن بشريتها، فالخطأُ والتقصيرُ لازمٌ عليها، والغفلةُ والهوى يتعاقبانِ فيها ﴿وَخُلِقَ الإنسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28]، تفتحُ مدرسةُ الحجِ أبوابَها فتغيرُ أهلَها من حالٍ إلى حال، من الإعراضِ إلى الإقبالِ، من التثاقلِ عن الطاعاتِ إلى النشاطِ في طلبِ المرضاتِ، من فتورِ اللسانِ إلى العجِّ بالذكرِ والتلبية.
ولذا نرى الحاجَ يعودُ بعد رحلتِه الإيمانيَّةِ بِنَفْسٍ غير التي ذَهَبَ بها، لأنه تلقَّى دروساً عمليَّةً مركَّزةً في التسليمِ للهِ والانقيادِ لشرعه، والاشتغالِ بذكره عما سواه، فانعكس ذلك على إيمانِه ووجدانِه، وأخلاقِه، ومظهرِه، ومخبَرِه.
ولا شك أن عودةَ هذه الملايينَ متغيرةً أحوالُـهم، زاكيةً نفوسُهم هي حالٌ تَسُرُّ المؤمنينَ، ومَنْظرٌ يَبعثُ على الفرحِ والتفاؤل، فلنْ يَتغيرَ حالُ الأمةِ إلا إذا تغيرتْ حالُ أفرادِها: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11].
في الحج ينبغي على المؤمن أن يمسح الآلام، ويطوي صفحاتها بكل حدث مشْرِق في الحج؛ فشعائر الحج كأنما تحاكي المسلمينَ بأن الغلبة لله، والنصر لأولياء الله.
لقد حدَّثنا التاريخ أن أعداء الرسالة المحمدية بعد أن شرِقوا بهذه الرسالة التي هدمت وثارت على المفاهيم الجاهلية اجتمعوا في خَيْفِ بَنِي كِنانةَ بالمُحَصَّب، ويَسمَّى اليوم بالمَعَابدة وتَعاقدوا وتَعاهدوا على مقاطعةِ بني هاشمٍ وبني المطلبِ، فلا يُبايعوهم ولا يُناكحوهم حتى يُسْلِمُوا إليهم محمداً.
إنها تَآمُرَاتٌ أرضية لإطفاءِ نورِ اللهِ، ولكنْ يَأْبَى اللهُ إلا أنْ يُتِمَّ نورَه ولو كَرِهَ الكافرون، ثُمَّ لمْ يَكَدِ الزَّمانُ يَغْفُو إغفاءَةً، وما هي إلا سنوات مَعْدوداتٍ، إلا وهذا المكانُ الذي تَحالف فيه الكفرُ يَشْهَدُ مُنْصَرَفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من حجةِ الوداع، ليقفَ في هذا المكانِ والألوفُ ترمقه، والمهجُ تَفْدِيه، فيصلي فيه الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ، لِتَعْلَمَ البشريةُ أنَّ اللهَ غالبٌ على أمرِه ولكنَّ أكثرَ الناسِ لا يعلمون.
فأبشروا يا أهلَ الإسلامِ فدينُكم باقٍ ومَنصور، وأمَّتُكم هي الأكرمُ والأعلى، وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.
وسنةُ اللهِ ماضيةٌ أنْ يَبْقى العداءُ لهذا الدينِ وأهلِه ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْـمُجْرِمِينَ﴾ [الفرقان: 31]، فكم تَأَلَّبَ على الإسلامِ مَن تألَّب، مِن أَلْفٍ وأُلُوفٍ من أمثالِ ابن سلول وأبي لهبٍ، فَنَفَقُوا وبقي هذا الدِّين وما ذهب.
نَعَمْ! قد ذاقتْ أمَّةُ الإسلامِ مَراراتِ الهوانِ مَرَّاتٍ ومَرَّاتٍ، ولكنَّها أمَّةٌ تَمْرضُ ولا تَموتُ، تَعُودُ ولا تُودِّع، لأنَّ اللهَ اختارَها لأنْ تَبقى، ويَبقى دينُها وقرآنُها إلى أنْ يرثَ اللهُ الأرضَ ومَنْ عليها ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْـحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْـمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 33].
خاتمة
وأخيراً أخي الكريم التفاؤلُ بِغَلَبَةِ أمرِ اللهِ وإعزازِ دينه، ليسَ هو مجردُ شُعورٍ في الضميرِ، وأمنياتٍ في الوجدانِ بلا عمل، بل هو مُعْتَقَدٌ رَاسِخٌ، يَزِيْدُ الإيمانَ، ويُورثُ العَمَلَ، كما قال سبحانه: ﴿وَلَـمَّا رَأَى الْـمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إلَّا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 22].
هذا هو التفاؤل الإيجابي الذي ينزل فيه المسلمُ إلى ميدَانِ العملِ للدِّين؛ المتعلمُ بعلمه، والتاجرُ بماله، والكاتبُ بقلمه؛ لا التفاؤل السلبي الذي يخلد إلى الأمنيات والمنامات.
فإن كنت من المتفائلينَ حقاً فحدِّدْ مَوْقِعَكَ في قافلةِ العاملين بما آتاك الله من فضله، وسخَّر لك من مواهب، ولا تحقرن من العمل والمعروف شيئاً.
…………………………………..
المصدر:
- د. إبراهيم العجلان، مجلة البيان، العدد : 388.