إن الله عز وجل لم يرسل الرسل ولم ينزل الكتب إلا لإنقاذ الناس من الشرك والعبودية لغير الله إلى توحيده سبحانه وإخلاص العبادة له. فقام أنبياء الله عز وجل ورسلُه بهذه المهمة خير قيام وجاهدوا أقوامهم وصبروا وصابروا حتى أتاهم نصر الله عز وجل؛ فصار الدين والتوحيد لله عز وجل، وانقشعت عن الناس ظلمات الشرك والطغيان.

مطالب الإنسان في الحياة

الإنسان جسد وروح، وهو بجسمه ظلماني من عالم الشهادة، يميل إلى كل ما هو جسماني من عالم المادة؛ مثل وسائل الكسب والنسل، وهو بروحه نوراني من عالم الغيب يطلب ما هو روحاني معقول من علم ودين؛ فالإنسان بجسده يهوى دنيا وعادة، وبروحه يحب ديناً وعبادة، وحظه من الكمال على مقیاس تأليفه بين جزءيه المتضادين، وتوفيقه بين مطالبهما المختلفة: وفي الكتاب العزيز: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) [القصص: ٧٧].

مفاسد التفريط والإفراط في مطالب الحياة

وانقطاع الإنسان إلى مطالب روحه إضرار بإنسانيته، يفقدهـا الـقـوة التي تحفظ لها سيادتها على ما حولها، ويعدمها النسل الذي به بقاء نوعها .

ومما صح معناه وإن لم تصح نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا رهبانية في الإسلام”1(1) قال الحافظ في فتح الباري، (٩ / ١١١): ولم أره بهذا اللفظ، لكن في حديث سعد بن أبي وقاص عند الطبراني : إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة». قلت : وأخرج الدارمي في سننه (۲ / ۱۳۳) من حديثه أيضاً مرفوعاً: «يا عثمان ! – هو ابن مظعون – إني لم أومر بالرهبانية». وسنده حسن. وصح من حديث عائشة مرفوعاً: «يا عثمان إن الرهبانية لم تكتب علينا». أخرجه أحمد (٦/ ٢٢٦) وغيره. وعند عبد الرزاق في المصنف (٤٤٨/٨ / (١٥٨٦٠) ، وابن قتيبة في غريب الحديث عن طاووس مرسلا «لا زمام، ولا خزام، ولا رهبانية، ولا تبتل، ولا سياحة في الإسلام»، ورجال إسناده ثقات؛ كما في الصحيحة» (٤ / ۳۸۷)، والله أعلم ..

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لكل أمة رهبانية، ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله»2(2) ضعيف الإسناد: أخرجه أبو يعلى (٤ / ١٨٤ / ٤١٨٩) ، وأحمد (٣ / ٢٦٦)؛ إلا أنه قال: «لكل نبي رهبانية، ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله عز وجل». قال الهيثمي في المجمع» (٥ / (۲۷۸) : «وفيه زيد العمي، وثقه أحمد وغيره، وضعفه أبو زرعة وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح . وفي الباب عن أبي أمامة مرفوعاً: «إن لكل أمة سياحة، وإن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله، وإن لكل أمة رهبانية، ورهبانية أمتي الرباط في نحر العدو». أخرجه الطبراني في الكبير» (8/198/7708)..

واكتفاء المرء بمراغب جسمه يذهب ميزة إنسانيته عن بقية الحيوانات، ويلحقها بالبهائم والعجماوات، بل يضعها دون مرتبة الأنعام ؛ كما قال تعالى: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) [الفرقان:٤٣ -44].

ميل الإنسان إلى المادة والشرك

على أن الانقطاع لخدمة الروح والإفراط في التعبد مما يقل عروضه للإنسان، والذي يغلب عليه هو ما يتفق وجسمانيته، مما يناله الحس، ويحويه عالم الشهادة؛ فتجد أكثر الناس فاقداً للعلم الذي يصل روحه بعالم الغيب، ومن فاته ذلك العلم؛ فإما أن ينكر الدين والعبادة فيكون دهرياً، وإما أن يمثل معبوده في صور مادية حسية يخضع لها روحه فيكون مشركاً كما قال تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ) [يوسف:106].

وروى أحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبهم ذات يوم، فقال: «يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك؛ فإنه أخفى من دبيب النمل. فقال له من شاء [الله] أن يقول : كيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: «قولوا : اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه»3(3) نقله ابن كثير في “تفسيره”، وذكر معه روايات أخر في معناه (٤ / ٤٨٦) ..

واجب المرشد والمسترشد

لعلك لا تجد في عيوب النفس ونقائص الإنسان ما يضاهي الشرك في اقتضاء طبع المتدين له، وخفاء مساربه إلى نفسه، ودفاع المتأولين عنه ؛ فكان لزاماً على من يهتم لسعادته في الدار الباقية أن يعترف بحاجته الشديدة إلى معرفة الشرك ومظاهره، وأن يعتني كل الاعتناء بالبحث عن كل ذريعة إلى هذا الداء ؛ ليتقيه أيما اتقاء؛ فلا يسري إلى جنانه، ولا يعلق بلسانه، ولا يظهر على شيء من أركانه، وكان من آيات المرشد النصوح وأخص مظاهر نصحه أن يجعل أولى ما يتقدم به إلى العامة وأول ما يقرع به أسماعهم التحذير من الشرك ومظاهره، وبيان مدلوله وأنواعه، ثم الصبر على ما يلحقه لذلك من أذى جاهل متحمس، ومغرض متعصب، وضال متأول .

أول ما يدعو إليه المرسلون

إن القرآن العظيم يقص علينا في جلاء ووضوح أن أول ما يدعو إليه الأنبياء والمرسلون صلوات الله عليهم أجمعين هو توحيد الله، وأول ما ينكرونه على قومهم الشرك ومظاهره وعلى حكم هذه السنة الرشيدة جاءت بعثة خاتم النبيين فعنيت بالدعوة إلى التوحيد والتحرز من الشرك، والتحذير منه، وما ذلك إلا لشدة الحاجة إلى معرفته، وإنك لتجد تلك العناية ظاهرة في الكتاب وأطوار البعثة وأركان الدين.

عناية الكتاب بعلاج الشرك 

هذا الكتاب العزيز؛ فاقرأ وتدبر؛ تجد السور – مكيها ومدنيها – تفيض القول في حديث المشركين الغابرين والمعاصرين، ولا تكاد تخلو سورة من هذا الحديث، ولا تكاد تجد غيره في سور كثيرة، وأول ما نزل الآيات الخمس الأول من سورة العلق؛ فلم تخل من الإشارة إلى التوحيد، والتعريض بالوثنية؛ للأمر فيها بالقراءة باسم الرب، والتذكير بنعمه في الخلق والتعليم، وآخر ما نزل آية المائدة في إكمال الدين؛ فسدت باب الابتداع.

ومن أسلوبه الحكيم: جمعه في دعوته بين بيان التوحيد ومزاياه وإيضاح الشرك ودناياه، وبضدها تتميز الأشياء .

عناية البعثة بمحاربة الشرك

وهذه أطوار البعثة من حين الأمر بالإنذار المطلق في سورة المدثر، إلى الأمر بإنذار العشيرة، إلى الأمر بالصدع بالدعوة، إلى الأمر بالهجرة، إلى الإذن بالقتال، إلى فتح مكة، إلى الإعلام بدنو الحمام، لم تخل من إعلان التوحيد وشواهده، ومحاربة الشرك ومظاهره، ويكاد ينحصر غرض البعثة أولاً في ذلك ؛ فلا ترك النبي صلى الله عليه وسلم التنديد بالأصنام وهو وحيد، ولا ذهل عنه وهو محصور بالشعب ثلاث سنوات شديدات، ولا نسيه وهو مختف في هجرته والعدو مشتد في طلبه، ولا قطع الحديث عنه وهو ظاهر بمدينته بين أنصاره، ولا غلق باب الخوض فيه بعد فتح مكة، ولا شغل عنه وهو يجاهد وينتصر ويكر ولا يفر، ولا اكتفى بطلب البيعة على القتال عن تكرير عرض البيعة على التوحيد ونبذ الشرك، وهذه سيرته المدونة وأحاديثه المصححة؛ فتتبعها؛ تجد تصديق ما ادعينا، وتفصيل ما أجملنا .

حكمة مشروعية العبادات

وهذه أركان الإسلام الخمسة؛ إنما شرعت كسائر العبادات؛ للاحتفاظ بالتوحيد، والابتعاد عن الوثنية:

فلم يكتف في الشهادتين بالتوحيد المجرد ، حتى صرح بنفي التعدد، وحصر التشريع في شخص المرسل بالتبليغ .

ولم يقتصر في الصلاة على افتتاحها بالتكبير الذي فيه تعريض باطراح الأوثان، حتى خللت به، وكرر فيها مخاطبة رب العالمين بـ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).

وزكاة المرء شعار غناه ودليل اعترافه للرب بجليل نعماه، وأنه لا دخل فيها للأصنام وكل ما سواه .

والصوم يذر فيه الصائم شهوته وطعامه وشرابه من أجل مولاه، ويراقبه وهو صائم، ولو انفرد بمحل سكناه .

والحج فاتحته الإحرام، المصحوب بالتلبية المتكررة في كل حال، وهي صريحة في حياطة التوحيد بنكران الشريك .

قال أبو إسحاق الشاطبي: (نحن نعلم أن النطق بالشهادتين والصلاة وغيرهما من العبادات؛ إنما شرعت للتقرب بها إلى الله، والرجوع إليه، وإفراده بالتعظيم والإجلال، ومطابقة القلب للجوارح في الطاعة والانقياد)4(4) «الموافقات» (٢ / ٣٨٥)..

التعجب من إهمال الكلام في الشرك

وإن لم يكن بعقلك بأس؛ فستسلم معي شدة عناية بعثة خاتم النبيين ببيان الشرك، وعدم الاكتفاء بشرح التوحيد، وستعجب معي من قلة اهتمام أكثر علمائنا بذلك، كأن لا حاجة بالمسلمين إليه، تجد في كلامهم على الفروع عناية بتفصيل أحكام مسائل نادرة أو لا توجد عادة، ولا تجدهم يعنون تلك العناية بالأصول ؛ فيحددون الشرك، ويفصلون أنواعه، ويعددون مظاهره، حتى

يرسخ في نفوس العامة الحذر منه والابتعاد من وسائله، ولا يفقد المتأخر نص من قبله في جزئية من ذلك.

نتيجة إهمال الكلام في الشرك

نتج عن قلة الخوض في هذا الموضوع: أن صار الشرك أخفى المعاصي معنى، وإن كان أجلاها حكماً؛ فلظهور حكمه، وكونه من الضروريات؛ ترى المسلمين عامتهم يتبرؤون منه ويغضبون كل الغضب إن نسبوا إليه، ولخفاء معناه ؛ وقع من وقع منهم فيه، وهم لا يشعرون، ثم وجدوا من أدعياء العلم من يسمي لهم عقائد الشرك وأعماله بأسماء تدخل في عقائد الإسلام وأعماله، ثم يدافع عنهم، ويحشرهم في زمرة أهل السنة، ويشنع على العلماء الناصحين، حتى إنه ليخيل إليك أن العامي الواقع في حمأة الشرك جهلا واغتراراً أقرب إلى السنة والاستقامة من أولئك العلماء النصحاء المؤتسين برسول الله صلى الله عليه وسلم عن خبرة وصدق .

الجمود على المنطق اليوناني

وعني علماء الكلام ببيان عقائد الإسلام، وسلكوا في التدليل عليها سبيل المنطق اليوناني، ثم جمد المتأخرون على هذا الأسلوب، وحادوا عن بيان القرآن؛ فخفي على الناس ما هو شرك أو سبب إليه .

وقد قال الشيخ السنوسي في “شرح صغراه”، معللا وجه ذكر الصفات الواجبة والمستحيلة على التفصيل ما نصه: (لأنه لو استغني فيها بالعام عن الخاص، وبالملزوم عن اللازم، لكان ذلك ذريعة إلى جهل كثير منها؛ لخفاء اللوازم، وعسر إدخال الجزئيات تحت كلياتها، وخطر الجهل في هذا العلم عظيم؛ فينبغي الاعتناء فيه بمزيد الإيضاح على قدر الإمكان، والاحتياط البليغ ؛ لتحلية القلوب بيواقيت الإيمان).

ذم إيثار المنطق

وقد أنكر العلماء الفحول إيثار أساليب اليونان على بيان القرآن، ولكن شيوع التقليد وذيوع الجمود أضاعا حجتهم وبرهانهم.

فقد ألف محمد بن إبراهيم الصنعاني من أئمة القرن التاسع رسالة سماها: “ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان”.

وقال الحافظ في “الفتح”: (وقد توسع من تأخر عن القرون الثلاثة الفاضلة في غالب الأمور التي أنكرها أئمة التابعين وأتباعهم، ولم يقتنعوا بذلك، حتى مزجوا مسائل الديانة بكلام اليونان، وجعلوا كلام الفلاسفة أصلاً يردون إليه ما خالفه من الآثار بالتأويل، ولو كان مستكرها، ثم لم يكتفوا بذلك، حتى زعموا أن الذي رتبوه هو أشرف العلوم وأولاها بالتحصيل، وأن من لم يستعمل ما اصطلحوا عليه ؛ فهو عامي جاهل ؛ فالسعيد من تمسك بما كان عليه السلف، واجتنب ما أحدثه الخلف، وإن لم يكن له منه بد؛ فليكتف منه بقدر الحاجة، ويجعل الأول المقصود بالأصالة والله الموفق)5(5) “الفتح”: (١٣ / ٢١٤)..

وفي الفتاوى الحديثية للهيتمي المكي: (يتعين على الولاة منع من يشهر علم الكلام بين العامة لقصور أفهامهم عنه، ولأنه يؤدي بهم إلى الزيغ والضلال، وأمر الناس بفهم الأدلة على ما نطق به القرآن ونبه عليه؛ إذ هو بين واضح، يدرك ببداهة العقل)6(6) الفتاوى الحديثية للهيتمي المكي (ص (١٤٦)..

الترخيص في علم الكلام للضرورة

وفي “تبيين كذب المفتري” لابن عساكر: (عن أبي يوسف؛ أنه قال: “من طلب الدين بالكلام؛ تزندق” .

ثم نقل عن أبي بكر البيهقي قوله: “وروي هذا أيضاً عن مالك بن أنس، وإنما يريد – والله أعلم – بالكلام: كلام أهل البدع ؛ فإن في عصرهما إنما كان يعرف بالكلام أهل البدع، فأما أهل السنة ؛ فقلما كانوا يخوضون في الكلام، حتى اضطروا إليه بعده7(7) المراد بأهل السنة عند البيهقي وابن عساكر: الأشاعرة والماتريدية؛ فكلاهما أشعري، إلا أن البيهقي على طريقة متقدمهم كالباقلاني بخلاف الجويني ومن بعده؛ فالانحراف عندهم أشد، أما السلف ـ رضوان الله عليهم – فلم يضطروا إليه، وفي القرآن والسنة غنية وكفاية، وكتب این رجب حول هذا المعنى كتاباً نفيساً أسماه بـ: «الاستغناء بالقرآن».)8(8) “تبيين كذب المفتري” (ص (٣٣٤)..

وقال أيضاً صاحب «التبيين»: (وكانوا في القديم إنما يعرفون بالكلام أهل الأهواء، فأما أهل السنة والجماعة ؛ فمعولهم فيما يعتقدون الكتاب والسنة)9(9) «التبيين» (ص345)..

تعميم أسلوب القرآن وتخصيص أسلوب اليونان

ويا ليتنا تركنا كتب المتكلمين للخاصة، يستعينون بها في مواطن الجدال مع الخصوم 10(10) وهذا تنزل من المؤلف معهم لا يفهم منه الجواز؛ فالصحيح تحريم علم الكلام على العامة والخاصة، وكلام السلف في هذا معروف انظر: «ذم الكلام وأهله» للهروي.، ووضعنا للعامة كتباً في العقائد على أسلوب الكتاب المجيد11(11) على هذا الأسلوب جرى شيخ المؤلف العلامة ابن باديس رحمه الله تعالى تعليماً وتأليفاً؛ فانظر رسالته: «العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية».، فيكون من تلك رياضة للعقول وحماية للحق، ومن هذه طهارة للقلوب وهداية للخير، وليس كل الناس بحاجة إلى تلك الرياضة، ولا لهم قدرة على تلك الحماية، ولكن كلهم في حاجة إلى تطهير البواطن ومعرفة الهدى؛ فعمت الحاجة إلى معرفة الشرك ومظاهره، ولهذا عرف جميع الأنبياء بحكم الشرك .

قال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ) [الزمر:65-66].

الهوامش

(1) قال الحافظ في فتح الباري، (٩ / ١١١): ولم أره بهذا اللفظ، لكن في حديث سعد بن أبي وقاص عند الطبراني : إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة».

قلت : وأخرج الدارمي في سننه (۲ / ۱۳۳) من حديثه أيضاً مرفوعاً: «يا عثمان ! – هو ابن مظعون – إني لم أومر بالرهبانية». وسنده حسن. وصح من حديث عائشة مرفوعاً: «يا عثمان إن الرهبانية لم تكتب علينا». أخرجه أحمد (٦/ ٢٢٦) وغيره.

وعند عبد الرزاق في المصنف (٤٤٨/٨ / (١٥٨٦٠) ، وابن قتيبة في غريب الحديث عن طاووس مرسلا «لا زمام، ولا خزام، ولا رهبانية، ولا تبتل، ولا سياحة في الإسلام»، ورجال إسناده ثقات؛ كما في الصحيحة» (٤ / ۳۸۷)، والله أعلم .

(2) ضعيف الإسناد: أخرجه أبو يعلى (٤ / ١٨٤ / ٤١٨٩) ، وأحمد (٣ / ٢٦٦)؛ إلا أنه قال: «لكل نبي رهبانية، ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله عز وجل». قال الهيثمي في المجمع» (٥ / (۲۷۸) : «وفيه زيد العمي، وثقه أحمد وغيره، وضعفه أبو زرعة وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح . وفي الباب عن أبي أمامة مرفوعاً: «إن لكل أمة سياحة، وإن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله، وإن لكل أمة رهبانية، ورهبانية أمتي الرباط في نحر العدو». أخرجه الطبراني في الكبير» (8/198/7708).

قال في مجمع الزوائده (٥ / ۲۷۸) درواه الطبراني، وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف». وقال الحافظ العراقي: «سنده ضعيف؛ كما في تخريج الإحياء» (١ / ٢٦٦)؛ لكن جملة السياحة عند أبي داود (۱ / ۳۸۹) بسند حسن .

نعم، يغني عن هذا وذاك حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد (۳ / ۸۲) بسند رجاله ثقات؛ كما قال الهيثمي (٤ / ٢١٥)، ولفظه : «وعليك بالجهاد ؛ فإنه رهبانية الإسلام … ». وانظر: “الصحيحة” (٥٥٥).

(3) نقله ابن كثير في “تفسيره”، وذكر معه روايات أخر في معناه (٤ / ٤٨٦) .

(4) «الموافقات» (٢ / ٣٨٥).

(5) “الفتح”: (١٣ / ٢١٤).

(6) الفتاوى الحديثية للهيتمي المكي (ص (١٤٦).

(7) المراد بأهل السنة عند البيهقي وابن عساكر: الأشاعرة والماتريدية؛ فكلاهما أشعري، إلا أن البيهقي على طريقة متقدمهم كالباقلاني بخلاف الجويني ومن بعده؛ فالانحراف عندهم أشد، أما السلف ـ رضوان الله عليهم – فلم يضطروا إليه، وفي القرآن والسنة غنية وكفاية، وكتب این رجب حول هذا المعنى كتاباً نفيساً أسماه بـ: «الاستغناء بالقرآن».

(8) “تبيين كذب المفتري” (ص (٣٣٤).

(9) «التبيين» (ص345).

(10) وهذا تنزل من المؤلف معهم لا يفهم منه الجواز؛ فالصحيح تحريم علم الكلام على العامة والخاصة، وكلام السلف في هذا معروف انظر: «ذم الكلام وأهله» للهروي.

(11) على هذا الأسلوب جرى شيخ المؤلف العلامة ابن باديس رحمه الله تعالى تعليماً وتأليفاً؛ فانظر رسالته: «العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية».

المصدر

كتاب: “رسالة الشرك ومظاهره” مبارك بن محمد الميلي ص39-50 بتصرف يسير.

اقرأ أيضا

وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ .. (1) خطر الشرك

فتن يجب الفرار منها.. فتنة الشرك والمشركين

مصطلحات وتعريفات “الشرك”

الشرك يخالف الفطرة والعقل

التعليقات غير متاحة