215 – مفهوم 3: التكفير
التكفير هو الحكم على مكلف بالكفر؛ سواء كان كافرًا أصليًّا كاليهودي والنصراني، أو كان مسلمًا وارتد عن الإسلام بوقوعه في مكفر من المكفرات.
والتكفير هو حق لله تعالى، ولا دخل فيه للرغبة الذاتية أو الشهوة والهوى، ولا يكون إلا بتحقق شروطه وانتفاء موانعه؛ كالإكراه، أو الخطأ، أو الجهل، أو التأويل.
وأهل السنة وسط في التكفير بين الخوارج الذين يكفرون بكل ذنب ودون مراعاة للشروط والموانع، والمرجئة الذين يحكمون على الفعل بالكفر ولكن لا يُكفِّرون فاعله المعين إلا إذا أعلن جحوده واستحلاله؛ فليس عندهم كفر الإباء والاستكبار، ولا كفر الاستهزاء، ويكفي عندهم أن ينطق بالشهادتين حتى يصير مسلمًا ولو انتفى عنده عمل القلب وقوله، ولو انتفى عنه جنس العمل كله.
فأهل السنة والجماعة لا يُكفِّرون بكل ذنب، إنما يكفرون فقط بالذنب الذي جاءت النصوص بأنه كفر؛ كترك الصلاة مطلقًا، والحكم بغير ما أنزل الله، وسب الرسول صلى الله عليه وسلم وسب دينه، …إلخ. ولا يُكفِّرون المعين إلا إذا توفَّرت شروط تكفيره وانتفت الموانع، ولا يحصرون ذلك في الجحود والاستحلال؛ لأن الكفر عند أهل السنة يكون بأمور عديدة:
– منها الاعتقاد؛ كاعتقاد أن لله ندًّا وشريكًا في ربوبيته أو ألوهيته أو أسمائه وصفاته.
– ومنها استحلال المحرم؛ فاستحلال المعاصي كفر بذاته وإن لم يفعلها المستحل، ولا يكون الاستحلال شرطًا للكفر إلا في المعاصي التي هي دون الكفر والشرك؛ أمَّا الأعمال التي هي كفرٌ وشركٌ -كالسجود للصنم وسب الرسول صلى الله عليه وسلم- فلا يشترط استحلال فعلها ليوصم فاعلها بالكفر، بل يوصف بذلك بمجرد فعلها ولو لم يستحل ذلك، ما دامت الشروط قد تحققت والموانع قد انتفت.
– ويكون الكفر باللسان؛ كسبِّ الله ورسوله، ومدح الشرك، وهجاء الأنبياء والملائكة، والسخرية من الشريعة.
– ويكون الكفر بالعمل؛ كمن يقاتل الأنبياء، ويظاهر الكفار على المسلمين، ويهين المصحف، ويذبح أو يسجد لغير الله، أو يشرع من دون الله.
المصدر: كتاب خلاصة مفاهيم أهل السنة – إعداد نخبة من طلبة العلم – 1445