لحق النظام المغربي ـ آثما مذموما ـ بطابور المطبعين الأذلة، مع الصهاينة، خضوعا لإملاءات الصلييبة الغربية. والمعضلة أنه يتم مع مدح الإسلاميين  الموجودين بالسلطة لهذه الخطوة ولقرارات الملك..! فهل بقيت لهم صفة “إسلاميين”؟

الخبر

“اتفقت إسرائيل والمغرب يوم الخميس على تطبيع العلاقات في اتفاق تم بمساعدة الولايات المتحدة، لتصبح المملكة رابع دولة عربية تنحي جانبا العداء مع إسرائيل خلال الأشهر الأربعة الماضية.

وينضم المغرب بذلك للإمارات والبحرين والسودان في بدء إبرام اتفاقات مع إسرائيل في مساع مدفوعة جزئيا بجهود تقودها الولايات المتحدة لتشكيل جبهة موحدة في مواجهة إيران وتحجيم نفوذ طهران في المنطقة. في مقابل اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء المغربية!

وفي بيان صدر عن الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية المغربي أشاد بقرارات العاهل المغربي، و”ما نتج عنها من إنجازات تاريخية وتحولات إستراتيجية”، على حد وصفها، مؤكدة تعبئة الحزب تجاه تأييد هذه “الإنجازات”. (1موقع “رويترز SWI”:  المغرب ينضم لدول عربية وافقت على تطبيع العلاقات مع إسرائيل
موقع “عربي 21“:”العدالة والتنمية” يحيي قرارات الملك ويمتنع عن ذكر التطبيع
موقع “عربي 12”: أول تعليق للعثماني بعد تطبيع المغرب مع الاحتلال
)

التعليق

لا زال الصليبيون يقودون زمام حميرهم التي تحكمنا، الى زرائب التطبيع الصهيوني..!

وقد أمروهم بإخراج ما كان سرا من حالة “المتَخَذات أخدانا” للصهاينة، الى أن يصير الفجور العقدي سفاحا.

سارعت الأنظمة في الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، وخبثاء النظام العُماني القابع في الخلف ـ سارعت تلك الأنظمة في الترحيب والتشجيع بمنطق “ودت الزانية لو زنت النساء جميعا”؛ فهم يريدون من يشاركهم الجريمة، وقد تحوَّلوا “خفرا” للسيطرة الصهونية والصليبية.

لم يغِب الدور العدائي، العقدي الديني، للصليبيين والصهاينة، نحو الأمة ولم يخرج الأعداء عن هذا الإطار. وما حكام المسلمين المتغلبين عليهم إلا مندوبون يقومون بأدوارهم المرسومة، وهم يعلمون أنهم لو خرجوا عن الدور المرسوم فللغرب أدواته في تأليب شعوبهم ونزع الكرسي منهم، خاصة وأن بينهم وبين أمتهم فجوة كبيرة وهوة سحيقة. مع قيامهم بتخريب وتفريغ بلادهم من القوة عبر عقود الى أن يأتوا اليوم فيشتكون من فارق القوة وظروف الإضطرار..! وهم يعالجون في أوروبا ويتنزهون فيها وتبع لها ولثقافتها..! فما بالك بالشعوب؟!

لكن المؤسف هنا والخطير هو تجربة وجود الإسلاميين في الحكم، وسريان الجريمة مع وجودهم، بل ومع تبجيلهم للملوك الخونة الذين ذهبوا الى حظيرة الصهاينة، والإشادة بعقولهم التي باعت بلاد المسلمين للصليبيين الغربيين ولقرود الصهاينة، والثناء عليهم والثقة فيهم. مع جريمة الاعتراف بالكيان الصهيوني وبما سلب من بلاد المسلمين ومقدساتهم، والخضوع للهيمنة الصهيو صليبية..

دور الحركة الإسلامية الواجب هو الرجوع بالأمة الى مقررات العقيدة ومقتضياتها، والى الطرح المستقل عن الأنظمة العلمانية التغريبية. كان الواجب هو الطرح الإسلامي العقدي للحياة والصراعات والمنهج، وأن يتولوا حشد الجماهير خلف قضاياها ودينها، وأن يتقدموا أمتهم في تصغير الطواغيت وتهميشهم، ومن قبْل فضحهم واستبانة سبيلهم وتعريف الأمة بحقيقة دورهم، حتى تزيحهم الأمة وتشق طريقها وتواجه عدوها الحقيقي.

لكن ما وجدناه هو انكسار الحركة الإسلامية للطاغوت العلماني ونجاحه في كسرها كما في مصر، وتدجينها وترويضها كما في المغرب والسودان والأردن وتونس والعراق والخليج.. وتهديدها بمذابح كما حدث في مصر؛ فجاء الكثير منها طواعية وخضوعا وانبطاحا استباقيا..!

في العراق سارع بعض الإسلاميين للمشاركة مع “بريمر” الحاكم العسكري الأمريكي. وفي الأردن تمت الخيانات مع وجود الحركة الإسلامية في البرلمان. وفي تونس تكاد لا تبقى ملامح للإسلام وأهله. وفي السودان طبعت بقاياها مع طاغية البراميل المتفجرة الذي شرد الملايين وقسم البلاد وسلمها للرافضة والنصارى الروس والنصارى الأمريكيين وملاحدة الأكراد..!!. وفي اليمن تم للحوثي مراده ولطغاة الإمارات والسعودية مرادهم وللجنوب بقادته الشيوعيين الملاحدة والقوميين ـ مرادهم. والحركة الإسلامية لا تستطيع مقاومة ولا بيانا بل تتماهي مع النظام السعودي وهو يذبح اليمن وأهلها ويمرر مشروعا مدمرا إثر آخر..

وأخيرا في المغرب يتم التطبيع مع الصهاينة مع ثناء الحركة الإسلامية ـ لو صح بقاء هذه الصفة لها..! ـ على مرتكب الجريمة..!!

لقد اعتاد الناس أن تفجعهم الأنظمة العلمانية في الدين والهوية، وفي العقيدة والثوابت، وفي المقدرات والمصائر.. وتتلقى الأمة منهم المصائب تلو الأخرى.. لكن أن ترى الأمةُ وجماهيرُها، في الحركة الإسلامية، شبها ومثالا؛ فهنا خروج وانحراف كبير يزيد الأمر تعقيدا ويزيد أمثلة السقوط..

إن الله تعالى ذكر للمؤمنين نموذجا فيما يفعلون إذا كان ميزان القوة البشرية في جانب العدو بحيث لا يستطيعون تغييرا للموقف؛ فأخبر تعالى بما فعل “شعيب” عليه السلام وما اتخذه من موقف؛ كان البعد العقدي فيه محدِدا لحدود السياسة والمرونة..!

﴿وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آَمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ [الأعراف:87]

﴿قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ * قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا..﴾ [الأعراف: 88-89]

إنه الوقوف على الخط الذي لا يمكن التراجع عنه. والتمسك بالعقيدة والثوابت، وليس التمييع الذي يجعل الفتن أكبر مما يتصور أصحاب التراجع والتنازل.

حتى لو خضتَ التجربة، وكان تقديرك أنها قد تنجح ولو جزئيا أو تخفف من وطأة الأمر على المسلمين أو تفتح لهم طريقا..الخ المبررات؛ ثم وجدت دينك مهددا وعقيدتك وثوابتك وثوابت الأمة تنهار من يديك؛ فعليك أن تعترف بفشل التجرية وأن تتراجع احتراما لما تبقى في يديك..

“إن قوة العقيدة لا تتلعثم ولا تتزعزع أمام التهديد والوعيد.. لقد وقف شعيب عليه السلام عند النقطة التي لا يملك أن يتزحزح وراءها خطوة؛ نقطة المسالمة والتعايش…

“وما يملك صاحب دعوة أن يتراجع خطوة واحدة وراء هذه النقطة تحت أي ضغط أو تهديد من الطواغيت، وإلا تنازل كلية عن الحق الذي يمثله وخانه..” وقد حدث للأسف (2في ظلال القرآن سورة الأعراف)

يجب أن يفقه المسلمون قبل الإقدام على المشاركة السياسية؛ فيعرفوا أنهم قد يكونون شاهد زور أفحش من شاهد عقود الربا وعقود البغايا؛ فقد يكونون شهودا على تلبيس الدين والتراجع عن العقيدة وبيع مقدسات الأمة وإعلان خضوعها لهيمنة الكافرين..

وعليهم أن يدركوا أنهم إن شاركوا في أي منها ـ خطأ ـ ثم تبين لهم فداحة الثمن وقدْر الضياع فيجب أن يتعلموا التراجع والانسحاب. يجب الصدع بالحق ومعرفة الخطوط العقدية الحمراء التي لا يمكن التنازل عنها..

وللأسف يتفاجأ المسلمون بالرافضة يضعون خطوطا حمراء لا تنازل عنها لأنها تصطدم بالعقيدة! ويتفاجأون باليهود الصهاينة يقفون عند خطوط لا يتراجعون خلفها! وكذا عند النصارى بل الأقليات النصرانية في بلاد المسلمين لها ثوابتها وخطوطها التي لا تنازل عنها..! لكن إذ بالمسلمين يتنازلون بلا حدود ولا ضوابط؛ بل ولا منتهى..!!

خاتمة

إن خسارة الحق وتضييع الطريق من يد الأمة هو ثمن فادح لا يعوضه أي مكسب تافه، وهي مكاسب تهبط لدرجة أن يبقى بعض الأشخاص في الحكم وليس المنهج نفسه.

وإنّ حفْظ الطريق هو مكسب ضخم حتى لو أزهقت فيه نفوس وصعدت أرواح لبارئها؛ فما عمل المناضلين خلال العقود السابقة إلا من أجل أن يصل الينا الحق واضح المعالم، وكذا كان أصحاب البروج، بل والنبيون الذي أتوا وليس معهم أحدا؛ احتفظوا بالحق وبلّغوه ولقوا ربهم به.

حري بالحركات “الإسلامية!!” أن تراجع مواقفها ودينها، وما تهدره. ولا يحملنهم استبطاء الطريق على مجازفات تجعل حِمل الآثام عليهم كبيرا في الدنيا والآخرة؛ فلا يحمدهم ربهم ولا المؤمنون، ولا العدو الماكر الذي سينفضهم بعد الفراغ من مهمتهم..!

……………………………..

هوامش:

  1. موقع “رويترز SWI”: المغرب ينضم لدول عربية وافقت على تطبيع العلاقات مع إسرائيل
    موقع “عربي 21“:”العدالة والتنمية” يحيي قرارات الملك ويمتنع عن ذكر التطبيع
    موقع “عربي 12”: أول تعليق للعثماني بعد تطبيع المغرب مع الاحتلال
  2. في ظلال القرآن سورة الأعراف.

اقرأ أيضا:

التعليقات غير متاحة